أهلاً بك عزيزي الزائر, هل هذه هي زيارتك الأولى ؟ قم بإنشاء حساب جديد وشاركنا فوراً.
  • دخول :
  •  

أهلا وسهلا بكـ يا admin, كن متأكداً من زيارتك لقسم الأسئلة الشائعة إذا كان لديك أي سؤال. أيضاً تأكد من تحديث حسابك بآخر بيانات خاصة بك.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 42

العرض المتطور

  1. #1
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 5

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله حمدَ الشاكرين الأولين، وأفضلُ الصلاة وأتمّ التسليم، على سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبه أجمعين. إخوتي وأخواتي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي (الحلقة الخامسة) من برنامج [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... أعزائي ... قلنا في الحلقة الماضية أن لتحقيقِ أيِّ هدفٍ أو حصيلة ما، يتطلب الأمر ثمانيةَ شروط. وقلنا أيضاً أنه يجب توافرُ هذه الشروطِ بأي هدف قبل البدءِ به، حتى يكونَ قابلاً للتحقيق بعون الله تعالى وفضله.

    وأولُ هذه الشروطِ هو: الإيجابية، وثانيها: المسؤولية، والشرطُ الثالث: الوضوح، والرابعُ: التاثيرات، والخامسُ: القياس، وأما الشرطُ السادس: فالحواس، والسابع: الإيمان، والثامنُ: العمل.

    إذن الشرط الأول (الإيجابية)، ويُقصدُ بالإيجابية: أن يكونَ الهدفُ مصوغاً بطريقةٍ إيجابية، أي أن أسألَ نفسيَ السؤالَ التالي: هل هذا الهدفُ الذي أريده مصوغٌ بطريقة إيجابية ؟.... ولتوضيحِ ذلك أضع الأمثلة التالية:

    يقول طالبٌ في مرحلةِ الدراسة الثانوية: أريد أن أدرسَ إدارة الأعمال. ويقول طالبٌ أخرُ: أنا لا أريد أن أدرسَ إدارة الأعمال.

    الطـالبُ الأول وضع هدفاً، والثاني وضع أيضاً هدفاً. ولكنْ هل كلا الهدفين مصوغٌ بطريقةٍ إيجابية ؟... الواقع لا ... فالطالبُ الذي قال إنه يريد دراسة إدارةِ الأعمال هو فقط الذي صاغَ هدفَه بطريقةٍ إيجابية. أما الطالبُ الذي أعلن أنه لا يريد دراسة إدارةِ الأعمال فلم يحققْ شرطَ الإيجابيةِ في هدفِه، هذا الشرطُ الذي يجب أن يتحققَ في جميع الأهداف، فهو إن لم يدرسْ إدارة الأعمالِ فقد تحققَ هدفُه، سواءٌ درسَ أو لم يدرسْ، وسواءٌ دخلَ كلية ما أو لم يدخل.

    إذن ليس هناك هدفٌ ليتحققَ أصلاً ....

    مثالٌ آخر: سامر طالبٌ مجتهد، يريد أن يتغدى، فقال إنه لا يريد أن يأكلَ التمر. هل هذا هدف ؟
    لا بدّ أن تحدِّدَ تُجاهَ أي هدفٍ تركيزاً عليه، وبالتالي تريدُ هذا الذي ركزتَ عليه. أما الضياعُ والتشويش والاضطراب فلا يحققُ هدفاً ... لاحظوا الأمرَ بين أسرةٍ هدفُ أفرادِها التنزهُ، أي الذهاب لنزهة، وأسرةٍ أخرى لا تريد أن تبقى طيلة العطلةِ في البيت .... الأسرة الأولى أقربُ وأسرع إلى تحديدِ مكانِ النزهة التي تريد قضاءَ العُطلةِ فيه، أما الأسرة الثانية فما زال أفرادُها هائمين على وجوهِهم مضطربين، همُّهم فقط ألا يبقوا في البيت.

    إذن الشرط الأول لتحقيقِ الأهداف (الإيجابية)، أي أن يكونَ الهدفُ مصوغاً بطريقةٍ إيجابية، ولننظر بالعودِ إلى الحضارة العربيةِ الإسلامية: هل كانت فعلاً بتفاصيلِ بنيانِها الحضاري وإجمالِه، يمكن أن تصلَ إلى ما وصلتْ إليه دون أن يكونَ الهدفُ مصوغاً بطريقةٍ إيجابية، أي ـ حسب المفهوم التراثي ـ مركزاً عليه ومحدداً، فإنك إن نظرت إلى فتوحاتِ المسلمين ... إلى اكتشافاتِهمُ العلمية ... إلى بنيانِهمُ المعماري ... إلى كلّ صغيرةٍ وكبيرة في هذه المنجزات لن تجدَ إلا ما هو ينطبقُ عليه مفهومُ الإيجابيةِ في صياغةِ الهدف.

    فهل كان أهلُ تلك الحضارةِ يضعون أهدافَهم بدراسةِ شرطِ الإيجابيةِ في الصياغة ... الواقع إننا لا نجد أبداً ما يشيرُ إلى شرطِ الإيجابية ... ومثالُهم مثالُ رجلٍ ذهب ليشتريَ طماطم (بندورة) من السوق وعاد. فهو قد حققَ هدفَه وحقق شرطَ الإيجابية بحكمِ المهارةِ والممارسة، لا بحكمِ التخطيط ... لكنْ أن تجدَ أحداً ما يحققُ حضارةً بالمهارةِ والسليقة كما يحققُ أحدُنا الأمورَ بمهاراتِه البسيطة ... هنا تكمن عظمةُ الجيلِ الذي أسسَ لهذه الحضارة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3007


    التعديل الأخير تم بواسطة admin ; 22-Oct-2013 الساعة 11:36 AM

  2. #2
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 6

    بسم الله الرحمن الرحيم
    حمداً لله على نعمِه وآلائه، وصلاة ربّي وسلامُه على خير عباده محمدٍ النبيِّ الأميِّ وعلى آلِه وصحبه. أعزائي المستمعين ..... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


