عرف التدريس وما زال يعرف لدى العامة بل لدى المعلمين بأشكال عديدة ، إلا أن أغلبها يدور حول فكرة رئيسية ألا وهي نقل المعلومات من الكبار إلى الصغار ، وفي ضوء هذه الفكرة فإن المدرس أو المعلم هو الشخص الذي يعهد إليه بتلقين المعارف إلى التلاميذ .
وترتبط هذه النظرة التقليدية للتدريس بالاتجاه التقليدي في التربية والذي كان يرى أن الأولوية يجب أن توجه إلى عقل المتعلم لشحنه بالمعارف والعلوم التي يرى الكبار أهميتها .

لذا كان لابد من استبدال هذا المفهوم المعتاد للتدريس إلى مفهوم جديد أو عصري يرى أن التدريس موقف مخطط يستهدف تحقيق مخرجات تعليمية مرغوبة على المدى القريب كما يستهدف أيضا إحداث مظاهر متنوعة للتربية على المدى البعيد .

ومن هذا المنطلق جعل الكثير من التربويين يصفون المعلم بصفات متعددة مثل : مدير – منظم – قدوة – مثل – قائد – حكم – قاضي – ضابط – أخ – والد – مرشد – طبيب – مصمم – مخطط ... الخ

وفي هذه العجالة سنلقي الضوء على مكانة المعلم وأهمية الدور الذي يضطلع به والواجبات المنوطة إليه والمشكلات التي يواجهها المعلم والتي تؤثر بدورها على دافعيته نحو عمله تأثيرا سلبيا ، وتسبب له عدم التكيف وبالتالي ضعف الإنتاجية والأداء .


مكانة المعلم

إن للمعلم منزلة كبيرة عند كافة أفراد المجتمعات على اختلاف طبقاتهم الأكاديمية أو الاجتماعية وعلى اختلاف أديانهم أو مذاهبهم الفكرية ، فهو الشخص المؤتمن على أهم ما يملكه المجتمع من ثروة وهو الذي يعتمد عليه في رعاية هذه الثروة واستثمارها الاستثمار الأمثل الذي يخدم أهداف المجتمع ويحقق طموحاته ، مما دعا البعض إلى تسمية مهنة المعلم ( بالمهنة الأم ) لأنها سابقة أو أساسية للدخول إلى أي مهنة أخرى فالمهندس أو الطبيب أو الطيار أو السائق كلهم لا بد وأن يتلقوا دراسات في تخصصاتهم المهنية المختلفة على أيد متخصصي المهنة الأم في المدرسة بمراحلها المختلفة أو في الجامعة بشتى كلياتها وتخصصاتها .

وفي تاريخ العالم القديم والحديث نرى أن عظماء الساسة وكبار العلماء والمخترعين عاشوا خبرات تربوية وفرها لهم معلمون أكفاء ساعدت في بناء شخصياته مما مكنهم من التميز والبروز والاضطلاع بمهمة الصدارة والقيادة بين الأمم الأخرى ، وليس أشهر من مدرسة النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام التي خرجت المعلمين العظماء الذين كانوا قدوة في الخلق والعلم والعمل لأبناء المسلمين الذين برزوا في شتى المجالات فكان فيهم القادة والمفكرون والعلماء المبدعون .

