تختلف طرق الوقاية من الحساسية باختلاف وضع شخص طبيعي إلى آخر مصاب بالحساسية، فكيف تتم الوقاية من الحساسية؟




ما زالت المعلومات المتوفرة عن كيفية حدوث الحساسية قليلة، وبالتالي فإن كيفية منع الحساسية تعتبر مجالا غامضا حتى الآن على الرغم من أهميته. وهناك نظريات كثيرة وضعت لكيفية تقليل إمكانية حدوث الحساسية في المستقبل، ورغم ذلك، فإنه لا توجد طريقة محددة للآن يمكن القول عنها إنها مؤكدة في منع الحساسية في المستقبل.






هناك ثلاثة مستويات لمنع حدوث الحساسية تعتمد على ما إذا كان الشخص طبيعيا (المستوى الأول)، أو لديه حساسية صامتة Atopy (المستوى الثاني)، أو كان المنع موجها لدرء تطور الحساسية عند مريض حساسية (كمنع حدوث المضاعفات)، وهو المستوى الثالث.






المستوى الأول:




وهو منع حصول الحساسية في المستقبل عند إنسان طبيعي. أوضح الدكتور موفق طيب أن هذا المستوى من الوقاية هو أفضل مستوى لأننا نمنع حدوث الحساسية مستقبلا لدى شخص طبيعي تماما، إلا أن تطبيق ذلك غير ممكن، وعليه يتم العمل على الحالات التي فيها عوامل خطر لحدوث الحساسية في المستقبل.






وتشمل عوامل الخطر لحدوث الحساسية في المستقبل:




- التعرض المبكر للمهيجات، فكلما كان سن تعرض الإنسان الطبيعي للمهيج مبكرا خلال أول 3-6 أشهر من العمر، كانت إمكانية الإصابة بالحساسية كبيرة مستقبلا.






- وجود تاريخ عائلي للحساسية في عائلة الإنسان الطبيعي.






- طول فترة تعرض الإنسان الطبيعي للمهيج وكمية ذلك المهيج، فكلما زادت فترة التعرض للمهيج وكانت الكمية كبيرة، زادت إمكانية الإصابة بالحساسية مستقبلا.






- التدخين أو التعرض للتدخين السلبي يزيد إمكانية حصول الحساسية مستقبلا.






- التعرض لمهيجات الحساسية داخل المنزل كعثة غبار المنزل والفطريات، فكلما استمر التعرض لهذه المهيجات، زادت إمكانية الإصابة بالحساسية مستقبلا. وفي دراسة حديثة تمت مقارنة أطفال تعرضوا لعثة غبار المنزل والفطريات مع أطفال آخرين لم يتعرضوا لها واتضح أن نسبة الإصابة بالحساسية في الأطفال الذين لم يتعرضوا لعثة غبار المنزل والفطريات أقل بكثير من الذين تعرضوا لها.






- العامل الوراثي؛ إذ وجد في الأبحاث الحديثة أنه إذا كان والد الطفل مصابا بالحساسية، فإن إمكانية إصابة الطفل بالحساسية تزيد شيئا بسيطا، لكن إذا كان الوالدان معا مصابين بالحساسية، فإن نسبة الإصابة تتضاعف بشكل كبير جدا.






لذا، فإن المشورة الطبية قبل الزواج للحساسية تعتبر من المساحات المهمة للوقاية من حدوثها في المستقبل وهو ما يسمي Genetic Counseling وهناك عوامل بيئية تساعد على حدوث الحساسية في المستقبل عند الإنسان الطبيعي مثل:






- التدخين (خلال الحمل - والسنة الأولى من عمر الطفل - وخلال الطفولة عموما).






- المستوى المعيشي (وجد أن الحياة المرفهة تساعد على حدوث الحساسية).






- بعض الأغذية مثل تلك العالية الدهون وبالذات خلال الحمل.






- وكما ذكرنا سابقا التعرض لمهيجات الحساسية خلال وقت مبكر من حياة الطفل.






