بحث عن إعادة التأطير و تطبيقات في التاريخ الإسلامي
الجزء الأول
سعت البشرية سعيا حثيثا وراء إضفاء المعنى على الأشياء، إن الأحداث تقع لكنها لا تكتسب أهمية تذكر إلا إذا أضفينا عليها معانيها، وربطناها ببقية حياتنا، وقيّمنا تلك النتائج المترتبة عليها، إننا نتعرف على معاني الأشياء من خلال ثقافتنا وتربيتنا الفردية، حيث إن تنشئة كل فرد تختلف عن الآخر
ليس لأي شيء معنى في الوجود إلا المعنى الذي أعطيه إياه
الإطار Frames
الإطار هو السياق أو الطريقة التي يتم بها الإدراك، و هي عملية ادارك الأشياء و المصطلحات في سياق ما بحيث يتم إدراكها بمعنى ما وفق هذا السياق.
يمكن القول أن الإطار هو الاستجابة الأولية التي ندرك بها الأشياء و المعاني والمصطلحات، أو هي الاستجابة المباشرة أو التلقائية التي تم بها هذا الإدراك دون تفكير (لا وعي) وذلك ضمن السياق الواردة فيه هذه المعاني والمصطلحات.
حين تكون في انتظار أحد الضيوف المرحب بهم، فستتوقع أو –تضع في إطار – دقات على الباب، و هي مختلفة بالطبع عن تلك الدقات على بابك في ساعات الليل المتأخرة حين لا تكون متوقعا أي زائر.إن إطارك المرجعي يختلف، و بالتالي يختلف المعنى، وتغيير المعنى مؤداه تغيير تأثيرات الاتصال و السلوك أو الحدث.
التأطير Framing
إن التأطير في البرمجة اللغوية العصبية هي كلمة تشير إلى الطريقة التي نضع بها الأشياء في سياقات و أطر مختلفة، وذلك كي نضفي معاني جديدة مختلفة عليها، أي ما نجعله مهما في تلك اللحظة.
بمعنى آخر التأطير : هي التعليق أو الإلصاق، أي وضع الأشياء في سياق (إطار) بحيث يمكن فهمها في هذا السياق.
إعادة التأطير Re Framing
تعتمد فكرة إعادة التأطير على إيجاد معلومات يصبح فيها للإطار السلبي معنى ايجابي (أو سياق ايجابي) والعكس بالعكس، وذلك من خلال تغيير مواقع الإدراك الزمانية و المكانية والمنطقية المختلفة
في كل المواقف يمكنك استخدام إعادة التأطير أو إعادة تشكيل الإطار، وعلى الرغم من أنها بالضرورة عملية عقلية، إلا أنها يمكن أن تظهر نتائجها على السلوك بشكل فوري. قد تجد صعوبة في تغيير سلوك شخص آخر أو حتى سلوكك أنت. ولكن يمكنك دائما تغيير أسلوب تفكيرك و طريقة رؤيتك للأشياء من حولك، حتى ولو بقدر ضئيل في كل مرة، إن إعادة التأطير تغير من الطريقة التي تشعر بها و من ثم تغير الطريقة التي تعمل بها.
إن عملية إعادة تشكيل الإطارات (إعادة التأطير) تعطي نتائج سريعة، ولذلك حققت شعبية بين ممارسي منهج البرمجة النفسية اللغوية، حيث أن لها عدة تطبيقات في مجال الأعمال و التطوير الذاتي والتواصل والعلاج. كما تقدم أداة قوية في مجال حل المشكلات، وذلك من خلال عدة تقنيات مبنية على المبدأ البسيط (تغيير الإطار)، و تستخدم أيضا في استثارة ما يطلق عليه الفكر الموازي أو التفكير خارج الصندوق. أما في المواقف الصراعية فإن إعادة التأطير يكون لها تأثير كبير جدا أقوى من جهود الإقناع أو الجدال.
