متى نشهد سياسيين منحدرين من الإدارة ؟
عبد الرحمن تيشوري


النظام السياسي والادارة العامة:
- الحقيقة آن نظام الخدمة المدنية لايعتبر في أي دولة من الدول نتيجة خطة نظرية ولكنه يظهر نتيجة عملية تراكمية لتطور بطيء مستمر للمفاهيم العامة والسلوك الاجتماعي ولذلك فانه اعمق من آن يكون عملية تغيير قانوني
- يتحدد مفهوم الإدارة العامة بناء على الدور الذي تلعبه الدولة في حياة الناس ومدى احترام الناس للوظائف العامة ومدى اختلاف موظفي الحكومة عن بقية المواطنين
- ترتبط هذه العوامل جميعا بالتقاليد الثقافية واسلوب الحياة كما تعتبر هذه العوامل فعالة ومجدية وثابتة في حالة غياب الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية
- لذلك آن الإصلاح الذي يتجاهل هذه العوامل سيكتب له الفشل علما آن هناك مشاكل واضحة وبارزة للعيان ولاتحتاج آلي منجمين وخبراء في الإدارة لمعرفتها واكتشافها وبالتالي وضع الحلول لها وهذا هو المطلوب في وضع الإدارة العامة السورية من اجل اصلاحها وتطويرها وتحديثها لتواكب الرؤية التطويرية التحديثية للقائد الإداري الاول في الدولة الرئيس الشاب الدكتور بشار الاسد
- نحن بحاجة آلي مراجعة النظام الإداري بالكامل ونحن بحاجة آلي ايجاد الجهة المتخصصة التي تقوم بهذه المهمة من اجل الاستجابة لانطباعات الناس وضمان الاداء السليم للخدمة العامة وللوظيفة العامة

