إضاءات في تربية الأبناء

أبناؤنا فلذات أكبادنا نعمة من نعم الله تعالى ، تقر أعيننا بهم ، و نسعد بوجودهم ، فهم ثمرة الحياة وزينتها و أجل نعم الخالق جل شأنه وعلا ، فلا نبالغ إن قلنا إنهم أعظم هبة منحنا إياها ويقيناً إن وجودهم امتداد لآبائهم و تخليداً لهم فكل ذلك يستوجب منهم حسن رعايتهم و وتوجيههم و الإحسان إليهم ، إرشادهم وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة فإن استقاموا أصبحوا قرة أعين آبائهم ، و فخر أمهاتهم و سنداً و ذخرا لأوطانهم

و قد يظهر بعض الأبناء ممارسات سلوكية سلبية تتنافى مع تعاليم ديننا و تتعارض مع عادتنا و تقاليدنا، تضر بالفرد و الجماعة

فيا ترى من أين اكتسب هؤلاء الأبناء هذه الممارسات السلبية و السلوكيات الخاطئة ؟ كالكذب و السرقة و التخريب و الانحراف فمن المسئول عن ذلك ؟ و هل بالإمكان تفادي الخطر مبكراً وتحويل هذه الممارسات السلبية إلى ممارسات إيجابية ؟

أسئلة لابد أن نجيب عليها ؟ تتطلب منا وقفة مع النفس و جلسة مع الذات و أين نحن من تربية أبنائنا التربية الإسلامية الصحيحة ؟

لتعلم أيها الأب أيتها الأم إن الأسرة هي المحضن الأول لتربية الأبناء فمن الأسرة يكتسبون القيم ليسموا بأنفسهم و أوطانهم نحو القمم فمن الأسرة ينهلون ، و منها يتعلمون و على نهج الوالدين يسيرون و لذا كان على الأسرة أن تكون خير قدوة للأبناء في التحلي بالأخلاق الفاضلة و القيم النبيلة كأسلوب حياة تمارسه سلوكاً ومنهجاً لا شعاراً ترفعه ولا حديثاً نردده ، ومما لا شك فيه إن الأسرة هي المدرسة التربوية الفاعلة في غرس القيم و النافعة في تحفيز الهمم و هي أساس تربية الأبناء تربية صحيحة و عماد غرس الأخلاق فمن الأسرة يكتسب الأبناء الأخلاق الإسلامية الحميدة و القيم الأخلاقية النبيلة وذلك حينما تكون الأم القدوة الأولى لأبنائها في الحب و الرحمة و الوفاء و العطاء و العفة و الطهارة و السماحة و حينما يتمثل الأب الصدق و الأمانة و الكرم و العمل و الهمة و الطموح ليغدو فخر أبنائه فيقتدون به و يسيرون على نهجه و يخطون على طريقه و كل ذلك يتطلب منك أيتها الأم الفاضلة و أيها الأب الفاضل الارتكاز على دعائم أساسية في تربية أبنائكم و أسس قوية تضمن لكم تربيتهم تربية صحيحة تحصدون أجيالاً واعدة و قيادة رائدة هم سعادتهم آبائهم و فخر أوطانهم و هنا يسعدني أن أضع بين يديك أيها الأب الفاضل أيتها الأم الفاضلة ومضات في تربية لتكون مرشدا وهاديا في تربيتهم و إشعاعا ً لحسن رعايتهم تطبيقا لقوله تعالى : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) الذاريات آية 55 و إيمانا منا بأهمية دور الأسرة في تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة بها يرقى الإنسان و تسمو الأوطان ...

1- أيتها الأم أيها الأب اسعوا جاهدين إلى غرس القيم الدينية والعادات الإسلامية الصحيحة في نفوس أبنائكم كقيمة حب الله وحب رسوله في نفوس أبنائكم ، وتعويدهم التقوى وحسن الخلق وحسن الأدب و التمسك بالقيم الفاضلة كالحلم و الصبر و الصدق و الأمانة و حب الوطن و الانتماء إليه و الوفاء للقيادة الرشيدة و طاعتها وحسن المعاملة و احترام الكبير و العطف على الصغير وما إلى ذلك من الخلق القويم منذ الصغر فقد قال الشاعر

عود بنيك على الآداب في الصغر

كيما تقر بهم عيناك في الكبر

فإنما مثل الآداب تجمعها في

عنفوان الصبا كالنقش في الحجر

و ليكن أول اهتمامكم الحرص على تحفيظ أولادكم القرآن الكريم منذ نعومة أظفارهم، فمن حفظ القرآن حفظه القرآن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبياء الله وأصفيائه".

