عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
اياك والغضب كي لاتندم
لا تغضب .. حتى لا تنــدم ..
*
الغضب نفخة من نفخات الشيطان الرجيم ـ نعوذ بالله منه ـ يسيطر به
على صاحبه ..... فيفقده اتزانه ، فيقول ويعمل ما يوبق دنياه وأخراه
وكم من عاقل فقد عقله حال غضبه فأرداه الشيطان في داهية ، وألقاه في هاوية !
وكم من رجل غضب في لحظة شيطانية ، فتكلم بما يوجب له النار ، وكان
الغضب سبب تلك الخطايا والأوزار !
وكم من رجل حليم ، غضب فظلم ، وسخط فحرم ، وتكلم فندم !
وكم من زوج محبٍ لزوجته ، ملكت عليه لُبَّه ، وتمكنت من قلبه ، فوقعت فيما
يسخطه ، فغضب منها غضبة أوقعته فيما كان يحذر ، فمدَّ يده عليها بغير حق
وتكلم عليها بباطل ، وربما طلَّقها بغير جرم ، فندم يوم لا ينفعه الندم ، فخرجت
من بيته وهو لها محب ، وفرَّق بينهما الغضب !
وكم من والد غضب من ولده ، فضربه ضرباً مبرحاً ، حتى أعطبه وأرداه
وأوقع به من العطب في بدنه ، ما جعل الوالد الحزين يندم على ذلك مدى عمره
ولو تأمل بعقله لوجد أن السبب لا يستحق هذا الغضب !
وكم من رجل عاقل تعرض له بالأذى أو الخطأ رجل آخر ، فنفخ الشيطان
في قفاه ، فتقاتلا كالأعداء ، فقتله أو جرحه ، فكانت السجون من بعد بيته
موطن سكنه وحزنه ، أو كان السيف البتار الذي دُقَّ به عنقه ثمرة
من ثمرات الغضب ! وكم ، وكم ، وكم ...أ
ـ
ـ
ـ
وللعاقل أن يسأل : ما وسائل كبح جماح الغضب ؟ وكيف نتخلص منه ؟
يجب أن تعلم أن الغضب إنما هو نفخة من نفخات الشيطان على الإنسان
فلتحذر من عدوك ، فإنه يريدك أن تغضب
ليتكلم على لسانك ، ويبطش بيدك ، ويركل بقدمك ...
فعن سليمان بن صرد ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت جالساً مع النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورجلان يستبان ، فأحدهما احمرَّ وجهه ، وانتفخت
أوداجه ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم :" إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب
عنه ما يجد لو قال : أعوذ بالله من الشيطان . ذهب عنه ما يجد " .
فقالوا : إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " تعوذ بالله من الشيطان "
فقال : وهل بي جنون ؟
( صحيح البخاري (6/337 ـ 3282 )
هل رأيت ماذا قال ؟! جربها أنت مع من تراه يخاصم ويهاجم ، وقل له :
استعذ بالله من الشيطان ، فهل تراه يقولها من أول وهلة ؟ جرِّب لتعرف...
والآن .. هل ترغب بمعرفة الأجور العظيمة التي أعدها الله تعالى
لمن كتم غيظه وكف غضبه ؟؟
فعن معاذ بن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله عليه وسلم :
" من كظمَ غيظاً وهو يستطيعُ أن ينفِذَه ، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس
الخلائق ، حتى يُخيره في أي الحور شاء "
( صحيح سنن الترمذي 2/197 ـ 1645 )
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
" ما من جُرعةٍ أعظم أجراً عند الله من جُرعة غيظٍ كظمها عبدٌ ابتغاء وجه الله "
( صحيح سنن ابن ماجه 2/407 ـ 3377 )
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ... ومن كفَّ غضبه ، ستر الله عورته
ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ..."
( رواه الطبراني في الكبير ، انظر : السلسلة الصحيحة 2/608 ـ 906 )
ولكي تسيطر على غضبك يجب عليك :
- أن تفارق المكان الذي غضبت فيه إلى حين ، فيخسأ الشيطان ، ويعود إليك
الاتزان ، فإذا غضبت من زوجتك فلا تقعد معها في البيت بل اخرج من المنزل
لبضع ساعات ، لتعود إليه وقد ذهب غضبك ، وأمعنت الفكر في المشكلة التي وقع
عليها الخلاف ومن أجلها الشجار ، وكذلك الحال عندما يحدث بينك وبين غيرك
شجار أو عراك أو خصومة ، اخرج ، لتنجو ..
