عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
الخجل يعطل مهارات التواصل لدى طفلك ...
الخجل يعطل مهارات التواصل لدى طفلك ...
الخجل ببساطة ... حالة انفعالية داخلية مكتسبة يتعرض لها الشخص إزاء مواجهته لمواقف خارجية معينة من شأنها أن تحدث أو تسبب له اضطرابات سلوكية ''آنية'' سلبية، وتمنعه من التفاعل الايجابي والطبيعي مع هذا الموقف أو ذاك، ومن شأنه أن تتسبب في عدة أعراض أو استجابات سلوكية غير طبيعية تختلف باختلاف الموقف الذي يتعرض له الشخص، وطريقة تربيته ونشأته، وردود أفعال المحيطين بشه، ومن ثم تنعكس الآثار السلبية لهذه الاستجابات لتنال من الجوانب الأخرى للشخصية، وتصبح سمة من سمات الشخص نفسه.
والخجل يسيطر على الإنسان في درجات مختلفة منها ما هو طفيف ومنها ما هو كبير إلى درجة أنه يمكن أن يفقده دوره الطبيعي في الحياة الاجتماعية.
لكن السؤال المحير هو ما هي أسباب الخجل وكيف يتكون لدى الطفل؟ فمن المؤكد أن الطفل لا يولد خجولا، أي أن الخجل ينمو مع نمو الإنسان،أو يمكن القول إن الأطفال عندما يولدون يكون لديهم ميل لأن يكونوا خجولين، وكأن بذرة الخجل تخلق معهم، وهنا تبرز أهمية التربية والتنشئة.
إن للخجل عدة وجوه، ولكل وجه منها عدة وجوه أخرى، وتحدد هذه الوجوه وفق الظروف المحيطة بدءا من الأسرة وانتهاء بأعلى درجة من درجات الحياة الاجتماعية، وكون الأسرة هي الوعاء الطبيعي الأول لنشأة الفرد، فهي تستطيع دون سواها أن تبدل من طباعه كونها هي التي تكسبه إياها، وبالتالي فهي تستطيع تخليصه من مشكلة الخجل.
إن من أهم أسباب الخجل عند الطفل، خلل التواصل ونمط العلاقات السائدة في الأسرة، الى جانب فقدان الطفل لأي من المهارات الاجتماعية التقليدية الأولية التي تبدأ برؤية الآخرين، والتعود على التواصل مغ الغير، وردود أفعال الآباء والأمهات مع المواقف التي يتعرض لها الطفل في بداية حياته، وأسلوب العقاب الثواب، وأنماط تعزيز السلوكيات الايجابية لديه، وقائمة التخويف والتحذير والمحظور والممنوع التي يلوح بها الآباء والأمهات دائما، وفي هذه الحالة ان تعليم الطفل للعادات أو السلوكيات أو إكسابه الخبرات الحياتية الجديدة يتوقف على طريقة تعامل الكبار معه، وتعاونهم واستيعابهم وتقبلهم لما يصدر عنه من كلام وأفعال، وهو من شأنه أن يخلصه تدريجيا من تردده أو ارتباكه أو خجله ، مع العلم أن فقد المهارات الاجتماعية في هذه الحالة ليس وحده السبب في الخجل، لكن هناك بعض الأسباب الأخرى المتعلقة بهذا السبب الذي يتربع على قمتها ، لكن عند التخلص منه تتقلص تلك الأسباب نهائيا ولكنها لاتزول تماما، ومن الممكن أن تظهر مجددا ، إن السبب الآخر ناتج عن الحساسية الزائدة للشخص من الناحية النفسية وانعكاساتها الجسدية ، فمن الناحية النفسية نلاحظ أنه يشعر بالخوف والاضطراب والتردد لأتفه الأسباب، ومن الناحية الجسدية نجده يتعرق ويحمر لأقل الأسباب وأحيانا الاصفرار وليس الاحمرار.
وعامة فإن الخجل عند الطفل يأخذ أشكالا متعددة، فهناك الطفل الذي يعاني من الكبت أو المصاب بعقدة نفسية،وهناك من هو عاجز عن التواصل والاستماع والاتصال بالآخرين، وهناك من لايستطع أن يقول ''لا'' إزاء أبسط حق من حقوقه، الى جانب افتقاد المبادأة والجرأة والحماس، والخوف من أن يقول نعم، أو لا، أو يخشى أن يتصرف تصرفا لائقا ومناسبا، ونرى الطفل يعجز عن الحديث عن ''الأنا'' أو التعبير عن نفسه، كأن يقول ''أنا أريد....''، أو '' برأيي أن تفعل كذا.....''، أو ذا الذي يتسم سلوكه ''بالتجنبية''، والميل الى تجنب الاختلاط بالآخرين بصورة طبيعية، ويميل أيضا الى الهروب من مواجهة الناس والمواقف، ويقيم الحواجز الوهمية التي لا وجود لها إلا في ذهنه فقط، ويبدأ في تبني النظرة التشاؤمية عن غير قصد، ومن ثم اهتزاز الشخصية، وفقدان الثقة بالنفس، وقد يتعدى هذه المرحلة الى الميل للعزلة والانطواء، ومن ثم تتراكم وتفرز اضطرابات سلوكية سلبية عديدة مصاحبة.
المهم هنا أن ينتبه الآباء والأمهات الى التمييز بين الخجل الطبيعي'' كطبيعة عمرية'' ، والخجل المرضي، حتى لا يتحول الى ''رهاب'' اجتماعي.
أما عند التعرف على البدايات الأولى للخجل'' وهو أمر في غاية الأهمية''، أو عندما يدرك الآباء احتمالية الخجل عند طفلهم، عليهم المسارعة الى اتخاذ وقفة مع أنفسهم، ومراجعة طريقة تعاملهم معه، وردود أفعالهم، و يحاولون أن تتسم ردود أفعالهم مع هذا الطفل بالهدوء، والثقة، وعدم الانفعال، والتركيز على تشجيع الطفل، وتفعيل تواصله مع الآخرين بتدرج، وعدم فقدان الصبر، والبدء بمن هم في مثل سنه، وتعزيز الخطوات الايجابية لديه، وتشجيعه باستمرار، وحثه دون ''فرض'' أو إكراه بأساليب التحبيب المختلفة نحو الاقدام، والجرأة، وتنمية ثقته بنفسه من خلال رفاق اللعب، ووسائل اللعب والتسلية وشغل أوقات الفراغ، وتشجيعه على العمل الجماعي، وإسناد بعض الأعمال البسيطة اليه وزرع ثقة النجاح في نفسه منذ وقت مبكر، وتذكيره الدائم بمميزاته، وقدراته، وأنهم دائما ينتظرون منه المزيد، وأنهم على ثقة من نجاحه في ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبارعدم الميل الى ''الصدمات المفاجأة'' على الاطلاق، أي إذا كان الطفل يخجل من اللعب مع الاناث ممن هن في مثل سنه، فلا يصطحبه الأب أو الأم الى حفل عيد ميلاد مفاجئ معظم الأطفال فيه من الاناث، على سبيل المثال، أو اذا كان يخجل من الرجال الكبار، فلا يصطحبه الأب فجأة الى مسجد أو حفل أو مقهى مليء بالرجال، فإن أسلوب'' فرض الواقع المفاجئ '' من شأنه أن يسبب له عقدة نفسية قاسية، إنما الأسلوب الأمثل هنا ''التدرج وسياسة النفس الطويل''، ولا غضاضة على الاطلاق أن يستعين الآباء بالاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين ان لزم الأمر، والاستفادة من المشورة اللازمة.
المفضلات