أنواع التحرش الجنسي:
تتنوع أنواع التحرش الجنسي ودرجاته، والأماكن التي يمكن أن يحصل فيها.
-التحرش من خلال إطلاق الألفاظ المشينة وغير اللائقة: عندما يحدق أحد إليك بطريقة غير مريحة، أو يطلق النكات والعبارات التي تتضمن إيحاءات جنسية.
-التحرش عبر إرسال نصوص غير لائقة.
-التحرش من خلال إظهار صور غير لائقة.
-التحرش باعتماد سلوكيات جسدية غير لائقة: عندما يلحق بك أحد في الطريق ويلامسك، أو عندما يكشف لك أعضائه الخاصة.




أين يمكن للتحرش الجنسي أن يحصل؟
يمكن للتحرش الجنسي أن يحصل في أي مكان، في الأماكن العامة، على الطرق، في المحال، في وسائل النقل العامة، مثل التاكسي والباصات... ويمكن للتحرش الجنسي أن يحصل حتى في الأماكن الخاصة، مثل المنزل، المدرسة، الجامعات، وأماكن العمل، كما يمكن أن يصدر ذلك من قبل الأقرباء، الأساتذة، العمال، أو أي شخص يكون في موقع قوة.




التحرش الجنسي على الطريق
يمكن للجميع التعرض للتحرش الجنسي على الطريق، من أشخاص يتجمعون أو أفراد يمارسون مختلف أنواع التحرش المذكورة.




التحرش الجنسي في وسائل النقل العام
إن وسائل النقل العام هي من الامكنة التي يكثر فيها التحرش الجنسي، لأن الركاب يجلسون بالقرب من بعضهم، ما يسهل الاحتكاك الجسدي.




التحرش الجنسي في مكان العمل
يكثر التحرش الجنسي في مكان العمل، لأن القوى في هذا المكان غير متوازنة، اذ يمكن لأصحاب المراكز والقوة والنفوذ أن يمارسوا التحرش الجنسي وأن يفرضوا على الضحية السكوت بفضل موقعهم.






التحرش الجنسي في المدارس والجامعات
يمكن لأعضاء الإدارة أو الأساتذة أن يضعوا التلاميذ في مواقف غير مريحة لا يعلمون كيف يتصرفون خلالها خوفاً من الرسوب. بالإضافة إلى ذلك يمكن للطلاب التحرش جنسياً بزملائهم وأن يفلتوا بفعلتهم.




التحرش الجنسي في المنزل
يمكن للتحرش الجنسي أن يحصل في المنزل من أصدقاء العائلة أو حتى أعضاء العائلة. وغالباً ما يتم التحرش بالأصغر سناً اذ يحاذر المتحرشون التفوه بكلمة في هذا الشأن خوفاً من العقاب.








ليست هناك من طريقة واحدة تقضي نهائياً على التحرش الجنسي، لكن اليك بعض الأفكار التي تساعدك على حماية نفسك من هذه التصرفات المعيبة:


- يجب أن تكون حاضراً دائماً، اذ يمكن أن تتعرض للتحرش الجنسي في أي وقت. لذا من الضروري أن تكون مطلعاً ولديك الكثير من المعلومات والوعي والشجاعة، لكي تعلم كيف يجب أن تتصرف في حال تعرضت لحادثة من هذا النوع.


- إذا لحق بك أحدهم، تظاهر بأنك تتكلم مع أحد معارفك على الهاتف.


- أبقِ في جيبك صفارة، في حال لحق بك أحد للتحرش بك يمكنك استعمالها، أو اصرخ عالياً، طالباً المساعدة.


- في كل الحالات حدد، قبل الذهاب إلى أي مكان، شخصاً تلجأ إليه أو تتصل به طلباً بللنجدة.


- تجنب أن تخفي عن أهلك مكان وجودك، ودائماً قل على الأقل لشخص واحد أين ستكون موجوداً.


