بالتأكيد في ليلة رأس السنة وقفتَ أو جلستَ أمام النافذة ونظرتَ إلى السماء ودعوتَ الله أن يجعل سنتك القادمة 2015 سنة خير
وغالبا كتبت ذلك في الفيسبوك أو تويتر كي تجعل الأمر واقعا معاشا، ويشاركك في ذلك الأصدقاء...
إذا فعلت ذلك فدعني أخبرك أنك إنسانٌ طيبٌ جدا.
لكن هل فكرت كيف سيكون شكل العام الجديد؟ هل فكرت في التحديات التي تعترضك؟
إذا لم تفعل كذلك فدعني أخبرك أنك في ورطة حقيقية يا صاح!


ورطة من النوع الذي لا ينفع معه إلا أن تجلس معنا خمس دقائق وتقرأ هذا المقال وأنت تشرب كوبا من الشاب الساخن أو القهوة الساخنة. لا تنسى أن تعزمنا! أرجوك.. هذه الاجتماعيات ضرورية أيضا!


ثلاث تحديات قاتلة

لن أخبر كل إنسان عن مشاكله فهذا ضرب من خيال، لكني دعني أؤكد لك أيها القارئ المستمتع بكوب الشاي الساخن الذي يتصاعد البخار الساخن منه أن ثمة ثلاث تحديات قاتلة ستكون في مواجهتك على الأرجح هذا العام.


هل أنت متعجل لمعرفتها؟ أرجوك لا تذهب إلى الصفحات التالية دون أن تكمل.


سيقول لك الكثيرون أن المشاكل كثيرة (وهم محقون جدا للأسف) لكن لا نريد أن نحل كل المشاكل مرة واحدة وذلك لسببين. كما في الطب، نقول أن هناك مرض وهناك عوارض للمرض. فمثلا القلق ليس مشكلة بحد ذاته لكنه نتيجة لمشاكل كبيرة. الخوف ليس مشكلة لكنه عارض لمرض أكبر. أنا لست ميكانيكي مشاكل، لذلك لن أحل المشكلات لكني أريد أن أتحدث عن الأمراض أو التحديات الثلاث وهي كالتالي:


احزموا الامتعة


أولا: المقارنة



قلما تجد إنسانا لا يقارن نفسه أو غيره بالآخرين. إذا كنت ممن يقارنون فمرحبا بك في نادي المليار بشري (ممن يقارنون انفسهم).

المقارنة تعني أنك تقارن نفسك دائما بالآخرين وإنجازاتهم وإبداعاتهم وقدراتهم وممتلكاتهم وكل شيء. لكن طبعا لا تقارن نفسك بمشاكلهم...أليس كذلك؟ وإلا كيف ستصبح إنسانا سلبيا؟


المقارنة داء عضال، يقضي على كل حيويتك ويحيلك إلى جثة كارتونية متحركة. ربما يفيدك أن تعمل في أفلام توم أند جيري حينئذ. (شريطة أن لا تقارن نفسك بتوم!)


الله سبحانه وتعالى خلقنا وأحسن خلقنا وعدالته سبحانه وتعالى تجعل من طبيعتنا كبشر متعادلة. وهناك فرق بين المساواة والعدل، وأَحسَب أنك تعلم ذلك.


فنحن نملك قدرات وأشياء تعادل ما يملكه الآخرون. مشكلتنا فقط أننا لا نرى أو لا نسمع. بالتأكيد نحن نتكلم ونملأ الدنيا صراخا بـِ(ليتني كَفُلان). وللأسف فإن المقارنة تبدأ من الصغر.


كم مرة قالت لك أمك..ليتك كفلان؟ أو نادتك باسم فلان على سبيل التهكم من قدراتك؟ ومرة أخرى أكرر كلمة (للأسف) وأقول بأن هذا نوع من التربية السلبية.


لا وقت للحديث عن المقارنة، لذلك دعنا نركز على مشاكلها وكيفية حلها. الحل الوحيد أن لا تقارن نفسك! وهذا يبدأ أولا بإدراك أن الله خلقنا بعدل، وأن كل منا يمتلك قدرات، وأن كون الآخرين أفضل منك هذا لا يعني أنك سيء بل أنك لم تدرك قدراتك جيدا.


بدلا من أن تقارن نفسك بفلان وعلان قارن نفسك بنفسك. انظر إلى عام مضى أو أعوام مضت، هل لاحظت فرقا؟ هل قدراتك أفضل؟ هل معرفتك أفضل؟ هل خبراتك أفضل؟ هذا ما يجب التركيز عليه وليس أن تقارن نفسك بالآخرين. هناك فرق بين الاقتداء والمقارنة.