    نبدأ بالحلقة السابقة من برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... ورحلتِنا مع شروطِ تحقيقِ الهدفِ أو الحصيلة الثمانية، وهي: (الإيجابية والمسؤولية والوضوح والتأثيرات والقياس والحواس والإيمان والعمل)، وقد شرحنا الشرطَ الأول الذي هو معنى الإيجابية، وعبرنا عنه بسؤال نسأل أنفسَنا إياه: هل ما أريدُه مصوغٌ بطريقةٍ إيجابية ؟ وطرحنا سؤالاً هنا هو: كيف استطاع بناةُ الحضارةِ الإسلامية تحقيقَ هذا الشرطِ في الإجمالِ والتفصيل لهذا البنيانِ الحضاري، رَغم أنه لا يوجد عندهم ما يشير إلى دراسةِ الأهدافِ على هذا النحوِ، وسنجيب لاحقاً عن هذا التساؤل ... أما في هذه الحلقة فسنشرح الشرطَ الثاني من شروطِ تحقيقِ الهدفِ أو الحصيلة، وهو (المسؤولية)، وهي تعني بأن الذي أهدفُ إلى تحقيقِه ... الهدفَ الذي أريد إنجازَه ... الحصيلةَ التي أريد تحقيقَها تخصني ... وأتحمل مسؤوليتَها.

    مثال: يقول الوالدُ لابنِه أريدُك أن تدرسَ الطبّ ..... هل هذا الهدفُ يخصُّ الأبَ ... لا إنه يخصّ الابن ... إذن لا يمكن تحققُ هذا الهدفِ إلا إذا كان هدفاً للابن أيضاً.
    ولاحظوا أيضاً إخوتي المستمعين أن كل شرطٍ من هذه الشروط لا يتحقق، ينبغي بناءً عليه أن أعدِّلَ في صياغةِ الهدف، وبالتالي بالهدفِ ذاتِه.
    فيصِح أن أقولَ أريد أن أقدّمَ لابني ما يمكّنُه من دراسةِ الطبِّ إن أراد، ولا يصحُ أن أقولَ أريد لابني أن يدرسَ الطبّ ....

    حاصلُ الكلام ... أن الشرطَ الثاني من شروطِ تحقيق الهدف يكون بأن يقعَ الهدفُ ضمن مسؤوليتي، وأن يكونَ الهدفُ يخصني.

    أشرفتُ مرةً على منشأةٍ تعمل في مجالِ البرمجيات، وكانت تعاني من مشاكلَ إنتاجيةٍ كبيرة، وطُلب مني استشاراتٌ لإيجادِ حلولٍ لمشاكلِهم، ولدى دراسةِ الحالة والبحث؛ تبين أن المصدرَ الأساسيَّ لعدمِ تحقيقِ أهدافِ المنشأة هو أن كلَّ هدفٍ جزئي يريد أن يحققَه الموظفُ ويركزَ عليه في عمله لا يخصُّه، وغيرُ عائدٍ إلى مسؤوليته ...

    وبالتالي تتصادمُ الآراء ... ويحصلُ النفور ... ويتعثرُ العمل ... وينقطع التواصلُ بين المديرياتِ والأقسام، وكلٌّ يلومُ الآخر، ولا يوجد حل ...

    ورأيت أنني لو صارحتهم بهذه الحقيقة؛ لم يصدقْني أحد ... فأحدثت تدريباً فقط على أن يكونَ الهدفُ الذي يعمل كلُّ موظفٍ عليه يخصُّه ويقعُ على عاتقِه ومسؤوليتِه، فانتهتِ الإشكالاتُ بسرعةٍ عجيبة، وبدأ العملُ ينتظم .... والذي فاجأني هو أن مديرَ الشركة لم يكن مسروراً أبداً بأن يلتزمَ كلُّ موظفٍ بتحقيقِ الهدفِ الذي يقع ضمنَ مسؤوليتِه .... إلا أن الموظفِين تدربوا ولم يعودوا يريدون الاضطرابَ والفوضى التي كانوا يعيشونَها بسبب ذلك ....

    وهنا، نعود لحضارتِنا العربية الإسلامية؛ فنجدُ أن المسؤوليةَ في تحقيقِ الأهدافِ كانت واضحةً جلية رُبوا عليها، وهي مهارةٌ عندَهم لا يحتاجون للتفكيرِ فيها .... بل ينفذونها بالسليقة، فالحاكمُ يعلمُ مسؤوليتَه، والمحكومُ يعرفُ مسؤوليتَه، وذلك بالمهارةِ الناتجة عن التنميةِ التي تلقَوها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتي سنأتي لاحقاً على تفصيلِها. فهم لا يفكرون أصلاً في هدفٍ ليس يخصُّهم أو لا يقعُ تحت مسؤوليتِهم، وسنشرح في الحلقة القادمة الشرطَ الثالثَ من شروطِ تحقيق الهدفِ، وهو (الوضوح)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3012


    التعديل الأخير تم بواسطة admin ; 22-Oct-2013 الساعة 11:17 AM

  3. #3
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Wink الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 10

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي الحلقة العاشرة من برنامجكم: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد أوضحنا في الحلقات الماضية أن شروطَ تحقيق الهدفِ (الحصيلة) هي: (الإيجابية: ويعني؛ هل ما أريده مصوغ بطريقةٍ إيجابية), و(المسؤولية: ويعني؛ هل ما أريده أمرٌ يخصني وأتحمل مسؤوليتًه), و(الوضوح: أي؛ أين ومتى وما ومع من أريد ما أريده), و(التأثيرات: ويعني؛ كيف يؤثر ما أريده على الجوانب الأخرى لحياتي), و(القياس: ويعني؛ كيف أعلم أنني حصلت على ما أريد). وسادساً: وهو الشرط الذي سنشرحُه هذه الحلقة، وهو (الحواس): ويعني؛ هل هذا الهدف قائمٌ على الحواس أم بعيدٌ عن الحواس, هل يمكن مشاهدة هذا الهدفِ أو لمسُه أو الشعورُ به.

