في السنوات الأخيرة نال التدريب على يد مُدرِّب خصوصي (كوشينغ) كِمَّاً كبيراً من الاهتمام كعمليَّات خاصَّة في التدريب والتعلُّم، وتبنَّت الشركات والمؤسَّسات غير التجارية هذين المفهومَين بشكل كبير مع شرائح عريضة مُتنوِّعة من الموظَّفين. قدَّر طبيب الأمراض النفسية البروفيسور ستيفن بريغلاس أنَّه بحلول عام 2006 سيكون هناك 50.000 مُدرِّب خصوصي إداري يعمل بشكل مُستقل بزيادة كبيرة عن الرقم 2000 الذي كان قبل عشر سنوات فقط (راجع المقالة: “اقتصاد التدريب الخصوصي الإداري”، مجلَّة هارفرد للأعمال، عدد يوليو 2002، صفحة 89[1]). تمَّ التعامل مع أشكال عدَّة من التدريب الخصوصي[2] لِمُدَّةٍ طويلة: كتدريب الزميل[3]، والتدريب المُتقاطِع حيث تتعلَّم من عمل الجميع في كلِّ مكان من الشركة، والتدريب المِهَني (التدرُّج)؛ وأصبحت “المَشُورة[4]” شائعةً أيضاً في العقود الأخيرة عندما وجدت الشركات أنَّ الاهتمام بطريقة التعلُّم (شخص لشخص) يثمر عادةً عن نتائج جيِّدة: كالحافز لتحقيق الإنجازات الأفضل، وتطوير المهارات، والإدراك الثقافي الفائق.

