مشرف
- معدل تقييم المستوى
- 34
السعادة "فن " تذوق الحياة
السعادة "فن " تذوق الحياة
نبيل حاجي نائف: يرى البعض أنه من الصعب تعريف السعادة بشكل دقيق، فهي تشمل أمور وأوضاع كثيرة ومتنوعة ومتشابكة، ومتناقضة أحياناً.
فالألم والمعاناة تصنف غالباً بأنها من الأوضاع غير السعيدة، ولكنها في بعض الحالات تكون مترافقة مع سعادة، فالأم تعاني وتتعب في تربية أولادها والعناية بهم ولكنها غالباً تحصل على السعادة ولا تهتم بما عانت وتعبت.
والمنتصر في الملاكمة يكون في أشد حالات الألم ولكن يشعر بسعادة الفوز التي تتغلب على آلامه. وفي الكثير من الأوضاع التي تستدعي التدريب والتعلم الطويل والمجهد كما في التدريبات الرياضية والتعلم في المدارس، نجد أنه عندما يتحقق النجاح أو الفوز تتحقق السعادة وتطغى على كل الآلام والمعاناة التي حصلت، وهناك لذة الإيثار والعطاء والتضحية، فالمهم هو الإنجاز الذي يتحقق ويحقق الرضا.
وكيفية أو طرق تحقيق السعادة كان هدف غالبية العقائد والأديان والفلسفات، فالفلسفة الأبيقورية تعتمد البحث عن السعادة الذاتية وتحقيقها، ومذهب "النفعية"أو "الذرائعية" يعتمد البحث عن السعادة لأكبر عدد من الناس.
والآن هو محط اهتمام متزايد من قبل علماء الاجتماع وعلماء النفس والقادة والسياسيين، ويرى بعضهم أن أهم عناصر السعادة هي:
الحصول على لذّات ومتع الحياة بالاستمتاع باللذات الجسمية الطعام والشراب والجنس.. يحقق السعادة وهو يؤمن لنا الصحة والحياة.
الانشغال بأمر باستخدام القدرات وتحقق الإنجازات، مثال على ذلك عندما تستغرق في عمل أو هواية يمكن أن لا تشعر بالسعادة، ولكن فيما بعد سيتملكك إحساس عميق بالرضى لما أنجزته من نجاح، ولزمن طويل.
الإحساس بمعنى أن تكون جزء من شيء أعظم منك مثال على ذلك كافة أشكال الانتماءات الدينية والعقائدية والاجتماعية. الوقوع في الحب أو ولادة طفل يحقق السعادة . ربح المال أو اليانصيب. البقاء في أحضان الطبيعة.
في الولايات المتحدة وحسب المسح الاجتماعي مصادر السعادة الرئيسية هي: العلاقات الأسرية، المال، العمل، العلاقات الاجتماعية، الصحة، القيم الشخصية والحرية.
إن السعادة الآن موضع دراسة موسعة من قبل قاعدة البيانات العالمية للسعادة. أسعد الشعوب حسب قاعدة البيانات العالمية هم الدنماركيون فالمالطيون فالسويسريون فالإيرلنديون فالكنديون، وأشقى الشعوب العراقيون والصوماليون.
تعريف السعادة
شكل ونوع وطبيعة السعادة ، مقدارها وشدتها ، حسية أو جسمية ، نفسية ، فكرية أو روحية.
إن السعادة في أساسها شعور وأحاسيس ، فهي تابعة لوعينا وأحاسيسنا وبغياب وعينا ينتهي كل شيء. فالسعادة في أساسها تعتمد على تحقيق أحاسيس اللذات والمتع الجسمية والفكرية، وتحاشي الألم والمعاناة أو تخفيفهم أو التكيف معهم وتحملهم ريثما ينتهوا.
في الأساس لم تكن للكائنات الحية أحاسيس، فقد كانت لديها أجهزة إعلام وإنذار توجه الكائن الحي وتساعده في تأمين مستلزمات حياته واستمرارها، فكانت توجهه لما يفيده وتحاشي ما يضره ، وبعد ذلك نشأت الأحاسيس المقيمة باللذة والألم ، وصار توجيه تصرفات الكائن الحي تابع أيضاً لشعور بهذه الأحاسيس اللذيذة أو المؤلمة .
وصارت أهمية ومدى تأثيرها على تصرفات الكائن الحي تابع لمجال وقوة شعور الكائن الحي بهذه الأحاسيس، وبالنسبة لنا نحن البشر فإننا نملك شعور ووعي متطور وواسع جداً وهذا جعل تأثير أحاسيس اللذة والألم هو المقرر الأقوى لتصرفاتنا الواعية.
