هذه قصة عشتها حوالي تسع سنوات مع التدخين . سوف اسرد لكم إحداثها من البداية
كنت شابا مثل اى شاب يمر بمرحلة المراهقة وكان والدي مدخن وكان يدخن بشراهة جدا وكنت أرى في التلفزيون الممثلين المشهورين والمحبوبين من الناس يدخنون فأحسست بداخلي أنى يجب أن أجرب التدخين . لابد أن يكون التدخين له مذاق خاص .
اخذنى الفضول لتجربة أول سيجارة في حياتي . أخذت من علبة السجائر الخاصة بوالدي سيجارة واستغليت عدم وجود احد في المنزل وأشعلتها وبدأت أدخنها ولكن لم اشعر بطعم جميل أو مذاق رائع كما كنت متصور .
وبدأت من هنا بدايتي مع التدخين .
كنت اعمل في الصيف في احد المواقع وكان يعمل معي احد الجيران وكان شاب مثلى ويدخن أيضا وهنا بدأت التجربة الحقيقية للتدخين . حيث تعرفنا على العمال هناك وكنا نجلس معهم نأكل سويا ونتحدث وأيضا ندخن السجائر وبما اننى أنا وجارى هذا اصغر الموجودين المدخنين فقد لاحظ الآخرون أننا ندخن بطريقة خاطئة .
وقام احد العمال مستهزئا بطريقة تدخيني وقال لي بالنص : أنت بتعمل أيه ؟ خد الدخان على صدرك يا حبيبي
واخذ الجميع يضحكون . هنا بدأت اسحب الدخان على صدري وفعلا بدأت أشعر بالدخان يدخل إلى صدري
وبدأت رحلة الإدمان .
بدأت أدخن وأدخن وأصبحت السجائر عندي مثل الطعام والشراب والهواء
لا استطيع الاستغناء عنها , كنا نذهب أنا وزملائي في المدرسة وندخن سويا ونستمتع بالتدخين وكأننا رجالا كبار مثل الفنان محمود عبد العزيز في مسلسل رأفت الهجان فقد كان مدخنا شرها
كنت دائم النظر إليه ولسيجارته في المسلسل , كنت أرى في سيجارته شخصيته القوية واشعر أن سيجارته هي التي تجعل له وقارا وتجعل منه بطلا , فأحببت أن أكون مثله وبدأت أقلده حتى في أفلامه ومسلسلاته الأخرى
اتجهت للشيشة ولكنها لم تستهوينى مثل السيجارة لان السيجارة سهلة التدخين وفى متناول يدى على عكس الشيشة
وبدأت حياتي كلها تتحول لمسار أخر .
لم يكن والدي ووالدتي يعلمون اننى أدخن وهذا كان في مصلحتي لانى عرفت بعد ذلك أنى أخطأت عندما قلت لهم , فقد كنت أدخن اغلب الأحيان خارج المنزل حتى لا يراني احد وفى مكان بعيد .
وهذا كان يجعلني اخذ وقتا طويلا من اجل أن أدخن سيجارة أو سيجارتين , أما بعد أن علم و الدى باني مدخن فقط أصحبت أدخن في الشارع وأدخن أمام الجميع فلم يعد هناك ما يضطرني لان اذهب بعيدا وفى الخفاء حتى لا يراني احد .
حتى أصبحت مدمنا للسجائر ولا استطيع أن يمر على ساعة واحده دون أن ادخل على الأقل سيجارة . أصبحت نحيفا واسود الوجه وأحسست بالسم يدخل فى دمى .
حتى وصل الأمر ان الناس من كثرة ما شاهدوني أدخن اصحبوا يقولون أذا اقلع الجميع عن التدخين لن يقلع ياسر عن التدخين .
أصبحت فعلا مدمنا للسيجارة وبدأ مصروفي لا يكفيني أكلى وسجائري التي كنت أدخنها بشراهة وأصبحت مدمنا بحق حتى أنى بدأت أبيع أشياء خاصة بى من اجل السيجارة وكنت اسرق السجائر من علبه والدي واختلس المال منه أيضا . حتى وصل بى الأمر ان مددت يدي على أموال الجميع . حني احصل على السيجارة .
كرهت نفسي حينها ولكن الإدمان كان أقوى منى ولم يكن احد بجواري يرشدني كنت محتاجا لشخص يشدني مما أنا فيه , كنت محتاجا لمن يفهمني .
كبرت وكبر معي ادمانى وأصبحت مدمنا صرفا للتدخين وبعد أن أصبح التدخين عادة وتسلية ورجولة في نظري أصبح شئ اساسى في حياتي وبدأت اعمل وبدأت أوفر المال من اجل السجائر وزاد ادمانى أكثر وأكثر .
وبعد أن مرت مرحله البداية وبدأت في مرحلة المعاناة بدأت اشعر بصدري يضيق على ولا استطيع صعود السلالم كما سبق ورأيت نفسي انهار شيئا فشيئا وأصبح وجهي مسودا لا نور فيه .
بدأت أفكر في الإقلاع عن التدخين وفعلا قررت أن اقلع عن التدخين ولكن ما أن قررت حتى دخت مره أخرى في نفس اليوم ولكنها كانت محاولة وتمر الأيام وأنا أحاول وأحاول وأحاول ...
لم اعد عدد المحاولات التي حاولت فيها الإقلاع عن التدخين ولكنها كانت كثيرة جدا آلاف المرات ولكن كان لدى دافع لان اقلع عن التدخين وهو أنى اشعر بسم يجرى في جسدي واشعر أن هذا شئ غريب وقد بدأت اقرأ عن أضرار التدخين واسمع وأشاهد حالات لديها سرطان رئة وحنجرة وغيره من التدخين .
