‏*‏ وإذا بلغ القلق درجة كبيرة وسيطر عليك سيطرة محكمة‏..‏ فكيف يمكنك علي الأقل كخطوة أولي التعايش معه بسلام؟؟

القلق المفيد
‏*‏ د‏.‏ جيريلين روس مديرة مركز روس للقلق والاضطرابات المصاحبة له‏.‏ ود‏.‏ لندا أندروس أستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة هيوستن تقدمان لك خطوات العلاج من القلق‏,‏ حتي لايدمر حياتك‏..‏
فتقول د‏.‏ أندروس إن القلق‏,‏ علي الرغم من مساوئه‏,‏ فإنه مفيد في بعض الظروف‏,‏ لأنه رد الفعل الطبيعي لتلك الضغوط القاسية التي قد نتعرض لها في عالمنا اليوم‏..‏

فالقلق هو الذي يحركنا‏,‏ ويجعلنا نستعد للمواجهة وأحيانا يعطينا الطاقة لاتخاذ خطوة حاسمة تفرضها الظروف‏,‏ عندما نحتاج إلي القيام بها‏..‏
لكن عندما يتمكن منك القلق ــ علي حد تعبير د‏.‏ أندروس ــ يستجيب جسدك لعدة تغييرات سلبية مرضية‏,‏ منها اضطراب في النوم والأكل والتركيز‏,‏ وقد تصابين علي الأرجح بصداع مستمر‏,‏ وألم في معدتك‏,‏ وقد يصل الأمر أيضا إلي حد اصابتك بشبه أزمة في التنفس مع سرعة نبض القلب الخائف‏,‏ والعرق البارد الغزير‏...‏

كلها أعراض للقلق وأكثرها خطورة هو إحساسك بالاكتئاب وهما يتلازمان كما تقول د‏.‏ روس‏,‏ عندما يستبد بك القلق فيشل حركتك ويمنعك من القيام بواجباتك اليومية ونشاطك المعتاد الذي يجب أن تقومي به‏,‏ هنا تحتاجين للمساعدة حتي لاتتأثر حياتك سلبيا بالقلق‏..‏ فغالبا مايحولك القلق إلي إنسانة غير قادرة علي اتخاذ القرار السليم‏,‏ أو تفقدين القدرة علي مواجهة موقف قد تتعرضين له‏,‏ فتؤجلين قراراتك‏,‏ وتلغين مواعيد مهمة هروبا من المواجهة لمجرد أن خوف القلق يكاد يشل حركتك‏...‏ فكما تؤكد د‏.‏ روس أن الذين يتملكهم القلق‏,‏ يتجنبون المواقف الصعبة ويبعدون عن التعامل مع الناس وعن أي مواجهة فهم يكونون بلا تركيز‏,‏ لأن درجة قلقهم عالية جدا‏,‏ وتحولهم إلي أشخاص مشلولي التفكير والحركة والمواجهة‏.‏ وتحتاج هذه الدرجة من القلق إلي مساعدة طبية كما تري د‏.‏ روس مديرة مركز روس للقلق واضطراباته‏...‏

‏*‏ والآن كيف تواجهين القلق؟
تنصحك د‏.‏ أندروس بأن تضعي القلق في حجمه الطبيعي‏,‏ وافصلي تماما بين المخاوف الحقيقية للحدث الذي تعرضت له‏,‏ وبين هواجسك وخيالاتك التي تعظم دائما الخطر وقد تحوله إلي كارثة‏...‏ تعلمي كيف تسيطرين علي المخاوف التي تستطيعين أن تسيطري عليها‏...‏ أما المخاوف الأخري التي لاتقدرين علي ابعادها‏..‏ فحاولي أن تتقبليها واسألي نفسك دائما‏...‏ ماهي المخاوف التي يمكن ان تسيطري عليها‏,‏ وما الذي لاتقدرين علي تغييره؟
وباجابتك الصادقة مع نفسك يمكن القيام بما هو مطلوب‏..‏ غالبا ما تكونين بحاجة إلي أسرة تحتويك أو صديقة تفضين إليها بمخاوفك وقلقك ومشاعرك المضطربة‏,‏ وتساعدك علي التحدث في مشكلتك وإذا زاد القلق‏...‏ فعليك بزيارة متخصص معالج ليبدأ بإعطائك أدوية خاصة بالقلق‏...‏