فالسعادة هي بمثابة مكافأة على استجابة أو تلبية دافع أو تصرف مفيد "أو يعتبر مفيد" تم القيام به وإنجازه، والألم هو بمثابة عقوبة لتصرف أو استجابة أو فعل ضار "أو يعتبر ضار" تم القيام به.
وليس كل إحساس لذيذ يمكن أن يولد السعادة فالمخدرات والمسكرات هما مصدرا لذة وسعادة ولكنهما ضارين بالجسم والشخص ، لذلك يتم تحاشيهما ولا يعتبرا مصدرا للسعادة.
إننا مدفوعون لتحقيق الكثير من الدوافع ، كما أنه تنشأ لدينا وبشكل مستمر دوافع جديدة، ونحن نشعر بالسعادة عند تحقيق دوافعنا ونشعر بالألم والإحباط عند عدم تحقيقها.
والقضية الأساسية التي تسبب الفشل والإحباط وبالتالي الألم والمعاناة هي محاولة تحقيق مجموعة دوافع أو أهداف في نفس الوقت مع أن هذا شبه مستحيل، لأن بعض هذه الدوافع متضارب ومتناقض مع بعضها ولا يمكن تحقيقها جميعاً في نفس الوقت، ونحن لا نتبين أو ندرك ذلك لأنه غير واضح لدينا.
وكذلك اختيار أهداف يصعب تحقيقها أو أن احتمال تحقيقها منخفض نظراً لإمكانياتنا أو ظروفنا يمكن أن يسبب لنا الألم والمعاناة ، لذلك يكون من المهم تنظيم الدوافع والأهداف ، وتوقيت تحقيقها، لكي نتمكن من خفض نسبة الفشل والإحباط إلى أقل حد ممكن، وبالإضافة إلى ذلك الاهتمام بتحقيق أكبر قدر من دوافعنا الأساسية والهامة.
ولكن كيف نحدد هذه الدوافع الأساسية الهامة؟
إن هذا ليس بالأمر السهل أبداً . فأغلب الناس في الوقت الحاضر لا ينتبهون لذلك، فهم يضعون أو يخلقون كثيراً من الأهداف غير المناسبة لهم ، أوهم يدفعون لتحقيق أهداف لا يستطيعون تحقيقها. وأهم الأمور كيف نتعامل مع الخسارة الحقيقية وما تسببه من معاناة واستيعابها والسعي لتخفيف تأثيراتها الضارة والسلبية.
تأثير السعادة الإيجابي نتيجة التغذية العكسية الموجبة التي تقويها وتضاعفها، وكذلك الأمر مع أحاسيس الشقاء والتعاسة.
لقد لوحظ أن الأشخاص السعداء يصبح لديهم جهاز مناعة أقوى ويتعافون من الأمراض أو من الجراحة أسرع من غيرهم، وكذلك يكونون أطول عمراً في الغالب. ويتميز الأفراد السعداء عن بقية الأفراد بأن أسلوبهم في الحياة والتعامل مع الأمور مرن ويمكن أن يتطور ويتعدل إذا لم تنجح خططهم، فيطورون طرق أخرى أكثر جدوى.
بعض الناس محظوظين فيولدون ومفاتيح السعادة في يدهم "أو كما يقولون: يولدون وفي فمهم ملعقة من ذهب"، ولكن السعادة يمكن تحقيقها بواسطة طرق كثيرة متاحة.
وفيما يتعلق بعلم الدماغ فقد أظهر الدكتور "ريتشارد دافيدسون" أن للمشاعر السعيدة صلة بنشاط كهربائي أكبر في الفص الأمامي الأيسر من الدماغ، والمشاعر السلبية صلة بالفص الأيمن، فيظهر الناس السعداء نشاطاً أكبر في الفص الأمامي الأيسر ، ويستهلكون غلوكلوز أكثر.
وتظهر دارسة صور الدماغ أن الرهبان البوزيين "وكذلك الراهبات المسيحيات وكافة المتدينين الحقيقيين" أنهم أكثر الناس سعادة.
وبالنسبة لنا نحن البشر هناك مصادر وعوامل متعددة لها دورها في تحقيق سعادتنا أو شقائنا وهي: دور طبيعة الجسم وخصائصه وقدراته الموروثة ، وبشكل خاص دور الأحاسيس. دور البيئة الطبيعية والمادية. دور المجتمع. دور الدين والعقائد والعادات والتقاليد.
المعرفة والأفكار والإدارة. دور القدرات المتاحة، المال والجاه والسلطة. وللحصول على سعادة أكثر ومعاناة أقل. حاول تقبل الخسارة بروح رياضية ، واتخاذ الإجراءات المناسبة لاستيعابها. حاول تخفيف لوم نفسك أو الندم قدر الإمكان....
العرب اون لاين
14/06/2009 10:54:10 ص
اسرة
Accept the pain and get ready for success
المفضلات