السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا كتاب
سحر البلاغة وسر البراعة للثعالبي
و هو من أمهات كتب اللغة والبلاغة و الأدب , فيه من اللطائف و الأسرار اللغوية الشيء الكثير ....
إذا قرأته لا تملك إلا أن تقول بأن لغة العرب أعظم لغة على الإطلاق , بما حوته من دقة في إختيار الألفاظ على حسب الأحوال و المقامات ...
كتاب لا يمل القارئ من قراءته ... فاخترت لكم بعضا من فصوله
ذكر البلاغة والبلغاء
ليست البلاغة أن يطال عنان القلم أو سنانه، ويبسط رهان القول أو ميدانه، بل هو أن يبلغ أمد المراد، بألفاظ أعيان ومعان أفراد، من حيث لا مزيد على الحاجة، ولا إخلال يفضي إلى الفاقة. البلاغة ميدان لا يقطع إلا بسوابق الأذهان، ولا يسلك إلا ببصائر البيان. فلان يعبث بالكلام، ويقوده بألين زمام، حتى كأن الألفاظ تتحاسد في التسابق إلى خواطره، والمعاني تتغاير في الانثيال على أنامله. فلان مشرفي المشرق، وصيرفي المنطق، البيان أصغر صفاته، والبلاغة عفو خطراته. كأنه أوحي بالتوفيق إلى صدره، وحبس الصواب بين طبعه وفكره. فلان يحز مفاصل الكلام، ويسبق فيها إلى درك المرام، كأنما جمع الكلام حوله حتى انتقى منه وانتخب، وتناول منه ما طلب، وترك بعد ذلك أذناباً لا رؤوساً، وأجساداً لا نفوساً.
في وصف البساتين
بستان رق نوره النضيد، وراق ورقه النضير. بستان غصنه خضر، وربعه خصب، ونوره نضر، وماؤه خصر. بستان كأنه أنموذج الجنة. بستان لا يحل لأريب أن لا يحل به. بستان أرضه للبقل والريحان، وسماؤه للنخل والرمان. بستان أنهاره مفروزة بالأزهار، وأشجاره موقرة بالثمار، أشجار كالعذارى يسرحن الضفائر، وينشرن الغدائر. أشجار كأن الحور أعارتها قدودها، وكستها برودها، وحلتها عقودها.
ذكر النعاس والنوم
شرب كأس النعاس، انتشى من خمر الكرى، خاط النعاس جفونه، أخذ الكرى يجشمه، بل ثقل رأس، وتقاضي نعاس، عسكر النعاس بطرفه، وخيم بين عينيه وجفنه. خاض ضحضاح الكرى، ملأ النعاس جفنه، وشغل عينه. مال مع النعاس. مس النوم مقلته. غلبته عيناه. كأن النعاس يطالبه بدين. غشيه نعاس الوحدة، ضرب على أذنه وقد ملأ عينه، غرق في لجة الكرى. تمايل من سكرة النوم. غفوة كحسوة الطآئر، نومه كلا ولا قلة، وكتصفيفة الطآئر خفة، كحل الليل الورى بالرقاد، وشامت الأجفان أعينها في الأغماد، عبث الكرى بهم، وأرخى مفاصلهم، وأمال أعناقهم.
هذه بعض النماذج ...
و اليكم الكتاب كاملا
المفضلات