الخجل الشديد عند المرأة ليس نوعاً من الحياء، لكنه مرض يصيبها ويعوق تقدمها في الحياة، وقد يعطل التحاقها بوظيفة معينة، أو يعوق حتى تحدثها أمام الآخرين، وهو عيب يؤرقها ويصيبها بالعزلة والابتعاد عن الناس ويزعزع ثقتها بنفسها، ويجعلها مهزوزة ومترددة..


«الخجل له أسبابه وله علاجه»، هي أحدث الدراسات العلمية والنفسية التي كشفت عن أسباب الخجل عند المرأة، وطرق علاجه، وذلك لمساعدتك على التغلب على خجلك وزيادة نشاطك الاجتماعي. والمشكلة التي قامت عليها الدراسة، هي الخجل المرضي، أو حسب المفهوم العلمي «الرهاب الاجتماعي».
والخجل حسب المفهوم العلمي، الذي أوضحته الدراسة، كلمة تحمل معاني طيبة، ومعاني أخرى مرَضية، فعندما يكون نوعاً من أنواع الحياء، يكون مطلوباً على المستوى الاجتماعي والديني، لأنه يدل على حُسن التربية المحافظة، لكنه كمفهوم من الصعب جداً تحديده، لكن، وحسب رأي خبراء الصحة، يمكن وصفه بأنه نوع من أنواع القلق الاجتماعي، الذي يؤدي إلى حدوث مشاعر متنوعة، تتراوح بين القلق والتوتر البسيط إلى مشاعر رعب وهلع واضحة، تصنف في علم النفس تحت إطار أمراض القلق والتوتر، خصوصاً أن النهاية الطبيعية له هي الشعور بالوحدة والانعزال عن المجتمع، وكلاهما من أهم أسباب ـ وربما ـ نتائج مرض الاكتئاب، وهذا معناه أن المصابة بالخجل الشديد سوف تتطور حالتها النفسية للأسوأ.


القبح الوراثي!


الدكتور يسري عبد المحسن يقول: «الخجل أكثر الأمراض النفسية انتشاراً بين المجتمع، فعدد المصابين به تتراوح نسبتهم بين 8 ـ 12%، والأغلبية الأكثر من النساء، ويرجع هذا لمجموعة من الأسباب مرتبطة بالعناصر المسببة للخجل، وهي شديدة التقلب والتغير، ومن بين هذه العناصر: الضعف الوراثي أو اختلال الصحة، ويتسبب في الخجل الإحساس بنقص جمالي أو قبح جسماني، وفقدان المهارات الاجتماعية عند التعامل مع الآخرين أو مع أفراد الأسرة والنظرة السلبية للنفس والذات».
وحسب رأي خبراء النفس، فإن حوالي 10 ـ 15% من الأطفال والنساء يولدون، ولديهم ميل واستعداد لأن يكونوا خجلين بصورة غير طبيعية، بينما الباقون يصبحون خجلين، إما لأنهم من دون
مهارات اجتماعية، أو بسبب الخوف من عدم تقبل الآخرين لهم، أو الخوف من تعرضهم للسخرية من الآخرين، مما يدل على فقدان الثقة بالنفس والذات. وأعراض ذلك كما يوضحها علماء النفس ظهور مجموعة من السلوكيات تندرج تحت ثلاثة تقسيمات، هي:
أعراض سلوكية وتشمل:
ـ قلة التحدث والكلام بحضور الغرباء.
ـ النظر دائماً لأي شيء عدا مَن يتحدث مع الشخصية.
ـ تجنب لقاء الغرباء أو الأفراد غير المعروفين.
ـ مشاعر ضيق عند الاضطرار للبدء بالحديث أولاً.
ـ عدم القدرة على الحديث والتكلم في المناسبات الاجتماعية والشعور بالإحراج الشديد إذا تم تكليفها بذلك.
ـ التردد الشديد في التطوع لأداء مهام فردية أو اجتماعية «أي مع الآخرين».
أعراض جسدية هي:
ـ زيادة النبض.
ـ مشاكل وآلام في المعدة.
ـ رطوبة وعرق زائد في اليدين والكفين.
ـ دقات قلب قوية.
ـ جفاف في الفم والحلق.
ـ الارتجاف والارتعاش اللاإرادي.
أعراض انفعالية داخلية «مشاعر نفسية داخلية» تتمثل في:
ـ الشعور والتركيز على النفس.
ـ الشعور بالإحراج.
ـ الشعور بعدم الأمان.
ـ محاولة البقاء بعيداً عن الأضواء.
ـ الشعور بالنقص.
وحسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن المرأة المصابة بالخجل الشديد لديها حساسية مبالغ بها باتجاه النفس، وما يحدث لها بحيث يكون محور الاهتمام والتركيز لديها هو مدى تأثيرها على الآخرين، كذلك نظرة الآخرين لها، وبهذا التركيز على النفس الداخلية ومشاعر النقص والارتباك التي تشعر بها بحضور الآخرين أو عند التعامل مع الآخرين، فإن المصابات بالخجل الشديد يفقدن القدرة على الاهتمام والتركيز على الآخرين والشعور بمشاعرهم، وبالتالي يزداد العزل الاجتماعي الذي يعاني منه الفرد المصاب بمرض الخجل الشديد.



الخجل السلبي


كما يوضحه علماء النفس هو الخلل الذي يحدث في السلوك الاجتماعي لدى المرأة، لأنها خجلة، فإنها ليس لها مبرر، والخجل له عواقب نفسية سيئة عليها من ضمنها تدهور صحتها النفسية. ويقدم خبراء النفس التوصيات التالية للمرأة، للقضاء على هذا الخجل لديها:
1 حاولي أن تكتبي رسالة إلى نفسك عندما تكون لديك مشاعر داخلية، حول موضوع معين وتريدين التعبير عنها، وإذا لم تكوني راغبة في الكتابة، فلا بأس من استخدام آلة تسجيل واستمعي للشريط أو اقرأي الرسالة بعد الانتهاء من التسجيل أو الكتابة.
2 حاولي أن تكسبي الثقة بنفسك وبقدراتك؛ من خلال كتابة نقاط ضعفك كما ترينها في عمود خاص، واكتبي مقابل كل نقطة ضعف الصفة أو المضاد لنقطة ضعفك مثال:
> لا أثق بالآخرين، أثق بنفسي.
> الآخرون يكرهونني، أنا محبوبة من الآخرين.
> الحياء من الإيمان، يد الله مع الجماعة.
3 بعد كتابة المشاعر المتعارضة، حاولي أن تفكري بنفسك وبسلوكك على أنك تتمتعين بالمواصفات والمبادئ الصحية المتوفرة لدى جميع النساء.
4 تخيلي مواقف سوف تسبب لك القلق والارتباك والإحراج لأنك خجلة، وحاولي بالمقابل أن تفكري بما كنت ستفعلينه لو لم تكوني خجلة، أو استمري يومياً على هذا المنوال ولمدة أسبوع، وبعدها إذا واجهت على أرض الواقع موقفاً فطبقي ما فكرت به.
5 ضعي نفسك في الطابور، سواء في مواقف الحافلات أو السوبرماركت أو مطعم الحمص والفلافل أو الدوائر الحكومية.
6 لا تنسي أن تأخذي مكانك آخر الطابور، وابدأي الحديث مع الذي أمامك أو خلفك بسؤال مناسب لموقف الطابور، ومن ذلك السؤال اتبعي شعار «الحديث ذو شجون».
7 احملي معك كتاباً أو شيئاً لافتاً للانتباه، يثير فضول الكثيرين، وكوني جاهزة للرد على استفساراتهم أو ملاحظاتهم.


يقدم علماء الصحة النفسية والاجتماع النصائح التالية للمرأة:
< اكتبي على ورقة ما تنوين القيام به وأسباب ترددك في القيام به، ثم قيّمي نفسك من خلال تسجيل عدد المرات التي قمت فيها بالفعل بتنفيذ ما نويت وعزمت على أدائه، وماذا حدث لك بعد أن نفذت ما نويت.
< اعملي فوراً على تنمية مهاراتك الاجتماعية.
< كوني البادئة في الحديث مع الآخرين، ومن أفضل وسائل افتتاح الحديث الثناء أو إبداء الإعجاب بصفة أو شيء معين في الآخرين.
< ألقي التحية يومياً على خمسة أشخاص غرباء على الأقل، ولا تنسي أن تكوني مبتسمة عندما تلقين التحية.
< اخرجي للتسوق واسألي عن أماكن محلات معينة حتى، ولو كنت تعرفين مكانها وكيفية الوصول إليها، المهم أن تبادري الآخرين بالحديث، ولا تنسي أن تشكري من سألتهم على لطفهم وأدبهم بعد أن أرشدوك للعنوان المطلوب.


توصيات الدراسة وطرق العلاج



< تعليم وتدريب الأفراد المرضى، خاصة المرأة، على اكتساب المهارات الاجتماعية الفردية، للاتصال والتفاعل مع الآخرين.
< تعليم الأطفال والنساء أنماط التفكير السليم والمنطقي في التعامل مع الآخرين.
< تعليم وتدريب المرأة على زيادة ثقتها بنفسها وبقدراتها وبأهميتها كفرد في أسرتها وفي المجتمع.
< مساعدتها على مواجهة أسباب خجلها من خلال تعريضها تدريجياً لخبرات اجتماعية إيجابية، وإحدى هذه الطرق هي ما تسمى بالتمثيل أو تقمص الأدوار والمواقف، بحيث تقوم بالتظاهر بتمثيل دور إيجابي في مواقف تسبب الإحراج لها، مثل التظاهر بالاتصال مع الآخرين، وبدء حديث معهم، وبمرور الوقت يتحول التظاهر والتمثيل إلى سلوك في الحياة الواقعية العادية.
< تدريبها على تولي زمام المبادرة في مساعدة نفسها على التخلص من الخجل من خلال الإقدام على أداء شيء معين تحب أن تقوم به أو من الضروري القيام به، لكنها لا تفعله لأنها خجلة.