- إذا تعرضت لتحرش اصرخ كي تلفت الجميع، لأن الخصوصية تحمي المتحرشين، أما العلنية فتفضحهم.


- لا تتجاوب مع الطرق التي يستعملها المتحرشون.


- لا تدع الآخرين يمارسون عليك ضغوطاً بالقول ان تجاهل هؤلاء الأشخاص يفي بالغرض، أو أنك تفهم الأمور في شكل مغلوط.


- إذا كنت وحيداً في الطريق يمكنك استعمال أشياء حادة لإبعاد الأشخاص عنك.


- بلغ عن حوادث مماثلة تحدث معك الى الشرطة أو أي شخص معني يمكن له المساعدة.


- تكلم عن هكذا حوادث مع أصدقائك أو أشخاص تثق بهم، فيمكن لهم أن يساعدوك.


ويبدو أن الزمن الحالى والقادم سيشهدان حالات كثيرة مما نطلق عليه التحرش الجنسى وهو لفظ جديد على الثقافة العربية والتى عرفت الغزل ( والمعاكسة ) , والمراودة , وهتك العرض , والزنا والإغتصاب . وهنا يلزمنا تعريف هذه الأشياء ليسهل التفرقة بينها , وليتمكن الضحايا من معرفة حقوقهم القانونية فى الحالات المختلفة , ولنبدأ بتعريف الغزل وهو ذكر الصفات الجميلة للمحبوب بهدف التودد إليه وإسعاده , ففى المعجم الوجيز : غزل غزلا : شغف بمحادثة النساء والتودد إليهن .


وغازل المرأة : حادثها وتودد إليها . وتغزّل بالمرأة : ذكر محاسنها ووصف جمالها . ويوجد لفظ عصرى آخر وهو " المعاكسة " وفيه يتلفظ الطرف المعاكس بعبارات الإعجاب بالطرف الآخر أو بعرض نفسه عليه للحب أو للزواج , وقد تكون تلك العبارات صريحة أو تكون رمزية , وهى فى الغالب غير جارحة , وأحيانا كثيرة تكون لطيفة وقد تعجب الطرف الآخر حتى ولو لم يستجب لها حياءا أو خجلا .


أما "المراودة" فهو لفظ ورد فى القرآن الكريم فى سورة يوسف , واللفظ يصف محاولة امرأة العزيز إغواء يوسف وإغرائه وإثارته لكى يقوم بمواقعتها , ولكنه عليه السلام صمد أمام هذه المراودة . إذن فالمراودة تجمع معانى الإغواء والإغراء والإثارة فى كلمة واحدة .


أما هتك العرض فقد عرفه القانون المصرى فى المادة 268 بأنه " فعل مخل بالحياء يقع على جسم مجنى عليه معين ويكون على درجة من الفحش إلى حد مساسه بعورات المجنى عليه التى لا يدخر وسعا لصونها وحجبها عن الناس أو إلى حد اتخاذ المجنى عليه أداة للعبث به فى المساس بعورات الغير " .


ويوجد فى القانون المصرى 13 مادة تتحدث عن هتك العرض وتحديدا فى قانون العقوبات فى الكتاب الثالث والرابع من المادة 267 إلى المادة 279 . وفى المادة 269 نص على أن " كل من هتك عرض صبى أو صبية لم يبلغ سن كل منهما 18 سنه كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس ثلاث سنوات " .


وفى المادة 306 مكرر ينص القانون على أنه " يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنه وبغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على ألف جنيه كل من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو بالفعل فى طريق عام أو مكان مطروق ... " ويسرى حكم الفقرة السابقة إذا كان خدش حياء الأنثى قد وقع عن طريق التليفون . وفى المادة 268 نص صريح بأن " كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات , وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ 16 سنة كاملة يجوز إبلاغ مدة العقوبة لإلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة " .


