عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
التربية على الثقة بالنفس
التربية على الثقة بالنفس
سألتني محدثتي قائلة كيف أنمي ثقة طفلي بنفسه ؟ فتدخلت زميلتها قائلة سمعت أن كلمة الثقة بالنفس من المصطلحات المستوردة السلبية التي ينبغي تجنبها فما رأيك ؟ فهمت مرادها وعلمت أن المشكلة تكمن أمرين : في محتوى مفهوم الثقة بالنفس وما ألصق به من مضامين ليست منه ، و في الرواسب الثقافية التي تشوه معنى التواضع وتجعل من لوازمه تحقير النفس وذمها وإنكار كفاءتها ، وبهذا المعنى تكون الثقة بالنفس مناقضة للتواضع الذي أمرنا به أو مرادفة للعُجب والكِبر الذي نُهينا عنه
، ولذا لا بد من توضيح المراد بالثقة بالنفس .عندما نتحدث كآباء أو معلمين عن الحاجة إلى تنمية الثقة بالنفس فإن المقصود في الغالب يكون هو الشعور الإيجابي الذي ينبغي أن يكون لدى الطفل عن نفسه وعن قبول الآخرين له ، والأطفال الذين لديهم نوع صحي من الثقة بالنفس يشعرون بأن آبائهم يحبونهم ويهتمون بأمورهم و يفرحون لفرحهم ، ويحزنون لأي مكروه يصيبهم ، ويفتقدونهم إن غابوا ،
ولديهم تصور إيجابي عن أنفسهم ومهاراتهم ؛ على النقيض من الأطفال الذين يعانون من ضعف الثقة بالنفس حيث يعتقدون أن لا أحد يحبهم أو يهتم بأمرهم أو يبذل من أجلهم ، ولديهم تصور سلبي عن ذواتهم إذ يرون أنهم لا يحسنون عمل أي شيء ويقللون من شأن أنفسهم ومهاراتهم.وقد اتفق الباحثون على أن العامل الأهم في تنمية الثقة بالنفس يأتي من الآباء وغيرهم من الكبار في محيط الطفل الذين يلعبون دورا مهما في وضع حجر الأساس لهذه الصفة . والذين عليهم أن يراعوا الأمور التالية إذا أرادوا تنمية الثقة بالنفس لدى الأبناء :
ü تأكيد الحب والتقبل: ففي السنوات الأولى من العمر يستمد الأطفال فكرتهم عن أنفسهم وثقتهم بها من نوعية الرباط الذي يربطهم بالمربين من حولهم ؛ عندما يقدمون لهم الرعاية بحب وابتسام لا بتذمر واستثقال ، فيشعرون بأنهم محبوبون وبأن لهم مكانة وأهمية ، ومن الأساليب التي تشعر الأبناء بالحب :
1. التعبير الواضح عن الحب والتقدير: قد نعبر أحيانا بشكل عابر أو بشيء من عدم المبالاة وعندها يفقد التقدير طعمه ، في المساء وأنت تلاطفين أبناءك قبل النوم اذكري لكل واحد منهم إنجازات إيجابية حققها خلال اليوم ، وأشعريهم بحبك وأهميتهم في حياتك ، فكثيرا ما تنساق الأم تحت شعورها بالتعب إلى تعبيرات تشعر أبناءها بأنهم عبء عليها وأنها تنتظر نومهم لتتخلص من متاعبهم وإزعاجهم وأحيانا يتم ذلك بطريقة غير لفظية من خلال طريقتها المستعجلة وسحنتها المتجهمة وكلماتها المقتضبة .
2. أظهار الحماس دائما عندما يحقق ابنك إنجازا بذل فيه الكثير من الجهد ، مثل أن يكون قد تعلم مهارة لم يكن يتقنها من قبل ، أو استطاع أن يبني شكلا جديدا من ألعاب البناء والتركيب ، أو حقق تقدما في درجته في إحدى المواد الدراسية.