- التلوث البيئي الناتج عن عوادم السيارات.






- الحساسية المهنية Occupational Allergy الناتجة عن التعرض لمهيجات حساسية في العمل.






كيف نستطيع أن نمنع حدوث الحساسية في المستقبل عند إنسان طبيعي؟




- أولا: الرضاعة الطبيعية: وهي تعتبر أفضل طريقة لمنع حدوث الحساسية عند الأطفال، وهي أرخص طريقة بلا شك بالإضافة للفوائد النفسية الكبيرة بين الرضيع وأمه، بينما إرضاع الحليب الصناعي (حليب البقر) للطفل خلال عامه الأول يعتبر أهم عامل من عوامل حساسية الطعام لدى الأطفال.






لذا ننصح الأمهات بالرضاعة الطبيعية لمنع حدوث الحساسية في أطفالهم مستقبلا وإذا كان هناك أي مانع للرضاعة الطبيعية، فإننا ننصح بتجنب الرضاعة الصناعية مع استخدام بدائل أخرى للرضاعة الطبيعية تمنع الحساسية أيضا مثل:






الفورمولا المذابة بشدة Extensively Hydrolyzed Formula - أو الفورمولا المعتمدة على الأحماض الأمينية Amino Acid Formula لكن هذه الأنواع غالية الثمن مقارنة بالرضاعة الطبيعية.






ولا يعتبر حليب الصويا Soya Milk بديلا للرضاعة الطبيعية، فالكثير من الأمهات يلجأن لاستخدام حليب الصويا بديلا للرضاعة الطبيعية في الحالات التي لا يقدرن على استعمال الرضاعة الطبيعية فيها، وبالتالي يتجنبن استعمال الحليب الصناعي مما يقلل استخدامه، إلا أن الطفل يمكن أن يكون عنده حساسية من حليب الصويا أيضا، لذا، فإن التوصيات العلمية الحديثة توصي بعدم أخذ حليب الصويا بديلا للرضاعة الطبيعية إلا بعد الشهر السادس من العمر.






بالإضافة إلى أن حليب الصويا لا يعتبر غذاء متكاملا للطفل كالرضاعة الطبيعية. لذلك وتبعا لكل ما سبق ذكره تعتبر الرضاعة الطبيعية أفضل طريقة طبية لمنع الحساسية لدى الأطفال وذلك في عدد كبير من الأبحاث العالمية الحديثة.






- ثانيا: الفطام weaning:يحتوي الجهاز الهضمي لدى الإنسان على جهاز لمفاوي يرشح الطعام ولا يسمح للأجزاء المسببة للحساسية بالدخول للدم. لكن الجهاز الهضمي في الأطفال غير متطور بالذات خلال العام الأول من العمر، مما يعني ببساطة أن تناول الطفل لأي طعام مهيج للحساسية خلال الفترة المبكرة من حياته يعني أن تلك الأغذية ستدخل في دمه مباشرة لتهيج الحساسية عنده على المدى الطويل.






لذا يجب تجنب تغذية الطفل بأي غذاء يهيج الحساسية عنده خلال العام الأول من عمره وبالذات خلال أول أربعة أشهر من حياته.






وهذا ينطبق مع مفهوم فطام الأطفال الذي يبدأ بإعطاء الطفل أغذية صلبة بعد أربعة أشهر من عمره ويكون بشكل تدريجي مع الاستمرار على رضاعة الحليب الطبيعية أو بدائلها حتى يتعود الطفل على تلك الأغذية الصلبة وينتقل إليها نهائيا.






وليس الفطام هو إيقاف الحليب وإدخال الأغذية الصلبة بل يشمل الاثنين معا. كما أن الأم يجب أن تختار نوعية الأغذية الصلبة خلال فترة الفطام مع تجنب الأغذية الصلبة التي تسبب الحساسية.