فإذا جئنا إلى الزنا كما ورد فى الشريعة الإسلامية نجد الأقوال التالية : قال أبو حنيفة :" الزنا هو الوطء الموجب للحد , وأنه فى عرف الشرع واللسان وطء الرجل المرأة فى القبل " . وقال مالك بأن الزنا " هو تغييب الرجل حشفته فى فرج آدمى مطيق عمدا بلا شبهة " .


أما الماوردى فقد جعل الزنا شاملا القبل والدبر فقال فى تعريفه للزنا بأنه " تغييب البالغ العاقل حشفة ذكره فى أحد الفرجين من قبل أو دبر ممن لا عصمة بينهما أو شبهة " . غير أن الرأى الراجح فى الفقه الإسلامى هو الذى يقصر الزنا على ما كان منه فى القبل دون الدبر , وخاصة أن الإتيان فى الدبر لا تتوفر فيه الحكمة من التحريم وهو ما يأخذ به القانون الوضعى الذى يعتبر الإتيان فى الدبر هتك عرض وليس زنا ويعاقب عليه بعقوبة أقل شدة .


وتستخدم بعض القوانين الجزائية العربية كلمة "مواقعة" ومعناها المباضعة والمخالطة . كذلك قد تستخدم كلمة " الجماع " ولها نفس المعنى . وعلى ذلك فإن الوطء والمباضعة والمخالطة والجماع هى أوصاف مختلفة لفعل واحد وهو الزنا الذى قد يوصف أيضا بالنكاح , وإن كان للنكاح معنيان , أحدهما عقد الزوجية , والثانى الوطء أو المواقعة أو الجماع وكلها سواء ( عن كتاب زنا المحارم للدكتور أحمد المجدوب 2003 , مكتبة مدبولى ) .


وهناك لفظ آخر فى الثقافة العربية وهو " المباشرة " , ويعنى الأفعال التى تسبق الوطء مثل اللمس والنظر إلى الأعضاء التناسلية , والتقبيل والعناق والمفاخذة , وقد يؤدى هذا إلى الوطء الكامل بعد ذلك أو لا يؤدى .
فإذا جئنا إلى تعبير التحرش الجنسى , وهو تعبير – كما ذكرنا – يبدو جديدا على الثقافة العربية فهو ترجمة للتعبير الإنجليزى : Sexual Harrassment أو ٍSexual Assault , وبالبحث عن معنى الكلمة فى القاموس وجدنا المعاتى التالية ( المعجم الوجيز , عام 2000 طبعة وزارة التربية والتعليم , مصر , ص 144 ) : حرشه حرشا : خدشه . وحرش الدابة : حك ظهرها بعصا أو نحوها لتسرع . وحرش الصيد : هيّجه ليصيده . والشئ الحرش : الخشن . وحرّش بينهم : أفسد بينهم . وتحرّش به : تعرّض له ليهيّجه.


ويتضح من هذه المعانى اللغوية أن لفظ التحرش يجمع بين القول والفعل , وأنه يحمل معنى الخشونة أو التهييج أوالإعتداء الخفيف . وهذا المعنى اللغوى العربى بالإضافة إلى دلالات المعنى الإنجليزى يتفقان على جمع معنى التحرش للقول والفعل , وهذا يدفع قول القائلين بأن التحرش يتوقف عند القول فقط دون الفعل , وأن الفعل يدخل فى نطاق هتك العرض . والحقيقة أن التحرش درجة أقل من هتك العرض بمعناه القانونى فالأول يتضمن إيماءات أو تلميحات أو نظرات أو كلمات أو لمسات أو همسات ليست بنفس درجة الفجاجة والعنف فى هتك العرض , ولكنها تجرح مشاعر أى أنثى محترمة تعتز بكرامتها الإنسانية وبهويتها الأنثوية . ولهذا نقترح هذا التعريف للتحرش سواء كان من ذكر لأنثى أو من أنثى لذكر أو بين طرفين من نفس الجنس :


