خالد بن سعيد بن العاص بن أمية رضي الله عنه
أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم
بعدما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى أراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يجعل خالد أميرا على احد الأقاليم الواقعة تحت قيادته، فاعتذر رضي الله عنه، وقال: لا أعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا.
اسلامه
رضي الله عنه
أسلم رضي الله عنه نتيجة رؤيا شاهد فيها يوم القيامة، ولنترك الزبير بن العوام رضي الله عنه يروي لنا القصة فيقول:
كان اسلام خالد قديما، وكان أول أخوته دخولا في الاسلام، وكان بدء اسلامه أنه رأى في المنام أنه وقف على شفير النار، وانّ أباه يدفعه فيها، ويرى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحقويه (خصره) لئلا يقع، ففزع من نومه، وقال: أحلف بالله أنّ هذه الرؤيا حق، فلقي أبابكر رضي الله عنه وذكر له رؤياه، وقال له: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعه، فالاسلام يحجزك أن تدخل فيها، وابوك واقع فيها
.
وعندما علم أبوه باسلامه أرسل في طلبه، فأتي به، فأنبه وضربه بسوط في يده حتى كسره على رأسه وقال له: اذهب يا لكع (يا لئيم) وقال له: والله لأمنعنك القوت، فقال له خالد:ان منعتني فانّ الله يرزقني ما أعيش به، وانصرف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه.
وعندما علم أنّ اباه على فراش الموت، عاده من باب الصلة والبر، فقال أبوه: لئن رفعني الله من مرضي هذا، لا يعبد اله ابن أبي كبشة ببطن مكة أبدا، فقال رضي الله عنه: اللهم لا ترفعه، فتوفي سعيد بن العاص في مرضه ذاك.
كان خالدا رضي الله عنه وأخوه عمرو قد هاجرا الى الحبشة، ولما قدموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد مرّ على معركة بدر قريبا من العام، فحزنا كونهما لم يشهدا بدرا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما تحزنون! انّ للناس هجرة واحدة، ولكم هجرتان،هاجرتم حين خرجتم الى صاحب الحبشة، ثم جئتم من عند صاحب الحبشة مهاجرين اليّ
.
من أراد أن يقرأ المزيد عن هذا الصحابي الجليل فليذهب الى ركن الصحابيات الجليلات في نهاية البحث فقرة
أم خالد القرشية
رضي الله عنها.
فرضي الله عن خالد بن سعيد وصلى الله وسلم وبارك على من رباه.
10- خبيب بن زيد
رضي الله عنه
رسول رسول الله
صلى الله عليه وسلم
الى مسيلمة الكذاب
هو ابن زيد بن عاصم، ومن السبعين المبايعين بيعة العقبة الثانية، والمرأتان اللتين بايعتا مع السبعين، احدهما امه نسيبة بنت كعب احدى والثانية خالته، وثلاثتهم من المقطوع لهم بالجنة انشاء الله.
رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مسيلمة
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ادعى رجلان النبوة، أحدهما مسيلمة الكذاب من جنوب الجزيرة العربية، والآخرالأسود بن كعب العنسي من صنعاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تلقى رسالة مسيلمة جاء فيها:
من مسيلمة رسول الله الى محمد رسول (صلى الله عليه وسلم) سلام عليك.
اما بعد،
فاني قد أشركتك في الأمر وان لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشا قوم يعتدون.
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه الكاتبين وأملى عليه رده على مسيلمة اللعين:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله (صلى اللله عليه وسلم) الى مسيلمة الكذاب
السلام على من اتبع الهدى، أما بعد،
فانّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين
وجاء رد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية الكريمة التي زلزلت كيان مسيلمة كله، جاءت عليه كفلق الصبح حين فضحته ككذاب بني حنيفة اللعين الذي ظنّ أنّ النبوة ملكا لا وحيا، وراح يطالب بنصف الأرض ونصف العباد، ووقع اختيار النبي صلى الله عليه وسلم على حبيب بن زيد ليحمل رسالته الى مسيلمة الكذاب.
وسافر حبيب مغتبطا بالمهة الجليلة التي أوكله بها سيد البشرية قاطبة صلى الله عليه وسلم، وبلغ المسافر غايته وفضّ مسيلمة الرسالة التي أعشاه نورها فازداد ضلالة وغرورا، ولم يكتفي لعنه الله بذلك، بل أذاق حبيب بن زيد أشد العذاب بهدف سلبه شجاعة روحه فيبدو متخاذلا مستسلما مسارعا للايمان به فقال له:
أتشهد أنّ محمدا رسول الله؟
نعم انه رسول الله
وتشهد أني رسول الله؟
اني لا أسمع شيئا مما تقول
تحولت عندها صفرة الخزي والعار على وجه مسيلمة الى سواد حاقد مجبول بعدما أدرك انّ العذاب لم يؤثر به، فهاج كالثور الأهوج المذبوح ونادى جلاده وأمره أن يقطع جسده قطعة قطعة، وعضوا عضوا، والبطل العظيم يردد شعاره: لا اله الا الله محمدا رسول الله
، ويبلغ رسول الله نبأ استشهاد رسوله الكريم، ويصطبر صلى الله عليه وسلم لحكم ربه، فهو يرى بنور الله تبارك وتعالى مصير هذا المسيلمة الكذاب، ويكاد يكون مصرعه رأي العين.
أما أمه رضي الله عنها فقد ضغطت على أسنانها طويلا ثم أطلقت يمينا لتثأر لولدها من قاتل ابنها اللعين ولتغوص في لحمه الخبيث برمحها وسيفها، ويدور الزمن دورته، وتأتي الموقعة الخالدة موقعة اليمامة، ويجهز أبو بكر رضي الله عنه خليفة النبي صلى الله عليه وسلم الأول جيش الاسلام الذاهب الى اليمامة بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه لمقاتلة مسيلمة وجيشه، وخرجت أم البطل رضي الله عنهما مع الجيش ودخلت المعركة وسيفها بيمناها لتبرّ قسمها بالثأر، وبيسراها رمح، ولسانها لا يكف عن الصياح: أين عدو الله مسيلمة، وما أن هوى الوحشي على مسيلمة بضربة قاتلة وبنفس الرمح الذي قتل فيه الحمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومان أن علم أتباعه بمقتل قائدهم حتى سقطوا كالعهن المنفوش لترتفع رايات الاسلام عزيزة ظافرة، عندها وقفت نسيبة أم حبيب الشهيد شامخة وقد تجلى لها وجه ولدها حبيب الله يملأ الزمان والمكان وسط الرايات الخفاقة المنتصرة الضاحكة المستبشرة.
فرضي الله عن حبيب بن زيد وصلى الله وسلم وبارك على من رباه.