واجبات المعلم

في ضوء الدور المهم والكبير للمعلم يمكننا القول أن واجبات المعلم كثيرة ومتنوعة وتشمل مهاما تعليمية وتربوية عديدة ويمكن أن نلخصها فيما يلي :
1-تخطيط المواقف التدريسية وتنفيذها بإعطاء الطلاب المعلومات وتعليمهم المهارات وتقويم تعلمهم وتعزيزه ومتابعة تحصيلهم العلمي .
2-إدارة الصف وضبط النظام داخله وتعويد الطلاب على التعلم والعمل كمجموعة .
3-نقل القيم والمثل وغرس العادات الحسنة في نفوس الطلاب والحرص على أن يكون قدوة حسنة ومثلا يحتذون به .
4-إدارة النشاطات الاجتماعية غير الصفية بالتخطيط لها وتنفيذها بمشاركة الطلاب وغرس حب الجماعة في نفوسهم .
5-التعاون مع الإدارة والزملاء في المهام الإدارية والتعليمية .
6-التعاون مع المنزل في تحقيق نمو الطلاب التربوي والتعليمي ,
7-إرشاد الطلاب وتوجيههم في المسار التعليمي والمساهمة في حل المشكلات التربوية للطلاب ,
8-لدراسة والبحث والحرص على النمو المعرفي والاهتمام بتطوير العملية التعليمية .

من هذا العرض السريع يتضح لنا مدى أهمية الدور الكبير الذي يضطلع به المعلم وعلاقته بأفراد المجتمع من طلاب وزملاء ومسئولين وإداريين وأولياء أمور ، وفيما يلي نعرض بعضاً من العوامل التي تؤثر سلباً وإيجاباً على ذلك الدور الذي يقوم به المعلم وعلى دافعيته تجاه عمله .

الدوافع

من المتفق عليه أن التعلم الهادف يعني الوصول إلى تغير في الأداء أو إلى تغير في البناء المعرفي للإنسان ، ولا يمكن أن يتم إلا إذا كان لدى الفرد دوافع قوية لذلك كما لا يمكن أن يتم إلا إذا تحققت له الشروط الملائمة لهذا النوع من التعلم.

تعريف الدافعية :
قبل الخوض في مفهوم الدافع الذي يعرف على أنه حالة داخلية تثير السلوك وتبقى ناشطة حتى بلوغ الهدف .

وقبل تعريف الدافعية لا بد من الإشارة إلى التمييز الذي أبداه كانط kant بين الدافع والباعث لأن العامة من الناس تخلط في استعمالاتها اليومية بين هاتين الكلمتين :
-فالدافع هو المحرك للفعل وهو ذو طابع عاطفي ( قوة داخلية ، رغبات ، مشاعر ، أهواء ) ويتشكل باللاوعي .. .
-أما الباعث فهو ذو طابع عقلاني ، يشكل قوة خارجية تتعلق بالسلوك المفكر فيه والمقيم موضوعيا وهو يرتبط بدقة بمفهوم الإرادة إذن يتشكل بقوة واعية .

وتوضيح هذا التمييز نتبينه من خلال التمييز بين عامل الجوع وعامل الطعام ، فالجوع بمثابة الدافع ( محرك داخلي ، ذاتي ، لا إرادي ) الذي ينشط الإنسان باتجاه المطبخ لإنجاز عملية الأكل ، ورائحة الطعام ( محرك خارجي ، موضوعي ، إرادي ) هو بمثابة الباعث الذي ينشط الإنسان باتجاه المطبخ لإنجاز عملية الأكل .

لكن علماء النفس يفضلون استعمال لفظة دافع لأنه إلى جانب الأسباب الواعية ، توجد أسباب لا واعية أيضا وراء السلوك الإنساني وتكون الأسباب الحقيقية لأفعالنا الإرادية ( لا يوجد سبب واحد للسلوك بل عدة أسباب متداخلة ولا يمكن فصلها : أسباب واعية وغير واعية ، فيزيولوجية ، وعاطفية وعقلانية واجتماعية كلها تتفاعل وتشكل الإطار المرجعي للسلوك ) .

وبما أن الدافع والباعث يوصلان إلى نفس النتيجة ، حصول عملية الأكل مثلاً فإن التمييز يكون اصطناعيا وغير واقعي مما دفع علماء النفس إلى استعمال كلمة الدافعية التي تشمل الأسباب والقوى المحددة للسلوك .