" التحرش الجنسى هو أى قول أو فعل يحمل دلالات جنسية تجاه شخص آخر يتأذى من ذلك ولا يرغب فيه " .والتعريف بهذا الشكل يجمع بين الرغبة الجنسية والعدوان من طرف إلى طرف بغير تراض . والتحرش بهذا المعنى يجمع بعض عناصر المراودة التى ذكرناها من قبل والتى وردت فى سورة يوسف وبين هتك العرض , ولكنها لا تقتصر على أيهما . والتحرش قد يكون بنظرة فاحصة متفحصة داعرة ولكن هذا مما يصعب إثباته لذلك اكتفينا فى التعريف بالقول أو الفعل , ومع هذا إذا وجدت طريقة أو شهود يثبت بها تلك النظرة تصبح تحرشا . وقد نحتاج إضافة شئ فى القانون يغطى أعمال التحرش مع ذكر أمثلة لها استجدت فى واقع الحياة العصرية ولم تغطها عقوبات هتك العرض والتى صيغت فى ظروف مجتمعية كانت تتسم بالفصل بين الرجال والنساء فلى أغلب الأحوال , أما الآن ومع هذا الحضور الأنثوى فى كل مكان وكل موقع , ومع هذا الإقتراب بين الجنسين فى الشارع والمواصلات وأماكن الدراسة أو العمل المفتوحة والمغلقة ,أصبح هناك احتياجا لضبط وتقنين السلوكيات بشكل أكثر دقة وتفصيلا .




* حجم الظاهرة :
فى دراسة للدكتور أحمد عبدالله (2006 ) تبين أن أكثر من 60% من الفتيات يذكرن أنهن قد تعرضن للتحرش بصورة أو بأخرى خلال حياتهن . وفى دراسة للدكتور على إسماعيل وآخرين (2006) على المرضى المترددين على عيادة الأمراض النفسية بمستشفى الحسين الجامعى تبين أن 9% من العينة قد عانوا من الإنتهاك الجنسى فى فترة من فترات حياتهم ( أو حياتهن ) . وفى دراسات تمت فى المجتمعات الغربية تبين تعرض الفتيات للإنتهاك الجنسى بنسبة 13% وتعرض الفتيان بنسبة 4% , والإنتهاك هنا يتراوح بين هتك العرض والزنا والإغتصاب .








* القيم الإجتماعية والتحرش :
يوجد فى بعض المجتمعات البدوية ما يعرف ب " صيحة الضحى " وهى تعنى أهمية صيحة أى امرأة فى وقت الضحى ( وقت الخروج للرعى وأداء المصالح ) وسرعة الإستجابة لهذه الصيحة من أقرب شخص يسمعها وهبته للنجدة , مع العقاب الشديد الذى توقعه القبيلة على من تعدى على حرمة المرأة . وفى التاريخ الإسلامى قام المعتصم بتجييش الجيوش لغزو الروم استجابة لصيحة امرأة قالت فى لحظة غبن " وامعتصماه" .
أما الآن فقد تراجعت هذه القيمة كثيرا ولم يعد الرجل ( أو المجتمع ) ينتفض لاستغاثة امرأة (اغتصبت فتاة فى ميدان العتبة فى القاهرة فى وضح النهار ولم يغثها أحد , وحدث تحرش جماعى بالفتيات فى يوم العيد فى شارع طلعت حرب فى وسط القاهرة ولم يتحرك أحد , أو تحرك القليلون متأخرا جدا ) , وربما يكون هذا راجعا إلى نظرة المجتمع المعاصر للمرأة على أنها مخلوق أدنى أو مخلوق شرير أو أنها خرجت إلى الشارع وإلى الحياة لتزاحم الرجل وتخطف منه فرص العمل والتفوق لهذا يتركها تواجه مصيرها , وربما يشمت فيها الرجل إن تعرضت لسوء . وقديما كانت الأسرة ترفض أن يعاكس ابنها فتاة فى الشارع أو عن طريق التليفون , والآن لا نجد مثل هذا الرفض بل أحيانا تساعد الأم ( أو تصمت ) على علاقات ابنها العاطفية أو تفعل ذلك أحد الأخوات دون حرج .




