المهم أن نقرأ

الفيلسوف أنيس منصور يحكي لنا أنه نشأ في زمن الكتاب لم يكن فيه للجميع كما هو الآن ، لدرجة أنهم كانوا يقرءون حتى بقايا الصحف التي كانوا يستخدموها لتغليف الطعام وأنها كانت تتداول فيما بينهم !
هل المهم أن نقرأ أو المهم ما الذي نقرأ ؟ في زمن اللا قراءة الذي نحن فيه اليوم ، وفي زمن القراءة صارت فيه هواية كالسباحة و كرة القدم لا ضرورة كالطعام وحب البقاء ، المهم أن نقرأ في أي شيء وفي كل شيء وفي أي عمر المهم أن نقرأ ، نقرأ في الفلك في الطب في التنجيم في الهندسة في الجنس في الدين في السياسة في التاريخ نقرأ المهم أن نظل نقرأ ، الإنسان لا يستطيع أن يحكم على الكتاب من غلافه ولا من رأي البعض فيه وإنما من قراءته ، طبعا أشياء كثيرة في الحياة ليس من الضروري أن نجربها ونخوض فيها لكي نكتسب الخبرة منها ، فمثلا المخدرات ليس من الضروري أن نجربها لكي نحكم على ضررها ، ولكن الكتاب الشيء الوحيد في الحياة الذي يقرب لك الشيء بدون أن تلمسه أو يلمسك بضرر يجعلك تسبح بلا بلل تسافر بلا حقائب أو سفر وبذلك يؤمن لك التجربة بدون أن تخوضها وبلا ضرر ، لا شيء مخيف في القراءة ولكن المخيف هو أن لا نقرأ ، كتب الجنس أو الإرهاب التي نخاف على أحد من صغارنا أو المراهقين أن يقرأها ، قد يراها على شاشة كمبيوتره أو على أحد القنوات المخصصة لذلك أو بأبسط الطرق على شاشة هاتفه المحمول ! ، المهم أن نظل نقرأ حتى نكتسب لياقة القراءة ، فالذي يقرأ لأول مرة يشعر أن الصفحة طويلة وقد لا تنتهي ومع المثابرة والتعود تتكون لديه اللياقة التي تمكنه من إكمال الكتاب بأكمله وهو الذي ينقصنا لكي نقرأ " اللياقة "، في البداية يصعب على الطفل أو المراهق اختيار ما يناسبه للقراءة لأنه أصلا لم يتعرف على ميوله ولم يجرب أو يقرأ بعد حتى يكُون رأيه عن الذي يقرأه ، وبذلك قد يسقط المراهق في كتب لا تناسب تفكيره ولكنه سيكتسب بذلك مهارة ولياقة القراءة وهذا المهم في الدرجة الأولى ومن ثم سيبدأ قليلا قليلا بتحريك أجنحته والتحليق إلى سماء المعرفة بين ضفتي الكتب الأفضل والأعمق ..

في هذا الزمن لا تخافوا من المراهق الذي يقرأ في الجنس أو السياسة فلابد من أن يخوض التجربة لا بالوكالة وإنما بنفسه ولكن يجب أن نخاف على المراهق الذي لا يقرأ أصلا !

أنمـــار خـــريص