موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
شرح حديث . ما ظنك باثنين اللـه ثالثهما2
شرح الحديث
قوله: (( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما))
أي: ما ظنك، هل أحد يقدر عليهما أو ينالهما بسوء؟
وهذه القصة كانت حينما هاجر النبي صلي الله عليه وسلم من
مكة إلى المدينة، وذلك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم
لما جهر بالدعوة، ودعا الناس، وتبعوه، وخاف المشركون، وقاموا
ضد دعوته، وضايقوه، أذوه بالقول وبالفعل، فأذن الله له بالهجرة
من مكة إلى المدينة ولم يصحبه إلا آبو بكر رضي الله عنه،
والدليل، والخادم
فهاجر بأمر الله، وصحبه آبو بكر رضي الله عنه. ولما سمع المشركون بخروجه
من مكة، جعلوا لمن جاء به مائتي بعير، ولمن جاء بأبي بكر مائة بعير،
وصار الناس يطلبون الرجلين في الجبال، وفي الأودية وفي
المغارات، وفي كل مكان، حتى وقفوا علي الغار الذي فيه
النبي صلي الله عليه وسلم وأبو بكر، وهو غار ثور الذي اختفيا
فيه ثلاث ليال، حتى يبرد عنهما الطلب،
فقال آبو بكر رضي الله عنه:
يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا، لأننا في الغار تحته،
فقال: (( ما ظنك باثنين الله ثالثهما))
وفي كتاب الله انه قال: (ِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )
(التوبة: من الآية40)،
فيكون قال الأمرين كلاهما، أي:
قال: (( ما ظنك باثنين الله ثالثهما))
وقال ( لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ).
فقوله: (( ما ظنك باثنين الله ثالثهما)) يعني:
هل أحد يقدر عليهما بأذية أو غير ذلك؟
والجواب:
لا أحد يقدر، لأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع،
ولا مذل لمن أعز ولا معز لمن أذل:
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ
وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ
مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(آل عمران:26).
وفي هذه القصة: دليل علي كمال توكل النبي صلي الله
عليه وسلم علي ربه، وأنه معتمد عليه، ومفوض إليه أمره،
وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث في باب اليقين والتوكل.
وفيه دليل علي أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة،
فما يوجد في بعض التواريخ، أن العنكبوت نسجت علي باب الغار،
وأنه نبت فيه شجرة، وأنه كان علي غصنها حمامة،
وأن المشركين لما جاءوا إلي الغار قالوا هذا ليس فيه أحد،
فهذه الحمامة علي غصن شجرة علي بابه، وهذه العنكبوت
قد عششت علي بابه، كل هذا لا صحة له،
لأن الذي منع المشركين من رؤية النبي صلي الله عليه
وسلم وصاحبه أبو بكر ليست أمورًا حسية_ تكون لها
ولغيرها_ بل هي أمور معنوية، وآية من آيات الله عز وجل،
حجب الله أبصار المشركين عن رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام،
وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه، أما لو كان أمور حسية، مثل
العنكبوت التي نسجت، والحمامة، والشجرة، فكلها أمور
حسية، كل يختفي بها عن غيره، لكن الأمر آية من آيات
الله عز وجل،
فالحاصل أن ما يذكر في كتب التاريخ في هذا لا صحة له، بل
الحق الذي لا شك فيه، أن الله _ تعالى_ أعمى أعين
المشركين عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه_ رضي
الله عنه_ في الغار.
والله الموفق.
المفضلات