* طرق التحرش :
1 – لفظية : واللفظ هنا يختلف عن ألفاظ الغزل الرقيقة والمتوددة , فهو يميل إلى الفجاجة والصراحة الجارحة , ويميل إلى الدلالات الجنسية , وأحيانا يستخدم المتحرّش ألفاظا سوقية يعبر بهل عن أطماعه فى الضحية , وأحيانا أخرى تأخذ معنى المراودة بما تتضمنه من إغواء وإغراء وإثارة .
2 – جسدية : وجسدية هنا تتضمن النظرة الفاحصة المتفحصة , أو الإيماءة الفاضحة الجارحة , أو استعراض بعض أعضاء الجسم وخاصة الأعضاء الجنسية , أو أخذ أوضاع معينة ذات دلالات جنسية , أو اللمس أو التحكك أو الضغط , أو محاولة الإمساك بالضحية أو ضمها أو تقبيلها عنوة .








* أماكن التحرش :


1 – خارج البيت : يمكن أن يحدث التحرش فى الشارع ويكون فى صورة كلمات بذيئة أو نظرات متفحصة أو اعتراض لطريق لضحية أو محاولة لمسها أو الإحتكاك بها , وقد يبدو هذا وكأنه غير مقصود بحيث إذا اعترضت الضحية ادّعى الجانى بأن هذا حدث صدفة دون قصد .وفى وسائل المواصلات يغلب أسلوب التحكك واللمس والضغط بحجة الزحام أو محاولة المرور من بين الناس , أو قد يظهر بعض الركاب أنه نائم فيلقى بيده أو رجله أو رأسه على أحد أجزاء جسد الضحية على اعتبار أنه ليس على النائم حرج , فإذا تقبلت الضحية أكمل مشوار التحرش أما إذا شكت أو تململت فإنه يبدى اعتذاره ويتعلل بنومه .ولهذا تم تخصيص عربات ترام للنساء ( حتى فى لندن ) لحمايتهن من التحرش ( ومع هذا نجد الكثيرين من النساء والفتيات يفضلن الركوب فى عربات الرجال رغم أنها أكثر اذدحاما !!!!!!! ) , وفى كثير من الأحيان يحرص من يقطع التذاكر فى القطارات أو الحافلات على أن يجعل النساء فى كراسى متجاورة حتى لا يعرضهن لمضايقات المتحرشين , وهذا تقليد جميل نرجو أن يقنن .


وفى الأسواق حيث الزحام والصخب وانشغال الناس بالفرجة والمساومة على الأسعار تكثر اللمسات والإحتكاكات , ولذلك يقصد العابثون الاسواق بالذات لتحقيق أغراضهم .


وعلى الشواطئ حيث تسود حالة من التراخى فى القيم والأعراف على اعتبار أن الشاطئ مكان للهو والمرح , تنطلق رغبات المتحرشين فى صورة تأمل وتفحص للأجساد العرية ثم تعليقات على صاحبات الأجساد وإذا أمكن محاولات الإقتراب فاللمس بدرجاته على غير رغبة من الضحايا .


وفى حمامات السباحة حيث تتعري الأجساد وتقترب يجد المتحرشون فرصة للإقتراب أو الإصطدام الذى يبدو غير مقصود ولا مانع لديهم من التظاهر بالإعتذار , والإعتذار نفسه يعطى للمتحرش فرصة للإقتراب والحديث مع الضحية وتصويب النظرات إليها عن قرب .