تعلمي فن الاسترخاء
والعلاج هنا‏,‏ كما تشرح د‏.‏ روس بمنتهي الأمانة‏,‏ يسير في خطين متوازيين‏,‏ أولهما‏:‏

‏*‏ عليك تحدي الأفكار السلبية‏,‏ فأية فكرة قد تطرأ‏,‏ عليك بالتفكير بسرعة فيها وسؤال نفسك هل هي فكرة ايجابية تساعدني علي مقاومة القلق أم هي فكرة سلبية قد تزيد من خوفي؟
تقول د‏.‏ روس ذلك صعب جدا ولكنه مهم ويأتي بنتيجة ايجابية فعالة‏.‏
‏*‏ والأمر الثاني هو أن تتعلمي فن الاسترخاء‏..‏ كيف تأخذين النفس العميق‏,‏ فعندما يقلق الناس‏,‏ هم يحبسون أنفاسهم‏,‏ ونحن بدورنا نحاول أن نعلمهم من جديد كيف يتنفسون بطريقة صحية سليمة تهدئ من روع جهازهم العصبي‏.‏ وتنصحك د‏.‏ روس بالقيام بتمرينات اليوجا‏,‏ أو التأمل‏,‏ أو القيام بتمرينات رياضية‏,‏ وهي تؤكد أن الرياضة تأتي بنتيجة مذهلة في قهر القلق‏.‏

وتضيف د‏.‏ أندروس انه عليك ألا تخلطي في قلقك بين كل الأمور حتي لاتقعي في براثن المرض النفسي‏,‏ فانت قلقة من حدث ما‏,‏ إذن عليك ان تبعدي قلقك عن أمور أخري‏.‏ في حياتك لانك إذا لم تفرقي بين أسباب القلق ومصدره‏,‏ فسوف تخسرين السلوك السليم في حياتك‏,‏ وسوف تفقدين علاقاتك الاجتماعية‏,‏ وتخسرين ثقتك في نفسك وقدراتك الفطرية‏...‏ حاولي الا تزيدي من الضغوط في حياتك والا تضيفي إلي كاهلك ضغطا نفسيا آخر فوق الضغط الذي تعانين منه فعلا‏..‏
وتؤكد د‏.‏ أندروس حقيقة مهمة هي انه كلما كان الحدث المخيف الذي تعرضت له في حياتك كبيرا وضخما ومثيرا للدهشة اخذ منك وقتا طويلا للوقوف علي قدميك مرة أخري سليمة‏,‏ وإذا كنت مكتئبة‏,‏ فذلك سوف يعقد الأمور أكثر‏...‏

وتقول إن الطلاق هو أفظع شئ قد تتعرض له المرأة ولا تشفي من عواقبه أو القلق الذي نتج عنه إلا بعد سنوات‏,‏ حتي تستطيع المرأة الوقوف مرة أخري علي قدميها وتسيطر علي أحزانها وصدمتها‏!‏
‏*‏ والحقيقة الأكيدة التي تهمس بها د‏.‏ روس مديرة مركز القلق‏,‏ والتي توافقها عليها د‏.‏ أندروس أستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة هيوستن هي انه يجب عليك أن تكافحي حتي لاتقف حياتك‏,‏ يجب عليك أن تملئي حياتك وتشغلي فراغك بالعمل وبالعلاقات الاجتماعية الطيبة فذلك سوف يضعك علي طريق الشفاء من القلق‏,‏ ومع الأيام ومع العمل الجاد والصحبة الجميلة مع الأصدقاء والأسرة‏,‏ سوف تفاجئين بأن الخوف والقلق يبعدان عنك‏....‏