استمتع و ثق بحدسك



يعيض طائر الخرشنة المائي القطبي على بعد سبع درجات إلى الجنوب من القطب الشمالي، و يطير مرة في العام 23 ألف ميل في رحلة هجرته ذهاباً و عودة، و بغريزة مثل هذه تمكنه من العودة إلى موطنه، لا يحتاج مثل هذا الطائر إلى نظام ملاحة جوية مرتبط بالأقمار الصناعية؛ فغريزته تخبره إلى أين يذهب و كيف يقوم بذلك، و البشر أيضاً لديهم قدرة داخلية على العثور على طريقهم في الحياة، و على العودة إلى أوطانهم ، بالرغم من كل شيئ يمر بهم، فكر في الأمر على أنه رادار – شيئ لا يمكن أن تفرده فوق ورقة.
و ذات مرة ، دعت إحدى القرى في وسطأوروبا رجل دين عرف بحكمته لكي يزورهم، و لأسابيع، تناقش الناس حول القضايا التي سوف يرثونها معه. و أية صراعات يريدون أن يحلوها، و أية نصيحة يطلبون منه . و في النهاية وصل رجل الدين و تجمع الكل ليرحبوا به، أما هو فقد وقف صامتأً، و كله حضور، يستقرئ ما يحيط به و يستشعر الجو، و بدلاً من الحديث ، يبدأ في الرقص ، و أخذ يرقص و يرقص، و سرعان ما اندمج الكل معه في الرقص وظل الجميع يرقصون حتى شعروا بالإنهاك و توقفوا ، و في الصمت اللاهث الذي تلا ذلك ، سألهم رجل الدين في هدوء : “أية أسئلة أخرى ؟ “.
وفقاً لأخصائي علم النفس البروفيسور“كابون“ ، الذي كتب عن موضوع و بحث فيه ، فإن الحدس هو“درة تاج الذكاء“ ، و مقارناً إياه بالعقل الواعي، يقول البروفيسور بأن الحدس هو : “سر النجاح في أغلب التحديات البشرية“.
و على الرغم من أهميته البارزة ، إلا أنه لم تتم كتابة الكثير عن الحدس لا في الكتب و لا المقالات التي تناولت التواصل أو دوره في بناء الحضور، و يعكس هذا بصورة أساسية الافتراض القائل بأنه يتضمن البيانات التي لم يتم اخضاعها للفحص، و بالتالي لا يمكن الاعتماد عليه، مع ذلك؛ فلا يوجد أي شيئ غير عقلاني فيما يتعلق بالحدس ، حتى و إن حدث و ظهر أنه خطأ، و يعتقد البعض أننا نستند في 90 % من قراراتنا إلى الحدس. -