الكتمان

هو حفظ الأسرار، وإخفاء ما لا يجب أن يعرفه الناس من الأمور الخاصة.

كان أنس بن مالك -رضي الله عنه- يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يوم من الأيام

كان يلعب مع الغلمان بالمدينة، فأتى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وألقى عليهم السلام

وكلف أنسًا بمهمة ما. وبعد أن نفذ أنس تلك المهمة عاد إلى أمه، فسألته عن سبب تأخره

فقال لها: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، فسألته: ما حاجته؟ فلم يخبرها أنس

وقال: إنها سِرٌّ. فسعدت به أمه وأُعجبتْ بكتمانه للسر، وقالت له: لا تخبرنَّ بسر رسول الله

صلى الله عليه وسلم أحدًا. [مسلم].


*عندما تُوفي زوج السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، عرض عمر على

عثمان بن عفان أن يتزوجها، فقال له عثمان: سأنظر في أمري، وبعد أيام لقى عثمانُ عمرَ

فقال له: بدا لي ألا أتزوج الآن. ثم عرض عمر على الصديق أبي بكر أن يتزوج ابنته حفصة

فلم يرد عليه أبو بكر بالقبول أو بالرفض، فغضب عمر منه.

وبعد ليالٍ، خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم فزوَّجها له عمر، فلقيه أبو بكر فقال له: لعلك

وَجَدْتَ علي (غضبتَ مني) حين عرضتَ علي حفصة فلم أَرْجِعْ إليك شيئًا؟ فقال له عمر: نعم.

فقال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئًا حين عرضتَها على إلا أني سمعتُ رسول الله

صلى الله عليه وسلم يذكرها (أراد الزواج منها)، ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه

وسلم، ولو تركها لنكحتُها (تزوجتُها)._[البخاري].


أنواع الكتمان:

-كتمان السر:

ومما قاله الحكماء في كتم السر وعدم إفشائه:

من أفشى سره أفسد أمره، ومن كتم سره ملك

أمره. وقيل: أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره.

وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: من كتم سره كان الخيار بيده.

وقال: ما أفشيتُ سري إلى أحد قط فلمتُه؛ إذ كان صدري به أَضْيَق.

وقال علي -رضي الله عنه-: سرك أسيرك فإذا تكلمتَ به صرتَ أسيره.


-كتمان الحاجات:

وقد أوصي النبي صلى الله عليه وسلم بالكتمان في قضاء الحوائج، فقال

(استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود) [الطبراني والبيهقي].


-كتمان أسرار البيت:

قال صلى الله عليه وسلم (إن من أَشَرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يُفْضِي إلى

المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها) [مسلم].

-كتمان عورات المسلمين:

المسلم لا يتحدث عن الآخرين بما يؤذيهم، بل إنه يستر عوراتهم، ويغض بصره عن محارمهم.

و إذا بدرت منه معصية أو فعل ذنبًا فإنه يكتم على نفسه، ولا يتحدث بذنوبه أمام الناس

ويسارع بالتوبة إلى الله، والاستغفار عما فعل من الذنوب، أما هؤلاء الذين يتفاخرون أمام

الناس بأنهم يرتكبون الذنوب ويفعلون المعاصي فقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم

مجاهرين، لا ينالون عفو الله -عز وجل-، يقول النبي صلى الله عليه وسلم

(كل أمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد

ستره الله، فيقول: يا فلان عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله