التمرينات الذهنية تقوى الذاكرة :
ليس صحيحاً أن ضعف الذاكرة بتقدم العمر يرجع إلى الفقد المستمر فى خلايا المخ، بالرغم من أن هناك أجزاء من المخ فعلاً تفقد الاتصالات العصبية فيما بينها، ولكن من الممكن أن يتكون غيرها، ويمكنك عن طريق التمرين المستمر للمخ أن تحافظ على هذه الاتصالات. فإذا حفظت قصيدة من الشعر أو سورة من القرآن الكريم وداومت على مراجعتها باستمرار، فإنك بذلك تقوى مسارات الذاكرة الخاصة بها فيكون من الصعب نسيانها. أما اذا لم تداوم على قراءتها واسترجاعها فإن مخك سيقوم تلقائياً بمسحها باعتبارها شئ لست فى حاجة اليه وحتى يفسح المجال لغيرها. وسواء أكانت هذه المعلومات مازالت مكودة أو مشفرة Encoded فى المخ ولكنها تائهة أو ضائعة فلم يحسم هذا الأمر بعد، ولا يوجد حتى الآن دليل على أن المعلومات أو الذكريات القديمة تتلاشى وتنمحى قبل الحديثة.
ملاحظة التليفزيون كثيراً تساعد المخ على أن يكون سلبياً، ولذلك ينصحك المختصون بقضاء ساعة يومياً على الأقل فى أداء تمرينات ذهنية مثل القراءة، لعب الشطرنج أو حل الكلمات المتقاطعة لتشجيع عمل الذاكرة، فالنشاط الذهنى المستمر يؤخر تدهور الذاكرة بتقدم العمر.. يقول الدكتور ماريان دايموند المتخصص فى أبحاث الذاكرة والمخ أن مخ الفئران ينكمش إذا ما تم حرمانهم من الألعاب المحفزة للتفكير، فكما أن رفع الأثقال والتمرين المستمر يقوى العضلات، كذلك الحال بالنسبة للمخ، فإما أن تستعمل مخك أو تفقد مخك، كما تنص القاعدة المعروفة.
وتمرين المخ لا يتطلب بالضرورة ذكاء أو ثقافة عالية، فمجرد القراءة فى جريدة يومية يكفى، ولكن التجديد أفضل منشط للمخ فحاول بقدر الامكان اكتشاف هوايات جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدماغ قد يرتكب خطأ فى الربط، كما يطلق عليه العلماء النفسيون أمثال دانييل شاكتر من جامعة هارفارد فى كتابه "الخطايا السبعة للذاكرة" حيث ينقل الإنسان بدون وعى ذكرى معينة من خانة عقلية إلى أخرى واضعاً بذلك حادثة ما فى غير سياقها أو تجربة من الخيال إلى الواقع فيعتقد مثلا أنه قال شئ ما لزوجته، وهو فى الحقيقة لم يقله الا للسكرتيرة فقط. والخطأ هنا غير مقصود، ويلام عليه جزء فى الدماغ يعرف بالحصين أو قرن أمون Hippocampus لأنه المسئول عن التذكر أو ربط كافة مناحى ذكرى ما ببعضها البعض وعموما فلا تقلق فمشاكل الربط ونسيان اسم جارك أو مكان مفاتيحك أو عاصمة ولاية أو محافظة فى بلدك ليست سوى جزء يسير من مشاكل الذاكرة كما يقول دانييل شاكتر حيث تتركز الأبحاث حاليا على القصور والاخفاق والمآسى مثل الزهايمر وباركنسون وغيرهما.
الغذاء والمخ:
كيف يصل الغذاء إلى المخ؟ تحتاج الخلايا العصبية فى المخ مثل أى خلايا أخرى فى الجسم إلى التغذية، ولأن المخ هو جهاز التحكم والسيطرة على جميع أعضاء الجسم الأخرى فقد اعتقد العلماء يوماً أنه يأخذ ما يحتاجه من الجسم بصرف النظر عن احتياجات الأعضاء الأخرى، وسبب هذا الاعتقاد أنهم وجدوا أن الإنسان يظل قادراً على التفكير والتصرف حتى لو كان جائعاً أو يعانى من سوء التغذية، ماعدا فى حالات الأمراض الخطيرة أو الجوع الشديد.
وقد اتضح فيما بعد أن تركيب المخ يتأثر بما يأكله الإنسان، بيد أن الطريق من الفم إلى المخ طويل ومعقد والمواد الغذائية بعد هضمها وامتصاصها لاتدخل خلايا المخ مباشرة بالطريقة التى تدخل بها خلايا أنسجة الجسم الأخرى. فعلى العكس من بقية أعضاء الجسم يتميز المخ بخاصية الاختيارية (اختيار نوعية المواد التى تدخل اليه من تيار الدم).
ولعلك تتساءل الآن كيف تحدث هذه الاختيارية ولماذا؟
يتبع
المفضلات