- أن تستعيذ بالله من شرِّ الشيطان وتلبيسه وتوهيمه وغمزه ولمزه ، فإنه
القادر ـ سبحانه ـ أن يحميك من شرِّ وضُرِّه . قال تعالى :
[ وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ]
- أن تجلس إذا كنت قائما ، وتضطجع إذا كنت جالساً ، وهو خلاف ما يريده
منه عدوك ...
- تأمل حالك عندما تغضب ! تنتفخ أوداجك ، ويحمرّ وجهك ، ويتشنَّج
بدنك ، وتضطرب أطرافك ، وتزداد خفقات قلبك ، فتقوم من جلوسك
وتقعد من رقودك ، وتستعد للعراك والنزال ، فعليك حينها بهذه الوصية النبوية
من خير البرية ـ صلى الله عليه وسلم :
أن تطفىء الغضب بالوضوء ، فالشيطان مخلوق من نار ، والنار لا يطفئها
إلا الماء ، فعليك به ،تنجو من شروره ـ بإذن الله ..
- أن تصمت حال غضبك فلا تتكلم حتى لا تندم ، فغالب الكلام في وقت الغضب
لا يسر ، ولذلك أرجو أن تقوم بهذه التجربة أو تطلبها من غيرك ، فإذا
غضبت يوماً من الأيام أدر جهاز تسجيل الأصوات ليسجل كلامك ، لتسمع
بعد ذلك ما يسؤك ولا يسرك !
ـ
ـ
ـ
ـ
فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :" من كفَّ غضبه كفَّ الله عنهُ عذابهُ ، ومن خزن لسانهُ
ستر الله عورته "
( أخرجه أبو يعلى والدولابي ، انظر السلسلة الصحيحة 5/ 475 )
- أن تحذر من دواعيه الجالبة له والمتسببة فيه ، فإذا علمت من نفسك أنك
غالباً تغضب في بعض الأماكن فلا تذهب إليها ، وإذا كان في العادة لقاؤك
ببعض من تعرف سيثير غضبك ، فلا تلقاه إلا في وقت ضرورة إلا ما وجب
عليك من صلة رحم ، ولو كنت لا ترتاح للقيا بعضهم ...
- أن تسيطر على نفسك ، وتتحكم في قولك وفعلك ، وهل الشديد إلا من
حكم نفسه قبل أن يحكم غيره ؟!
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
" ليس الشديدُ بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "
( صحيح البخاري 7/130 ـ 6114 )
- قراءة القرآن بصوت مسموع ، فإن الشيطان يفر من القرآن ..
قال تعالى :
[ قل أعوذ برب الناس . ملك الناس . إله الناس . من شر الوسواس الخناس ]
والخناس هو الشيطان يخنس أي يختبىء ويهرب عند ذكر الله ، فإذا غفل العبد
عن الذكر حضر العدو فوسوس ، والشيطان لا يقرب بيت يقرأ فيه بالبقرة
وآل عمران ...
- احرص على استقرار حالتك الطبية ، فإن لبعض الأمراض تأثير بالغ في
الحالة النفسية للمصاب بها ، كمرض السكر والضغط ، فإن لها أعظم الأثر
في كثرة الغضب والتهيج النفسي ، فحاول أن لا يرتفع منسوب السكر
وكذلك الضغط في الدم ، لتسلم !
- انظر بعين فاحصة لأسباب الغضب ، فلعل بعضها لا يستحق هذا منك
فهل يحق لك أن تغضب من أجل الكرة مثلاً ؟! أعتقد أنك أكبر من هذا !
وربما تجد أنك ربما تغضب غضباً يُغضب الله عليك !!
فتدبر ! حتى لا تخسر ..
ـ
سؤال أخير :
هل تغضب لله تعالى ؟
وهل غضبك لله كغضبك لنفسك ؟
فإذا رأيت حدود الله تنتهك فهل يتمعر وجهك غيرة وغضباً
وتفور دماء الحمية الإيمانية في أوردتك ؟
أم أن الأمر لا يعنيك ؟!
المفضلات