يرجع تاريخ التبادل والاتصال بين الأمة الصينية والأمة العربية إلى زمن 'طويل وقد دخلت اللغة العربية إلى الصين مع دخول العرب إليها.
وقد ورد في "سجل التاريخ" الصيني أن دولة داشي (كان الصينيون قديما يشيرون إلى بلاد العرب باسم داشي) بدأت بإرسال مبعوث إلى الصين ("كتاب تانغ القديم" جـ4)، وذلك في عصر قاو تسونغ من أسرة تانغ الملكية، وتحديدا في 25 / 8 / 651 م.
وتدل نتيجة التحقيق على أن ذلك يعد أول مرة أوفد العرب فيها مبعوثا لزيارة الصين في التاريخ، وكان ذلك يصادف اليوم الثاني من شهر المحرم سنة 31 هـجرية، في عصر عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين. وبعد ذلك أوفدت الإمبراطورية العربية مبعوثين إلى أسرة تانغ الملكية الصينية مرات عديدة، فخلال 148 سنة ابتداء من سنة 651 إلى سنة 798 الميلادية، سجّلت المصادر التاريخية أن العرب أوفدوا نحو 39 مبعوثا إلى أسرة تانغ الملكية(1)، واستمر مثل هذا الاتصال في أسرة سونغ الملكية الصينية.
وبناء على ما توصل إليه باي شو يي في دراسة له فإن دولة داشي قد أوفدت 49 مبعوثا إلى الصين بمعدل مبعوث واحد كل أربع سنوات خلال 200 سنة من السنة الأولى من كاي باو (سنة 968 م) إلى السنة الرابعة من تسيان داو (سنة 1168 م)(2).
وإلى جانب المبعوثين العرب الرسميين في أسرتي تانغ وسونغ الملكيتين قدم عدد كبير من التجار العرب إلى الصين، حتى يمكن القول بأن بعضهم قد وصل إلى الصين قبل المبعوث العربي الرسمي. فقد دخل التجار العرب إلى الصين لأول مرة عن طريق الحرير البحري من المدن الصينية التي بها مواني تجارية مثل قوانغتشو (كانتون) وتشيوانتشو ومينغتشو(نينغبوه حاليًا) ويانغتشو، ومنها توغلوا إلى المدن التجارية في المقاطعات الصينية الداخلية عبر الطرق البرية، وقد بقي عدد كبير من هؤلاء التجار العرب في الصين.
كان أغلب العرب الزائرين للصين في أسرتي تانغ وسونغ مبعوثين أو تجارا. و في أسرة يوان الملكية تغيرعما كانت عليه في الأسرتين السابقتين. فقد قام المغول بالزحف إلى الغرب، وأسروا عددا لا يحصى من المسلمين (أغلبهم فرس وعرب)، وجعلوهم جنودا، وإلى جانب ذلك أسروا عددا كبيرا من الحرفيين من غربي آسيا (ما يقارب مائة ألف فرد). وعاد الجيش المنغولي بهؤلاء المسلمين إلى الشرق، ومن ثم خاضوا معارك في أنحاء الصين، حيث تفرقوا وأقاموا(3). منذ ذلك الزمن بدأ المسلمون الصينيون يعيشون في أسلوب متمثل في "التشتت في الصين كلها، والتجمع في مكان معين"، واندمجوا مع القوميات المحلية الأخرى تدريجيا حتى شغل بعضهم مناصب عليا منها رئيس مجلس الوزراء. وظهر في أسرة تانغ أول حارة سكنية للمسلمين سميت "بانفانغ"، حيث تم بناء مساجد. وأول مسجد في الصين هو مسجد هوايهوا في كانتون تم بناؤه في السنة الأولى من تشن قوان لأسرة تانغ (سنة 627 م)(4). ومن المعروف أن المساجد كانت في البداية أماكن لأداء الفرائض الدينية ونشر القرآن والأصول الإسلامية، كما هي مدارس لتعليم اللغة العربية ونشر المعارف الإسلامية. وهكذا دخلت اللغة العربية إلى الصين مع وصول المسلمين العرب إليها وانتشرت مع انتشار الإسلام فيها.
وتهتم الحكومة الصينية بتطوير علاقاتها مع الدول العربية وخاصة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949م. فقد أنشأت الحكومة تخصص اللغة العربية في بعض الجامعات الصينية على التوالي مما جعل تعليم اللغة العربية في الصين نظاميا وقياسيا أكثر. ومنذ ذلك الوقت، تخرج في الجامعات المعنية آلاف من المتخصصين في مجالات الشئون الخارجية والتجارة والاقتصاد والإعلام والتعليم والبحوث العلمية والشؤون العسكرية وغيرها، وقد ساهم هؤلاء مساهمة عظيمة في تطوير العلاقات الصينية العربية.
المزيد تجدونه في الملف المرفق
التعديل الأخير تم بواسطة نادية أمال شرقي ; 22-May-2009 الساعة 12:52 AM
المفضلات