في البدء كانت
تقف على سلم بيتها شارده لا تدري أين تضع قدميها تسرح في العالم البعيد البعيد عن محيطها الذي تعيش فيه تسرح بعيداً عن لغة التهكم وضحكات السخرية ولسعات العذاب التي تجدها من كل ما حولها ولا حول لها ولا قوة سوى أنها امراءة ، انها فتاة . أنه اطار له قراراته دون أن يكون لها معنى وليست عرضة للمناقشة ، انها قواعد راسخة كالجبل صعب اختفاءها.
أنها تترقب مصيرها مستسلمة ، متساهلة بدون أدنى رغبة أو فعل، تعيش دوماً في خانة اللا فعل أو رد الفعل أين هــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــي من:
شابة متألقة تربت على مبدأ التجربة و مبدأ الصواب والخطأ و تصحيح الخطأ فتاة تعلم ماذا تريد ومتى تريد ما تريد وكيف تسعى لتحقيقه، فتاة منفتحة على العالم متقبلة كل ما يدور فيه تتعلم الجديد وكل يوم جديد بالنسبة إليها ، فتاة تتحرك بفاعلية وبدور يضمن لها أثر بعد حين ، فتاة تجد في الحياة وبمغامراتها شيء له أهمية مهما صغر ، تجد أن الحياة كنز لا يفُنى من الخبرات والتجارب تكتسب منها ما يجعلها تبني الحياة وتساعد أخيها الرجل في إعمار الحياة و بناءها .
مــــــــــــــــــــــــ ــــاذا نحـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــتاج هنــــا؟
نحن نحتاج إلى عقول تدرك بناء على معرفة وعلم.
نحتاج إلى شخصية خاصة و ليس ذوبان في العواطف والتنازلات ، نريد شخصية بنّاءة تعمر في الارض وتتقبل من الاخر لبناء شيء مميز لا يوجد له شبيه في كل الاحوال ، نحن بحاجة إلى وعي مفتوح يواكب التغيرات ويلقي النظر حولها ويحتفظ بوجه نظر خاصة لا تشبه الاخر ، نحن بحاجة إلى قوة إيجابية دافقة تركز على الحسن والاحسن وتغفل الجوانب السلبية والسيئة حتى تنساها الانفس وتركز على ماذا يجب عليّ أن أفعل الان لأجعل الحياة تبدو أسعد؟؟
نحن بحاجة إلى انسان فعال صحي يستطيع أن يتكلم ،يستطيع أن يعرف، أن يتعلم ، أن يبدع ، أن يحلم ، أن يحكم.
نحن بحاجة إلى روح فعالة ونفس مطمئنة ، نحن بحاجة إلى قوة جبارة تدعى العطاء أن تعطي بلا حدود ولا تنتظر العطاء والاخذ من الاخر.
نحن بحاجة إلى إيمان عميق بوجود الله سبحانه وتعالى القادر الرازق الباسط الواسع وأنه جل وعلا خلق الارض دائرية وخلق مقادير للناس كلٌ في فلكه وكلٌ حيث خلقه الله بقدراته وإبداعاته وحواسه والميزه التي فيه تخصه ولا تخص غيره ، نحن بحاجة إلى الفهم ، نحن بحاجة لأن نعطي أنفسنا الفرصة لكي نعي من نحن وكيف نحن ومادورنا في الحياة وماذا تريد الحياة منا وماذا نريد نحن من الحياة بالضبط.
نحن بحاجة إلى خيارات عدة نعيش من خلالها لتظهر معالم شخصيتنا المتفردة من خلال ما نختاره وسيكون خيار يعبر عنا بالمطلق ويحكي عن فرادتنا بالكون.
نحن بحاجة إلى ابداع ذاتي منطلق من نفس حره خارج عن أطار القيد والنقد والقوة الجبرية التي تهمش دور العقل وتجعل الانسان آلة في طاحونة الملل.
نحن بحاجة إلى انسان متكلم معبر يستطيع ان يحرر الانفس من قيودها أن يمد يده لغيره ، أن يقدر الانسان لمجرد أنه انسان بغض النظر كونه امراءة أو طفل أو حتى رجل. نحن بحاجة إلى هزة وجدانية تحث الأرواح وتذكرها أن للعقل وظائف أخرى غير البحث عن الطعام والراحة . نحن بحاجة إلى العمل والبحث والتعلم كل يوم. نحن بحاجة إلى الأهمية والتقدير وإشباع الأنا أشباع الذات بحيث نلغير الامعة تماماً ونجعل لكل أنسان كيان خاص وعالم خاص ينطق من خبرات خاصة تساعد أخية الانسان على تطوير الحياة والتحرك مسافات أضعاف أضعاف الركود أو الراحة أو تقبل الظروف.
نحن بحاجة إلى الوقت ومعرفة قيمته وإدراك أين نحن من الوقت وأين الوقت منا.
نحن بحاجة إلى إدراك قيمة ما نملك ولماذا نملكه وماهي المنافع التي عادت لنا مما نملكه وماذا نحتاج ولماذا نحتاجه و ما المنافع التي ستعود لنا لو امتلكنا ما نحتاج.
نحن بحاجة إلى بناء عالم جديد فيه الانسان الركن الأساسي في أي شيء فيه ، فيه نقدر أهميتنا ككيان وليس كمجرد رقم لديه أسم فقط . نحن بحاجة إلى هوية ، إلى تخصص ، إلى مميزات ، إلى إبداعات تميز شخصاً عن أخر. نحن بحاجة إلى التقبل ، تقبل أي شيء من كل شيء وأخذ الامر ببساطة وبديهية ، لنأخذ كلمة نعم ولندع كلمة لا ، فالله سبحانه أستخلفنا في أرضه أمانه ونحن في غفلة لا ندرك أنّا نعيش.