والدافعية مصطلح بدأ ظهوره عام 1880م في إنجلترا وأمريكا في كتابات بعض العلماء عندما تكلموا عن الرغبة والقصد والإرادة والفعل الإرادي فكتب سالي sully مثلا : " إن الرغبة التي تسبق الفعل ، السلوك وتحدده تسمى القوى الدافعة أو المثير أو الدافع " وقال جان ديوي 1886 م : " حينما تختار الرغبة تصبح دافعاً " .

وهذا المصطلح اقترحه أيضاً وودورث wood worth عام 1918م والدافعية برأي بول توماس يونغ P.T.Young مصطلح عام لكل محددات السلوك ( الدافع – الحافز – القوة – الغرض- الباعث .. )

وهي ( القوة التي تهيئ السلوك إلى الحركة وتعضده وتنشطه وتبعث الطاقة اللازمة فيه ، والدوافع يمكن الاستدلال عليها من السلوك ذاته ، فالدافع يستثير النشاط ويحركه ، ويحدد الوجهة التي يأخذها النشاط في سبيل الوصول إلى الهدف الحقيقي " .

الدافعية هي إذن : مجموعة العوامل المحركة التي تحدد سلوك الفرد وتدفعه إلى عملية التفاعل في المجتمع وهي ليست سلوكا قابلا للملاحظة بطريقة مباشرة إنما يستدل عليها من سلوك الأفراد في المواقف المختلفة لأن الأفراد لا يستجيبون للمواقف المختلفة بنفس الطريقة وحتى أمام الموقف الواحد فإن استجابات الفرد تكون متباينة من وقت لأخر مثلاً استجابة كل من الصياد ، والعاشق ، والهارب من العدالة والرسام عند دخولهم الغابة ، أو مثلا استجابة الفرد نفسه عند دخوله نفس الغابة صباحاً ومساء .

فهي إذن : مفهوم افتراضي لا نلاحظها بل نستنتجها في الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها ، فإن كان السلوك متجها نحو الطعام استنتجنا دافع الجوع وإن كان متجها نحو الاجتماع بالناس استنتجنا الدافع الاجتماعي .

أنواع الدوافع :

الدوافع التي تحفز الإنسان وتشجعه على التعلم وعلى العمل بوجه عام هي ثلاثة أنواع :
-دوافع لصيقة بموضوع التعلم أو دوافع ذاتية كرغبة الفرد في تعلم القراءة لأن القراءة تلذ له وتشوقه ، فالتعلم هنا يكون كاللعب وكالفن يزيد الاهتمام به لذاته على الاهتمام به من أجل غاية خارجية .

-دوافع غير ذاتية لكنها ترتبط بظروف التعلم ارتباطا وثيقا مباشرا كرغبة المتعلم في التقدير الاجتماعي أو الظهور أو احترام نفسه أو التعبير عنها .

-دوافع وساطية أو خارجية عن موضوع التعلم كرغبة المتعلم في التعلم إرضاء لوالديه أو لمعلمه أو طمعاً في الظفر بجائزة أو لحاجته إلى جمع المال أو إشباع هواية لديه .


وتجدر الإشارة أيضا إلى أن وظيفة الدافعية ذات ثلاثة أبعاد إزاء أي موقف تعليمي .
-في البعد الأول تنشط الدافعية سلوك الكائن الحي وتحرر السلوك من عقاله وتنقل الكائن الحي من حالة السكون إلى حالة الحركة بمعنى حدوث حالة عدم اتزان بين الفرد والبيئة فيسعى الفرد لتحقيق اتزانه فيبذل نشاطا معينا .
-في البعد الثاني تعتبر الدافعية عاملا توجيهيا أي توجه السلوك ، سلوك الكائن الحي وجهة معينة نحو غرض معين يؤمّن الإشباع لهذا الدافع .
-أما البعد الثالث لوظيفة الدافعية فهو الدور التعزيزي فإن كانت نتيجة السلوك رضا وإشباع الدافع ، يتعزز السلوك ويقوى الدافع وينشط ، أما إذا كانت النتيجة عقاب وتوتر فإن قوة الدافع تفتر وتتلاشى ووفق هذا القانون ، قانون الأثر كما أسماه ثوراندايك يمكن توضيح وظيفة الدافعية وربطها بنتيجة السلوك .

