موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
الأرقام والذاكرة الهائلة
الأرقام والذاكرة الهائلة
منذ وقت ليس ببعيد, كنت أزور مدرسة ابتدائية في "كونيكتيكت". وفي أحد الفصول سألت طالبا عن حاصل ضرب 7 في 7. فتح درج مكتبه والتقط آلة حاسبة وأجرى العملية الحسابية. سألته: "هل تستعمل الآلة الحاسبة خلسة داخل الفصل؟". أجابني "لا, لا. من المفترض أن نجلب الآلة الحاسبة إلى الفصل". اتسعت عيناي من فرط الدهشة. سألته:" من المفترض جلبها في درس الرياضيات؟". نظر إلىّ وكأنني قادم من المريخ قائلاً: "نعم, فكيف يتسنى لنا إجراء العمليات الحسابية بدونها؟".
لقد جعلنا حقًا عقولنا تصاب بالصدأ، ولعل أكبر دليل على ذلك هو الأوقات التي نجرى فيها العمليات الحسابية. فأنا في بعض الأحيان أجد صعوبة في تصديق إلى أي مدى أصبحنا كسولين مع الأرقام والى أي مدى أصبحنا خائفين منها. وأنا لا أتحدث فقط عن الأطفال في المدارس. فالكثير من البالغين لا يستطيعون إجراء عمليات الجمع للبسيطة داخل عقولهم. ودون استخدام للآلة الحاسبة لا يستطيع الكثيرون منا موازنة شيك مصرفي. كما نحتاج للآلة الحاسبة لإجراء عمليات الضرب والقسمة البسيطة كذلك, وأي شيء أكثر تعقيدًا بشكل طفيف يبدو أكبر من قدراتنا. وصدقني إذا قلت. إن هناك ثمن ندفعه لقاء ما نفعله هذا. فتمامًا كما يدفع جسمك ثمنًا حينما لا تمارس التمرينات الرياضية، يعانى عقلك كذلك حينما لا تستخدمه.
فإجراء العمليات الحسابية في عقولنا- عوضًا عن استخدام الآلات الحاسبة- يجب أن يكون هو النهج الذي ننتهجه جميعاً. فتلك طريقة عظيمة لحث الناقلات العصبية على الاستمرار في إطلاق تلك الوسائل الكيميائية داخل المخ واضفاء الحيوية والنشاط على مسارات التفكير. وكلما أكثرت من إجرائها، ازدادت سرعة ووضوح عملياتك العقلية. وتلك هي الرسالة التي ظللت أؤكد عليها طوال هذا المقال.
ولكن لابد لي من الاعتراف بأن هناك سببًا وراء استخدامنا المحموم للآلات الحاسبة. فبالنسبة للعديد منا لم يكن تعلم الأرقام بالأمر الهين والسهل- وبالطبع ليس بالأمر الممتع. ودعونا نأخذ جدول الضرب مثالاً لنا، فقد أخبرني العديد من المعلمين أن تعلم الضرب هو أكثر الخبرات التعليمية صعوبة بل ومأساوية بالنسبة للعديد والعديد من الطلاب. لماذا؟ لأنها- شأنها شأن المفردات اللغوية والعديد من الأشياء الأخرى - يتم تعليمها باستخدام أسلوب الحفظ عن طريق التكرار. وكما اعتدت أن أقول دومًا فإن التكرار ليس فقط مملاً ولكنه لا يعد طريقة فعالة في تحفيز خلايا المخ. فالحفظ يعد من أكثر الأمور المثيرة للرعب بالنسبة لتلاميذ المدارس.وأنا أعتقد أن هناك طريقة أفضل.
