الأشياء المختلفة لها معاني مختلفة لأشخاص مختلفين. فإذا قلت شيئاً لشخص قد تضحكه، وإذا كررته لشخص آخر قد تغضبه منك - أولهما يضحك وثانيهما يغضب - ما معنى هذا؟ والإجابة هي الإدراك - والإدراك السلبي يولد الانفعالات السلبية.

كنت قد نظمت مؤتمراً في الشرق الأوسط، وفي سياق الحديث استعملت كلمة «حمار» وخلال الاستراحة، جاء لي أحد الحاضرين قائلاً: «ليتك تكف عن استعمال كلمة حمار». فاندهشت إلى حد ما وسألته عن السبب - فقال لي إن هذه الكلمة لها صدى سلبي وغالباً تعتبر مسبة.

وحاولت إيجاد تعليل أكثر عمقاً للوصول إلى جذور ما كان يعتبره مسبة. فأجاب: «لأن هذا هو المتبع هنا».فشرحت له أنه قديماً كانت الحمير تستعمل كأداة ووسيلة للنقل والتنقل. وكانت هذه الحيوانات تعود بمفردها إلى القرية، وتعمل لمدة ساعات طويلة دون أن تشتكي، وتأكل ما كان يعطى لها من طعام، وتنام في المكان الذي كان مفروضاً أن تنام فيه - ثم قلت:
«يبدو أن الحمار شريك طيب وذكي ووفي - فلمَ النظرة السلبية إلى هذا الحيوان؟».. فضحك الشخص قائلاً: «لم أنظر أبداً إلى الموضوع من هذه الناحية، دكتور الفقي».. وبينما راح يحضر فنجان قهوة قال: «أتدري أني أرغب في شراء حمار الآن». وضحك كلانا.

ولنرى الآن ما حدث - بسبب التربية التي نشأ عليها ولأنه كان قد تبرمج بطريقة معينة، كانت لبعض الكلمات معاني خاصة متصلة بها، تثير فيه الغضب والاستياء إذا ما لفظت في حضوره. من المحتمل أن تكون هذه العقلية قد منعته من بلوغ أهدافه. لم يتوقف أبداً ولو مرة واحدة للتساؤل: «هل هذا البرنامج القديم صالح لي؟».. «هل يساعدني على التقدم واستغلال طاقاتي الكامنة لتحقيق أهدافي؟».

افعل شيئاً بخصوص برنامجك القديم، انتقده وعند اللزوم غيره. لا يأخذك ما أسميه «الفخ الثقافي»، مثلما يدعي بعض الناس «هذا ثقافي». ذلك لأن إدراكك العقلي المرتبط ببرمجة قديمة قد يكون هداماً.







المرجع: فن الاتصال اللامحدود
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 2001
رقم الصفحة: 60-61
كلمات مفتاحية: إطار الإدراك – تغيير – تأثير البيئة – برمجة العقل
أرسل بواسطة: بهاء الشيخ علي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=282