لو كان هناك رجل علم أو سيدة أعمال، لا يعني أنه يجب أن نكون مثلهم كي نكون ناجحين.


أتذكر مقولة جميلة لصاحب موقع eBay حين سأله الحضور في محاضرة عن النجاح، "كيف يمكن أن ننجح مثلك؟" قال "أنصحكم بالإبداع شريطة أن لا تنتجوا موقعا مثل eBay" ! وهو يقصد أنه ليس شرطا لتكون ناجحا أن يكون لك موقعا مثل eBay


لذلك يا صديقي، عليك بالتخلص من المقارنة. انظر لنجاحات الآخرين على أنها حافز لك وتعلم منهم ولا تقارن نفسك بهم لأن ظروفهم وقدراتهم مختلفة عنك.


مرن نفسك دائما على عدم المقارنة حتى تتخلص من هذه الداء. كلما قال لك أحد ليتك مثل فلان، قل له أو لها ليس شرطا. أنا أمتلك حريتي وأمتلك خياري وما أريد أن أكونه هو نفسي.. أن أرى نفسي على سلم النجاح كما أريد.


هل هذا يكفي لكي انتقل للتحدي الثاني؟


حسنا شكرا لكم


ثانيا: الكسل والعجز



لولا أنهما داء خطير لما أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى التعوذ منهما صباحا ومساء!
الكسل يعني افتقاد المرء لإرادة الفعل أما العجز فهو افتقاد القدرة على إنفاذ الفعل.


يعني لو كنت مستلقيا على السرير في حالة استرخاء وهناك كوب ماء تريد أن تشربه لكنك تتمنى لو يطير إليك، هذا يعني أنك تعاني من حالة كسل. أما لو كنت طريح الفراش بسبب مرض ولا تستطيع الوصول إلى كأس الماء وتتمنى لو تستطيع المشي وإحضاره فهذا هو العجز. وأحيانا كثيرة..يصاب المرء بالاثنتين ! وهذا قاتلة! Double kick!

وهذا الداءان مقترنان ببعض ولهذا دمجتهما في بند واحد. وهما من أسوأ ما يمكن ان يصاب به الإنسان والعياذ بالله. وقد وصفهما ابن القيم بأنهما مفتاح كل شر!


معظم مشاكلنا تبدأ من الكسل والعجز اللذان يؤديان إلى التسويف والإحباط والسلبية والتخبط والفشل والقلق والتذمر والحسد والحقد إلخ.


لقد اوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالتعوذ منهما بالأدعية المأثورة والمعروفة للجميع مثل
ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال.


ثم بعد الدعاء يأتي التخطيط. لو وضعت خطة زمنية ستساعدك على تجنب الكسل والعجز. يمكنك أيضا أن تطلب من المحيطين بك مساعدتك على سبيل تذكيرك ودفعك لفعل ما تريد فعله وكنت تتكاسل عنه. باختصار ابحث عن أي طريق تساعدك وتعينك على شيطانَي العجز والكسل. سيأخذ منك ذلك وقتا ليس قليلا لكنك مجبرا للأسف... هل وجدت طعمَ دواءٍ طيبا؟







ثالثا:التذمر



الآفة أو الكارثة أو التحدي الثالث هو التذمر. وهو وإن كان البعض يظنه عرض وليس مرض، إلا أنه أصبح بالفعل مرضا مستقلا بذاته. فكثيرا ما نجد أصحاءً وسعداءً لكنهم يتذمرون.

وكيف يستوي السعيد والتذمر؟ هو سعيد لكنه لا يدري أنه سعيد فيتذمر. أو تجده ناكرا للنعمة جاحدا للسعادة التي يعيش فيها. وكلما ازداد تذمر الإنسان كلما ازدادت تعاسته!

والمتذمر يعيش في جحيم مستمر، لا يهنأ له بال ولا يطيب له عيش. فعجبت لمن يزداد رهقا في التذمر والله قد أنعم عليه وافر النعم. وقد كنت ككثير من غيري مصابا بهذا الداء حتى تخلصت منه في العام 2004 تقريبا ولله الحمد والمنة.


وكل المطلوب هو أن تكف عن الشكوى... جرب أن تكف عن لوم الآخرين والتذمر من الكون وسوف تعيش سعيدا.. سعيدا جدا..


بدلا من التذمر، اِرض بحكم الله وقضائه.. فكّر في الحل لا في المشكلة.. لأن التفكير في المشكلة لن يزيدك إلا هما..



أخيرا أعود وأكرر، تخلص من القَتَلة الثلاث وسوف تعيش سعيدا بإذن الله وتنعم بعام جديد مفعم بالأمل والراحة