دوافع الإبداع
لا تكمن أهمية الإبداع كما يقول (هارول أندرسون): في كونه عملية إنتاج تشهد كل لحظة من لحظاتها ولادة جوهرة ذات قيمة آنية، ليس ذلك فحسب بل تكمن الأهمية في كون الإبداع ضرورة من ضرورات الحياة".
و لقد أثبتت الدراسات أن التدريبات المناسبة تحسن القدرات الإبداعية و تكون كفيلة بتنمية و زيادة الإنتاج الإبداعي عند أصحاب القدرة الإبداعية، إذا علينا أن نتعرف على دوافع الإبداع ونؤكد عليها ونتبعها بالتدريبات المناسبة التي تحسن القدرات الإبداعية.

إن كل فرد قادر على أن يكون مبدعا لو عرف الطريق إلى ذلك و استطاع تنمية الدوافع التي تكمن وراء العمل الإبداعي ، ويمكن تصنيف هذه الدوافع إلى ما يلي:

1 ـ الدوافع الذاتية (الداخلية):

• الحماس في تحقيق الأهداف الشخصية (يجب أن أكون مفيدا للمجتمع).

• الرغبة في تقديم مساهمة مبتكرة و قيمة وصياغة جديدة مبتكرة.

• الرغبة في معالجة الأشياء الغامضة و المعقدة.

• الرغبة في تجريب أكثر من مجال في العمل.

• الحصول على رضا النفس وتحقيق الذات.

• الإبداع يعطينا مجالا لإشباع الحاجات الإنسانية بطريقة أحسن وأفضل من السابق و يساعدنا على الوصول إلى أهدافنا و تحقيقها بطريقة أسهل وأفضل.

2 ـ الدوافع البيئية (الخارجية):

• الحاجة إليه في مجالات العمل المختلفة:

ثمة تسليم بإبداع الفنانين و الكتاب و الرسامين، كما أن هناك إقرار بإبداع العالم و الكيميائي والفيزيائي، غير أن الإبداع في مجالات العمل لا يزال مهملا إلى حد بعيد فهو يقترن عادة بالشعارات الدعائية، و لا يعتبر المدير العادي نفسه مبدعا كما أنه لا يجد في الحقيقة حاجة لذلك، هذا الاعتقاد بدأ يتغير مع ظهور إبداع مراكز (أو مستودعات) التفكير Think Tanks وما صاحبها من دعاية.

• الحيوية والنمو يحتاجان إلى ومضة الإبداع:

وتأتي المفارقة من أن التفكير الإبداعي ضروري بالطبع لإدارة أي مشروع فالحيوية والنمو يعتمدان على ومضة الإبداع وليس على مجرد المتابعة التحليلية للفكرة الخلاقة، وعمليا فإن كل جانب من الإدارة ينطوي على تفكير إبداعي.

• التصدي للمشكلات العامة و الخاصة يتطلب الإبداع:

إن الإبداع ضرورة للتصدي للمشكلات مثل سياسة خدمة المواطن و تنويع و تحسين الخدمات و العلاقات العامة و تطوير القوى العاملة، كما أنه مهم كذلك في الهندسة و الإنتاج إذ نتأمل في مشكلات العمل و تحليل القيمة والنوعية، وفي شؤون الموظفين لدى الاختيار، وفي التدريب والعلاقات الإنسانية لمحاولة الوصول إلى حلول جديدة غير مسبوقة.

• إننا في عالم سريع التغير و يحتاج إلى صنع الأحداث بطريقة إبداعية:

يقول (إدوارد دي بونو) وهو من أبرز رواد تعليم التفكير الإبداعي أنه اقتنع منذ زمن طويل أن مجال الحياة العملية يستخدم التفكير أكثر مما يستخدمه الآخرون، فالإبداع لاغنى عنه في عالم سريع التغير ونحتاجه لصنع الأحداث.

فثمة على الدوام أمور ينبغي القيام بها و مشكلات تتطلب الحل، وثمة فرص مطلوب اكتشافها و تطويرها و مجازفات ينبغي التخطيط لها، ومشاريع يتعين تنظيمها، وتنبؤات ينبغي القيام بها، وتقييمات يلزم تأديتها، ويختلف التفكير المطلوب لهذه الأمور عن ذلك التفكير المألوف في العالم الأكاديمي أو حتى العلمي حيث الوقت لا يكون ضاغطا، والنفقات يسيرة.

• إن التقدم و الإزدهار مرتبطان بقدراتنا الإبداعية:

التفكير الإبداعي ليس حديثا، فلقد وجد المبدعون منذ آلاف السنين، لكن التقدم الذي حصل منذ بداية هذا القرن في المجالات المختلفة للإلكترون والكمبيوتر والراديو والتلفزيون و الصواريخ و علوم الفضاء يبين أن هذا القرن يعج بالمبدعين، إنهم يقدمون ومضة الأفكار الجديدة، وعلى الرغم من السخرية التي تحوط أحيانا بالمبدعين، أنهم يقدمون ومضة الأفكار الجديدة، وعلى الرغم من السخرية التي تحوط أحيانا بالمبدعين فإن هؤلاء يواظبون على طرح أفكارهم التي تبدو مستحيلة، ففي بداية الستينات كانت الشكوك تحيط بأفكار من تنبأ بوصول الإنسان إلى القمر، لكنه وصل فعلينا أن لا نتهيب من طرح أفكارنا الإبداعية مهما تشكك فيها أو سخر منها الآخرون، فللمبدعون عزائم وطموحات تتعدى هذه الأمور.

3 ـ دوافع مادية ومعنوية:

• الحصول على مكافآت مالية.

• الحصول على تقدير و ثناء و سمعة و شهرة.

• الحصول على مرتبة علمية مرموقة.

• الحصول على درجة وظيفية متقدمة.

• الحصول على قبول الناس و رضاهم.

• الحصول على رضا الله سبحانه وتعالى.

• خدمة الأمة و الوطن.

4 ـ دوافع خاصة بالعمل الإبداع:

• الرغبة الشديدة في إيجاد الفكرة و الحصول عليها:

يقول (شارلي شابلن): على مدى الأعوام اكتشفت أن الأفكار تأتي من خلال الرغبة الشديدة في إيجادها و الرغبة المتصلة تحول العقل إلى برج مراقبة يفتش عن الجديد في الملابسات التي تثير الخيال، فقد يؤدي مشهد غروب الشمس إلى إلهام بفكرة جديدة، التقط أي موضوع يثير انتباهك ثم طوره و عالج تفاصيله فإذا وصلت به إلى مرحلة تعجز عن التقدم بعدها اطرحه جانبا والتقط موضوعا آخر، فغربلة الأشياء المتراكمة و التخلص من بعضها هو العملية التي تقودك إلى العثور على ما تريد.

عند ولادة فكرة جديدة ينبعث السرور في النفس و تنشأ رغبة قوية في الاستمرار و استبعاد أي محاولة للإحباط أو خيبة الأمل و من ثم العمل على تحقيق الإشباع لدى الشخص وتكبر هذه الرغبة و هذا الإبداع كلما تقدم الفرد في عمله.