المقدمة: في ظل الحاجة المتزايدة لمواجهة متطلبات الحياة المعاصرة، أصبح لزاماً على المؤسسات التعليمية أن تأخذ بأحدث تقنيات الاتصال والمعلومات، وأن توظفها لخدمة التعليم، وتحقيق أهدافه، على غرار ما تحقق من نجاحات باهرة لهذه التقنية في مجالات الحياة المتعددة. والتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد نفسه كنمط جديد من أنماط التعليم له برامجه وضوابطه وآلياته، حيث بدأ التعليم عن بُعد في القرن التاسع عشر وكانت جامعة لندن، وتم تطبيقه في عام 1858م حيث كان يسمى آنذاك بنظام الطلاب الخارجين، ثم قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتجارب مماثلة في جامعـة شيكاغو عام 1891م وجامعة وسكونسين عام 1906م وجامعة كوينز في كندا عام 1889م وجامعة كوينزلانـد في استراليا عام 1911م .
وتطور التعليم عن بعد في بريطانيا بشكل ملحـوظ عندما تم إنشاء أول جامعة بريطانية مفتوحة عام 1969م، ومنذ ذلك الحين حتى أوائل التسعينيات بقي التعليم عن بُعد (التعليم المفتوح) مقصوراً في بريطانيا بشكل رئيس على الجامعات المفتوحة المتخصصة بهذا النمط من التعليم ، بدأت بعد ذلك كثير من الجامعات النظامية البريطانية بتطبيق نظام التعليم عن بعد إلى جانب التعليم النظامي. كما يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها حالياً 39 جامعة نظامية تطبق هذا النوع من التعليم ، ومنها جامعات ميتشغان وسـتانفورد وديلاوار ، بالإضـافة إلى جامعـات أخرى متخصصـة بالتعليم المفتوح مثل جامعة التكنولوجيا الوطنية (NTU) وجامعة ميرلاند للتعليم المتلفز (ITV) ، كما أنشئت جامعات مفتوحة للتعليم عن بُعد في أسبانيا (1972م) ، وإيران (1973م) ، والباكستان (1978م) ، واليابان (1981م) ، ونيجيريا (1983م) ، وفلسطين (1985م) ، والسودان (1991م) ، ومصر في جامعة الإسكندرية (1990م) ، وأخـيراً الجامعة العربية المفتوحة التي اتخـذت من الكويت مقراً لهـا في عام 2000م (خالد مصفي،وصالح حمد،2001م)
تطور التعليم عن بُعد:

في البداية، كان التعليم عن بعد يعني التعليم بالمراسلة، أي أن الوسيط كان الخدمة البريدية التي تنقل مواد مطبوعة، أو مكتوبة، بين المتعلم والمعلم. ولكن التقنيات التي تستعمل في التعليم عن بعد تتسع حاليا لتشمل مجموعة كبيرة من تطبيقات الحواسيب ووسائط الاتصال الحديثة كالأقمار الصناعية. ويمكن الآن باستخدام الأقمار الصناعية الاتصال هاتفيا وتوصيل البث الإذاعي، صوتا وصورة، لمواقع نائية دون شبكات بنية أساسية أرضية مكلفة.

فحيث يمثل التعليم بوجه عام وظيفة أساسية في المجتمعات البشرية، كان طبيعيا أن تتغير أشكال التعليم بوجه عام، وتتطور، مع تصاعد التطور التقني. وحيث يعتمد التعليم عن بعد بوجه خاص على تقنيات الاتصال، مهّد كل طور من التطور في هذه التقنيات لبزوغ الأشكال المناسبة له من التعليم عن بعد.

فتطور شبكات البريد أنتج التعليم بالمراسلة عبر المواد المطبوعة والمكتوبة. وأدي بدء البث الإذاعي إلى استخدام الراديو في التعليم. وبتقدم الصناعات الكهربائية والإلكترونية ازداد دور الصوتيات بشكل عام في التعليم من خلال أجهزة التسجيل, ثم ظهر التلفزيون، وتلاه الفيديو. وازدادت أهمية أشكال البث التعليمي، سمعا ورؤية، مع شيوع استعمال الأقمار الصناعية. وبانتشار الحواسيب الشخصية وشبكات الحواسيب، أصبحت تطبيقات الحواسيب، خاصة تلك القائمة على التفاعل، من أهم وسائل التعليم عن بعد، وأكثرها فعالية، وعلى وجه الخصوص في ميدان التعلم الذاتي.

