مــاهـي الـنـرجـسـية
يُحكى في الأساطير الإغريقية منذ ملاين السنين انه كانت هناك إمراة جميلة جداً متزوجةبرجل يحبها كثيراً فانجبا طفلاً رائعاً في الجمال وأسمياه-نرسيس .وكانا شديدي المحبة به حتى الوله ...ولاسيما بعدما قال لهما عراف لاتجعلاه يرى نفسه بهذا الجمال ..فقدره وقتها أن يموت .
-ولم يكن وقتها هناك علم ولاحضارة ولم تكن بالطبع صناعة ؛بالتالي لم يكن يعرف الناس المرآة..بالتالي كان هناك إطمئنان من قِبل والديه بأنه لايمكنه ان يرى وجهه ..
-لكن نرسيس هذا كان يرى الدلال من والديه ويسمع دائماً قولهما بانه أجمل ماخلق الله وبانه لم يُخلق مثله في هذه الدنيا؛وتاكد له ذلك بما كان يسمعه من الناس..فتملكه الغرور والزهو ...لدرجة الإزدراء
-واعتاد نرسيس ان ياتي للنهرويشرب ويقوم مسرعاً ليلحق بأصحابه ويلعب معهم.لكن في إحدى الأيام بينما كان النهر هادئاً والماء صافي اقترب نرسيس ليشرب وإذ به يرى وجهاً جميلاً يطل عليه من الماء..ففزع وهرب .لكنه ظل يفكركثيراً من هذا الفتى الذي يسكن الماء ويمتلك هذا الوجه الجميل؟ ولم يخطر بباله ابدأ بانها كانت صورته معكوسة على وجه الماء؛فاصبح يتسلل يومياً ليرى الفتي ويعود والحسرة والغيرة تملآن قلبه ..لكن في إحدى المرات ذهب للنهر وهو ينوي نية لارجعة فيها ؛وهي ان يقتل هذا الفتي لكي لايكون في هذا الكون من هو اجمل منه،فتسلل بهدؤ واقترب من الماء فظهرت له صورته فهجم عليها ,,و,,,و,,,وغرق ومات
..وفي كل مرة كانت تُروى القصة بطريقة مختلفة فمنهم من قال بان نرسيس عشق الصورة الجميلة التي يراها على سطح ماء النهر عشقاً قوياً وعندما قرر ان يمتلك هذا الجمال ويمسك بهذا المخلوق الرائع الجمال ...هوى في النهر وغرق ومات .

-وهنا اكملت الأساطير القصة بانه في ذلك المكان نبتت زهرة مخملية اورانجية اللون ومحفوفة بحمرة فقالوا عنها انها روح نرسيس-وهي الزهرة المسماة بالعربية بالنرجس

-هذا بالنسبة للأساطير وهي بالطبع بعيدة عن الواقع-اما عن حقيقة النرجسية فقد عرفها علماء النفس بأنها داء يسبب الإضطراب في الشخصية –وهو عشق الذات وحب الإنسان لنفسه لدرجة –الأنانية –وهو ما يسمى أيضاً بخزانة العواطف-لأنه لا يحب ان يظهر عواطفه للآخرين-كالزوج الذي يصر على أن لايدلل زوجته ولايخبرها عن حبه –والزوجة التي تكيد زوجها وتكثر من طلباتها لدرجة ترهقه وكثيراً ماتحرمه من وصالها- وهنا يسمى بمسمى آخروهو-الإبتزاز العاطفي-فكلما رأى احدهما الآخر يحبه يبتزه ويرهقه ويحمله ما يطيق.ويبقى حبه حول ذاته ...وبدلاً من أن يمتع والديه وأبنائه وزوجته بالحب والرعاية والحنان ؛تجده منغلق نحو ذاته ويجعل عواطفه وأحاسيسه داخلية له ،ولا يجعلها خارجية ليمتع بها الاخرين من مستحقيها...بالتالي هو هنا لايبني بينه وبين الاخرين جسر محبة ولا رحمة بل يمقته الجميع من كثرة إعجابه بنفسه وتعاليه على الاخرين ..بل وسلاطة لسانه ولايهمه أن يجرح إحساس الاخرين بالتهكم والتعالي.
-وبكل أسف النرجسية تلك تبدأ مع الإنسان منذ الطفولة ..نتيجة تربية الوالدين الخاطئة والمتعمدة بان يكون ولدهم أفضل من الجميع عن طريقة التعالي والمفاخرة
-وبكل أسف هي تكون في الكثير من المشاهير الذين يتملكهم الغرور بسبب أي نعمة أغدقها الله عليهم،بالتالي لاتكون بين الميسوريين والمتدينين والفقهاء والعلماء والمفكرين والبسطاء؛وتلك الفئة تجدهم دائماً معطائين مثل الطبيب والمعلم والحرفي والمهندس –لأنهم جميعهم معطائين –والنرجسي بخيل شحيح في عواطفه وفي عطائه