لم يكن "ريتشارد برانسون" طالبا متفوقا بالمدرسة،كما يعتقد البعض. فقد كان يعاني من مرض عسر القراءة، وكان يجد صعوبة في قراءة المناهج الدراسية، وقد كان يشعر بحرج شديد لضعف قدرته على القراءة لدرجة أنه كان يقضي الساعات في حفظ النصوص كلمة بكلمة عندما كان يعرف أنه سيطلب منه القراءة أمام الآخرين. وكانت درجاته في اختبارات تحصيل الذكاء منخفضة، وكان مدرسوه يرون أنه ليس ذكيا.

كيف استطاع "ريتشارد برانسون" الخروج من هذا الموقف غير الواعد الذي كان يعاني منه في الطفولة، ليكون العقل الدبر الذي وقف خلف 150 مشروعا و التي تحمل شعار "فيرجن"Virgin "، و لتصل ثروته إلى ما يقدر بثلاثة مليارات دولار؟

لقد فشلت اختبارات حاصل الذكاء في قياس طموحه الشديد، والذي قاده إلى إيجاد حلول إبداعية بغض النظر عن كنه المشاكل التي تواجهه، وحثه على المثابرة بينما يستسلم الآخرون قبله بوقت طويل. كما أن هذه الاختبارات لم تحدد قدرته على مشاركة الآخرين في تصوراته، و أحلامه الإبداعية، وخلط أحلامهم بأحلامه. وحينما كان في سن المراهقة، أصيب "ريتشارد برانسون" بالإحباط الشديد (حال كل العباقرة!) بسبب جفاف قواعد و مناهج المدرسة. و كان أول عمل في ثورته الابداعية هو أن أنشأ أول صحيفة طلابية خاصة به.
طالب يعاني من مرض عسر القراءة ينشئ صحيفة؟!..نعم!

كانت الطريقة التي أدار بها "برانسون" الصحيفة هي أنه بدلا من التركيز على المدرسة قرر تبني وجهة مناقضة، وركز على الطلبة. و بدلا من أن يجعل صحيفته نسخة من الصحف المدرسية الجافة، أراد "ريتشارد" أن تكون صحيفة نابضة بالحياة و مثيرة، بحيث تجذب إعجاب الجميع، وخاصة المؤسسات الكبرى التي يمكن أن تنشر إعلاناتها فيه!

لقد قرر "برانسون" كسر القوالب الجامدة، ولم يقصر الكتابة في الصحيفة على الطلاب، بل دعا نجوم الغناء و السينما، والمبدعين، ونجوم الرياضة، و أعضاء البرلمان للمشاركة في الكتابة في الصحيفة.

و مع ذلك فان "ريتشارد" وصديقه "جوني جيمس"، الذي يتولى رئاسة التحرير بالشراكة معه، قد بدأ من الصفر، حيث لم يكن معهما سوى 4 دولارات لتغطية نفقات البريد و الهاتف، تبرعت بها أمه! وقد عمل الاثنان في مرآب "برانسون" و قترا على نفسيهما،وادخرا قدر استطاعتهما. لكنهما لم يبخلا على حلمهما الإبداعي، الذي ظل بمثابة قوة حافزة لهما.

وكان مدير المدرسة (والذي يبدو أنه أدرك أيضا أن اختبارات حاصل الذكاء قد تكون خاطئة) قد تنبأ له بمستقبل باهر، حيث قال له يوما :"تهاني يا برانسون. أتنبأ لك بأنك إما ستذهب إلى السجن، أو تصير مليونيرا".

ومنذ ذلك الحين فصاعدا، توسع "برانسون" في فكرته المبتكرة، حيث أنشأ شركات جديدة، وابتكر منتجات جديدة، واستنبط أفكارا جديدة، وظل دائما يفكر في أحلام الآخرين. وتعد شركته "فيرجين ايرلاينز" مثالا حيا على تطبيقات الإبداع، فبدلا من الوقوع في براثن أسعار السفر الآخذة في الهبوط، وتقليل مستوى الخدمة، قرر مرة أخرى مخالفة التفكير المألوف بتثبيت أسعار التذاكر، ورفع مستوى الخدمة، و التي شملت تلك الأفكار المبتكرة مثل جلسات التدليك أثناء الطيران، وتناول الآيس كريم أثناء مشاهدة الأفلام، والاستحمام، وغرف التمارين الرياضية، وغرف النوم الخاصة.

ويعزو "برانسون" نفسُه نجاحَه- الذي يعرف بأنه شعلة نشاط، وإنسان نابض بالحياة، ومبدع بشكل غير عادي- إلى قدرته على توليد وإتباع تصورات إبداعية عظيمة، وقدرته على إدراك نفس الشيء عند الآخرين، وجعلهم جميعا.. كفريق.. يتبعون أحلامهم.








الكتاب الأمثل لخرائط العقل -أطلق العنان لقدراتك الابداعية -قوّ ذاكرتك -غيّر حياتك
توني بوزان
الفصل الرابع تمارين عقلية للنجاح الذهني.
الابداع و الذاكرة
نجم مبدع -ص122
مكتبة جرير -الطبعة الأولى 2007
الكلمات المفتاحية: تقدير الذات، التطوير، الإصرار، الإدراك العقلي، الإبداع، النجاح، التصورات الإبداعية، تحقيق الأحلام، التخطيط، المثابرة.
أرسل بواسطة: نادية آمال شرقي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=788