في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، منحت أولي تراخيص "الراديو التعليمي" في العشرينيات الأولي من القرن الحالي، وبدأ البث التلفزيوني التعليمي في عام 1950. ولم تنشأ أولي، وربما أهم، الجامعات المفتوحة إلا في عام 1971 في بريطانيا. وبدأ استخدام شبكات الحواسيب في التعليم والتعلم في الولايات المتحدة الأمريكية عندما وفرت "مؤسسة العلم القومية" للجامعات الأمريكية فرصة استعمال شبكة الإنترنت في منتصف الثمانينيات. وتلا ذلك، أي في التسعينيات، بدء انتشار استعمال الوسائط الحاسوبية في التعليم قبل الجامعي، وفي أماكن العمل وفي البيوت.(نادر فرجاني. 1999م(


تعريف التعليم عن بٌعد: Distance Learning
تتزايد الشكوى حول العجز في الوصول إلى تعريف واضح للتعليم عن بُعد؛لوجود العديد من المصطلحات له باللغة الإنجليزية مثل :
1.التعليم في المنزل Home study
2.الدراسة المستقلة Independent study
3.الدراسات الإضافية External study
4.الدراسة عن بُعد Distance study

نتج عن ذلك أن تعددت تعريفات التعليم عن بُعد ومنها:
•أنة"موقف تعليمي تحتل فيه وسائل الاتصال والتواصل المتوفرة،كالمطبوعات وشبكات الهواتف والتلكس وأنظمة التلفاز والحاسوب الإلكتروني وغيرها من الأجهزة السلكية واللاسلكية دوراً أساسياً في التغلب على مشكلة المسافات البعيدة التي تفصل بين المعلم والمتعلم بحيث تتيح فرصة التفاعل المشترك" (توفيق مرعي ومحمد الناصر،1985م)

•أنه "مصطلح يطلق على نوع من التعليم،يقوم على أساس توصيل العملية التعليمية إلى المتعلمين المقيمين في مناطق نائية أو معزولة جغرافياً،ويقدم إلى الذين لا تسمح ظروفهم الخاصة بالانتقال إلى الصفوف الدراسية النظامية،ومن أشكاله التطبيقية التعليم بالمراسلة والتعليم بالإذاعة والتلفزيون "(محمد يوسف أحمد،1425هـ)

•و أنه " ذلك النوع من التعليم الذي يُقدم إلى مواقع و أماكن يكون الطالب أو الدارس فيها بعيداً جغرافياً عن الأستاذ،ويتم التواصل خلال تقنيات نقل المعلومات السمعية والمرئية ( الحيّة والمسجلة ) أو من خلال تقنيات الحاسوب والإنترنت بما في ذلك التدريس المتزامن وغير المتزامن " (محمد يوسف أحمد،1425هـ)

•و أنه (عبارة عن طائفة من طرائق التدريس التي يكون فيها السلوك التعلميّ منفصلاً عن السلوك التعليمي،ويتضمن تلك الوسائل التي يتم فيها الاتصال بين المعلم والمتعلم عبر أجهزة و أدوات الطباعة،والأجهزة الميكانيكية والإلكترونية وغيرها من الأجهزة الأخرى" (محمد يوسف أحمد،1425هـ)

•وأنه " الاستخدام المنظم للوسائط المطبوعة وغيرها،وهذه الوسائط ينبغي أن تكون معدة إعداداً جيداً من أجل ربط الاتصال بين المتعلمين والمعلمين،وتوفير الدعم للمتعلمين في دراستهم" (محمد يوسف أحمد،1425هـ)

فأنا اختار التعريف الأول لأنة يتسم بالوضوح،ويختلف نظام التعليم والتعلم عن بعد عن التعليم النظامي المعتاد في أمرين : الأول يتمثل في عدم المواجهة المباشرة بين المعلم والمتعلم .أما الثاني فيتمثل في بعد المسافة بين المعلم ،أومصدر التعلم والمتعلم،فا المعلم والمتعلم لا يجمعهما مكان واحد،وتوقيت محدد كما هو الحال فى التعليم المدرسي والجامعي النظامي(ماهر صبري وصلاح توفيق،2005م)

مجالات التعلم عن بُعد :
1-التعليم الجامعي:
قد تضطر الظروف كثيراًمن الأفراد لعدم إكمال تعليمهم الجامعي بسبب العمل للإنفاق على الأسرة ، أو بسبب عدم المقدرة المالية .وفي جميع هذة الحالات قد يفقد هؤلاء الأفراد الأمل فى استكمال دراستهم الجامعية،لكن التعليم عن بعد يحل المشكلة،ويعيد لهؤلاء الأفراد الأمل فى استكمال دراستهم الجامعية من خلال ما يعرف با الجامعة المفتوحة.
وقد عنيت به الجامعات المفتوحة في العالم وأعدت لة العديد من البرامج التي تعتمد على أدوات الاتصال بأنواعها،وأشهر هذه الجامعات حالياً الجامعة البريطانية المفتوحة.ومن سماتها توفير الحرية للدارس في اختيار الموضوع والمكان وموعد الدراسة.مما أدي إلى تخفيض كلفة الدراسة ومواجهة المنافسة على المقاعد الدراسية في الجامعات ،ذلك لأن سعتة غير محدودة وغير مرتبطة با المكان والزمان وعدد القوى العاملة.