- لتتذكري أيتها و أيها الأب إن التربية بالحب و التربية بالقدوة هي منهج المصطفى عليه الصلاة و السلام لا التربية بالقسوة و التعذيب و لا بالشدة و الترهيب ، فالله الله في أبنائكم ، أرضعوهم الحب ، و غذوهم بالحنان و وجهوهم بالكلمة الطيبة و النصيحة النافعة ، اظهروا المحبة لهم و قدموا النصح و التوجيه بأسلوب يرغبهم لا يرهبهم لتحصدوا أبناء بارين بكم محبين ومطيعين لا عاقين و لا عاصين .

- عزيزتي الأم عزيزي الأب مما لاشك فيه إن تربية الأبناء أمانة عظيمة و رعايتهم مسئولية جسيمة فالحذر الحذر من التدليل الزائد فإنه مفسدة للأبناء طريق هلاك وفناء فليس تدليل الأبناء التدليل الزائد و رفدهم بكل الأجهزة و التقنيات الحديثة من أجهزة النقال و الانترنت و تلفاز و أجهزة لعب البلاي استشن وغيرها ... مظهراً من مظاهر حبهم فقد تكون عوامل مدمرة لهم و معطلة لقدراتهم و مضيعة لأوقات فراغهم فتغدو هذه الأجهزة الشرارة التي تحرقهم و يغدو هذا الحب دافعاً لغرقهم و مقود هلاكهم فإياكم و التدليل الزائد و لتحرصا على منحهم ما يتناسب مع أعمارهم مع الرقابة لما يشاهدون من قنوات و لما يستخدمون من أجهزة فكل جهاز سلاحا ذو حدين أن أحسن استخدامه أفاد و إن أسئ استخدامه كان وباء وهلاك

- أيها الأب الفاضل و أيتها الأم النجيبة أنتم للأبناء خير قدوة بكم يقتدون و من منكم يتعلمون ، و بتصرفاتكم و أقوالكم يحتذون و على خطاكم يسرون فحذار عن نهي الأبناء عن خلق و الإتيان بمثله فذلك يهز صورتكم أمام أبنائكم ، و يفقدهم الثقة بكم فلتكونوا لهم خير قدوة وقديما قال الشاعر :

لا تنــه عن خلـق وتأتـي مثلـــه.. ..عــار عليك إذا فعلـت عظيـم

ابـدأ بنفسك فانههــا عن غيهـــا.. ..فإذا انتهــت عنه فأنت حكيـم

- أيتها الأم المحبة و أيها الأب الحاني الدعاء مفتاح الإجابة فلنجعل الدعوة بالصلاح لأبنائنا منهجنا في حياتنا و كما دعا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حيث قال: { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ } [إبراهيم: 35]. وكما دعا زكريا عليه السلام، حيث قال { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} [آل عمران: 38]. هذه دعوات الأنبياء لأولادهم فاقتدوا بهم في ذلك 100]. وقال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} [البقرة: 128].

- أيتها الأم المعطاء و أيها الأب القائد فرض الله علينا المساواة والعدل بين أبنائنا في التعامل سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أولادكم في النّحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللطف فلا تبالغ في حب أحدهم دون الآخر و لا تفرق بينهم فتوقد شرر العداوة في نفوسهم و تولد الحقد و الضغينة في قلوبهم بل العدل العدل في معاملتهم و الإنفاق عليهم تجني أسرة متماسكة كالبنيان المرصوص و إخوة متحابون متعاونون .

- ختاما تذكري أيها أيتها الأم و أيها الأب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) مسلم عن أبي هريرة

فلنحرص كل الحرص على تربية أبنائنا تربية سليمة تقوم على مبادئ الإسلام و تعاليمه

فكل هذه الومضات و هذه الوصايا و التوجيهات لا تؤتي ثمارها إن لم يكن الأب و الأم قدوتهما الأولى فلتكن أيها أنموذجا شامخا لأبنائك يتطلعون إليك بفخر واعتزاز طامحين الوصول إلى ما وصلت و تحقيق ما حققت من نجاحات غدت انجازات سامية و لتكوني أيتها الأم لأبنائك شعلة من نورك يقتبسون و منارة بعلمك يهتدون فقد أحسن من قال :

و الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعب طيب الأعراق