ربي .. كيف أناجيك؟*

ربي .. كيف أناجيك؟* .. بلساني .. وهو جم العثرات؟*
بفمي وهو وافر الهفوات؟* بجوارحي؟*! ..
إنها كليلة قاصرة .. فما حيلتي وهذا قدري؟!


ولكني محب مستهام أضناه طول السري ، يبغي الهدي .. فهل من رضا؟! القلب تائق، والسعي موصول وباب العطاء مفتوح فهل من إذن للدخول، الأمل قائدي إليك والرجاء مبسوط بين يديك، لا أستقصر الليل إذا بسطت يد الضراعة ولا أستطيل الليل إذا لج بي الشوق في حناياه،
فأنت أنت القريب أقرب من حبل الوريد،
أنت أنت القريب، القائم علمه بين المرء وقلبه، فلا خلجة بلا تدبير ولا طرفة عين بغير إحاطة وتقدير،

أنت .. أنت القريب .. في الخاطر .. في النفس .. في الأمل .. في القول .. في العمل ..
أنت أنت القريب قبل أن تخطر خواطر خاطري ..

أنت أنت القريب لأنك ماثل في كل الوجود قدرة..واقتدارا .. وحسناً وجمالاً .. وروعة وإبداعاً .. وإحكاماًً وإتقاناً.

ربي .. في لمسة الغصن الندي .. في روحة النسيم الهني .. في رقة الورد البهي .. في ترنيمة الورقاء .. في اندياح موج الغدير الناعي، على رمال شاطئه الوديع، وفي اللقمة أودعها فمي .. وفي الرشقة أطفئ بها ظمئي .. في استرخاء الجفن .. في أحلى أحلام النوم العميق .. في زحمة الشدائد .. في تراكم الأحداث .. في بلهنية العيش .. في كل شيء.ومع كل شيء .. أنت القريب .. وأنت المجيب .. وأنت الحبيب.

ربي .. أنت العليم .. نهاري نهار المعاف للأموال والأولاد والأعمال أغضب كما يغضب الناس، وأرضى كما يرضى الناس، أحزن كما يحزن الناس، وأفرح كما يفرح الناس، أمشي في مناكبها وأكل من رزقك، منك البدء وإليك المصير

حتى إذا ما جن الليل وكواني جناحه، وهدأ الكون وران الصمت يطوي في حناياه الوجود، هزني إليك الشوق، فإليك أسند ظهري قبل أن يحتويه الفراش وإليك اسلم أمري، وفي رحابك الفسيح أردد آياتك في ركعات أنت أعلم بسرها وعلانيتها،

أشكو إليك ضعف قوتي .. فألتمس منك العون .. وإليك أشكو قلة حلتي فمنك المدد والتوجيه، بك أعوذ من الفقر إلا إليك، وأنفر من الذل إلا بين يديك ولا أخاف من الخوف إلا منك، يافعال لما تريد، يا مصدر الطول والحول.

ربي أضرع إليك إلا أقول زوراً، ولا أغشى فجوراً، ولا أكون بك مغروراً فإن ابتليتني فلا تجعلها فتنة في ديني، وإن أرضيتني فلا تجعله استدراجاً بي أنت أنت النصير ..

إذا عز في هذا الوجود نصير، مالي سوى بابك مفزع، ففيه الحمى، وإليك المرجع ..
ألهمني كيف أناجيك، وأطلق لساني بكل ما يرضيك، وحل بيني وبين معاصيك، ولا تجعل لغيرك عندي خاطر، أو في غيرك لي إرادة، من استعان بغيرك ذل، ومن فكر في غيرك تاه وتفرقت به السبل ..