2- تدريب المعلمين أثناء الخدمة:
استخدم هذا النظام لتدريب المعلمين وتأهيلهم في العديد من دول العالم وذلك لتطوير خبراتهم ورفع مستوي أدائهم وممارستهم التعليمية في الصف.
ومن النماذج الرائدة في هذا المجال برنامج معهد التربية أونروا يونسكو لتدريب المعلمين الفلسطنين في جميع الدول المضيفة.
3- برامج التدريب العامة:
تستهدف هذه البرامج العديد من شرائح المجتمعات في موقع عملهم ،كا لمهندسين والإداريين والأطباء وغيرهم،وذلك لاثراء معارفهم وتحديد مستواهم في الممارسات التطبيقية.( ماهر صبري وصلاح توفيق،2005م)

أنماط التعليم عن بُعد:
تتطوّر أنماط التعليم عن بُعد وتتعاقب أجياله بتطور وسائط نقل المعلومات المستخدمة فيه كما يوضح ذلك الجدول التالي:

يلاحظ من الجدول السابق أن الجيل الرابع من أنماط التعليم عن بُعد يتمتع بأفضل مواصفات لتقنيات التواصل المستخدمة للتعليم عن بُعد،ويلاحظ أيضاً " أن التعليم عن بُعد ليس جديداً،لكن الجديد هو المفهوم الإلكتروني للتعلم عن بُعد electronic distance learning ( EDL)"
"وقد أثر ظهور التقنيات الحديثة وخاصة الحاسب الآلي في استخدام بعض المصطلحات التي قد تعبر عن التعليم عن بُعد،من هذه المصطلحات: التعليم المفتوح open learning ،والتعلم عن بُعد tele- learning ،والفصل الالكتروني الافتراضي virtual electronic classroom،والتعليم الالكتروني.e-learning."( محمد يوسف أحمد،1425هـ)

التعليم عن بُعد ينقسم من حيث النقل إلي نوعين :

1-الاتصال المباشر( المتزامن): المحاضر والطلبة يتواصلون في الوقت نفسه مباشرة ولكن ليس ضروريا الحضور الفيزيائي في المكان نفسه.
2-الاتصال غير المباشر( غير المتزامن): ليس ضروريا أن يوجد المحاضر والطلبة في الوقت نفسه أو المكان نفسه، مثل استخدام البريد الالكتروني ومنتديات النقاش... الخ.
كلا أسلوبي التعليم عن بُعد، له حسناته وسيئاته، ورأينا أن الجامعات أكثر احتياجا للأسلوب غير المتزامن أكثر من الأسلوب المتزامن لأسباب كثيرة من أهمها:
-جدول مواعيد الطلبة مختلفة.
-التكنولوجيا المطلوبة للأسلوب المتزامن باهظة.
-اغلب الطلبة لا يمتلكون انترنت سريعة.
(جميل إطميزي.1430هـ)