    وقد يستغرب بعضُ الإخوة المستمعين هذا الشرط, ويقولون: هل من الممكن أن يفكرَ أحدُنا بهدفٍ غيرِ قائمٍ على الحواس ؟!! والجواب: نعم ... قد يُتوهم أن هذا الأمرَ قائمٌ على الحواس، وهو غيرُ ذلك. ولإيضاح ذلك أقول: إن عملَ الدماغ فيما يتعلق بالتفكير ينقسم إلى ثلاثةِ أقسام؛ قسمٍ يسمى (الحافظة), وهو عبارة عن أرشيفِ معلومات، حافظة فقط، يوجد فيها معلومة. وقسمٍ يسمى (المدركة), وهو للتحليل والتركيب والتأمل والمقارنة والاستنباط، وفيه تتم العملياتُ المنطقية. وقسمٍ أخير يسمى (المتوهمة أو المصورة)، وهذا خاصٌّ بالتخيّل، ولا يوجد فيه إلا ما يرشح إليه عن طريق الحواس. فإن قلت كلمةَ (طائرة) تحضر لمخيلةِ السامع صورةُ طائرة من النوع الذي تسرب للمخيلة عن طريق رؤية مثلاً، وربما لا يعرف هذا السامعُ شيئاً عن قانون الطيران، وربما لو شرحت لإنسانٍ من غياهب الماضي قانونَ الطيران لأدركه وفهمَه وتعاملَ مع معادلاتِه، لكنْ دون أن يستطيع تخيلَ الطائرة؛ لذلك فالعقلُ البشري يدرك أشياءً، لكنْ لا يستطيع تخيلها؛ كالعدم مثلاً، أدركُ مثلاً أن العدمَ يعني عدمَ وجود أيِّ مخلوق كان قائماً قبل أن يخلقَ اللهُ الأشياء، لكن لا أستطيع تخيّلَ ذلك؛ لأن حواسيَ لا تجدُ شبيهاً بالعدم، المشكلةُ تكمنُ في أنني عندما أريد تحقيقَ هدفٍ قد أستطيع بمخيلتي بعيداً عن الحواسِ والواقع الذي أنا فيه، لذلك في استراتيجيةِ الإبداع أو استراتيجية ديزني ينبغي أن ينتقلَ الإنسانُ بين ثلاثةِ مواقعَ ليدرسَ هدفاً ما يريد تحقيقَه، هذه المواقعُ افتراضية يضعها صاحبُ الهدف، وينتقلُ فيما بينها: موقعَ الواقعي، وموقعَ الحالم، وموقعَ المراقب، ويعيد التنقلَ عدةَ مرات، وقد تطولُ جداً حسبَ الهدف، حتى يتبلورَ لديه أن الهدفَ قابلٌ للتحقيق؛ لأنه مبنيٌّ على الحواس، ولا يكون أمانيَ غيرَ قابلةٍ للتحقيق. ونعود هنا للحالةِ الإنسانية التي ذكر أصحابُ التنميةِ البشرية أنها مركبٌ من ثلاثةِ أجزاء: (التفكير والشعور والسلوك)، ونلاحظُ هنا في حالةِ تحقيق الهدف أن الشروطَ الستة الأولى لتحقيق الهدفِ: (الإيجابية والمسؤولية والوضوح والتأثيرات والقياس والحواس) تتعلقُ بالتفكير، أما الشرطان الباقيان؛ فالايمانُ يتعلق بالشعور، والعملُ يتعلق بالسلوك. وبالعودةِ والنظر في حضارتِنا الإسلامية لا نجد مشكلة تتعلق بأن الهدف يجب أن يتعلقَ بالحواس، وأن يكونَ قائماً على الحواس؛ لأن ذلك كان من خلال التنميةِ الشاملة التي غذّى القرآنُ بها متبعيه، وزرعها فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولننظرْ إلى شمولِ قوله تعالى: { ولا تقفُ ما ليس لك به علم }، ويعيبُ على آخرين؛ فيقول: { إنْ يتّبعون إلا الظن }، ويقول أيضاً: { إن الظنَّ لا يغني من الحقِّ شيئاً }.

    وبهذا نكون قد أتممنا شرحَ الشرطِ السادس من شروطِ تحقيق الهدف، وهو وما سبقه من الشروطِ التي مرت بنا يتعلقُ بالتفكيرِ بالنسبة للحالة الإنسانية لحالة أي إنسان في آن ما او أكثر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



  4. #4
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 11

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على رسول رب العالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي الحلقة الحادية عشرة من برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد وصلنا في الحلقة السابقة إلى أن للهدف ستةَ شروطٍ تتعلق بالتفكير وهي: أولاً ـ الإيجابية: أن يكون الهدف مصوغاً بطريقة إيجابية. ثانياً ـ المسؤولية: أن يكون الهدفُ يخصني وأتحمل مسؤوليته. ثالثاً – الوضوح: أين ومتى وما ومع من أريد ما أريده. رابعاً – التأثيرات: كيف يؤثر الهدف الذي أريده على الجوانب الأخرى لحياتي. خامساً - القياس: كيف أعلم أنني حصلت على ما أريد. سادساً – الحواس: هل أن ما أريده قائمٌ على الحواس.

    وسنشرح اليومَ الشرطَ السابع، وهو الإيمان، ويتعلق بالشعور ضمن الحالة المؤلفة كما قلنا. فالتفكير له الشروط الستة الأولى لتحقيق الهدف، والشعور له الشرط السابع من شروط تحقيق الهدف وهو الإيمان، والسلوك له الشرط الثامن وهو العمل. إذن الشرط السابع من شروط تحقيق الأهداف (الحصيلة) هو الإيمان، والإيمان بالمفهوم الغربي يوازي في تراثنا ما يسمى بالرغبة والرجاء في الشيء والقناعة به، أو بمعنى آخر الجذب إليه، وقد يزيد فيكون هوساً بالشيء وتعلقاً في إنجازه، وبدون هذا الشرط أو بالأحرى بدون توفر الحد الأدنى من هذا الشرط الذي يتعلق بالشعور لا يمكن تحقيقُ الهدف.

    هل رأيت إنساناً يهدف إلى شيء غيرِ مقتنع به وغير مؤمن به، لعل هذا لا يمكن ... هنا الإيمان غيرُ الإيمان الذي نقصده نحن في ديننا الإسلامي، والذي يتعلق بالاعتقادِ وتوحيد الله وغيرِ ذلك مما أتى بنصوص ديننا الحنيف بمعنى الإيمان ... وإنما يتعلق بالقناعة بشيء أريده، والسؤال الذي يجب طرحُه: هل أنا مؤمنٌ تماماً بما أريده ؟ أو بعبارة أخرى هل أنا مقتنع تماماً بهذا الهدف، وإذا أردنا أن نتعمقَ أكثرَ نقول: إنه لا يمكن لإنسان من تحقيق أي نجاحٍ في دراسة أو في عمل أو في حياة أسرية أو اجتماعية أو على الصعيد الاقتصادي إن لم يكن يحب هذا الهدف، أو كما يقولون في التنميةِ البشرية: إن هذا الهدفَ يجذبه، وقد شرحوا مطولاً اكتشافَهم لقانونِ الجذب في كتاب (السر) ...

    ويا للأسف ... إن في أعمالنا وحتى في أهدافنا في مجتمعاتنا الحالية ... كثيراً ما نقوم بأعمالٍ وأهداف غيرَ مقتنعين بها ـ لعواملَ شتى ـ وربما كان هذا يعد نفاقاً في العصور الغابرة من الحضارة الإسلامية التليدة .... فلم يكن مقبولاً أن يقومَ الرجلُ بعملٍ غيرَ مقتنع به .... فقد كانوا يعدّون أن من يقول لإنسان تفضل على طعام أو شراب وهو لا يريده أن يأتي من النفاق، وقد قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً }، فما الذي يستطيع إنسان أن يفيدَ به نفسَه أو أهله أو بلدته في هدف أو عمل هو غيرُ مقتنع به. لا يستطيع أن يفعل شيئاً، وإن فعل لا يفيد .... حتى نفسه ... لذلك ترى الكثيرَ من الطلاب في مجتمعاتنا قد درسوا بعد الثانوية في الكلية التي فرضتها عليهم درجاتُهم لا الكليةِ التي يرغبون بها ... أو لأن فلاناً قد دخل هذا الفرع، وهو ليس أقلَ شأناً منه ... وفلانة اشترت شيئاً هو ليس هدفاً لها ولا يحققُ لها أية حاجة ... فقط لأن منافستَها اشترت منه ... ولا أحد خيرٌ من أحد ...

    وللإنصاف نقول: لعل الغربيين في وقتنا هم أكثرُ تطبيقاً لهذا الشرط في أهدافِهم من كثيرٍ من أبناءِ جلدتنا، ولعله سببٌ رئيس في نجاحهم في كثير من أهدافِهم وأعمالهم ... فترى الواحدَ منهم مستمتعٌ وهو يسعى نحو تحقيق هدفِه لأنه يحبه ... لأنه مؤمن به ... لأنه يرغب بتحقيقه، أما في مجتمعاتنا ففي الأعم الأغلبِ على عكس ذلك، وإنما تحكمنا معادلاتٌ أخرى لمحاولة القيام بأهداف لا تعنينا ولا نرغب بها، وقد ذكرنا قبل قليلٍ أن الجيلَ الذي بنى هذه الحضارة الباسقة محصنٌ من هذا المرضِ العضال، وفي الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ سنشرح الشرط الثامن الأخير من شروط تحقيق الأهداف (الحصيلة)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3027



  5. #5
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 12

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده ... لا شريك له ... أبدعُ مصوِّر وحكم معدل، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...

    فهذه هي الحلقة الثانية عشرة من برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد وصلنا إلى الشرط الثامن من شروط التنمية البشرية في تحقيق الهدف والتي هي: 1- الإيجابية: أي هل هدفي مصوغ بطريقة إيجابية. 2- المسؤولية:هل إنه هدف يخصني وأتحمل مسؤوليته. 3- الوضوح: أين ومتى وما ومع من أريد ما أريد. 4- التأثيرات: كيف يؤثر ما أريده على الجوانب الأخرى لحياتي. 5- القياس: كيف أعلم أنني حصلت على ما أريد. 6- الحواس: هل ما أريد قائمٌ على الحواس. 7- الإيمان: هل أنا مؤمن تماماً بما أريده. 8- العمل: وهو الشرط الثامن والأخير من شروط تحقيق الهدف: وهو يعني ما هي بالتفصيل الخطوة الأولى لتحقيق الهدف الذي تريد.

    اكتبْ وابدأ. نعم تحققت الشروط السبعة السابقة لتحقيق الهدف، إذن الشرط الثامن أن تبدأ، وإلا فلن يتحقق شيء. مهندسٌ قرّر أن يبنيَ فيلا على أرضٍ له، ما الذي يفعله بداية؛ يذهب ليأخذَ الترخيص للبناء، إلا أن البلدية لا تقبل أن تعطيَه الترخيصَ قبل أن يأتيَ بالمخططِ الذي سيبني وفقه. إذن الخطوة الأولى من العمل وضعُ مخططٍ البناء، ولابد ليتحققَ الهدف أن تبدأ العمل، ولن يبدأَ العمل بشكل صحيح ...

