مرَّ الخليفة العباسي هارون الرشيد ذاتَ يوم برجلٍ عجوز يعمل بمزرعته
فسأله هارون الرشيد عن عمره ، فقال العجوز :عمري إثنا عشر عاماً !!!
فقال له هارون الرشيد : ياهذا ، عرفنا أنَّ النساء ينقصن من أعمارهن ، ولكنك رجل طاعن في السن ، فكيف يُعقل أن يكون عمرك إثنا عشر عاماً ؟!
فقال الرجل : أيُّها الخليفة ! لقد عشتُ معظم عمري في زمن بني أُميّة ، وهو زمن الظلم والقهر
وعشت عشر سنوات في زمن المهدي العباسي ، وهذه سنتين في زمن خلافتك .
وأضاف : فأنا لا أحسب العمر الذي عشته في زمن الأمويين ، وعليه فإنّ عمري هو إثنا عشر سنة فقط .
أُعجب هارون بكلامه هذا فأعطاه صرَّة فيها ألف دينار .
ثم قال للرجل : أيها العجوز ! ما الذي تزرع ؟
قال : شجرالجوز .
فقال له هارون : ومتى تعطي هذه الأشجار ثمارها ؟
قال الرجل : بعد عشرين عاماً .
قال هارون الرشيد : وهل تظن أنّك سوف تبقى حتى تأكل من ثمارها ؟
قال : لا ، ولكن غيرنا زرع فأكلنا ، ونحن نزرع ليأكل غيرنا .
فرمى إليه هارون صرّة أُخرى فيها ألف دينار .
فقال الرجل العجوز : سبحان الله ! من يزرع شجرة الجوز لا يحصل منها على الثمر إلّا بعد عشرين عاماً ، وأنا زرعت اليوم وحصلت على الثمر اليوم أيضاً .
فرمى إليه هارون صرَّة أُخرى فيها ألف دينار .
فقال الرجل : سبحان الله ! غيري يحصد في العام مرة واحدة ، وقد حصدت أنا مرّتين .
فرمى هارون إليه صرّة أُخرى فيها ألف دينار .
ثم قال الرشيد لوزيره : دعنا نذهب من هنا بسرعة لأنّ الحديث مع هذا الرجل يبدو بحاجة إلى جبل من الذهب .



كان الرجل متفائلاً ، فبالرغم من كبر سنّه يزرع شجرة الجوز التي لا تعطي ثمارها إلّا بعد عشرين سنة .

بينما لو قلت للمتشائم إزرع حديقة دارك بورود فصلية ، فإنّه يقول لك : ياأخـي .. من يعرف كم سنعيش في هذه الحياة ؟
وقد أكد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على ضرورة التفاؤل في الحياة حينما قال : (( إذا كانت بيد أحدكم فسيلة وأراد أن يزرعها ، فقامت الساعة فليزرعها)) .




المتفائلون لا يتمتعون بروح إيجابية فحسب
بل برؤية بعيد المدى
لأن العدل سيحكم الكون كله في النهاية
والله تعالى قرّر الخير لعباده على كل حال