وفى السينما حيث الظلام والتجاور بين الناس من كل الجهات يجد المتحرش الفرصة للمس أو القرص أو الضغط بالإيدى أو الأرجل أو إصدار تعليقات سخيفة وخارجة وجارحة على مسمع من الضحية .


وفى أماكن العمل المزدحمة أو المغلقة أو المعزولة خاصة إذا كانت هناك فرصة للخلوة الآمنة تستيقظ رغبات المتحرش ( أو المتحرشة ) وتخرج فى صورة نظرات ذات معنى أو كلمات ذات دلالة أو حركات أو لمسات أو همسات .


وفى السجون حيث الحرمان الجنسى للجنسين والوحدة والعزلة وفقد الأمل والفراغ , كل هذا يوقظ الغرائز الدنيا فى الإنسان ويدفعه دفعا للتحرش وربما هتك العرض أو الإغتصاب , ولهذا تدعو جمعيات حقوق الإنسان إلى إتاحة الفرصة للمسجونين والمسجونات بالإلتقاء بزوجاتهم وأزواجهن لتصريف هذه الطاقة فى مساراتها الشرعية وذلك للتقليل من دوافع الإنحراف داخل السجون ولتلبية الإحتياجات الإنسانية الفطرية بشكل صحيح .


ولا تخلو بعض الأماكن الراقية مثل النوادى من محاولات التحرش بأشكالها المختلفة .


وفى الدروس الخصوصية تم رصد الكثير من حالات التحرش بالفتيات أو بالأطفال بعضها تم الإبلاغ عنه وبعضها يتم التغطية عليه اتقاءا للفضيحة أو تجنبا للمشاكل , وبما أن الدروس الخصوصية أماكن لالتقاء الشباب والرجال بالفتيات والأطفال فى أماكن مغلقة لا تخضع لأى رقابة حكومية أو أسرية لهذا تكثر حالات التحرش وماهو أكثر من التحرش فى هذه الأجواء الخفية والمعزولة .


وقد يحدث التحرش فى بعض العيادات أو المستشفيات حين تمتد عين أو يد الطبيب أو التمريض أو المساعدين إلى جسد المريضة فى غير ذات ضرورة .


وفى مكاتب المديرين ورجال الأعمال حيث السكرتيرة الحسناء والمدير المتألق ينشط الطمع الذكورى لدى الرجل النرجسى فيرى أن جسد السكرتيرة وجمالها ملك يمينه , وربما تتحرش هى أيضا به فالجو فى داخل المكتب المغلق والتواجد الطويل والمريح معا يساعد كثيرا على ذلك .


أما فى دور العبادة فربما يصعب تخيل وجود حالات تحرش حيث الجو الروحانى وحيث أن الناس تذهب إلى هناك لأداء العبادات وليس لإشباع الرغبات , إلا أن الواقع يقول بأن ثمة حالات تحرش تمت وتتم فى بعض دور العبادة حيث يأخذ المتحرش دور الواعظ أو المعلم أو المحفظ ويختلى بالأطفال أو (تختلى بالفتيات) وهنا يحدث المحظور وقد يأخذ شكل لمسات أو أحضان قد تبدو أبوية ثم تتطور مع الوقت إلى أشياء أكثر وضوحا , وقد يخشى أو يخجل الطفل من الإفصاح عنها لأبويه فيستمر الوضع لشهور أو سنوات والأبوين مطمئنين لوجود ابنهما أو ابنتهما فى أحد دور العبادة تحت رعاية شيخ أو واعظ أو محفظ يتظاهر بالتقوى والورع .


2 – داخل البيت : وقد يحدث التحرش من أحد المحارم كالأب أو الأخ الأكبر أو الأم أو الأخت الأكبر , أو من أحد الأقارب كالعم أو الخال أو غيرهم . والإيذاء النفسى الذى يحدث من تحرش أحد المحارم أو أحد الأقارب يفوق بكثير ما يحدث من الغرباء فهو يأتى ممن يتوقع منهم الرعاية والحماية والمحافظة , لذلك حين يحدث تهتز معه الكثير من الثوابت وتنهار الكثير من الدعائم الأسرية والإجتماعية وتدع الضحية فى حالة حيرة واضطراب .