خصائص ومميزات التعليم عن بُعد:
1 – القضاء نهائيا على قيود الزمان و المكان ، فالطالب يتعلم وهو في بيته أو في مكتبه أو في سيارته في الوقت الذي يريده حسب الظروف المتاحة له في أيام العمل أو في أيام الإجــازات و الأعياد لأن الاتصال سيكون من خلال الإنترنت لمواد دراسية أو تعليمية سبق تحميلها من الأستاذ، لذا لا يشترط أن يتواجد الأستاذ وقت اتصال الطالب ، و بالتالي قد يكون الطالب في القاهرة و يتصل خلال ساعات النهار بينما أستاذه في أمريكا يغط في نوم عميق .
وفى نفس الوقت لم يعد مطلوبا تهيئة قاعات درس ومدرجات تسع المئات أو الآلاف .. فهذا أصلا غير وارد .. و بالتالي نكون قد قضينا على قيد المكان و قيد المال و الإمكانات.
2 – توثيق الاتصال بين الأستاذ و الطالب لأن الطالب يتصل بأستاذه من خلال الإنترنت ،
و يتلقى الأستاذ الرسالة في الوقت الذي يناسبه هو و يرد عليها و يتلقى الطالب الرد في الوقت الذي يناسبه و يناقشه و يتفاعل الاثنان بدرجة غير متاحة في النظام التعليمي التقليدي .
3 – يتاح أيضاً عمل مناقشات و مناظرات فيما بين الطلاب وهم متواجدون في أماكن بل و في بلاد متعددة حول موضوع معين يدرسونه ، و هو أمر غير ممكن في نظام التعليم التقليدي .
4 – و يتيح التعلم عن بعد أيضا تعدد الثقافات و احتكاكاتها و الاستفادة المتبادلة فيما بينها لأن الطلاب يدرسون معا و هم من كل أنحاء العالم .
5 – و التعلم عن بعد يتيح كذلك إمكان الجمع بين بدء حياة العمل و في نفس الوقت الدراسة ، وبالتالي لا حاجة للتقسيم الجامد لحياة الإنسان إلي فترة نحو 15 – 16 عاما للدراسة ليبدأ بعدها العمل .
6 – يتيح التعلم عن بعد استمرار التعلم في أي وقت و في أي موضوع و في أي مستوى دون عناء أو مشقة .
7 – يتيح التعلم عن بعد كذلك ضبط الامتحانات و القضاء نهائيا على الغش و التركيز في الامتحان على التفكير و التحليل و الاستنباط و ليس فقط الحفظ و التلقين .
8 – و التعلم عن بعد في نهاية الأمر سيخفض التكلفة .
9 – و التعلم عن بعد سيقضى على مشكلات إدارة المدرسة أو إدارة الكلية و قضايا الانضباط و النظام و ما يرتبط بكل ذلك من تكاليف .
10- هو نظام تعليمي يواكب التطوّرات في مجال تكنولوجيا نقل المعلومات والاستفادة منها في التعليم.
11- الاستفادة القصوى من الطاقات التعليمية المؤهلة بدلاً من الحد من إمكانياتها في تعليم عدد محدود من الدارسين في الجامعات النظامية،بل يستفيد منها عدد غير محدود من الدارسين عبر التقنية الحديثة للاتصالات ونقل المعلومات .( صديق عفيفي وسوسن مرسى)

وسائل التعليم عن بُعد:

يستخدم التعليم عن بعد كافة التقنيات التربوية ووسائل الاتصال الحديثة لإنجاح العملية التعليمية عن بُعد ، تبعاً لنوع المساق والتخصص ، ومنها :
أولاً : المواد التعليمية المطبوعة :
يعتبر الكتاب المقرر من أهم وأسهل وسائل التعلم المطبوعة ، ويحتوي الكتاب المقرر على المعرفة الواجب اكتسابها من قبل الدارس كما يحوي على الرسومات واللوحات والتوضيحات والتدريبات وأحياناً التقنيات والاختبارات الذاتية ، ويكون الكتاب المؤلف خصيصاً للتعليم عن بعد أكثر تفصيلاً وإيضاحاً من كتب الدراسة النظامية ، ويتراوح حجمه 2-3 مرة حجم أمثاله من كتب الدراسة النظامية وذلك لكي ييسر للطالب إمكانية التفاعل مع المادة في غياب الأستاذ .

ثانياً : المواد التعليمية غير المطبوعة مثل :

•الأشرطة السمعية .
•الأشرطة البصرية (أشرطة الفيديو) .
•الأقراص أو الإسطوانات الحاسوبية .

ثالثاً : وسائل الاتصال :
•وسائل الاتصال مثل التلفاز عن طريق البث المحلي والبث عبر الأقمار الصناعية ، وقد يستخدم البث المرئي باتجاه أو باتجاهين .
•الإذاعة المحلية والعالمية .
•الهاتف للاستفسار ومناقشة المادة مع الأستاذ .
•الفاكس .
•الحاسوب وشبكات المعلومات المحلية والعالمية (الإنترنت) .
•البريد الإلكتروني .
•البريد العادي لإرسال الطرود التعليمية ، وتستخدم هذه الوسيلة بشكل كبير لإرسال الحقائب المعملية أو الطرود التجريبية لطلبة المواد العلمية ، مثل المجاهر وأدوات التشريح والأدوات الزجاجية والتسهيلات الحاسوبية .

رابعاً : وسائل أخرى :
•المكتبات العامة والخاصة .
•المختبرات البحثية والتعليمية في الجامعات ومراكز البحوث والمراكز التعليمية التابعة للجامعة ومختبرات المستشفيات لبعض التخصصات لإنجاز وتنفيذ بعض التجارب العلمية التعليمية، وقد تكون هذه على شكل دورات صيفية قصيرة.(خالد مصطفي و صالح حمد 2001م)