عضو جديد
- معدل تقييم المستوى
- 0
أساليب تنشئة الأطفال لتنمية الانتماء الوطني
الآثار المترتبة على تنمية الانتماء لدى ابنائنا :-
أولا :- الانتماء الاجتماعي :
الشعور بالانتماء للمجتمع من أهم دعائم المجتمع، والتي تحافظ عل استقراره ونموه وهو يشير إلى مدى شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى مجتمعهم ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع ، الدفاع عن مصالح المجتمع ، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للمجتمع ، المحافظة على ممتلكات المجتمع ، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويستدل عليها بالمجتمع . فأساس الانتماء هو مشاركة سكان المجتمع وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.
يعد مفهوم الانتماء الاجتماعي واحداً من أهم المفاهيم المركزية التي تحدد طبيعة علاقة الفرد بالجماعة في كل زمان ومكان يقابله على الضد تماماً مفهوم الاغتراب الذي يعني الابتعاد النفسي للفرد عن ذاته وعن جماعته. وسواء ابتعد الفرد عن جماعته أو غادرها إلى جماعة أخرى، فهو في كلتا الحالتين إنما يفقد انتماءه لجماعته من جانب ويواجه برفض الجماعة الأخرى له من جانب آخر لاختلاف عاداته وقيمه ونمط شخصيته وخبراته مما يسبب غربته من ناحية وعدم انتمائه لمجتمعه من ناحية أخرى، وهناك حقيقة أن البشر كائنات اجتماعية، مخلوقات تتجمع سوياً ويعتمد كل منها على الآخر جسمياً أو نفسياً عبر الحياة. فالعلاقات الوثيقة مع الآخرين تبدو من الضروريات وهي أمور تتكامل مع بقاء الإنسان ورفاهيته فالبشر قادرون على تقديم كل منهم للآخر أعظم مسرات الحياة وأفراحها وكذلك أحزانها العميقة كما يمكنهم إعطاء نوع من التعاطف والتأكيد والحماية من الأخطار وبالتالي فان حاجة الفرد للآخرين تكمن في مساعدته على حل مشاكله وإرضاء حاجاته التي لا يستطيع حلها وإرضاءها بمجهوده الخاص فيشعره بالأمن ويزيدوا من احترامه لنفسه.
وتبرز أهمية الانتماء على المستوى الاجتماعي؛ فهو العماد الفقري للجماعة وبدونه تفقد الجماعة تماسكها وتماسك الجماعة هو انجذاب الأعضاء لها والذي يتوقف على مدى تحقيق الجماعة لحاجات أفرادها فطالما أن الجماعة تحقق حاجات الفرد فيمكنها أن تؤثر على أفكاره وسلوكه عن طريق تلك الفوائد التي يحصل عليها من وراء انتمائه لها والمتمثلة فيما يلي:
-تحقيق الرغبات الشخصية والاجتماعية التي يعجز الفرد عادة عن تحقيقها بمفرده.
- الشعور بالانتماء إلى جماعة تتقبله ويتقبلها فيشعر بالأمن والطمأنينة.
- يمكن تغيير سلوك الفرد عن طريق الجماعة، فكل جماعة لها معاييرها وقيمها التي يتحتم على الفرد المنتمي إليها اكتسابها.
- يتمكن الفرد عن طريق انتمائه للجماعة من اكتساب الميراث الثقافي الذي يمكنه من التفاعل ايجابياً مع أفراد مجتمعه.
- تساعد الجماعة الفرد على ممارسة أنواع من النشاط، يستغل فيه قدراته ويكتشف قدرات أخرى.
ثانيا :- الانتماء والأسرة :
مما لا شك فيه أن مرحلة الطفولة تُعَدُّ من أهم المراحل وأكثرها تأثيرًا في حياة الفرد المستقبلية؛ إذ يتوقف عليها تحديد المعالم الرئيسية لشخصيته من خلال ما يكتسبه من خبرات وقيم واتجاهات.
