وقفة مع كتاب " 10 سنوات معلماً "!!
المقال بقلم : د.ممدوح بن سعد السعيد
نستطيع أنا وأنت الحديث عن عموميات التربية وأدبياتها
ولكن ما نحتاجه هي تلك الممارسات العملية والتطبيقات اليومية مع أبنائنا وطلابنا
ورحلة قصيرة نقضيها سوياً مع كتاب

"10سنوات معلماً "
د. محمد بن عبد الله الدرويش
يمكن لها أن تكسبنا الكثير في فن الممارسات التربوية الصحيحة
وحل معادلة التطبيقات العملية مع الأسس النظرية للتربية.
وخصوصاً أن الكاتب قد نقلا هذه التجربة بعد أن مضى عليها قرابة العقدين
قضاها في القراءة والبحث في التربية بشكلاً أكاديمي
بعد تحوله من المعلم المحتسب إلى الباحث المتخصص في المجال
فكتب لنا هذا الكتاب الذي لا يصف ممارساته الشخصية و اليومية في التربية
ولكنها اليوميات التي تمر على غالب المعلمين والمربين في بداية الطريق .
ومع هذه التجربة الثرية نحاول أن نقرا مابين سطورها ونسبر شيئاً من أغورها
لنكتسب المزيد من الخبرة والفائدة من تجارب الآخرين
فلنا معها هذه الوقفة

1. المربي الناجح هو الذي يستطيع أن يحتوي غير الناجح :
نلمح من الكاتب ندمه على تهميشه العديد من الطلاب بدافع الأحكام الظاهرة على الأشكال والصفات
ومن خلال تجربته وجد أنهم بيئة خصبة وأرضٌ منبته .
و من المؤسف أن هذه النظرة الإقصائية متفشية في محاضننا التربوية
بل نجد أن الأسلوب العلاجي الناجح لدى الكثير من المربين هي إقصاء المتربي
الذي لا تظهر عليه سمات النجابة ومظاهر العلاج وفق مقياس ذاتي بناه المربي في خياله.
فكيف إذا تجرءا المتربي وقال لمربيه:
" أتأذن لي بالزنا"
فكيف يا تُرى ستكون ردوده وانفعالاته !!
ولنطابقها مع إجابة رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم على نفس الطلب !!


2. التمكن ثم التمكن :
الأب الغير متمكن من شهوته واندفاعاته
والمربي الغير متمكن من تخصصه وانفعاليته
كيف لهم أن يبنوا شخصية متمكنة من ذاتها

ويحظوا بتقدير واحترام من يربونهم .
ففي عصرنا الحالي ينبغي أن لا تكون التربية اجتهادية أو اعتباطية
بل يجب أن تجمع بين العلم والفن؛ فالمقولة الشائعة ( سيتربى ابني كما رباني أبي )
هي مقولة خاطئة إلى حداً كبير .


3. التقويم الذاتي للمربي :
يحتاج المربي إلى وقفة تأملية في سيرته التربوية كلما تقدم به الوقت
يناقش فيها حال مبادئه وصحة مسلماته
و نتائج أهدافه وصواب اجتهاد ته.
ونجد أنا وأنت أنفسنا أمام كاتباً متجرداً قد لام نفسه على حماسها الزائد
وتجاهلها الاعتبارات والآراء الأخرى ومن الجميل ذكره موقفه مع طالب لديه مشكلة سلوكية
فقد تعاطا مع الموقف في ذلك الوقت بخلاف ما يعتقده الآن
وهذا يعبر لنا عن تأثير سعة أفق المربي على حل المشكلات التربوية .
فكاتبنا كان في موقف المطالب بفصل ذلك الطالب من المدرسة
وإبعاده لما بدر منه من سلوكيات خاطئة، وهو الآن ينظر إلى موقفه
ولسان حاله تقول:
أن حل المشكلة التربوية في مؤسسة اجتماعية لا يعني رميها على المؤسسات الأخرى .
فلو أبعدنا الطالب عن المدرسة لا نستطيع إبعاده عن المجتمع أو عن الأسرة
فالتربية لا تقتصر على المدرسة أو البيت أو المسجد
بل هي عملية تشاركية بنسباً متفاوتة
حسب ما تقتضيه ظروف المرحلة وحاجاته .


4. اجعل المتربي يقول "خطاء " :
يستخدم التربويون كلمة "خطاء" كردة فعل لسلوك صادر من المتربي
وجرت العادة بيننا أن لا نعلم أبنائنا وطلابنا الخطاء حتى يقع فيه
ولكاتبنا تجربة جيدة مع تلاميذه في مادة الإنشاء
حيث جعل التلاميذ ينتقدون المقالات الصحفية
ويؤولنا الرسوم الكاريكاتيرية .
فبناء الحس الاستباقي للحكم على صلاحية الأشياء
يخلصنا من عقدت انتظر الخطاء حتى يحدث ثم نقول للمتربي هذا "خطاء"
كذلك يبني لنا طالباً يستمر في إصدار الأحكام أثناء دراسة المادة وبعدها
من خلال تكوين الحس النقدي لديه في حياته
فيتعود أن يقول لكل سلوك سيئ " خطاء" .


خاتمه...
إذا تعرفت على طريقة استخدمت للتعامل في موقف تربوي
فاأنت تملك طريقتين للتعامل مع الموقف ذاته .