[SIZE=أكاديمي]عملك يؤثر في عمرك .. ؟؟




في محاولة لإطالة سنوات حياتكم والوقاية من المشاكل الصحية، من الوارد ان تكونوا بدأتم بتطبيق بعض الارشادات الصحية لجعل اسلوب حياتكم اكثر صحية. فقد تكونون تخليتم عن تناول الوجبات السريعة وكل ما يحتوي على الدهون المشبعة، وبتُّم تراقبون نسبة السكر والكوليسترول في الدم، وبدأتم ممارسة رياضة المشي يوميا او اشتركتم في ناد رياضي. لكن، اليكم الخبر المهم.. هناك دلائل عدة تشير الى دور عامل رئيسي في حياتنا، يؤثر بشكل مباشر على صحتنا ومن دون ان ننتبه، ألا وهو وظيفتنا.

بحسب طبيعة العمل، فعادة ما نقضي ما بين 8 إلى 12 ساعة يوميا في بيئة العمل، وان لم تكن هذه البيئة صحية من الناحية النفسية والمجهود العقلي والبدني والتغذوي ايضا، فمن المنطقي ان تؤثر سلبا في صحتنا بشكل يفوق أي عامل آخر في حياتنا.

ويقول الباحث العلمي ويليام جالوا، من جامعة يال للعلوم الصحية: «شعورك اثناء العمل له تأثير في صحتك. وهو عامل اكثر اهمية من تأثير النظام الغذائي الذي تتبعه». حيث وجدت دراساته أن درجة شعور الموظف بالأمان والاستقرار والاستمتاع في العمل، لها تأثير كبير في حالته الصحية على المدى القصير (من يوم الى آخر) وعلى المدى الطويل (سنوات العمر)، مما يؤكد ان عملنا يرتبط بشكل متشابك مع عافيتنا.

فقدان الوظيفة مميت :

وعلق الدكتور نورتن هالدر، البروفيسور في الطب وعلم الاحياء الميكروسكوبية والجهاز المناعي من جامعة نورث كارولينا، قائلا: «نعرف أن فقدان الوظيفة له تأثير ضار وخطر جدا على الصحة. وذلك ليس من الناحية المالية فقط لكن ايضا من الناحية السيكولوجية (النفسية). فعندما يفقد الشخص وظيفته، فهو لا يفقد استقراره المالي والنفسي فقط، بل جدول حياته وبنيته الاجتماعية التي كونها في العمل».

وقد ثبتت هذه الحقيقة على اثر الدراسات التي تمت خلال سنوات الانهيار الاقتصادي التي اضطرت الشركات فيها حول العالم الى تقليص عامليها. فبعد تسريح العديد من العاملين في فنلندا، ارتفع خطر الموت عند من فقدوا وظائفهم نتيجة للإصابة بنوبة قلبية الى خمسة اضعاف. وفي دراسات أميركية اكتشف الباحثون تضاعف الوفاة نتيجة للنوبة القلبية عند من فقدوا عملهم بعد بلوغهم الخمسين عاما خلال 10 سنوات.

عدم الاستقرار خطر أيضا :

من يفقد العمل ليس عرضة للإصابة بمشاكل صحية خطرة فقط، حيث وجد أن عوامل اخرى في الوظيفة لها التأثير ذاته. فالشعور بعدم الاستقرار في الوظيفة له تأثير سلبي في الصحة، شأنه كشأن الاصابة بمرض خطر او فقدان الوظيفة. وابرز العديد من الدراسات ارتفاع نسبة الوفاة في سن مبكرة عند من لم يفصلوا من عملهم، وذلك يعزى جزئيا الى عدم الاستقرار وتغير بيئة العمل. فاستنادا الى دراسة لعاملين في الخدمة المدنية الحكومية هددت شركتهم باحتمال تحويلها الى القطاع الخصوصي، سجل الباحثون تدهور صحة العاملين النفسية والبدنية بعد اعلان هذا الاحتمال. ما يؤكد أن الشعور بعدم الاستقرار الوظيفي له تأثير نفسي وبدني.

المركز الاجتماعي مهم :

بغض النظر عن المناخ الاقتصادي للدولة، تبين الحقائق أن المركز الوظيفي والاجتماعي يرتبط مع الاختلاف في معدل العمر. حيث دلت الدراسات على ارتباط خطر الوفاة مع المركز الاجتماعي، فكلما ارتفعت درجة المركز والحياة الاجتماعية التي يعيش في وسطها الشخص، طالت سنوات حياته.

ويجب التنبيه الى أن الامراض التي تسبب الوفيات متشابهة لدى الجميع، لكن التوقيت هو وجه الاختلاف بينهم.

تدهور تدريجي :

من الواضح ان هناك عدة عوامل في مكان العمل يمكن ان تساهم في تدهور الصحة تدريجيا. ومن أهمها مدى شعور الموظف بالسيطرة على ما يقوم به في العمل.

وابرزت عدة دراسات أن ضغط العمل ليس السبب الرئيسي لتدهور الصحة النفسية والبدنية، بل هو الجمع ما بين الضغط المرتفع وعدم السيطرة على ما يقوم به الموظف من عمل، ما يؤثر بشكل اساسي على درجة شعوره بالرضا والسعادة. وغالبا ما يجتمع هذان العاملان في الاعمال الاساسية والمتدنية، التي ربطتها الدراسات مع ارتفاع نسبة الاصابة بأمراض القلب والدورة الدموية ومشاكل في الصحة النفسية واضطرابات النوم والموت المبكر.

ومن جانب آخر، تقترح نتائج ابحاث الدكتور بنجامين اميك، البروفيسور في علم السلوك البشري وعلم الاوبئة من جامعة تكساس للعلوم الصحية، بان العاملين في وظائف لها متطلبات منخفضة عرضة لخطر الاصابة بالمشاكل الصحية بشكل مضاعف. ويفسر قائلا: «اذا قضيت حياتك في وظيفة مملة، يكثر فيها وقت الفراغ وغير مثيرة للتفكير او الانتباه فانت عرضة للوفاة المبكرة».
وقد يعزى ذلك الى ما كشفته أبحاثه من أن الموظفين في هذه الاعمال هم الاكثر ممارسة لعادة التدخين والاقل نسبة في ممارسة الرياضة والاقل احتمالا لتناول الخضروات والفواكه.
[/SIZE]
[SIZE=أكاديمي]
التأثير المادي :

قد يعتقد البعض أن العوامل التي ذكرت سابقا ترجع الى العامل المادي ومزايا وظائف ذات الاجور العالية. فان لم تتمكن ماديا من العناية بصحتك، فمن الوارد ان تكون اكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية خطرة على صحتك. لكن الدراسات تظهر بان تأثير عوامل العمل هي ذاتها في الدول التي تقدم الرعاية الصحية المجانية للجميع، مما يدل على ان العامل المادي ليس المؤثر الاساسي على الصحة.

وهنا نعود لنؤكد النقاط السابقة، وهي أن الصحة النفسية والاجتماعية التي توفرها الوظيفة لها دور كبير في التأثير في اسلوب الحياة والصحة، وهو ما له تأثير في عدد سنوات عمرك.
[/SIZE]