    ولن يتحققَ الهدف كما ترسم إلا أن تبدأ بالخطوة الأولى من العمل، ولكل هدفٍ خطوته الأولى، فالبناءُ خطوته الأولى ... وضعُ المخططاتِ اللازمة ... والطبخُ خطوته الأولى أن تأتيَ بالخضار ... والدراسة لمادة معينة... خطوتها الأولى الإعداد، وهكذا .... هل رأيت إنساناً يستطيعُ أن يقطعَ الطريقَ بين مدينة وأخرى دون أن يبدأ الخطوة الأولى ... إذن البدايةُ بالخطوة الأولى.
    تكون البداية بالخطوة الأولى الحقيقيةِ التي بدونها لا يمكنُ أن يتجاوزَ الطريقَ أو يبدأ به، فلكي تكونَ الخطوة الأولى يجب أن تكونَ بداية لولاها لما كانت هناك بداية ... وبهذا الشرط الثامنِ من شروط تحقيق الهدفِ (الحصيلة) نكون قد أتممنا شرحَ شروط تحقيق الهدف أياً كان هذا الهدف. هذا في التنمية البشرية المعاصرة ... فما حال أولئك الناسِ الذين أسّسوا لهذه الحضارةِ الإسلامية الرائعة، وكيف استطاعوا أن يتبوءوا صعداً على قممِ الحضارة ...

    إن أيَّ متأملٍ يلاحظ بداية فرقاً واضحاً في الكليات، إن الحالة الإنسانية صحيحٌ أنها تتألف من مركبٍ ثلاثي: (التفكير، السلوك، الشعور)، إلا أن هذه الحالة التي هي هذا المركبُ إنما تتفرعُ عن أصل هو الإنسان، والإنسانُ العاقل المخاطب هو: تفكير وسلوك وشعور، إلا أن الإنسانَ قبل هذه التجزئةِ في حضارتِنا الإسلامية هو رُوح تمثل حقيقة الإنسان، وهي سرٌّ مقدس. ألم تسمع أخي المستمع قولَ الله تعالى مخاطباً ملائكته: { فإذا نفخت فيه } أي في آدم الأول { من روحي فقعوا له ساجدين }. انظر يا أخي كيف نسب الله هذه الروحَ إلى ذاتِه المقدسة ... تشريفاً لهذه الروح وإعلاءً لها، وهي سر الإنسان ... وسر تكليفه، وهي المخاطبُ من الإنسان، وهي المكافأُ من الإنسان أو المعاقب ... فمهما لبِست هذه الروح أقنعة تتقلب فيها ضمن درجات الحياة وتنقلاتها، فهي تبقى السرَّ الباقيَ من الإنسان، وهي مناط التكليف ومحطُّ الوعدِ والوعيد ... فتارة سماها القرآنُ الروح ... وتارة سماها النفس ... وتارة سماها القلب ... باعتبارات شتى. إذن بنيانُ الحضارةِ الإنسانية التنموي بدأ من نقطةٍ أغفلها الغربيون وهي أن البعدَ الروحي للإنسان هو أهم شيءٍ في كيانه { ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3029



  6. #6
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 13

    الحلقة الثالثة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...



    فهذه هي الحلقة الثالثة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد وصلنا في الحلقة الماضية إلى الحديث عن حقيقة الإنسان وجوهره ... بين هذه المخلوقات ... نحن نلاحظ أن الإنسان هو الكائن الوحيد بين كل الكائنات التي نراها من حولنا يتمتع بالعقل الذي يميزه عن باقي الحيوانات العجماوات .... فالإنسانُ يتكون من مركبات ثلاثة (الجسد ... والغرائز النفسية التي يشترك فيها مع كافة الحيوانات ... والروح القابعة في كيانه) ... هذه الروح هي غيرُ الروح التي يتمتع بها سائرُ الحيوانات، هذه الروح تشعُّ على الدماغ فيتشكلُ العقل، وتشع على القلب فينبضُ القلب بالمشاعر والوجدانات التي لا تشاركه فيها باقي الحيوانات، وتشع هذه الروح على الجسد فتحيلُه حركة ونشاطاً؛ فتعلمُ أن هذا الإنسانَ ينبض أمامك بالحياة ... فمهما شعتْ روحُ الحيوان على دماغه لا نجد لها عقلاً، وإنما نجد لها غرائزَ تسير وفقها وعلى هداها ...

    ولنلاحظْ كيف بيّن الحق ـ جل وعلا ـ هذا التكريمَ الذي كرّم به الإنسانَ، فقال عن أبينا آدمَ عليه السلام ـ مخاطباً وآمراً ملائكته بالسجود له ـ: { فإذا سويته } أي آدمَ { ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }، ونلاحظ هنا كيف أن الحقَّ ـ سبحانه وتعالى ـ نسب هذه الروحَ إلى ذاتِه العلية تشريفاً وتقديساً، فقال: { روحي }، وياء النسبة هنا تدل على التكريم والتشريف ـ كما يقول علماء العربية ـ بسر هذه الروح التي كرم الله بها الإنسان ... كرم الإنسان ... وصار صالحاً لتلقيَ الخطاب وصالحاً لإقامةِ الحضارة الإنسانية المثلى، قال تعالى: { إني جاعلٌ في الأرض خليفة }، وقال أيضاً: { هو الذي أنشأكم من الأرضِ واستعمركم }، أي كلفكم بعمارتها....

