الحديث

وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي أخرجه الترمذي.

فيه كمال دين الإسلام، وأنه أعطى كل ذي حق حقه، وفيه كمال خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فيه كمال خلق النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم تُغفله أعباء الرسالة وأمور الأمة عن رعاية أهله، بل كما قال هنا: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي وفيه أن القيام بحق الأهل من التعبد لله تعالى، من التعبد لله تعالى أن تقوم بحق الأهل؛ لأن ذلك أولًا من الواجب الشرعي عليك.
وثانيًا: إذا نويت بذلك إسعاد أهلك وإكمال حاجياتهم قربة إلى الله فأنت مأجور، كان بعض السلف يقول، والله إني لأتقرب إلى الله بإخراج القمائم من بيتي، لأن النية تجعل العادة عبادة، ولهذا على دعاة الخير التأدب بهذا.
وفيه الرد على من زعم أن دعوة الناس وأن نشره للعلم، أو أن طلبه للعلم يمنعه من القيام بحق أهله، هذا من الجهل، ومن عدم البصيرة؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام أكثر الناس شغلًا، كان يدعوا الناس، ويستقبل الوفود، ويَسِم إبل الصدقة، ويحضر جنائز المسلمين وقد يشيعها معهم، ويعود المرضى، ويقسم الصدقات بين الناس، وتأخذ الجارية بيده إلى أعالي المدينة، ليقضي حاجتها، ومع هذا كله يقول: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي إذًا فعلى طالب العلم أن يعنى بهذا، وأما السبب هو الفوضوية في الوقت، والفوضوية في الخروج أو الدخول في المنزل، والفوضوية في عدم ترتيب المشاغل، كم من طالب علم غير متزوج ومخدوم، ولكنه لا يحصل إلا القليل، وكم من طالب علم عنده زوجته وأولاد ومسئولية لكنه يحصل الكثير، وهنا بوادر التوفيق من الله -جل وعلا- تظهر فيمن لزم المسلك الشرعي، وأعطى كل ذي حقه ومستحقَه.
وفي الحديث أيضًا أن العناية بشأن الأهل من أسباب التوفيق الإلهي، أن العناية بشأن الأهل من أسباب التوفيق الإلهي، وهذا مشاهد ومسموع في القيام بحق الأهل كما تقدم آنفًا من الواجبات الشرعية، وإذا قام به العبد تقربًا إلى الله -تعالى- وفيه همة للتزود من العلم أعانه الله -جل وعلا- على جميع شئونه، وعلى جميع حوائجه، أما إهمال البيوت وتضييع الأولاد بدعوى التفرغ، فهذا مأزور وليس بمأجور.