هناك تعاريف أساسيَّة فيما يتعلَّق “بالتدريب الخصوصي” و“المَشُورة”: يُنظَر إلى التدريب الخصوصي على أنَّه إجراء تكتيكي، يركِّز على المهمَّة، سلوكي، وذو مردود عملي. إنَّه بصورة عامَّة تجربة تدريبية قصيرة الأجل، يتمُّ إنجازهُ عادةً من قِبَلِ المدير تجاه مرؤوسيه، ولكنَّه أيضاً يمكن أن يُنجَز عادة من قِبَلِ ذوي الخبرة تجاه مَنْ هم أقلُّ خبرة منهم ضمن نفس المستوى الوظيفي في المؤسَّسة. التدريب الخصوصي التنفيذي هو شكلٌ خاصٌّ من هذا التدريب يستلزم مٌشرِفاً من خارج الشركة يعمل خلال فترة عدَّة أشهر مع موظَّف تنفيذي لتطوير المهارات ذات الصلة بالعمل وذات الصلة بالتعامل بين الأشخاص في إطار الاستعداد للترقية.
تُفهَم “المَشُورة” على أنَّها عمليّة تساعد الفرد في إدارة التغيير، أو تحديد وحلِّ المشاكل، أو القيام بالتحوُّلات، وهي تستدعي عادة أشخاصاً ناجحين مُميَّزين يساعدون أشخاصاً حديثي العهد في الشركة أو يعملون حالياً في أقسام أخرى وينشدون انتقالات ضمن الشركة.
يُنجَزُ كلٌّ من “التدريب الخصوصي” و“المَشُورة” بشكل أفضل عندما يكون هناك عمليَّات منهجيَّة تُطبَّق بشكل صحيح فيما يتعلَّق بالتقييم والتغذية الراجعة ينتج عنها خُطَط مهنية جديدة أو تحديث وتحسين في إجراءات العمل.
قضايا إدارية أساسيَّة
فيما يلي بعض القضايا الإداريّة الأساسيَّة التي يجب مراعاتها عند إدارة “التدريب الخصوصي” و“المَشُورة”:
المهارات، العلاقات، وأفضل الممارسات: في كل من التدريب الخصوصي و“المَشُورة” من المهمّ في البداية أن نقوم بتحديد المهارات التي يتوجَّب تطويرها، والعلاقات التي يجب تقويتها، وأفضل الممارسات التي نحتاج أن نتبنَّاها. من الضروري جداً تحديد الاحتياجات فيما يتعلَّق بالمهارات المعرفية والسلوكيَّة بالإضافة إلى عوامل الذكاء الانفعالي التي علينا التعامل معها. يمكن للتدريب الخصوصي أن يدعم التعلُّم أثناء العمل، أو يمكنه أن يكون مُكَمِّلاً للتدريب في الصفوف أو حلقات وورَش العمل، كما يمكنه أن يركِّزَ على العمل الحالي للشخص أو عمله المستقبلي. التدريب الخصوصي التنفيذي يركِّزُ بالطبع على جدول أعمال الإدارة التنفيذية، ويُوضع بناءً على أسس مهارات التحفيز والدعم، ومقدرات الأداء، والتطوير الشخصي. يمكن للتدريب الخصوصي و“المَشُورة” أن يكونا طُرُقاً للتعليم بغاية الفعالية أكثر بكثير من المهارات التحليلية والإجراءات المُؤسَّساتيَّة النموذجية في التعامل مع قضايا مثل بناء المعنويات، وتحسين الإبداعيَّة، وإزكاء العمل الجماعي. راجع مُلحَق هذا الكتاب لتحصل على معلومات مُفَصَّلة حول المهارات والعلاقات والممارسات الفضلى المنتقاة من أدبيات التدريب وعلم النفس.
التنوُّع:
أصبحت “المَشُورة” مُقارَبة تدريبيَّة رائجة وناجحة لمساعدة النساء والأقليَّات في التغلُّب على العوائق أمامَ تقدُّمِهم. تمَّ تعيين هؤلاء المُستشارين في العديد من الشركات، كما تمَّ تطبيقُ برامج شاملة للتدريب في مجال التنوُّع من خلال “المَشُورة”. في حالات أخرى، وقع على عاتق الأشخاص الذين يحتاجون للمشورة تحدٍ يتمثَّلُ في أن يعثروا على هذه “المَشُورة” بأنفسهم. يمكن أن يعني ذلك العمل بمثابرة للتواصل مع شخص يعجبك عمله، أو التطوُّع للعمل مع فِرَق مشاريع خارج نطاق خبراتك الحاليَّة، أو السعي وراء تعيينات في مجالات مرموقة. يُعْتَبَر التواصل عبر الشبكة داخل الشركة وخارجها مع أشخاص من المُمكن أن تتعلم منهم طريقةً أخرى لتعثرَ على مُستشارك الخاصّ. يتحمَّل تدريب المُدراء مسؤوليَّة خاصَّة في تشجيع برامج “المَشُورة” الرسميَّة وغير الرسميَّة بالنيابة عن النساء والأقليَّات الذين لا يزالون غير مساوين للرجال البيض في فُرَص الترقية والرواتب. يمكنك العودة إلى كتابات شيلا ولينغتون[5] وكادرها في كاتليست[6] وهي وكالة أبحاث في مدينة نيويورك تبحث في مجال تقدُّم المرأة في مجال الأعمال (catalystwomen.org) إذا أردت المزيد من المعلومات حول “المَشُورة”.

التحفيز، التيسير، والدعم:
تحتاج برامج “التدريب الخصوصي” أو “المَشُورة” الجيِّدة بصورة خاصَّة لمشاركة منظمة من إدارة التدريب، وتحتاج البرامج التي تطبَّق على امتداد الشركة إلى رؤية واضحة داخلية من خلال الرسائل الإخبارية والمعلومات التفاعليّة والمعلومات عبر الشبكات ومقاطع الفيديو، وكذلك تحتاج إلى تقديم المكافآت للناجحين وغيرها؛ كما تحتاج إلى الترويج من خلال قنوات المعلومات الداخليَّة بما يمكِّن من الاطِّلاع بشكل جيِّد على أهداف البرامج وكذلك تحديد المشاركين في هذه البرامج. يمكن أن تقدِّم هذه التدابير الحافز للمشاركة والإبداع.