ومن المتفق عليه بين المشتغلين بعلم النفس أن الأسرة تلعب دورًا بالغ الأهمية في إعداد الفرد وتأهيله للقيام بأدواره ووظائفه داخل النسق الاجتماعي، حيث تمثِّل الأسرة أولى المؤسسات الاجتماعية التي تحتضن الطفل منذ اللحظات الأولى لخروجه إلى الحياة وخلال كافة مراحله العمرية التالية. يرى علماء النفس أن الأسرة تقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية، مثل الوظيفة النفسية كالحب والشعور والانتماء، والوظيفة الاقتصادية، ثم وظيفة التطبيع الاجتماعي، إلا أن وظيفة الأسرة التربوية، وخاصة فيما يتعلق بعمليات التطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية، ومنح الشعور بالحب والانتماء لا تزال هي الوظيفة الأساسية التي لا يمكن لأي مؤسسة أخرى للقيام بها، خاصة بالنسبة للسنوات الأولى في عمر الطفولة، والتي لا تتجاوز فيها دنيا الطفل حدود أسرته، والتي هي من وجهة نظر المتخصصين تُعَدُّ الفترة الخصبة الأساسية في نقل قيم المجتمع إلى الطفل، وتأصيل العمليات الخاصة بالتطبيع الاجتماعي والتي يصبح الفرد عن طريقها مستدمجًا للأدوار والاتجاهات والقيم والمهارات التي تشكل شخصيته. ومن أهم عمليات التطبيع الاجتماعي والتي تقوم بها الأسرة تأصيل الانتماء، والتي تعني أن الفرد من طفولته المبكرة يحيا في ظلِّ مجموعة من القيم والأفكار والمبادئ التي تترسَّب في وجدانه، حتى تتحول لديه إلى وجود غير محسوس، ومن خلال ذلك يصبح الفرد منتميًا إلى المكان، وإلى الأسرة، وإلى الجماعة، وإلى المجتمع والوطن.
وتعتبر الحاجة للانتماء من الحاجات المهمة التي تُشعِر الفرد بأنه جزء من جماعة معينة، سواء كانت هذه الجماعة (الأسرة - الرفاق - جماعة مهنية)، وأنه جزء من وطن معين، ويُولَد هذا الشعور الاعتزاز والفخر بانتماء الفرد لهذه الجماعة، ويُعَدُّ إشباع حاجات طفل ما قبل المدرسة وتقبله لذاته وشعوره بالرضا والارتياح أولى مؤشرات انتمائه للجماعة.
فالحاجة للانتماء من أهم الحاجات التي يجب أن تحرص الأسرة على إشباعها لدى الطفل لما يترتب عليها من سلوكيات مرغوبة يجب أن يسلكها الطفل منذ صغره وحتى بقية مراحل عمره، أما فقدان الانتماء فيعتبر من أخطر ما يهدِّد حياة أي مجتمع، وينشر الأنانية والسلبية، وفي المقابل يؤدي الانتماء إلى التعاون مع الغير، والوفاء للوطن والولاء له. ويرتبط بالانتماء بعض القيم، مثل: العطاء، والتضحية، والتعاون مع الآخرين، وهذا يلقي على الأسرة مسؤولية كبرى نحو التركيز على إظهار مواقف تاريخية تبيِّن بطولة قادة والزعماء في الدفاع عنه. وفي تقدير هؤلاء الأطفال لأنفسهم، وبشكل عام فإن للعلاقات الأسرية أثرًا إيجابيًّا في تكوين الشعور بالأمن وتطور مفهوم الذات الإيجابي عند الطفل. وحيث إن نسق الأسرة - مثله في ذلك - مثل سائر الأنساق الأخرى يكون رهنًا للظروف والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فإنه بالتالي يكون عرضة للتأثر بعمليات التغير والأحداث التي تطرأ على المجتمع، مثل الحروب، وقد أشارت الكثير من الدراسات إلى أن الحرمان ومعايشة خبرات الحرب تترك آثارًا نفسية على الأطفال لا تزول بانتهاء الحرب، بل تظلُّ كامنة وتتراكم لتفرز كثيرًا ردود الأطفال غير السوية. حيث إن مفهوم الطفل عن ذاته يكتسبه في مراحل النمو الأولى، حيث تلعب الانفعالات مع الأشخاص المهمين في حياته خصوصًا والديه، دورًا كبيرًا في ذلك ويتأثر مفهوم الذات إلى حدٍّ كبير بالعلاقات الأسرية القائمة بين الطفل ووالديه، فالفروق في الأجواء الأسرية وطرق التنشئة تحدث فروقًا بين الأطفال في مكونات الشخصية، وفي تقدير هؤلاء الأطفال لأنفسهم، وبشكل عام فإن للعلاقات الأسرية أثرًا إيجابيًّا في تكوين الشعور بالأمن، وتطور مفهوم الذات الإيجابي عند الطفل.