3. الالتفات إلى الابن والنظر في عينه واستماع باهتمام عندما يتحدث فهذا يعطيه إحساس بأهميته ، إذا أظهر ابنك اهتماما بأمر تفعلينه فأشركيه فيه ما أمكن ، وإن أبدى اهتماما بحيوان في البيئة فساعديه لمعرفة المزيد عنه فإن الاستجابة الجادة لاهتماماته تعزز ثقته بنفسه .4. اسألي ابنك واستشيريه ، فإنك بذلك تشجعينه على الاهتمام والتعبير والمشاركة ، واجعلي ابنك يحس بأن أفكاره وآراءه مهمة وبأنه سيجد لديك أذنا صاغية ، هذه القضية تكتسب أهمية خاصة عندما يصبح الأبناء في سن المراهقة حيث تفتح السبيل للحديث إلى الأبوين عما يواجهونه من مشكلات .ü التقدير بدلا من المديح : الثناء عندما يقوم ببذل جهد كبير في تحقيق أمر ما كالدراسة أو المساعدة أو الالتزام بالنظام ، على أن يكون هذا الثناء محددا كأن تقولي “يعجبني شكل الجبل في لوحتك هذه ولون الأزهار” بدلا من قول “إنها لوحة رائعة أنت رسام بارع”ü التركيز على السلوكيات الحسنة : تحيني الفرصة وراقبي السلوكيات الحسنة التي يقوم بها ابنك (فكثيرا ما ينصب اهتمامنا على السلوكيات الخاطئة) وبادري بالثناء على فعله “لقد أحسنت صنعا عندما رفعت هذه اللعبة عن الأرض” ، “كان عمل رائع أن تنهض مسرعا عندما رأيت تعثر أختك” ، إنك بثناءك على تلك التصرفات تفتحين السبيل للمزيد منها .ü تقديم الدعم في مواقف الفشل* : شجعي ابنك في مواقف الفشل التي بذل فيها جهدا ولم يتمكن من الفوز تماما كما تشجعينه في مواقف النجاح وأشعريه بأن حبك واهتمامك مستمر أيا كانت الظروف وأبرزي النقاط التي تدل على جديته وجهده ، وعندما تنتهي الأزمة شجعيه على تحديد جوانب الخطأ وبيني له أن الإنسان يتعلم من مواقف الفشل فهي تدله على الجوانب التي عليه أن يهتم بها في المواقف المستقبلية .ü الحذر من التوبيخ فهو لا يأتي بخير وإنما يأكل براعم الثقة قبل أن تزهر، فعندما نقول للطفل أنت غير مهذب أو قليل الأدب فإننا ندمغ الطفل بصفة يرى نفسه من خلالها ويتصرف وفقها ، والصحيح أن نفصل بين الطفل وبين السلوك السلبي الذي يقوم به فنقول له مثلا ” قمت بتصرف خاطئ برميك الألعاب على الأرض أنا غاضبة من هذا التصرف وأعلم أن بإمكانك أن تتصرف بشكل أفضل في المرة القادمة” .وتعد تنمية الثقة بالنفس سهلة التطبيق ولكنها تتطلب دراية ووعيا بالآثار المترتبة على التصرفات التي نقوم بها من قبيل الرغبة في تنمية الثقة بالنفس لدى الأبناء ، فكثير من الآباء يرغبون في تنمية الثقة بالنفس لدى أبنائهم ولكنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك فتراهم يحسبون أن تمكين الابن من الفوز دائما ، أو المبالغة في الثناء على ما يفعله من سلوك حسن من شأنها أن تحقق الهدف ، ولكن مثل هذه التصرفات قد تنمي لدى الابن صورة مضخمة عن ذاته ، حيث يرى نفسه الأولى بالتقدير والأجدر بالفوز والأحق بالتقديم ، فتنتج شخصية أنانية متسلطة متجبرة ، وكثيرا ما يقع الآباء في مثل هذا الخطأ في تربية الأبناء من الذكور. فهناك خط رفيع بين الإحساس بالكفاءة لوجود مهارات أو مميزات معينة مما يعد مؤشرا صحيا ، وبين الشعور العام بالتميز والاستحقاق الذي هو مؤشر غير صحي .ويجدر بنا أن نشير إلى التصرفات أو الممارسات التي ينبغي أن يتجنبها المربي إذا أراد أن ينمي الثقة بالنفس لدى الأبناء ، ومن أهمها:ü التوقعات العالية جدا أو المنخفضة جدا ، فعندما نتوقع من الطفل أداء يفوق قدرته أو نتوقع أداء ضعيفا لا يتناسب مع إمكانياته ، فإننا نضعف ثقته بنفسه .ü المفاهيم الخاطئة بشأن الثقة بالنفس وبشأن التواضع وتجنب التعبيرات الشائعة عند الثناء مثل ” لم أفعل ما أستحق عليه الثناء” ، أو غيرها من التعبيرات التي نرد بها أحيانا على من يشكرنا أو يثني علينا عندما نؤدي خدمة أن نقدم معروفا .ü الصراخ على الأطفال ولومهم وانتقادهم وخاصة عندما يحدث ذلك بحضرة الآخرين .ü وصف الأطفال بأوصاف سلبية مثل ياغبي يا خائب .ü التعليق السلبي على أخطاء الأطفال ” دائما أنت هكذا ، لن تفلح أبدا ، ما يجي منك خير أبدا” .ü المدح أو الإعجاب الزائد فقد يثير الشك لدى الطفل وعدم تصديق تلك المبالغات ، فيتساءل “هل أنا فعلا عبقري؟ ، هل أنا فنان إلى هذا الحد؟ ” ، بالإضافة على ما سبق ذكره من تكوين صورة غير واقعية عن الذات .يجب أن نتذكر أن الثقة بالنفس أساس مهم إذا أردنا تنمية شخصيات قوية يمكنها أن تعمل لدينها و تخدم مجتمعها وتسهم في صنع مستقبل أفضل ، وأن أساسها الرعاية التي تقوم على الحب والرفق وفي نفس الوقت الثبات والضبط .
المفضلات