تتم عملية الفطام بالطريقة التالية:




- البدء بإدخال طعام واحد صلب بعد أربعة أشهر للطفل الرضيع على أن لا يزيد حجم ذلك الطعام على حجم اللوزة الصغيرة، وأن يكون من الأطعمة التي لا تسبب الحساسية (كالتفاح والكمثرى والأرز والبطاطس والقرع والجزر والكوسة والدجاج ولحم الخروف ولحم الديك الرومي، مع تجنب الفواكه الحمضية عند الأطفال حديثي الولادة، ولكن يمكن إعطاؤها للأطفال بعد عمر تسعة أشهر وكذلك تجنب إعطاء السمك إلى عمر عشرة أشهر.






- مضاعفة كمية الطعام المذكور يوميا حتى تصل إلى كمية طعام مناسبة لعمر الطفل.






- الاستمرار على نوع واحد من الطعام الصلب وعدم إضافة طعام جديد إلا عندما يكون الطفل سليما تماما ولا توجد عليه أي أعراض جانبية.






- يجب إيقاف الطعام الصلب فورا إذا سبب أي عرض من أعراض الحساسية لدى الطفل.






- الفترة ما بين إعطاء الطعام الصلب ثم إضافة طعام صلب آخر هي ثلاثة أيام خالية تماما من أي أعراض لها علاقة بالحساسية.






- الاستمرار بانتظام على إعطاء الطعام الصلب الذي تحمله الطفل من دون أي أعراض ولم يسبب له حساسية.






- ثالثا: تجنب الفول السوداني: يجب على الأمهات تجنب أكل الفول السوداني Peanuts خلال الحمل أو الرضاعة لما له من الأثر الكبير في تهييج الحساسية عند الطفل بالذات إذا كانت الأم لديها حساسية أو أحد والديها، وعدم إعطائه للطفل إلا بعد مرور عامين إلى ثلاثة أعوام. وهنا ننصح الأم بتجنب الفول السوداني فقط لا غير وأن لا تلجا لتجنب أي غذاء آخر لأن هذا التجنب يؤثر على الرضيع.






- رابعا: الأحماض الدهنية Fatty Acids: وجد في البحث العلمي الحديث أن الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة لها دور جيد في الحماية من الحساسية وذلك على عكس الدهون المشبعة التي تهيج الحساسية.






وأهم مصدر للأحماض الدهنية غير المشبعة هو حامض Omega-3 Fatty Acid الموجود بكميات كبيرة في زيت السمك وزيت الزيتون، وهي مفيدة للوقاية من الحساسية.






كما أن هناك مصدرا آخر للأحماض الدهنية غير المشبعة هوOmega-6 Fatty Acid الذي يوجد في زيت دوار الشمس. وننصح الجميع باستخدام الزيوت غير المشبعة لأنها تحمي من الحساسية.






- خامسا: الأغذية المحتوية على مواد مضادة للأكسدة Antioxidants. وتوجد فيها الفيتامينات «إيه» A و«بي» B و«إي» E وهي موجودة في الفواكه والخضراوات. وهناك دراسات توجد بها أدلة على مساعدتها في درء الحساسية.






- سادسا: عثة غبار المنزل: ننصح الأمهات بتجنيب الرضيع التعرض لعثة غبار المنزل بالذات في العوائل المعرضة للحساسية بشكل كبير وذلك بعمل الخطوات التالية:






- غسل فراش نوم الرضيع مرة شهريا على الأقل بماء يغلي أو استخدام المكنسة الكهربائية ذات الهواء الحار لتجفيف الفراش، فقد ثبت أنها تقلل من وجود عثة غبار المنزل بشكل كبير.






- إبعاد الألعاب ذات الفرو الكثيف عن فراش الطفل.






- تجنب وضع البساط القماشي في الغرفة التي ينام فيها الرضيع.






- تغليف فراش الطفل داخل أغطية خاصة بعثة غبار المنزل لمنع تطايرها حول الطفل.






