كن السيل المتدفق

سئل رجل أعمال. سر نجاحك؟ أجاب.... لا أنتظر حتى يفتح الباب الذي أوصد. بل أبحث عن باب أخر أواصل طريقي منه......
المعنى أنه إن صادف أمرا يعيق مروره.. أو مشكلة ما واجهته... فلا يتوقف عند هذه المشكلة أو الأمر... بل يشق طريقا آخر ويحتفظ بحقه في حل تلك المشكلة, دون أن يجعلها سببا لتوقف...
كثيراً منا متى واجهتنا مشكلة بسيطة في حياتنا, علقنا عليها جميع خطواتنا التي تليها. وقعدنا عن هذه المشكلة التي قد تأخذ منا جهداً ووقتاً.
لم نسارع قط في البحث عن طريق آخر نتخطى به مشكلتنا إلا ما قل.
ليست دعوة لتخلي عن أي مشكلة تواجهنا أو دعوة للهروب من مواجه المشاكل. فالمشاكل في أغلب الحدوث تحدث دون أن نكون سببها نحن. ولكن أن لا تطل المشكلة نقطة جمود في تحركنا. نعم يجب أن تحل المشكلة وليست كل المشاكل يجب أن تحل في آنه. يجب أن تحل المشكلة لكن دون أن تبقينا جامدين عندها.
إن وقوفنا عندها يجعل منها معطلة كبرى، وإذا ما جعلت معطلة كبرى تطلبت منا جهدا ووقتا أطول. والتخطي من المشكلة ليس معناه الهروب منها أو التقزيم لها. حيث ربما تحولت بسبب الهروب منها أو التقزيم لها إلى تجاهلها الأمر الذي ربما يؤدي إلى تكرار حدوثها واستمرارها وربما تحولت إلى مشكلة ضخمة ودائمة.
إن الأمر يتطلب التعادل بين التخطي والعلاج. والتقليل في أهميتها لكن مع علاجها.
رجل الأعمال أنف الذكر جأت عبارته ردا عن سبب نجاحه في حين أن مشكلته التي واجهها تتجاوز قيمتها السبعة مليارات دولار.
هنا برغم ضخامة المبلغ بعيدا عن نسبته إلى مجموع رأس ماله. إلا أن هذا المبلغ الكبير يستوقف بل ويتوقف عنده أي رجل أعمال مهما بلغت حجم أمواله. فهو بلا شك حصيلة سنوات من العمل ليست سهلة ونتاج لعدة نشاطات ربما زاولها. وبالتالي فإن المبلغ جدير أن يتوقف صاحبه عنده وعن التفكير في تخطيه وممارسة أعماله بصورة طبيعية. فهو على أقل القليل تدخل في باب الحقوق.
ولكنه كما يقول تخطاه وفتح بابا آخر يواصل طريقة من خلاله.
وبالطبع لن يكون معنى التخطي هنا تركه دون أن يسعى في حله, وأن يترك هذا المبلغ يذهب مع الريح, بل سوف يتابع معالجة مشكلته جنبا إلى جنب مع استمراره في التقدم وتواصل مسيرة أعماله.
إذا إن مثل الرجل الناجح في طريقة نحو هدفه كمثل السيل المتدفق لا يتوقف عند كومة رمل أو حاجز صخر, بل يطل يتموج وتأرجح ويناطح حتى يجتاز كل ذلك, لكنه يبدأ باختراق أضعف نقطة وينتهي بأجلد صخر تقف أمامه ليواصل زحفه وتقدمه, وبينما هو يتقدم يطل يناطح ما أمامه كومة رمل كانت أو حاجز صخر, حتى ينهه أو يوهنه, وبهذا يصل إلى أقصى مدى من التقدم متجاوزا كل العراقيل والصعاب بمختلف أشكالها.
بعد سرد ما ذكر على لسان رجل الأعمال. فقد آن لنا أن لا نتوقف مهما بلغت مشاكلنا, فلن تكون مشاكلنا عظيمة بقدر ما كانت مشكلة رجل الأعمال.
يجب أن نكون الماء المتدفق, مهما كان مقداره. فإنه لا يسكن ينساب وتوسع ويتمدد, ونحن يجب أن نكون كذلك أن نبلغ أقصى مدانا. وكما أن الماء إن طل ساكناً يصبح آسنا, وكذا نحن نصبح أكثر منه أسونه وأفسد منه.
فكن أو لا تكون. كن الماء العذب ولو لم يستوعبك الحيز. لا أن تسكن وتكون مرتعاً للهوام كل يوم يمر على سكونك تزداد عفونتك وسوءك.

إن جميع المشاكل والمعطلات التي تحدث لها سببا ومسببا. كهذا جعل الله الكون والحياة فيها. فطرها على سنن سليمة ودقيقة, ومتى تجوزت هذه السنن طهرت علة فيها لا تستقيم مالم تصلح.
في قول الأعرابي الذي سؤل كيف عرفت ربك فقال البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير إلى نهاية المقولة. فقد كان المفهوم فيها واضح أن كل شيء يقوم بناء على مسبب. فكل مشكلة تواجهنا كان لها مسببا, وطالما أن لها مسبب فإنه يمكن إصلاحها.

ومن أجل أن لا تكون لأي مشكلة سببا في إحباطنا وإفشالنا وتقهقرنا. يجب أن تبنى حياتنا على فضائل الفطرة السلمية التي حثنا عليها دينينا الحنيف وأرشدنا بها نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. ففي قيم هذا الدين ما نحسن بأدائها الحياة و نأمن بها من الوقوع في مغبة فساد السلوك الذي يؤدي إلى طهور المشاكل واللغط والجهل.
هي بالتالي حصن منيع تقف بيننا وبين أي مشكلة متوقعة. وهي أيضا تدفعنا إلى أن لا نحبط بما نواجهه. قل فما بكم من مصيبة فبما كسبت أنفسكم ويعفو عن كثير.