الناس سواء .. كلهم يريدون أن يقتصرَ نجاحهم على النتائج الخارجية ، على المال و الجاه ، و على القوة و الشهرة .. يريدون هذا النجاح و يتوقون إليه بغض النظر عن النتائج الداخلية و بغض النظر عن الثمن الذي يدفعون .


إنهم يريدون المال ، يريدون القوة و النفوذ ، و بالتالي إنهم يريدون المظهر .
و ينجحون ، هذا التركيز المستمر على شيء واحد قد ينيلهم ما يشتهون ، و لكن ... متى نجحوا ؟! ، هل تكون السعادة من نصيبهم ، هل يحققون نتائج داخلية تسعد حياتهم ؟




أم يكون نجاحهم مقتصرا على المظهر ، على الإثراء و من بعد لتذهب راحة النفس إلى الجحيم ؟
فإذا كان النجاح معبراً إلى فشل داخلي ، فنكون قد ضللنا الطريق و خدعنا أنفسنا و احتلنا عليها ، و نكون قد عملنا على تحقيق الشقاء و تجميد كل نزعة من نزع الهناء .
المال ضرورة ، والإكثار منه أمر جميل مرغوب . ولكن الكمال في الحياة ضرورة أكثر فائدة ، و أضمن لنجاح الفكر و لاستقرار في النفس ، وهذا تحقيقه يحتاج إلى الحكمة .


يجب أن ننجح في كسب المال ، و لكن يجب ألا نقصر جهودنا على هذا الهدف وحده .. يجب أن نوجد التوازن بين نجاح و نجاح .. نسعى إلى المال ، و نسعى إلى الكمال ،و هذا الكمال إذا أضفناه إلي الطمأنينة المادية نكون قد نجحنا نجاحاً مزدوجا – نجاحاً خارجيا و نجاحاً داخلياً .


و يتأتى هذا العمل البناء ، العمل القائم على التفكير الصحيح المتزن .. العمل الصالح الذي يساعد على التفوق ، لا سبيل إلى تحقيق هذا ألا أن تمكنا من السيطرة على النفس ، وبلوغ المستوى الرفيع من المعرفة ، و تصفية الذهن من الشوائب .


النجاح فروع اذن ، ولا غنى عن التثقيف النفسي ، لأن الثقافة تزودنا بالقدرة ، و تبين لنا خير الطرق ، و تجعلنا قادرين على الحكم ، و تتيح لنا الفرصة لتلبية متطلبات الحس و متطلبات الفكر .
فهو إذا ، أي النجاح ، مجموعة من نجاحات . ولا يتم النجاح الشامل إلا متى تحققت هذه النجاحات الجزئية .


المتطلبات :


فالنجاح مجموعات لا جزاء ، و متطلباته كثيرة منها :


الهدوء ،


فرباطة الجأش عنصر عظيم المكانة ، عظيم القيمة ، فالإنسان الناجح أو الإنسان الساعي إلى النجاح ينبغي أن يحتفظ بهدوئه في جميع الظروف ، فذلك يساعده على الرؤية الصحيحة ، ويمكنه التحديد و التقييم ، و فحص الظروف و الأوضاع و الحوادث فحصاً متزناً واعياً ، فيعرف موطن الضعف و موطن القوة .


عدم التذمر ،


الشكوى المسترسلة ، بث ما يختلج النفس من هموم للغير أنر كريه عظيم الضرر ، لا ينتج عنه إلا تبديد الوقت و هدره ، و زرع بذور الشك في مقدرتك ، و إبعاد الناس عنك .
الشكوى المرة للغير لا فائدة منها ، فما النفع من لفت الانتباه إلى آلامنا أو إلى فشلنا . ما جدوى فضح أنفسنا ؟ و حل تفيدنا الشفقة أن أثرنا كوامنها في الصدور ؟ أليست الشكوى مذلة للنفس ، و معرة ؟


الصمود ،


الفشل في شيء عند البعض طامة كبرى ، فلا تجعلها كذلك متى أصابك الفشل ، لأن الإنسان معرض في جميع مراحل حياته إلى الصدمات ، ولو كان كل احد منا ينهار متى أصيب بصدمة ، لما بقي على وجه الأرض إنسان قادر على الحياة .
فالإعداد النفسي لمواجهة الفشل ضرورة ماسة لا غنى عنها .


الراحة ،


والراحة كالصمود ضرورة فائقة الأهمية ، فمنها كان وقتك ضيقاً عليك أن تستريح لتعوض على نفسك ما فقدته من طاقة .




المثابرة ،


انطلاق لا رجوع عنه ، ففي المثابرة تصميم على البذل ، و تصميم على المقاومة ، و تصميم على مواجهة العواصف .


التفاؤل ،


و هذا عنصر هام ، التفاؤل الفكري و العاطفي ، التفاؤل في نيل الأوطار ، وفي كسب الهناء و السعادة ، في تحقيق النجاح المطلوب ، في الفوائد والمنافع ، في المستقبل ، كل هذا يكون الحوافز ، ويقوي المعنوية ، ويطلق من الأسارير إشعاع السعادة .


خدمة الناس ،


وهذا نجاح كبير . هو من أكبر أنواع النجاح ، لأنك تخدم و تساعد و تلقى الجحود ... فهو إذن أعظم نجاح . إذا خدمت و لم تنتظر شكراً ، وستعرف بعد التجربة أن أشد الناس كرها لك و حقداً عليك هم الذين كانوا يعتبرونك مصدر النعمة لهم ! لهذا هو أعظم النجاح ، لأنه المؤشر إلى صمودك و حلمك و جدك و إيمانك .
ولأن ....


" من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، و مَن يعمل مثقال ذرة شر يره "
صدق الله العظيم