الانتماء الأسري يبدأ من الطفولة. فهذا الشعور يتولد من إشباع حاجة الطفل إلى القبول داخل بيئته، فالمطلوب من الأسرة قبول الابن دون ربط هذا القبول بإنجازات معينة يقوم بها الطفل.. فلو تعلم الطفل أن يقبل إذا أحسن، و يرفض إذا أخطأ سينشأ مذبذباً ضعيف الشخصية، ضعيف التقدير الذاتي..
إن قبول الطفل يعني انتماءه لأسرة يشكل أحد أعضائها.. مما يسهل على الطفل فيما بعد الانخراط في مجموعات اجتماعية أخرى. وبالمقابل يكون الطفل الذي يشعر بعدم قبول الأسرة له، أقرب إلى الارتياح و الرفض و الشعور بالوحدة..
العمل المشترك والعمل الجماعي داخل الأسرة الواحدة يبني الشعور بالتقارب الحميم لدى أفراد و أعضاء الأسرة، وهذا يعزز بالمقابل شعورهم بالانتماء، ومما يزيد هذا التماسك الأسري والشعور بالانتماء لدى الأبناء كون الأسرة مجالاً و فضاءً للعديد من الأنشطة مثل:
- التخطيط المستمر لأنشطة جماعية داخل الأسرة بعيداً عن روتين الحياة اليومية.
- قضاء فترات خارج البيت من مثل النزهات الأسبوعية أو الأجازات السنوية من صلة رحم أو استجمام في البر أو الجبل أو على البحر..
- المشاركة الجماعية في الأنشطة الهادفة مثل المخيمات وغيرها.
- ممارسة الرياضة و الألعاب.
- القراءة المشتركة الهادفة.
- الجلوس ولو 20 دقيقة يومياً لمناقشة أحوال الأسرة وخططها المستقبلية ومشاكلها.
- التعاون بين أعضاء الأسرة في أداء احتياجات البيت والواجبات المدرسية.
- تعليم الابن كيف يكون عضواً في مجموعة : القيادة، الأهداف المشتركة، التخطيط الجماعي، المنافسة، الطموح، حب التميز، الرغبة في الانتصار و التميز، المثابرة والصبر، التعاون مع الآخر من أجل هدف مشترك، العمل الجماعي.
خاتمة :- في ظل الظروف المتردية السائدة على مستوى العالم والمنطقة العربية والتراجع الحاصل على الصعيد الذاتي والعام، كم نحن بحاجة إلى مراجعة ذاتية وموضوعية لكل المتغيرات التي تحدث، كم نحن بحاجة أن نجسد الانتماء للوطن بكل قيمه المقدسة، ونعود لمثل هذا الانتماء، نلغي كل ما يتناقض مع ذلك، نقف مع الذات وبمراجعة جدية، نوقف حالة التدمير التي تحدث على الصعيد الذاتي والعام، نعود للقيم التي رضعناها مع حليب الطفولة، حب الوطن، التضحية، الاستعداد للعطاء، للمقاومة، ونحن في زمن المقاومة، السلوك المنسجم مع الأخلاق والقيم الوطنية، الكفاح بكل صوره، النضال وبما يترتب عليه من التزام إلى آخر ما هنالك من القيم النبيلة.
( هي دعوة للانتماء الحقيقى )
المراجع : د. عبد الباقى , صابر . مقال منشور .
التعديل الأخير تم بواسطة نادية أمال شرقي ; 09-Jul-2011 الساعة 03:46 AM
المفضلات