يجب على مُدراء التدريب أيضاً أن يقدِّموا خدمات التيسير والدعم “للتدريب الخصوصي” و“المَشُورة”، والتي تتضمَّن مساعدة المشاركين في التخطيط والإعداد، وخدمات التوفيق والملاءمة التي تعتمد على معلومات دقيقة تكفل نجاح المشاركين، والتدريب على التوجيه، والخطوط العريضة للمراقبة والتقييم. تقع على عاتق مُدراء التدريب مسؤوليَّة مساعدة المدرِّبين الخصوصيين والاستشاريين من خلال تصميم المناهج التي تناسب احتياجات الأشخاص الخاضعين لهذا النوع من التدريب و“المَشُورة”. يجب أن تكون إدارة التدريب مُستعِدَّة لتقديم المساندة، ومواد المراجع، ومساعدات العمل، وقوائم المهمَّات، والخطوط العريضة المُوجَّهة الكافية، ومعدَّات وبرمجيَّات التدريب بحسب الحاجة. كما يجب أن يكون كادر التدريب على أُهْبَةِ الاستعداد أمام المدرِّبين الخصوصيين والاستشاريين للتدخُّل كحلالين للمشاكل ومساعدين ضروريين.
المنفعة المُتبادَلة:
قد يكون من المُغري النظر إلى “التدريب الخصوصي” و“المَشُورة” كعمليَّات وحيدة الاتِّجاه، ذات فائدة قصوى للشخص الذي يخضع للتدريب الخصوصي أو يتلقَّى “المَشُورة”؛ ولكن الكثير من الدراسات التي تناولت التدريب الخصوصي و“المَشُورة” وكذلك المقالات التي خُطَّت في صحف الأعمال ذهبت بهذا الأمر إلى آفاق أبعد من ذلك، وتحدَّثت عن المنفعة المُتبادَلة التي تشمَلُها هذه الطُرُق من التعليم.

إحدى الحالات الواضحة لهذه المصلحة المتبادلة هي تلك التي تتعلَّق بالتدريب المُتقاطِع[7] والذي تقوم الشركة من خلاله بتدريب موظَّفيها الأساسيين للقيام بأساسيات أعمال استراتيجيّة أخرى كتلك الأعمال في الفنادق، والنوادي الصحية، وأقسام الإطفاء، وغُرَف الطوارئ، ومتاجر التجزئة، والأعمال التي تتطلَّب أعداداً كبيرة من العمَّال بدوام جزئي، أو الأعمال كثيرة التقلُّبات والتغييرات، والمِهَن التي تقتضي التعامل مع زبائن بأعداد كبيرة. يملك هذا النوع من التدريب (شخص ـ لشخص) فوائد كثيرة للشركة ككلّ، حيث يتمُّ تدريب الأفراد للتعامل مع أعمال بعضهم البعض في الحالات الطارئة بما يشكِّل منفعةً متبادلة تشمَل المُتدرِّبين من جهة، والشركة ككلّ من جهة أخرى.
يمكن “للتدريب الخصوصي” و“المَشُورة” أيضاً أن يُساعدا في خَلْقِ جوٍّ من التعلُّم المُستَمِرّ ممَّا ينعكس إيجاباً على كل من الأفراد والشركة ككلّ. يُمكِنُ للتدريب الخصوصي أن يصبح “كفاءة جوهريَّة” للشركة، يكثِّف مقدرات الموظَّفين في تحصيل المعلومات، ويبني علاقات أقوى وفِرَقَاً أفضل، ويوسِّع مجال الإبداع من خلال التعلُّم.
التحفُّظ الوحيد حول “التدريب الخصوصي” و“المَشُورة”، وبشكل خاص التدريب الخصوصي التنفيذي، هو أنَّه يجب أن يقوم به الشخص المناسب، وهو شخص يجب أن يعرف كيف يسير بالإجراءات التنفيذية من خلال تحليل الاحتياجات، وأن يكون مُتواضِعاً بشكل كافٍ لكي لايفرض حلولاً سطحية للمشاكل عسيرة التحديد. يمكن لمُدراء التدريب أن يشتركوا في تحليل الاحتياجات التنفيذية ذات الصلة بالشركة (غير ذات الصلة بالمُدرِّب الخصوصي) وبذلك يكون لدينا فُرصَةٌ أفضل في تسهيل برنامج التدريب الخصوصي بما فيه من منفعة مُتبادَلة بين الإدارة التنفيذية من جهة، والشركة من جهة أخرى.
للاطلاع على بقية البحث تستطيع تحميل الملف المرفق

[1]The Economics of Executive Coaching،” Harvard Business Review، June 2002، p. 89
[2]Coaching
[3]the buddy system
[4]Mentoring
[5]Sheila Wellington
[6]Catalyst
[7]cross-training