- استعمال المكانس الكهربائية ذات الفلتر الطبي الخاص HEPA Filters






- سابعا: التدخين: التدخين يزيد إمكانية إصابة الأطفال بالحساسية ومنها حساسية عثة غبار المنزل، فمثلا تدخين الأم الحامل يؤدي لزيادة أجسام الحساسية المضادة في الحبل السري مما يهيئ الطفل للحساسية، كما أن فحص «وخز الجلد» يكون إيجابيا عند الأطفال الذين يكون آباؤهم مدخنين. وتدخين الأم يزيد نسبة إصابة الطفل بالإكزيما. لذلك ننصح الوالدين بعدم التدخين نهائيا أمام الطفل.






الحساسية الصامتة




المستوي الثاني:




منع الحساسية في المستقبل عند إنسان لديه حساسية صامتة Atopy. أوضح الدكتور موفق طيب أن هناك نوعين من الحساسيات: الأولي الصامتة Atopy وهي وجود نتائج إيجابية في فحص «وخز الجلد» دون وجود أي أعراض إكلينيكية عند المريض، والثانية الحساسية الإكلينيكية التي تظهر بأحد أمراض الحساسية المعروفة.






المشكلة الرئيسية أننا لا نعرف كيف يتحول مرض الحساسية الصامتة Atopy إلى حساسية إكلينيكية ولا كيف يحدث ذلك. إننا نستطيع منع حدوث الحساسية الإكلينيكية إذا عرفنا المهيج من البداية وذلك ممكن في الحساسية المهنية الناتجة عن التعرض لمهيج معين في العمل.






والحساسية المهنية مثل الربو، وحساسية الأنف، وإكزيما الجلد، التي تحصل في المصانع أو الشركات وخلافها. وتعتمد الوقاية من الحساسية المهنية على تقليل تعرض العاملين في المصانع للمواد المهيجة للحساسية وعلى المراقبة الطبية المستمرة لهؤلاء العاملين. والمراقبة الطبية للعامين تمكننا من التحديد المبكر لأي أثر جانبي يظهر على العمال.






وبالإضافة للمراقبة الطبية يجب عمل التالي:




- تزويد العاملين بمعلومات كافية عن المواد المهيجة للحساسية التي يتعرضون لها في المصنع، وبالأعراض التي ستحصل لهم نتيجة إصابتهم بالحساسية، وما الأخطار المستقبلية الممكن حدوثها.






- كما يتم التنبيه على العاملين بالمصانع أن يبلغوا وبسرعة عيادة الطب المهني بظهور أي أعراض تظهر لها علاقة بالحساسية المهنية.






- يجب تحسين نظام التهوية داخل المصانع، ووضع فلاتر فعالة تطرد المواد الضارة للخارج.






- تزويد العاملين بالمواد التي تحمي الرئة والجلد.






المستوى الثالث:




منع تطور الحساسية عند مريض بالحساسية (كمنع حدوث المضاعفات)، ومثال ذلك الأدوية التي يأخذها المريض لتخفيف أعراض الحساسية ولمنع حصول المضاعفات لديه.






والمثال الآخر هو «أمصال الحساسية» لمنع تطور الحساسية، التي تستخدم بشكل ناجح في حالات قرص الحشرات وفي حالات الحساسية الموسمية للأنف التي لم تستجب للعلاج. وتقلل الأمصال الحساسية بشكل كبير وتعطي على فترة ثلاثة إلى أربعة أعوام.






والمثال الثالث هو تطعيم مرضى الربو ضد الإنفلونزا لكثرة إصابتهم بالالتهابات الفيروسية التي تعتبر مهيجا أساسيا لنوبات الربو وبالتالي منع النوبات ومنع تطور مرض الربو.






المثال الرابع، تجنب التدخين لدى مرضى الربو لأن التدخين يدهور وظائف الرئة في حالات الربو، ولذلك، فإن تجنب التدخين له أثر جيد في الحفاظ على الرئة.