الحل الوسط

الكتابة الغرافيكية وهي الكتابة والعبث على حائط منزل جارك ويسمى مؤخرا بالفن المعاصر وأنا أتفق مع ذلك المسمى المعاصر إن لم يكن على حائط منزلي !
وهي فكرة يقوم أحد بكتابتها على الحائط ليأتي أحد من بعده ويضيف عليها وهذا الفن تمتد جذوره للحضارة الفرعونية والإغريقية ، فمثلا في لندن وزعوا ملصقات لتشجيع الانخراط في الجيش تحت شعار " الجيش يصنع الرجال " فجاء شخص وكتب " كم يتقاضوا مني ليصنعوا لي واحدا " !
ومنذ بزوغ الصحف والمنتديات الإلكترونية لاحظت أن التعليق الذي يأتي تحت المقالات هو أيضا يحاكي الفن الغرافيكي ففي صحيفة الوطن جاء أحد القراء وأضاف تعليق فأضاف قارئ آخر تعليق جديد فعاد القارئ الأول للتعليق مرة أخرى ولكن ليس على كاتب المقال وإنما على القارئ الذي أضاف تعليقه وفجأة تولد سجال طويل بين الاثنين بعيدا عن المقال الرئيسي والطريف انه في نهاية السجال تحول القارئان لصديقين ! بعد ما اتفقا على رأي واحد وهو بعيد تماما عن رأي صاحب المقال ! ولكن المحزن في استخدامنا لهذا الفن إن جاز التعبير وهو فن التعليق على المقالات هو مدى الاختلاف الجذري في الآراء بين القراء العرب فعندما تتأمل التعليقات المصاحبة لأي مقال سواء في صحيفة أو منتدى تجد دائما انقسام واحد بين القراء فقسم يتفق مع الكاتب تماما وقسم يختلف مع الكاتب تمام الاختلاف ولن تجد حل وسط أبدأ أو نادرا ما ستجد فمن المفترض أن نختلف أو نتفق مع الكاتب في جزء من مقاله لا كامل المقال يحال إما للموافقة وأما بالرفض يا أبيض يا أسود وإن حصل هذا الاختلاف الجذري فقد يحدث في مقال أو أثنين لا في كافة أو كل المقالات ، وهذا يدل على نفسية القارئ العربي التي لا تتسم بالتنوع الفكري والثقافي فالذهنية العربية مكونة فقط من رأيان إما الرفض وإما القبول بمعنى إما معي أو ضدي وهذا مؤشر خطر لو حاولنا تأمله ، وربما هذا ما لا يجعلنا دائما نصل إلى الحل الوسط ! .

أنمـــار خـــريص