سلمة بن الأكوع رضي الله عنه
ما كذب أبي قط
ماكذب أبي قط، جملة قالها اياس بن سلمة بن الأكوع رضي الله عنهما ليلخص حياة أبيه كله، والصدق صفة الأوابين الصديقين، وحسب سلمة رضي الله عنه ان يحرز هذه الفضيلة ليأخذ مكانه بين الأبرار الصالحين.
هو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه من أصحاب بيعة الرضوان الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، ومن رماة العرب المعدودين.
بايع بيعة الشجرة مرتين
حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم عام ست للهجرة قاصدين بيت الله الحرام، وتصدت لهم قريش لتمنعهم من دخول مكة، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليخبرهم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم جاء زائرا وليس مقاتل، والنبي صلى الله عليه وسلم في انتظار عودة عثمان رضي الله عنه سرت شائعة أنّ قريش قتلته، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في ظل الشجرة يتلقى بيعة أصحابه، ولنترك الحديث لسلمة بن الأكوع يحدثنا عن هذا الحدث العظيم:
بايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت تحت الشجرة، ثم تنحيت، فلما خفّ الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم:يا سلمة مالك لا تبايع؟ فقلت: قد بايعت يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: وأيض،فبايعته، ثم قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زيد بن حارثة تسع غزوات.
خير الرجال رضي الله عنه
كان رضي الله عنه من أمهر الذين يقاتلون مشاة ويرمون بالنبال والرماح، وكانت طريقته اذا هاجمه عدوه تقهقر دونه، فاذا أدبر العدو أو وقف يستريح هاجمه في غير هواده، وبهذه الطريقة استطاع أن يطارد وحده القوة التي أغارت على مشارف المدينة بقيادة عيينة بن حسن القزاري في غزوة ذي قرد، فخرج في أثرهم وحده وظلّ يقاتلهم ويراوغهم ويبعدهم عن المدينة حتى أدركه النبي صلى الله عليه وسلم في قوة وافرة من أصحابه، وفي هذا اليوم قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير رجالنا سلمة بن الأكوع.
جزعه على أخيه عامر رضي الله عنهما
لم يعرف سلمة رضي الله عنه الجزع والأسى الا عند مصرع أخيه عامر رضي الله عنهما في غزوة خيبر، وكان عامر يرتجز أمام جيش المسلمين هاتفا: اللهم لولا أنت ما اهتدين، ولا تصدقن، ولا صلين، فأنزلن سكينة علينا وثبّت أقدامنا ان لاقينا.
في تلك المعركة ذهب عامر رضي الله عنه يضرب أحد المشركين بسيفه، فانثنى السيف في يده رضي الله عنه فارتد عليه فقتله، فقال بعض المسلمين: مسكين عامر حرم الشهادة، أي حرم أجر الجهاد وثواب الشهادة على اعتبار أنه قتل نفسه خط، الا أنّ النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم وضع النقاط على الحروف في شأنه رضي الله عنه وقال:انه قتل مجاهد، وانه له لأجرين، وانه الآن ليسبح في أنهار الجنة.
نقطة ضعفه في عمل الخير
كان سلمة رضي الله عنه جوادا كريم، وكان أكثر ما يكون جوادا اذا سئل بوجه الله عزوجل، ولو أنّ انسانا سأله بوجه الله أن يمنحه حياته ما توانى ولا تردد في ذلك، ولذا كانت الناس تستغل فيه نقطة الضعف هذه وينالون منه ما يريدون بذلك.
وفاته رضي الله عنه
وبعد مقتل عثمان رضي الله عنه أدرك أبواب الفتنة التي فتحت على المسلمين، فابتعد عنها خشية قتل مسلم على يديه، فحمل متاعه وغادر المدينة الى الربدة، وهو نفس المكان الذي اختاره أبو ذر الغفاري رضي الله عنه من قبله مهاجرا اليه، وهناك أفنى بقية عمره المبارك حتى اذا كان يوما من العام ال 74 للهجرة، أراد أن يزور مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ليوافيه الله أجله وهو يتسوق من أسواقه، وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمه تحت جوانحه ويؤديه مع من أوى قبله من الرفاق المباركين والشهداء الصالحين.
فرضي الله عن سلمة وأخوه وصلى الله وسلم وبارك على من رباهما.