    وما هو الإسلام ؟ ... باختصار هو مائدةٌ غنيت بكل ما يصلح لهذا الكائن البشري من غذاء ودواء، فيها طعامٌ للجسد؛ لينموَ ويصلحَ شأنُه، وفيها طعامٌ للغرائز؛ لتعتدلَ وتقضيَ هذه المهمة الإنسانية المنوطة بها، وفيها غذاءٌ للروح ... وإن شئت قلت: (غذاءٌ ودواء للعقل) ... وإن شئت قلت: (غذاءٌ ودواء للقلب) ... وإن شئت قلت: (غذاء ودواء للشعور) ... وإن شئت قلت: (غذاء ودواء للسلوك). لكنِ المطلوبُ أن يأخذَ كلُّ مركَّب من مركبات هذا الإنسان غذاءَه الخاص به، دون أن يطغى ويكبرَ هذا الجزءُ على حساب الأجزاءِ الأخرى ... ويجب أن يكونَ للروح أيضاً غذاؤها؛ ليقودَ هذا المركِبَ الكامل إلى برِّ الأمان. قال تعالى: { قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }.

    نحن حقاً لا يمكن أن نتوصلَ إلى ماهيّةِ الروحِ وحقيقتِها، ولكننا نستطيعُ أن نتعرّفَ على آثارِ هذه الروحِ المتجليةِ علينا، وقصةُ هذه الروح ... قصةُ أشجان، هي من عالمٍ غيرِ عالمِ المادة ... من عالمِ الأمر كما وضعها الله تعالى في القرآن الكريم، أتى بها من عالمِ الملإِ الأعلى وأُهبطت بأمرٍ من الله تعالى إلى هذا القفصِ الجسدي لتُحبَسَ فيه إلى حين، وتخوضَ هذه التجربة البشرية { إنا عرضنا الأمانة على السمواتِ والأرض والجبال فأبينَ أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً }، فالروحُ هي سرُّ الإنسانِ وجوهرُه، وهي المخاطبُ والمكلفُ والمعاتب والمحاسب ... وهي التي سمّاها القرآنُ على اعتباراتٍ تارة: (النفس)، وتارة: (القلب)، وتارة: (العقل)، وتارة: (الروح)، وتارة: (الإنسان). فكيف كانت التنمية البشرية في جيلِ الحضارة الإنسانيةِ لمسمّى الإنسان على ضوءِ مـا ذكرناه عن الروح ؟ .... هذا ما سنبحثه في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3031



  7. #7
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Cool الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 14

    الحلقة الرابعة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، والصلاة والسلام على خير البشر، وعلى آله وصحبه أجمعين، صلاة وسلاماً متلازمين إلى يوم الدين. أعزائي المستمعين ... إخوتي وأخواتي .... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي الحلقة الرابعة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد حط بنا المطاف في الحلقة الماضية عند سؤال طرحناه وهو: كيف كانت التنمية البشرية في الجيلِ الذي أسّس للحضارةِ الإسلامية على ضوء ما ذكرناه بأن الروحَ هي سرُّ الإنسان وجوهرِه، وهي الآمرةُ في كيانِه، والباقي لها خدم وعون ...


    قلنا: هذه الروحُ هبطت من عالم الملإ الأعلى ... عالمِ طهرٍ ونقاء ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ كلّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواهُ يهودانِه أو ينصرانه أو يمجسانه ]، ولم يقل أو يسلمانه... لأنه على الفطرة، ولو خليت الروحُ وما كانت عليه لم تحتج لأي عناءٍ على طريق الاستقامةِ والهدى والدين ... لكنْ لما أُنزلت هذه الروحُ إلى عالم الملك ... إلى عالم الشهادة كما بيّن ذلك القرآنُ الكريم اختلطت بها غرائزُ النفس، وصارتِ الغرائزُ النفسية مع الروحِ تسمى بالنفسِ الإنسانية ... تماماً كما لو أتينا بكأسِ ماءٍ عذب رقراق وألقينا فيه شيئاً من الأتربة، يتغيرُ الماء بهذا الوافدِ عليه ... لكنه يصبح معه كتلة واحدة.

    هذه الأتربة هي بمثابةِ الغرائز النفسية، وهذا الماءُ الصافي هو بمثابةِ الروح، وأصبح اسم المركب كله النفس ... مع أخذ العلم بأن الغرائزَ النفسية وُجدت في الإنسان لحكمةٍ بالغة ... فميلُ الذكر للأنثى هو لحفظ بقاءِ العنصر البشري ... والجوعُ لقيام الجسدِ والحفاظ عليه... وهكذا فالصفاتُ النفسية ... يُطلب منها أن يكون الإنسان على حدِّ الاعتدال لا يُفرِط ولا يُفرِّط، وعند الاعتدالِ في هذه الصفات يكون الإنسانُ عندئذٍ على خُلقٍ حسن، فالإنسانُ ذو هيئةٍ ظاهرة له، وله هيئةٌ باطنة ... أما هيئتُه الظاهرة فقوامُها في الوجه مثلاً أربعةُ أركان ... العينان والأذنان والفمُ والأنف ... فلو افترضنا أن رجلاً ما أوِ امرأة كان غاية في الجمال أو كانت غاية في الجمال ... ثم طرأ معه أو معها طارئٌ ـ والعياذ بالله ـ خسرَ معه ركناً من هذه الأركان الأربعة، كأن قُطع أنفُه أو ذهبت عينه، فما الذي يبقى من هذا الذي يسمى جمالاً ...