هل يمكن أن نقوم برسم أربعة خطوط مستقيمة و متصلة بحيث تمر من كافة النقاط أدناه؟
. . .
. . .
. . .
كلما كان تفكيرك منصبا في إطار واحد وهو إطار المربع الذي يحوي هذه النقاط التسع فإنك لن تصل إلى الحل مهما فكرت، قم بتغيير إطار الشكل الذي سيتشكل منه بعد إيصال النقاط فلربما تصل إلى نتيجة أفضل.
إعادة تأطير المحتوى وإعادة تأطير السياق
يمكن لعملية إعادة التأطير التأثير على السياق بالنسبة لأي موقف، فعلى سبيل المثال : يمكنك تغيير المكان أو الزمان، فكر فقط في سياق آخر يجعل السلوك ايجابيا أو مفيدا، وأين يمكن أن يبدو نفس هذا السلوك؟ ولكن بإضاءة مختلفة.
عند إعادة تأطير السياق يتغير السياق ويبقى نفس المعنى.
تعيرنا أن قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل
يمكنك أيضا تغيير المضمون أو المحتوى الخاص بأي موقف، مثال : يمكنك تغيير سلوك أو ظروف محيطة، أو ببساطة إعطاء معنى مختلف لشيء ما.
هنا يتغير المعنى و يبقى السياق نفسه
ظهرت الفتنة بين الناس (إطار سلبي).
إذا أراد الله أن يقمع فتنة أظهرها (إعادة تأطير للمعنى)
حل تمرين تغيير الإطار
بعد أن خرجنا عن نمط الشكل المربع وتجاوزناه حصلنا على النتيجة المطلوبة
هكذا هي الأحداث والسلوكيات إذا قمنا بإعادة تأطيرها في سياق آخر أو أعطيناه معنى آخر فان استجابتنا لها ستتغير و يتغير السلوك الناجم عنه تلقائيا، ويمكن الاستفادة منها في التحكم بالحالة الذهنية لنا و كذلك تحسين العلاقات.
تخيل أن ابنك المراهق عائد إلى المنزل متأخرا عن الموعد المتوقع، إن مشاعرك و سلوكك طوال فترة انتظارك تعتمد على الكيفية التي (تؤطر) بها الموقف.هل تعرض لحادث؟ هل يعصي أوامرك متعمدا؟ هل حاول الاتصال تلفونيا؟ إن إعادة تأطير هذا الموقف ليس لها حدود. ويمكنك أن تختار الكيفية التي تترجم بها الموقف. إن الطريقة التي (تؤطر) بها الأشياء تؤثر على سلوكك، وعلى ضغط الدم، وعلى صحتك في المدى الطويل.
يمكنك إعادة تأطير السلوك السلبي المشحون بمشاعر غير سارة إلى سلوك هادف و مفيد، فبمجرد تأمل الاختيارات المتاحة يمكن أن ينقلك إلى حالة ذهنية أفضل للتعامل مع الموقف أو لاتخاذ قرار. إن إعادة التأطير يمكن أن تحل مشاكل رئيسية بصورة قد يظن معها أن الحلول هبطت فجأة بمعجزة. في كل الحالات وجه اهتمامك لإيجاد الاختيارات، ودع الاختيارات بدورها تقد المصادر التي تمكنك من التجاوب بكفاءة.
-----------------------
إعداد الصديق المدرب المهندس سرمد محمد قسيم- العراق
ممارس متقدم في الاتحاد العالمي لمدربي البرمجة اللغوية العصبية INLPTA
ممارس متقدم في الجمعية العالمية للبرمجة اللغوية العصبية IANLP
المصادر :
مدخل إلى البرمجة اللغوية العصبية (جوزيف اوكونر و جون سيمور )
البرمجة اللغوية العصبية في 21 يوما ( هاري الدر و بيؤيل هيذر)
المفضلات