المشكلات التي يواجهها المعلم وتأثيرها

مهنة التدريس مهنة من نوع خاص تتطلب مرانا وتمرسا ومقدرة على التحمل والاستمرار لأن ظروف عمل المعلم تجعله يتعامل مع كائنات بشرية متغيرة ومتباينة ومتطورة ونامية ، وليس مع آلات ثابتة صماء فكلما اعتقد المعلم أنه اكتسب كفاءة عالية في عمله ظهرت له فئات أخرى من الطلاب ذوي احتياجات جديدة الأمر الذي يتطلب منه الدخول في خبرات تدريبية أخرى من أجل اكتساب كفايات جديدة ، وهكذا تستمر مراحل تعلم المعلم كلما استمر في مجال التربية والتعليم .

ومن خلال العمل والتجربة أستطيع أن أحدد بعض المشكلات التي تواجه المعلم في علاقته مع الطالب - المنهج الدراسي - المبنى المدرسي وتجهيزاته – الإدارة والزملاء وأولياء الأمور والتي تنع************ بدورها على دافعيته نحو عمله .

1 – علاقة المعلم بالطالب :
كان المدرس في الماضي يعتبر محافظا على النظام في الفصل إذا أظهر تلاميذه دلائل الخضوع والامتثال لأوامره وتوجيهاته في هدوء وسكون تام .
وكان الملاحظ أنه عندما تغيب سلطة المعلم في الفصل بسبب خروجه من الفصل مثلا أو حدوث موقف ما داخله تنفجر طاقات التلاميذ في صور متنوعة من السلوك السيئ ، ذلك لأن خطة النظام تقوم على أساس إثارة المعلم للخوف في نفس المتعلم وكثيرا ما استخدم التهديد بالعقاب لتحقيق ذلك .
وقد حدث تغير كبير في المبادئ الأساسية للإدارة في الفصل يمكن تحديدها على النحو التالي :
1-انشغال الطلاب فرادى أو جماعات في أنشطة تعليمية تثير اهتمامهم وتتحدى قدراتهم ويستمر النشاط التعليمي سواء كان المدرس حاضرا في الفصل أو غائبا حيث يسود التفاهم نتيجة ثقة الطلاب في قيمة الأنشطة التعليمية واهتمامهم بها وتصبح العلاقة بين الطلاب والمعلم علاقة تعاون لا خضوع للقوة والسلطة ,
2- تنمية أنواع السلوك الاجتماعي والخلقي السليم لدى الطلاب نتيجة للعمل الجماعي وللجهود التعليمية التعاونية بين الطلاب أنفسهم وبينهم وبين المعلم .
3-تفهم المعلم لطبيعة المرحلة التي يقوم بتدريس طلابها سواء كانوا أطفالا أو مراهقين أو راشدين وتفهم سلوكهم ودوافعه والعمل على توجيهه على أسس سليمة .
4-اهتمام المعلم بمعالجة سلوك عدم التكيف التي تصدر من بعض الطلاب بدراسة الدوافع التي تؤدي إلى هذا السلوك السيئ ووضع طرق الحل والعلاج .