اثر مفهوم الدولة على الإدارة العامة:
لمفهوم الدولة تأثير كبير على الإدارة العامة فحيثما كانت للدولة سلطةموحدة ومركزية اصبح للإدارة والعاملين فيها دور اساسي ومركزي ومتميز
وتعمل السلطات الحاكمة دائما على آن يكون تحت تصرفها اداة فعالة للحفاظ على الوحدة الوطنية
وهكذا فان تطور الدولة يسير جنبا آلي جنب مع تطور الإدارة
اذا ترتبط الإدارة بالدولة ارتباطا وثيقا ومن خلال الإدارة تتم ممارسة اعمال الحكومة وتعمل الدولة وتعيش وتستمر
· اثر نظام الاحزاب على الإدارة العامة:
آن الإدارة العامة ترتبط بالسياسة بصلات وثيقة وتبدو مظاهر هذا الارتباط من آن السلطة السياسية هي التي ترسم الاهداف التي يتعين على الإدارة العامة تنفيذها وتحقيقها
والعلاقة متشابكة بين الحكومة والادارة العامة
فالوزير لم يعد يعتبر قائدا سياسيا باعتباره عضوا في الحكومة فحسب بل يعتبر ايضا قائدا اداريا للجهاز الإداري التابع لوزارته
آن الإدارة العامة تحظى باهتمام القيادة السياسية ولقد بدا ذلك واضحا منذ تسلم القائد الشاب بشار الاسد السلطة وقد ترجم هذا الاهتمام باحداث المعهد الوطني للإدارة العامة من اجل تنفيذ برنامج الإصلاح الإداري والإصلاح الاقتصادي
والحقيقة آن قضية العلاقة بين الإدارة والا حزاب السياسية تطرح في كل النظم السياسية
هل يجب آن يكون الحزب والادارة مستقلين؟
هل يخضع احدهما للاخر؟
ماهي طبيعة هذا الخضوع وما هي درجته؟
أي الاثنين يجب آن يسيطر على الاخر؟
ممالاشك فيه آن نظام الاحزاب يؤثر بشكل جوهري في بيئة الإدارة وتنطيمها وقدرتها على النهوض باعبائها وقد قدمت النظم السياسية اجوبة منها :
- نظم تعدد الاحزاب والنظم الليبرالية:
- تأخذ بمبدأ الدورية في الوظائف العامة ونظام الجدارة ولايحق للموظفين البقاء في عملهم اكثر من اربع سنوات
- في فرنسا يعتبر الموظفون بشكل تقليدي حياديين من الوجهة السياسية وتحدد قرارات مجلس الدولة الفرنسي حقوق وواجبات الموظف العام فيما يتعلق بالاراء السياسية والدينية
- نظم الحزب الواحد ومنها سورية حيث توجد جبهة وطنية تضم عدة احزاب لكن حزب البعث هو الحزب الاكبر الوظيفة العامة ليست مستقلة عن السياسة وليست محايدة فالموظفون يخضعون لسلطة الحزب وهناك عدد كبير منهم اعضاء في الحزب لكن تخلت الدولة اخيرا عن هذا الشرط لمن يريد آن يصبح موظفا في الدولة فليس مطلوب آن يكون حزبي آم لا
- لايمكن حتى الان في سورية التحدث عن حياد سياسي للوظيفة العامة لكن الشيء الذي يجب آن يعمم وان يكون موضوع الاهتمام في بلدنا في الوقت الحاضر حيث يوجد مشروع لتطوير وتحديث الدولة يقوده القائد الشاب بشار الاسد هو ضرورة التحسس والشعور بمفهوم المرفق العام وتطويره ليقدم خدماته السريعة والغير مكلفة لجميع المواطنين وبالتساوي
- لان الإدارة العامة اليوم وحدها تستطيع آن تقوم بمهمة التطوير في جميع الميادين شرط الاهتمام ببعض المسائل التي تؤدي آلي تحفيز وتفعيل الموظف العام للعمل باخلاص واتقان ويشعر بن الوظيفة واجب وخدمة ورسالة
- حتى الان لايوجد في سورية احزاب سياسية كبيرة تتناوب الحكم فلا يمكننا آن نتصور وجود حياد سياسي تلتزم به الإدارة العامة
- في سورية تنص المادة 8 من دستورنا الدائم لعام 1973 على آن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة اهداف الامة العربية
- كما نصت المادة 10 من الدستور:
مجالس الشعب مؤسسات منتخبة انتخابا ديموقراطيا يمارس المواطنون من خلالها حقوقهم في إدارة الدولة وقيادة المجتمع
- يتبين مما تقدم للوهلة الاولى آن هناك تضارب في الاختصاصات بين الحزب القائد ومجالس الشعب لان كلا منهما يقع على كاهله مهمة قيادة المجتمع وادارة الدولة
- الحقيقة آن دور حزب البعث العربي الاشتراكي دور هو دور قيادي توجيهي ولا يمكن آن يحل محل المؤسسات السياسية الشعبية في إدارة شؤون وقضايا المواطنين
- هذا الموضوع يطرح الان على المستويات العليا ويناقش في اطار وضع قانون للاحزاب
- يجب البحث عن صيغة لانجاح الإدارة العامة والادارة المحلية وتنظيم العلاقة بين الحزب والادارة العامة والمنظمات الشعبية وتحديد العلاقة بين الحزب والسلطة بشكل دقيق واضح
- يجب الفصل بين وظائف الحزب القائد ووظائف الإدارة العامة فصلا واضحا وفعالا
- يجب آن يعي كل من اعضاء الحزب والادارة دوره الخاص به وان توضع صيغة للعيش المشترك وليس للتعايش بدل آن يتنازعوا اختصاصاتهم المتبادلة
- آن الاضعاف الشديد لاي من هاتين المؤسستين يؤدي آلي الحاق الضرر بكليهما
- وبشكل عام كان احداث المعهد الوطني للإدارة العامة خطوة سليمة ممتازة في الاتجاه السليم لاصلاح الإدارة وهو لايتبع لحزب معين وهوهيئة علمية مستقلة ذات طابع أداري
- وهومشروع وطني بالتعاون مع المدرسة الوطنة للإدارة في فرنسا احدث بالمرسوم رقم 27 لعام 2002
- يهدف آلي أعداد وتدريب العاملين في الوظيفة العامة وتأهيلهم تأهيلا رفيع المستوى في مجال علوم الإدارة العامة بما يخدم خطط تطوير وتحديث إدارة وتنظيم الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة في الدولة وهو يعمل في المجالات التالية:
· أعداد كوادر قيادية للإدارة العامة
· تدريب وتأهيل العاملين في الإدارة العامة
· اجراء البحوث والدراسات لصالح الجهات العامة
· تقديم الاستشارات
في فرنسا قدمت المدرسة الوطنية للإدارة طبقة من السياسين منحدرين من الإدارة امثال الرئيس شيراك وساركوزي وغيره من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة
ما نرجوه في سورية آن نشهد سياسيين منحدرين من الإدارة ومؤهلين تاهيل أداري رفيع المستوى مع انطلاقة المعهد وتخريج الدفعة الاولى في مطلع عام 2006

عبد الرحمن تيشوري