تَعَلُّم جداول الضرب
ما هو حاصل ضرب 4في 3؟ اليك إجابتي:
تصور المشهد التالي في مخيلتك: أنت تقف خارج منزلك إلى جوار سيارة والدك الجديدة مباشرة. أنت غاضب، لذا تقوم برفع مقعد لا ظهر له وتضرب به صندوق السيارة. تقوم بذلك مجددًا، ثم مجددًا. فجأة يظهر والدك عند باب المنزل. وبعد أن يرى ما فعلته يظن أنك قد جن جنونك. وهو يشعر بالغضب كذلك بسبب ما فعلته لتوك بالسيارة. وقد كان يمسك بسلة كبيرة من البيض في يده، فيبدأ بإلقاء البيض عليك: تصبح "لا يا أبي! لا تلق علىّ البيض! "ولكن في ذلك الحين تصيبك بيضة في ظهرك. وتمسك ببيضة أخرى ألقاها والدك عليك وتقذفها نحوه. تصيبك بيضة أخرى في مؤخرة رأسك. الآن أصبح البيض يغطي وجهيكما.
الآن أنا واثق من أنك إذ ا أدليت بهذه الإجابة لحاصل ضرب أربعة في ثلاثة لمعلمة حساب للصف الرابع في فصلك سوف تظن أنك قد جننت كذلك. ولكن هل يمكنك أن تخمن ماذا فعلنا للتو؟ لقد ابتكرنا صورة للمسألة الحسابية.
فكر في قائمة الشجرة. ما الرقم الذي يمثل السيارة بالقائمة؟ 4. ما رقم المقعد الذي لا ظهر له؟ (3). ما رقم البيضة؟ (12). وحاصل ضرب 3x4 هو 12. لقد قمت بابتكار هذا المشهد في حوالي ثلاثين ثانية وبإمكانك القيام بهذا أيضًا.
ولكي تتعلم أو تعلمَّ شخصًا آخر جداول الضرب, عليك أن تتبع خطواتنا الثلاث الرئيسية لتذكر أية معلومة. فأنت تحتاج مشجبًا لكل رقم، بعد ذلك تقوم بابتكار صورة لكل رقم ثم تضع الصور معًا باستخدام الحركة. وفي المثال أعلاه استخدمت عناصر من قائمة الشجرة كمشاجب. يمكنك أيضًا أن تستخدم قائمة المنزل أو قائمة الجسم.
دعنا نجرب مثالا آخر:2x4=8. باستخدام قائمة الجسم. أغلق المقال وابتكر صورة لهذه العملية الحسابية الآن.
إليك العملية الحسابية الخاصة بي: أنا أسير في الشارع وفجأة أشعر بوخز في ركبتي. أنظر للأسفل فأجد بعوضة كبيرة وردية تجز حول ركبتي في استعداد للهجوم. دفعتها بعيدًا، فماذا فعلت؟ وقفت على مؤخرتي. دفعتها بعيدًا فوقفت على وجهي. صفعت وجهي ولكنني أفلتها لتعود لتقف على ركبتي. وأخذت أنا وهي نطارد بعضنا البعض وأنا أشعر بوخز في ركبتي ومؤخرتي وألم في وجهي نتيجة لصفعي لها.
إنه أمر بسيط. ركبتان، مؤخرة، وجه 2x4= 8. إن ابتكار هذه القصص ليس أمرًا ممتعًا فحسب ولكنه سهل كذلك. والتفكير في تفاصيل القصة يجعل عقلك يعمل بتلك المستويات الإبداعية الأعمق، حتى يمكنك تذكر الأجوبة بالفعل. فحينما تبتكر تتوصل للمعرفة.
إننا جميعًا نحب فعل ما نتقن فعله. فإن كان الأطفال يبلون حسنًا في المدرسة فسوف يحبون الذهاب إليها. وان كانوا يتقنون ممارسة كرة السلة فسوف يحبون ممارستها. وإن كانوا يتقنون تذكر المعلومات اللازمة لاجتياز الاختبارت فسوف يحبون القيام بذلك. ونفس الشيء ينسحب على أي شيء آخر تحاول تذكره. حول أي شيء إلى صورة وضع كلتا الصورتين معًا باستخدام الحركة. وبعد بضع ثوان سوف تلتصق المعلومات بالذاكرة. وأنا واثق من أنه باستطاعتك التفكير في المزيد من الأمثلة.
المفضلات