على أن هناك اعتبارات تفيد في معالجة هذه الحالات ، ومن هذه الاعتبارات ما يلي :
1-لا تؤخذ المخالفات البسيطة على أنها جسيمة فتعطى أكبر من حجمها .
2-ينبغي تحري أسباب السلوك السيئ قبل توقيع العقاب .
3-الهدف من العقاب هو تحقيق تكيف الطلاب لا إرهابهم وإخافتهم وإخضاعهم بالقوة .
4-انصراف الطلاب عن الدرس وعدم الانتباه نتيجة لموقف تعليمي غير حيوي وغير مثير لاهتمام الطلاب .
5-الطالب المذنب هو الذي يعاقب لا الفصل بأكمله .
6-إيقاع العقاب مباشرة عند الخطأ للربط بينهما .
7-عدم إظهار الغضب عند معاقبة الطالب وعدم تعقبه لئلا يؤثر ذلك في صحته النفسية .
8-طريقة العقاب وشكله ينبغي أن يمكنا الطالب من استعادة احترامه لذاته .
9-اختيار العلاج طويل المدى الذي يمنع تكرار السلوك السيئ .
10-إشراك الآخرين في مناقشة حالات السلوك السيئ للطالب كمدير المدرسة والمرشد الطلابي وولي الأمر والعمل على معالجتها .

2- علاقة المعلم بالمنهج الدراسي
المنهج الدراسي هو أحد جوانب العملية التعليمية الضرورية في المدرسة وأحد أهم محاور العملية التعليمية وعلاقة المعلم بالمنهج علاقة مباشرة وقوية ومؤثرة لذا فإنه من الضروري أن يكون المعلم متفهما لهذا المنهج وراضيا عنه ومتفاعلا معه وقادرا على تحقيق الأهداف المرسومة له .

قد تواجه المعلم أحيانا بعض الصعوبات في المنهج الدراسي الذي يقوم بتدريسه فتضعف من خلال ذلك دافعية المعلم نحو هذه المادة مثل :
-كثافة المنهج وطول المقرر الدراسي .
-صعوبة المادة العلمية وعدم ملاءمتها لمستوى الطلاب .
-قلة الحصص المخصصة للمادة الدراسية .
-عدم توفر الوسائل التعليمية المعينة .
-نفور الطلاب من المادة وعدم إقبالهم عليها.
-جمود المناهج وعدم مواكبتها لما يستجد من تطورات وابتكارات .
-بعض الأخطاء العلمية أو اللغوية التي يقع فيها واضعو المنهج أو مؤلفو الكتاب المدرسي المقرر .
-سوء إخراج الكتاب المدرسي من حيث الأخطاء المطبعية ونوع الورق وحجم الكتاب وحروف الطباعة وعدم وضوح الوسائل التعليمية فيه .
-عدم إشراك المعلم في نقد المناهج وتطويرها .
وقد أكد عدد من الدراسات التربوية أن مشاركة المعلم في القرارات المتعلقة بالطالب وبالمنهج الدراسي توجد لديه حالة مرتفعة من الرضا عن عمله وبالتالي ترفع مستوى علمه وتزيد إنتاجه وتحسن وضع المدرسة . وأنه ينبغي على مخططي المناهج عندما يحددون طرق التدريس المختلفة والتي هي جزء من مكونات المنهج أن يتركوا للمعلم حرية الاختيار من بينها حسب رؤيته هو وتقديره للموقف التربوي الذي يريد لطلابه أم يمروا بخبرته .