* بيئة التحرش :
يبدو أن الظروف الحياتية الحالية تمثل ما يمكن أن نطلق عليه " بيئة محرضة على التحرش " ونذكر منها ما يلى :


1 - الإذدحام : فحين تتقارب الأجساد إلى درجة الإلتصاق فى البيت والشارع والمواصلات والمدارس والجامعات والنوادى والشواطئ وفى كل مكان فإن هذا يشكل أرضية مهيجة ومنشطة لدوافع التحرش لدى المهيئين لذلك , وربما لدى غيرهم لممارسة التحرش . وهناك لدى علماء الإجتماع ما يسمى بالمساحة الحضارية وهى المساحة التى يتحرك الفرد فيها داخل المجتمع , ومن المعروف أنه كلما تقلصت هذه المساحة الحضارية كلما كثرت الإحتكاكات والمشكلات فى التعامل بين الناس وزادت الميول العدوانية .


2 - اقتراب الجنسين فى كل مكان : فنظرا لخروج الفتيات والنساء للدراسة والعمل فقد أصبح الحضور الأنثوى والإقتراب الأنثوى أحد مظاهر الحياة الحالية , وفى غياب الإشباع الكافى لاحتياجات الجنسين وغياب القيم الأخلاقية والدينية , تندفع النفوس المحرومة والمنفلتة تخطف ماليس من حقها متعللة بالحرمان أو القرب.


3 – العشوائيات : وهى بيئة تجمع بين الإذدحام والفقر والحرمان والتلوث البيئى والأخلاقى , ولذلك فهى بيئة نموذجية لتصدير كل الأمراض والتشوهات الأخلاقية والإجتماعية إلى بقية قطاعات المجتمع وطبقاته .


4 - الخطاب الدينى والإعلامى : فالخطاب الدينى المتشدد الذى يصور المرأة على أنها جسد مدنس مسكون بالغواية والإغراء ويجب إخفاءه أو وأده بعيدا عن الأنظار , هذا الخطاب يجعل المرأة جسدا مرغوبا بالفطرة الطبيعية لدى الذكور ومكروها ومحتقرا فى نفس الوقت لدنسه وغوايته . وهذه التركيبة تشكل أرضية للتحرش فالمتحرش هنا يتوق إلى هذا الجسد ويرغبه وفى نفس الوقت يخافه ويحتقره .


والخطاب الإعلامى على الرغم من تناقضه مع الخطاب الدينى المتشدد إلا أنه يصل تقريبا إلى نفس النتيجة فهو يعرض جسد المرأة عاريا ويستخدمه للترويج للسلع والأفلام والمسرحيات والأغانى فيبعث برسالة إلى المشاهد مفادها أن المرأة عبارة عن جسد جميل ملئ بالإغواء والإغراء ونداءات المتعة .


إذن فكلا الخطابين يصلان إلى نتيجة واحدة (على الرغم من تناقضهما الظاهرى) مفادها أن المرأة ليست كيانا إنسانيا جديرا بالإحترام والحب والمودة والرعاية وإنما هى كائن شيطانى ملئ بألوان المتعة والغواية . ولهذا نجد المتحرش يحمل فى تكوينه كلا من الرغبة الجنسية والعدوان تجاه المرأة التى يتحرش بها فهو يريد أن يستمتع بجسدها دون اعتبار لها كإنسانة محترمة , فيخطف منها ما يريد ويتركها هملا بلا أى اهتمام أو رعاية .
5 - المسكرات والمخدرات : وهى تساعد الشخص على إخماد قوى الضبط النفسى والأخلاقى , وبالتالى تحدث لديه حالة من الإنفلات وحالة من غيبوبة الضمير .