    إذن أُوْلى درجات الحسْن الذي لا حسْن دونه أن توجدَ هذه الأركانُ الأربعة وباعتدال، ثم تأتيَ بعد ذلك الزيادةُ في درجات حسن الوجه ... وكذلك للهيئة الباطنة للنفس أربعةُ أركان. هذه القوى هي: قوة العقل - قوة الشهوة - قوة الغضب - وقوة العدل: أربعة قوى: ـ عقل ـ شهوة ـ غضب ـ عدل ... هذه القوى في باطن النفس البشرية هي بمثابة أركانٍ لهذه الهيئة الباطنة للإنسان ... كما أنّ للهيئة الظاهرة للإنسانِ أركاناً أربعة؛ هي قوة العقل وقوة الشهوة وقوة الغضب وقوة العدل، فلو اِجتثت أية قوة من هذه القوى من الإنسان ... لو نقص أي ركن من هذه الأركان الأربعة ... أو لو تضخم كثيراً أي ركن من هذه الأركان الأربعة: العقل والشهوة والغضب والعدل، لو تضخم أو تلاشى لكان هناك تشوهٌ وقبح في الهيئة الباطنة للنفس الإنسانية، وسنشرح ما تعنيه هذه الأركانُ الأربعة، وكيف اعتدالُها في الحلقةش القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3034



  8. #8
    مشرف المدربون المعتمدون الصورة الرمزية Ibtihal Alzaki
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    سودانية الجنسية مقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    1,621
    معدل تقييم المستوى
    36

    افتراضي

    خبر أسعدنا كثيرا ،سلسلة مفيدة إن شاء الله ، أدامك الله علما ونفع بك الأمة


    التعديل الأخير تم بواسطة Ibtihal Alzaki ; 19-Sep-2009 الساعة 10:28 AM
    كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي
    وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي



    ^______________^ ودمتم سالمين

  9. #9
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 18

    الحلقة الثامنة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ... فأحمدُ إليكمُ الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبالإخلاص لوجهه تؤتي أكلَها وتتنامى خيراتها، وأصلي وأسلم على حبيب رب العالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    وصلنا إلى الحلقة الثامنة عشرة من حلقات برنامجكم: [مفاهيمُ في التنمية البشرية بين لأصالة والمعاصرة] ..... وقد قلنا فيما مضى أن التنمية البشرية في تراثِ الحضارة الإسلامية على الصعيد الفكري والمعرفي أتت نسجَ شبكةٍ عريضة واسعة. أتت لتشملَ كلَّ الناس، مما يؤهلهم بعد ذلك أن يسعَوا بدورهم لتقديم ما لديهم حسب مهاراتِهم وتخصصاتهم ضمن هذه الشبكة المثلى.

    الإنسان كما قلنا هو عنصرٌ من عناصر الحضارة ... اهتمَّ القرآنُ بالإنسانِ ما لم يهتمَّ بكائنٍ آخرَ فنزلت أولُ آيةٍ على خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم: تشرح له أصلَ وجودِه: { اِقرأ باسمِ ربك الذي خلق خلق الإنسانَ من علق } ... وخاطبَ القرآنُ الناسَ جميعاً بقصةِ نشأتِهم فوقَ هذه الأرض، وكيف خلقَ اللهُ أباهم آدمَ عليه السلام، ومنزلته بين سائر مخلوقاته. والتكريمُ الذي حصل عليه حتى على ملائكته ...

    والواقع لدى التأملِ في هويةِ الإنسان وكيف أتت في ديننا، وبالتالي رُبيَ عليها الفردُ المسلم ونمّيَ ذاتياً على أساسها هو أمام صورتين ... صورةٍ تشدُّه إلى الأعلى ... وصورةٍ تشدُّه إلى الأسفل؛ كأن تشجع المدرسة الطالبَ للتفوق ... وبالوقت ذاته تتوعدُه على تقصيره ... الصورةُ الأولى، بل الحقيقة الأولى أن يركز البيانُ الإلهي في القرآنِ بأساليبَ شتى على أن الإنسانَ مخلوقٌ تافه، أصله الأولُ من تراب؛ قال تعالى: { فإنا خلقناكم من تراب }، وأصله الثاني بالتوالد؛ قال تعالى عنه: { ثم من نطفة }، بل أكثر من ذلك يقول تعالى: { من ماء مهين } ... { فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماءٍ دافق يخرج من بين الصلب والترائب } ...

    ويقول أيضاً: { قتل الإنسانُ ما أكفره من أي شيءٍ خلقه من نطفة خلقه فقدّره ثم السبيلَ يسره } ...

    { إنا خلقنا الإنسانَ من نطفةٍ أمشاجٍ نبتليه ... فجعلناه سميعاً بصيراً } ...
    ثم وإن طالت به الحياةُ سيعودُ إلى أرذلِ العمُر { لكي لا يعلمَ بعد علمٍ شيئاً } ...
    فإن أيَّ متأملٍ لتعريف الهويةِ لتعريف الذات ..... يذل ويطامن ... وينمحي منه الكِبرُ والشموخ والأنفة ... بل على العكس ... لن يعاند ... لن يخاصم ... هذا علاوة على عدم وقوعِه في شركِ التخمينات وإضاعةِ الوقت بها فيما يتعلق بنشأته ... وبنظرياتٍ ما أنزل اللهُ بها من سلطان ... لا تغني عن الحق شيئاً، ثم يضعه أمامَ حقيقتِه الثابتة التي ذكرناها سابقاً في الحلقات الماضية ... بأنه المخلوقُ المكرّم على سائر المخلوقات ... وأن اللهَ أسجدَ إليه ملائكتَه ... متمثلاً في شخص أبيه آدم عليه السلام ... وقد شرّفه الله بالخلافةِ ليقومَ ببنيان الحضارةِ على أسسِ العدالة ...


    وقلنا أنه الكائن الوحيدُ الذي شرّفه الله بالعقل والتفكيرِ والقدرة على إدارةِ الأمور قال تعالى: { وعلم آدمَ الأسماءَ كلها }، نعم علمه الله كلَّ الأسماء { ثم عرضهم على الملائكةِ فقال أنبئوني بأسماءِ هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم }، وقال تعالى: { علم الإنسان ما لم يعلم } ... وقال أيضاً { ولقد كرّمنا بني آدم } ... وقال أيضاً: { وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً } إذن ... فالله عزّ وجلّ عرّف الإنسانَ بقصةِ نشأته وأعلمه أنه مخلوقٌ تافه من حيث النشأة، قال تعالى: { هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً } ...