3 - علاقة المعلم بالمبنى المدرسي
إن للمبنى المدرسي تأثيرا كبيرا على أداء المعلم وعلى دافعيته تجاه عمله فعندما يكون للمدرسة مبنى كبير ذو فصول واسعة ، جيدة الإضاءة ، والتكييف ، والتهوية ، مزودة بالأثاث الجيد ، والسبورة الكبيرة ، ومعامل مزودة بالأدوات ، والأجهزة ، ومعامل لغة مكتملة، وغرفة للوسائل التعليمية بنوعيها التقنية كالأفلام المرئية والأشرطة السمعية وأقراص الحاسب الآلي ، وغير التقنية كالمصورات والخرائط، والنماذج المجسمة ، والسبورات ، والعينات ، والشرائح ، والكتب ، والمجلات العلمية ، والدوريات ، وغرفة للمعلمين مزودة بمكاتب مريحة تساعد المعلم على إنجاز عمله والتمتع بقسط من الراحة بين الحصص الدراسية فإن ذلك ينع************ تأثيره على أداء معلم هذه المدرسة وعلى تكيفه مع عمله لأن الجو التعليمي المناسب يساعد المعلم على توجيه جل اهتمامه إلى طلابه ومادته ويسعى في ظل هذه الظروف الملائمة إلى تحقيق أقصى درجات النجاح في علمه .
أما المعلم الذي يعمل في مدرسة سيئة المبنى أو ناقصة التجهيزات ينتابه شعور بالسخط والظلم والعجز خاصة عندما يقف أمام طلابه في فصل ضيق سيئ التهوية والإنارة والتكييف يكتب على سبورة صغيرة متحركة غير ثابتة باهتة اللون محاولا جذب انتباههم ونقل خبراتهم إليهم ويتعاظم هذا الشعور في ظل نقص الوسائل التعليمية والتجهيزات ويضع جزء كبير من جهوده في تأمينها وتوفير اللازم منها .
مما سبق يمكننا أن نقول إن شعور المعلم بالسخط وعدم الراحة أو شعوره بالرضا والطمأنينة ينع************ على دافعيته نحو عمله سلباً وإيجاباً .


4 - علاقة المعلم بالزملاء وإدارة المدرسة وأولياء الأمور
من العوامل التي تساعد المعلم على التكيف في عمله والنجاح فيه توفر علاقات طيبة مع زملائه من المعلمين والإداريين ومع مدير المدرسة ومع أولياء أمور طلابه ، فجو العمل الذي يسوده الاحترام المتبادل والثقة والتعاون بين أفراده يهيئ لهم فرص التوافق والانسجام ، وتكامل الجهود ويساعدهم على تطوير أنفسهم والارتقاء بمستوياتهم وينع************ على علاقتهم بطلابهم فيتعاملون معهم باحترام وود ويوجهون كل طاقاتهم للنهوض بمستوياتهم .

أما المعلم الذي يعمل في مدرسة يشوب الحسد ، والتنافس غير الشريف ، وانعدام الثقة العلاقات بين أفرادها من معلمين وإداريين يعيش في قلق وضيق وتتلاشى حماسه لعمله ودافعيته له فينشغل بالتالي عن وظيفته الأساسية ودوره التربوي والتعليمي .
إن دور المعلم كقائد تربوي لا يقتصر على طلابه داخل الفصل ، بل يمتد إلى خارجه ليشمل جميع العاملين معه فيكون فريق عمل تسود أفراده روح الألفة والتعاون والاحترام المتبادل ويؤسس جماعة متوافقة يسعى أعضاؤها إلى تحقيق أهدافها وغاياتها النبيلة .

الخاتمة
إن النظرة الحديثة للتدريس التي ترى أنه ليس عملية لنقل المعلومات بل هو نشاط مخطط يهدف إلى تحقيق نواتج تعليمية مرغوبة لدى الطلاب يقوم المعلم بتخطيط هذا النشاط وإدارته ، تأتي انعكاسا للنظرة الحديثة إلى عملية التربية ذاتها والتي تؤكد على ضرورة النظر إلى الطالب كشخص يحتاج إلى النمو المتكامل في شتى الجوانب المعرفية والجسمية والنفسية والعقائدية .
وبعد هذا العرض السريع للصفات الواجب توافرها في المعلم والواجبات المنوطة كان لا بد من التأكيد على ضرورة الاهتمام بالمعلم باعتباره ركيزة هامة من ركائز التعليم والتربية من حيث توفير ظروف العمل الملائمة ، وإتاحة الإمكانات والتجهيزات اللازمة وتشجيع المعلم على المشاركة في صنع القرارات التي تتعلق بعمله وتوفير فرص التجديد والاطلاع والتدرب ، وحثه على الابتكار وتبادل الخبرات والمساهمة في حل المشكلات التي تعترض عمله وتؤثر على أدائه ومساعدته في التغلب على جميع الصعوبات التي تعيق تكيفه في عمله، وتفاعله معه .