كل مره كنت أحاول فيها وارجع إلى التدخين , كنت اشعر بالانهزام والضعف والهوان , كنت محتاجا دافعا قويا يجعلني اقلع عن التدخين ولعل صحتي لم تكن دافعا قويا وقتها حيث اننى كنت كرهت نفسي لما كنت أعيشه من جو بائس سواء على الجانب الاجتماعي أو الشخصي أو حتى العاطفي , فلم يكن هناك ما أبكى عليها , فقد كنت أتساءل لمن سوف تبقى الصحة ؟
نكمل القصة في المقال القادم بأذن الله
وعندما توصلت ان فى هذا العالم الذى نعيشه الآن ما ابحث عنه ليس موجودا . فكان هناك تحدى بينى وبين نفسى على تحطيم القيود والعودة مره أخرى ياسر كما عهدي به وصممت ان اقلع عن التدخين وفعلا قررت هذه المرة ان اقلع ولم اخبر أحدا باننى أقلعت عن التدخين وكانت فترة عصيبة وأريد ان أوضح ان التدخين إدمان وليس مجرد عادة سيئة فهو إدمان لانى ما شعرت به خلال أول أسبوع كان صعب جدا .
صداع طوال اليوم وعدم تركيز وحالة من العصبية الشديدة وكنت لا اشعر بما أقول و وكنت بدأت افقد توازني وكنت اضعف أكثر فأكثر ., كانت حالة عذاب قوية وخلال تلك الفترة كنت اشعر بشئ له طعم جميل وهو أن السم بدأ يخرج من جسدى شيئا فشيئا وكنت استمتع بهذا جدا واشعر به .
وأيضا كانت الدافع قوى جدا فقد كنت أريد ان أصل لشئ ما وهو اننى استطيع افعل ما اريد اذا صممت عليه وبدأت أتناول طعامى كسابق عهدى وأصبحت واشرب سوائل كثيرة ولكن الشئ المهم الذى كان يؤرقني خلال تلك الفترة هو طول اليوم فقد كانت السيجارة دائما فى يدى .
السيجارة لها مكان فى يومى وكان لابد ان يكون هناك بديل للسيجارة وكنت دائما ما اشترى لب او نعناع او اى شئ آخر من اجل التسلية ومن اجل العادة وحتى اشغل نفسى بها حتى لا أفكر فى السيجارة .
وكنت اشعر ان اليوم لا يجرى ودائم النظر الى الجميع الذين يدخنون وانتبه الى سيجارتهم فى أيديهم وانظر الى السيجارة وصدرى يشتهى الدخان , فقد كنت مدمنا حقا وأنا أدرك ذلك .
ومر الأسبوع والحمد لله بدأت تخف الأعراض الجانبية كالصداع والعصبية وخلافة وبقت معى العادة وكانت أصعب من مرحلة الأعراض الجانبية لأنها تتحدى أرادتك وصبرك .
اليوم لم يكن يمر . كان يومي طويلا جدا وكنت انظر الى السيجارة فى يد اى شخص يتحدث إلى , حيث لا انتبه الى كلامه ولكن أضع تركيزي كله على سيجارته وانظر لها بشوق ولهفة , وفى بعض الأوقات كنت أتعمد التقرب من الشخص الذى يتحدث إلى حتى أشم رائحة السيجارة من شده لهفتي لها .
وكنت دائم النظر ليدي أيضا التى كانت تحمل السيجارة بين اصابعى وكنت انظر إليها وأحرك اصابعى التى كانت تمسك بالسيجارة وكأننى احمل السيجارة , وفى بعض الأوقات أضع شيئا كالقلم مثلا فى فمى وكأنني أدخن
واشياء كثيرة كنت افعلها مثل هذه الأمور وفضلت على هذا الحال فترة طويلة جدا وكانت فترة صعبة ولكن كان هناك إصرار على عدم العودة وأيضا هناك شئ كنت دائما ما افعله عندما اقلع عن التدخين وهو اننى كنت عندما يحدث اى مشكلة لى كنت ارجع مره أخرى للتدخين وقد كنت وعدت نفسى هذه المرة اننى إذا حدثت لى اى مشكلة لن ارجع للتدخين مره أخرى , وقلت لنفسى سوف افعل اى شئ ولكن لن ارجع للتدخين مره أخرى
وفعلا مررت بمشاكل كثيرة فى تلك الفترة وخصوصا واننى كنت عصبيا بسبب ايقلاعى للتدخين وكانت فكرة العودة للتدخين مره أخرى تستهوينى حينها ولكن كنت ارفضها وأقول لا لن أتراجع ولن أعود مره أخرى عبدا للسيجارة .
واستمر الحال كما هو عليه مدة طويلة حتى جاء اليوم الذى نظرت فيه فى أخر النهار وتحدثت إلى نفسى متسائلا ما هذا ؟ أنا لم اهتم اليوم بالسجائر التى كانت فى يد فلان وفلان ولقد مر اليوم مرورا سريعا ولم اشعر باى إرهاق او عصبية أو حتى اشتقت إلى دخان السجائر , وكانت تلك اللحظة رائعة جدا فى حياتى وأصبح يومى عاديا بدون السيجارة وبدأت أعيش الحياة بدون السيجارة ولم اعد أفكر فيها نهائيا وعلى عكس عهدى ايام التدخين الآن أصبحت اكره دخان السجائر ,
وأنا الآن مقلع عن التدخين منذ حوالي ست سنوات تقريبا ولله الحمد .
_________________
§¤~¤§¤~¤§منقول§¤~¤§¤~¤§
المفضلات