    فهو لا شيءَ بالنسبة حتى لوجودِه من ماءٍ مهين ... من تراب ... من طين لازب ... ثم عرّفه بأنه قد نفخَ فيه من روحه وأعلن أنه كرّمه ... ثم جمع بين الأمرين في قوله: { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .... ثم رددناه أسفل سافلين ... إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ... إلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



  10. #10
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 19

    الحمد لله رب العالمين ... وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...



    فهذه الحلقة التاسعة عشر من برنامجكم: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد قلنا في الحلقة الماضية أن الإنسانَ في ذاتِه عبد مملوك لله تعالى خُلق من ضَعف، وينتهي إلى ضعف ... ولكنه نظراً للرسالةِ التي حمّله الله إياها يتمتعُ بصفاتٍ نادرة خصّه اللهُ بها...

    وعن ذلك قال تعالى: { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً } ... أورث الله الإنسانَ العقلَ والتفكير، وسخّر له كثيراً من الحيوانات والمخلوقات ... وغرس في كيانه حبَّ الذات ... والأنانية ... حبَّ التملك ... حريةَ اختيار الأشياء ... زوده بالطاقة والقوة ... والتخطيطِ والترتيب ... والقدرةِ على اتخاذِ القرار بعكس ما تقتضيه الغريزة ... وهذا أمر لا يتوفر في باقي المخلوقات ... والواقعُ أن هذه الصفاتِ التي تمتعُ بها الإنسانُ هي فيوضاتٌ من صفاتِ الربوبية ... أنعم الله بها على الإنسان ... ليستعينَ بها على القيام بمهمته ... هذه المهمةُ هي في قوله تعالى: { هو أنشأكم من الأرضِ واستعمركم فيها } ...
    وحاصل هذه التبصرةِ والرؤية عن عنصر الحضارةِ الأبرز (الإنسان)؛ أن الإنسانَ الذي يعيشُ وهو لا يدركُ إلا ضعفَه وعجزَه وتفاهته وهوانَه، وهو أنه ... مع مرورِ الوقتِ يركنُ إلى الضعفِ والذل والهوان ... ويكون ضحيةً لأي طغيان ... ويستخفُ به الناس ... وتراهُ لا يعرف كيف ينقلُ نفسَه من حالِ ذلها هذا ... ذلك لأنه يعيش فيه ... في داخلِه ... وتراه عاجزاً ... عن القيامِ بأي خدمةٍ إنسانية ... وعاجزاً عن القيامِ بأي بنيانٍ حضاري ... يعيش على هامشِ الحياة ... وأيضاً من عاش ... وهو لا يعرفُ من ذاتِه إلا صفاتِ التكريمِ التي في كيانه ... وما يعطيه الحقَّ بأن يبسطَ نفوذه وسلطانَه على كل ما حوله وما دونه ... حريٌّ به أن يسكرَ بنشوة تلك الصفاتِ التي هي فيوضاتٌ من صفاتِ الربوبية ... ثم يبسطَ قهرَ ربوبيته الزائفة على سائر المستضعفين ... وهنا يكمنُ التطرُفُ في حالة الإنسانِ الأول ... إلى الذلِّ والمهانة ... والخضوعِ، وفي حالة الإنسانِ الثاني إلى الصلفِ والتجبُّر. وانطلقتِ القصةُ كلها من أنه لم يفهمْ هويتَه بشطرَيها الأرضي والعلوي ... وبالتالي لن يعيَ مهمته الحضارية الملقاةَ على عاتقه ... ونلاحظُ أن القَصصَ القرآني كثيراً ما ذكر هذه الحالة الإنسانية ... قال معبراً عن حالةِ فِرعونَ وكبْرِه وحالِ قومه معه: { فاستخفَّ قومَه فأطاعوه } ... فهو يرسمُ صورةً لاستخفافِ فرعونَ بالناسِ وتكبرِه عليهم ... وذلك لشعوره بتكريمِه ... وعدم الانتباهِ للشطرِ الأول من حقيقتِه التي تتمثلُ بتفاهته وضعفِه ... وكذلك قومُه يرسمون صورةً أخرى أطاعوه من خلالها ... هي استشعارُهم لحقيقةِ ضعفهم ومهانتهم ... وعدم انتباهِهم للشطر الثاني من حقيقتهم التي تتمثلُ بتكريمِ الإنسان ... وفيوضاتِ صفات الربوبية التي متّعه الله بشيءٍ منها ... فما فسدت هذه الأرضُ يوماً بسببِ كوارثَ طبيعيةٍ ... ولا بسوءٍ ألمَّ بها من هياجِ الحيواناتِ والوحوش ... وإنما استشرى بها الفساد ... يوم تاه بنو آدم عن هويتهم بشقّيها ... فتألّه الأقوياء ... وذلَّ الضعفاء ... وخرج بذلك كل فريقٍ عن حدودِ إنسانيته، الأول نحو التعالي والتجبرِ على الأرض ... والعتوِّ والطغيان ... والثاني نحو الخنوعِ والخضوع وتقبلِ الهوان ... فتقطعت سبلُ التعاون ... وظهرتِ الحروب ... وكثرتِ الضغائنُ بين الناس ... وكثرَ الحسدُ والحقد وهكذا دائماً في الماضي ...

    والحاضر ... وفي المستقبل ... في الغرب ... والشرق ... وفي الشمال والجنوب ... هكذا دائماً هي قصةُ الفساد ... يتعددُ شكلُ الفسادِ ويتنوّع ... إلا أن جذورَه هي هذا الضياعُ عن الهوية ... إذن أول تنميةٍ بشرية كانت للجيلِ الذي بنى وأسس للحضارةِ الإسلامية ... كانت تعريفَه بهويته، وإلى اللقاء في الخلقة القادمة إن شاء الله تعالى، واسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3048



صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178