من آداب الحوار الصحيح: حسن الاستماع والإصغاء.. والإنصات فكيف ندرب أنفسنا على ذلك حتى نكتسب محبة الآخرين واحترامهم ،
اولا نريد أن نميز ونفرق بين السماع العادي وبين الاستماع والإصغاء وبين الإنصات ؟؟
يقصد بالسماع هو مجرد استقبال الأذن لذبذبات صوتية من مصدر معين دون إعارتها انتباهاً مقصوداً .
أما الاستماع والإصغاء فهو مهارة يعطي فيها المستمع اهتماماً خاصاً واهتماماً مقصوداً لما تتلقاه أذنه من أصوات ليتمكن من استيعاب ما يقال .
أما الإنصات فهو أعلى مرتبة لأن فيه تركيزاً أكبر من الانتباه والإصغاء من أجل هدف محدد
{ وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }
(( 204الأعراف ))
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه ، ومن جاهد نفسه على هذا أحبه الناس وأعجبوا به بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة .
وقد قال ابن المقفع :
تعلم حسن الاستماع - كماتتعلم حسن الكلام ، ومن حسن الاستماع امهال المتكلم ؟ حتى ينقضي حديثه ، والاقبال بالوجه ، والنظر الى المتكلم والوعي لما يقول .
قال أحد الحكماء:من حسن الأدب أن لا تغالب أحدآ على كلامه،وإذا سئل غيرك فلا تجيب عنه،وإذا حدثك بحديث فلاتنازعه إياه،وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام.
وقال أخر :
(إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد) .

وقد كتبت لطيفة العريفي – مجلة المعرفة

لا شك أن حسن الاستماع إلى الآخرين (أو ما يسمى الإنصات) من المهارات الهامة جدًا في العلاقات الإنسانية، حيث تعمل على خلق علاقات إيجابية، تحقق الاعتماد المتبادل والاستفادة الحياتية.
لقد أصبحت مراكز تنمية القدرات البشرية تتسابق للتدريب على فن الاستماع لأنه من أقوى طرق التأثير، وتصلح ما فسد من الود. مع الأسف نجد أن من يجيد فن الاستماع قليل من الناس، ولعل سبب ذلك يكمن في أننا ندرك العالم بطرق تعكس احتياجاتنا الخاصة، أو الانشغال المسبق بجدول أعمالنا الخاص. وأيًا كان سبب عدم الإنصات إلا أنه عادة سيئة ومن المظاهر المتكررة لسوء الاستماع:
٭ ترك الإصغاء للمتحدث إما بمقاطعته ومنازعته الحديث أو التشاغل عنه بقراءة جريدة أو كتاب أو متابعة متحدث آخر أو الإشاحة بالوجه عنه وإحالة النظر عنه يمنة أو يسرة.
إن المتحدث البارع هو المستمع البارع. وقد جاء عن السلف عنايتهم بذلك فورد عن الحسن قال: «إذا جالست فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول ولا تقطع على أحد حديثه».
٭ الاستخفاف بحديث المتحدث: فمن الناس من إذا سمع متحدثًا يتحدث في مجلس وبدر منه خطأ يسير أو نحو ذلك سفهه وبكته واستخف بحديثه.
٭ المبادرة إلى إكمال الحديث عن المتحدث: فهناك من إذا تحدث أخذ أمامه بحديث أو خبر أو قصة وكان يعلم ذلك من قبل بادر إلى إكمال الحديث عن المتحدث إما بقصد الإساءة إليه وإما إشعار السامعين بأن حديثه معاد مكرور وإما ليبين أنه يعلم ذلك، وهذا ليس من المروءة إذ المروءة تقتضي أن تنصت للمتحدث ولو كنت تعلم حديثه من قبل، قال ابن جريح عن عطاء: «إن الرجل ليحدثني فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد»!
٭ القيام عن المتحدث قبل أن يكمل حديثه: فهذا من قلة الأدب ومما ينافي إكرام الجليس فلا يسوغ للمرء أن يقوم عن المتحدث قبل أن يكمل حديثه لما في ذلك من استجلاب الضغينة واحتقار المتحدث، إلا إذا احتاج السامع للقيام وأستأذن من محدثه فهنا ينتفي المحذور.
ومما لا شك فيه أن عدم الإصغاء للمتحدث يؤدي إلى سوء الفهم عنه ورؤية الأمور على غير حقيقتها وما أراده المتحدث منها وتحميل كلام المتحدث ما لا يحتمل وسوء الظن به.
فلا أجمل من أن ينصت المستمع إلى محدثه ويحمل قوله على أحسن المحامل، فالاستماع الحقيقي للآخرين يتطلب موقفًا من الاهتمام المخلص والرغبة في رؤية الأشياء بالطريقة التي يراها بها الشخص المتحدث وتأجيل إصدار الأحكام.