الأمر السادس :

الدعاء ، والدعاء معاشر الإخوة الكرام مفتاح لكل خير،وفي هذا المعنى يقول بعض السلف : تأملت في جماع الخير فوجدت للخير أبواب كثيرة ، فالصلاة خير ، الصيام خير ، فالحج خير أبواب الخير كثيرة ووجدت أن ذلك كله بيد الله فأيقنت أن الدعاء مفتاح كل خير لا تستطيع أن تصلي إلا إذا أعانك الله لا تستطيع أن تحج أن تصوم أن تصدق أن تبروالديك أن تقوم بأعمال البر إلأا إذا أعانك الله فولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلاينا (( فلولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء )) قال تعالى (( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفروالفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضل من الله ونعمة )) ولهذا إذا أردت أن تكون نفسك مفتاحا للخير أن تكون من أهل الفضل ، من أهل العلم ، من أهل النبل من أهل الأمور الفاضلة فسأل الله عز وجل كل ذلك بيده جل وعلا ولهذا قال غير واحد من أهل العلم " الدعاء مفتاح كل خير فمن وفق لهذا المفتاح وفق للخير ومن حرم هذا المفتاح حرم من الخير. فالدعاء واللجوء إلى الله عز وجل والصدق معه والعناية بأداب الدعاء وشروطه وضوابطه المتقررة في كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه هذا من أعظم ما يكون بل وأساس في هذا الباب لتكون مفتاح للخير، وقد تقبل على الله عز وجل إقبالا صادقا ترجوه وتؤمنه تطمع في نواله راجيا منه فيستجيب الله دعاءك فتحيا حياة كلها من مفاتيح الخير مغاليق الشر والأدعية في هذا الباب كثيرة وأيضا لا أطيل بذكرها لكن أشير إلى حديث كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقوله أو أشير إلى دعاء كان يقوله نبينا صلى الله عليه وسلم في كل مرة يخرج من بيته كان يقول : اللهم إني أعوذ بك أن أظل أوأُظل أو أزل أو أُزل أو أظلم أو أُظلم أو أجهل أو يجهل علي " لاحظ هذا الدعاء العظيم وجماله وشدة الإحتياج إليه في كل مرة تخرج فيها من بيتك " اللهم إني أعوذ بك أن أظل أوأُظل أو أزل أو أُزل أو أظلم أو أُظلم أو أجهل أو يجهل علي " إذا أكرمك الله واستجاب لك هذه الدعوة صرت مفتاحا للخير مغلاقا للشر . كان بعض السلف يقول في دعاءه : اللهم سلمني وسلم مني ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم أوسع منه وأجمل وأتم والعوام في نجد عندهم دعوة شبيهة بهذا المعنى أذكرها وربما كثير من الطلاب الحاضرين لن يفهموها وسأترجمها لهم بعض العوام يقولون : اللهم لا تسلطنا ولا تسلط علينا هذه الدعوة جميلة من حيث معناها وهي بمعنى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ،اللهم لا تسلطنا أي على الناس بالشر والغيبة والعدوان ونحو ذلك أيضا ولا تسلط الناس علينا بنحو هذا المعنى وهذا بمعنى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فدائما من أراد أن يكون مفتاح للخير أن يلجأ إلى الله جل وعلا وأن يلح عليه سبحانه وتعالى بالدعاء أن يكرمه بفتح أبواب الخيرله و من الدعوات العظيمة ما كان يحافظ عليه نبينا عليه الصلاة والسلام كل يوم بعد صلاة الفجر :" اللهم إني أسألك علما نافعا وعملا متقبلا ورزقا طيبا " .

الأمر السابع :

من الأمور التي يكون بها المرء مفتاحا للخير تجنب مراود الفتن والشبهات والحذر منها وهذا يحقق للعبد السلامة في نفسه وأيضا السلامة من أن يكون مفتاح شرعلى الناس وأيضا لا أطيل هنا لكن أكتفي بذكر أثر واحد عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه رواه غير واحد من أهل العلم منهم ابن بطة العكبري في كتابه الإبانة وغيره من أهل العلم قال ابن مسعود رضي الله عنه : إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتؤدة فإنك أن تكون تابعا في الخير خيرا من أن تكون رأسا في الشر فهنا من أراد لنفسه أن يكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر لينتبه في الأمور المشتبهات وأمور الفتن فلا يبرز لها ولا يتصدر ولا يندفع اندفاع الطائشين المتهورين الذين يوقعون أنفسهم في الهلكة ويوقعون غيرهم فيها فليتأنى وليبتعد قال : فعليكم بالتؤدة فإنك أن تكون تابعا في الخير خيرا من أن تكون رأسا في الشر. ولهذا أمور الفتن والأمور المشتبهات لا يندفع الشاب وراءها بل يتأنى ويتروى ويتصل بالعلماء الكبار والأئمة الأكابر يستشيرهم ويسترشد بأراءهم لا يندفع برأي رأه أو هوى هواه أو كلاما قيل له و دفع نحوه لأنه إذا اندفع اندفاعا بلا تؤدة ولاأناة ورّط نفسه في الشر وأيضا صار مفتاح شرعلى الآخرين ولهذا يجب على الإنسان أن يتأنى ، وأن يتإذ وأن يأخذ الأمور بالهدوء والأناة وأن يشاور دعاة العلم وأن يكثر دعاء الله سبحانه وتعالى أن يجنبه الشر لا أن يندفع وينساق وراء الفتن والشبهات ويبرز لها ويتصدر ثم يتورط بأن يكون قد فتح شرا على نفسه وعلى الآخرين .