هي ـ في الغالب ـ ضغوط نفسيّة تنجم إمّا عن تنازع واصطراع بين ما يريده العقل وما تريده العاطفة . وإمّا عن التزاحم بين الأعمال والهوايات ، أو الإخفاق في تحقيق مسعى أو هدف معيّن ، أو العجز عن نيل درجة أو حاجة أو موقع معيّن .

فكثيراً ما يعيش بعض المراهقين صراعاً غرائزياً حاداً بين ما تهواه نفوسهم وما تتحكم به عقولهم من ضرورة الصبر والتريث حتى يحين موعد النضج والقدرة على الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية .

وقد يصابون بضغوط نفسية شديدة نتيجة الفشل الدراسيّ ، أو مواجهة مشكلة معيّنة ، كأن يكون ضعيفاً في مادة دراسية ، وبدلاً من أن يصمّم على اجتياز هذه العقبة بمزيد من الدرس والفهم والاستيعاب والمواظبة وطلب المعونة ، تراه يعيش العقدة والكراهية لتلك المادة مما يجعله يعيش ضغطاً نفسياً يصل إلى درجة التأفّف والاختناق ، كلّما تذكّر أ نّه مطالب باجتيازها .

أو تراه يرغب بالوصول إلى القمّة بسرعة خاطفة ، حتى إذا اصطدم بحقيقة صعود السلّم درجة درجة ، عانى من الضغط أو الألم النفسي المبرّح لأنّ غيره سبقه إلى القمّة وهو ما يزال على السفح ، من غير أن يدقّق النظر في أنّ الذين على القمّة لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه بطريقة الإزاحة أو التسلّق أو حرق المراحل ، وإنّما جدّوا واجتهدوا وزرعوا وحصدوا .
وغالباً ما يكون التزاحم بين عملين ، لا تحسم الأرجحيّة لصالح أحدهما ، سبباً في الضغط النفسيّ ، فقد يخيّر التلميذ أو التلميذة نفسيهما بين مسؤولية الدراسة وأداء التكاليف المدرسية ، وبين مشاهدة فيلم جميل ، أو مباراة مهمّة ، وقد يقبلان على المشاهدة لكنّهما يجدان المتعة منغّصة وغير كاملة ، لأنّ الوقت يمضي والتكاليف تنتظر .

وقد يقع التزاحم بين التلفاز والصلاة ، فيكون الضغط النفسي ناتجاً عن تأخير الصلاة ، والتقاعس عن أدائها في وقتها ، والشعور بأنّها أقلّ أهميّة من مادة تلفزيونية .

وربّما يكون بين متطلبات الدراسة والرغبة في النزهة أو اللعب أو زيارة الأصدقاء ، أو إنجاز بعض المسؤوليات البيتية .
إنّ حلّ هذه الأزمات الصغيرة ، أو تجاوز هذه الضغوط ـ أنّى كان حجمها ـ لهو بيد الشاب أو الفتاة نفسيهما .!!!

إن تنظيم الوقت ، وترتيب سلّم الأولويات ، وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، وتقديم ما لا يحتمل التأخير ، أو يكون في تأخيره خسارة معيّنة ، سوف يبدّد الكثير من الضغوطات الطارئة . ذلك أ نّك أحياناً قد تشعر بالانقباض النفسي ولا تدري سبباً لذلك ، ولو قمت بتحليل شعورك هذا لرأيت أنّ مكوّناته هي ضغط صغير هنا ، وضغط صغير هناك اجتمعا فضيّقا الخناق عليك .

وقد تأتي الضغوط الداخلية من جرّاء الضجر والرتابة والملل ، ولذا فإنّ التغيير الايجابي البسيط ربّما يحوّل سمفونية حياتك الرتيبة إلى نغمات عذبة ودافئة ومسلية .

حاول ـ مثلاً ـ تغيير الشارع الذي تسير فيه إلى مدرستك أو عملك ، أو غيِّر طريق العودة منهما ، استبدل قميصاً بآخر وليس من الضروري أن تشتري جديداً ، استبدلي العطر الذي تستعملينه ، أو تسريحة شعرك .

وربّما كان زيارة لصديق أو نزهة في حديقة ، أو قراءة في كتاب تميل إلى الاستزادة في موضوعه ، وغير ذلك مما يتفنّن كلّ شاب وفتاة ، ففي الحديث : «إنّ القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فتخيّروا لها طرائف الحكمة» .
والمراد بـ (طرائف الحكمة) كل ما هو جديد ، أو فيه مسحة أو نفحة من التجديد ، ذلك أنّ «لكلّ جديد لذّة» حتى لو كان التجديد في تغيير مكان الطاولة من الزاوية التي تقبع فيها .

إنّ زيارة الصديق المخلص الثقة الذي تحبّه ويحبّك وتشتاق له ويشتاق إليك ، وترتاح له ويرتاح إليك ، لا سيما إذا كان مؤمناً محبّاً للخير ودوداً ، من أهم أساليب الترويح عن النفس ، والتخفيف من الضغوطات المتراكمة عليها ، علاوة على ما فيها من قربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم..