مشرف
- معدل تقييم المستوى
- 31
تجربة اصلاحية عربية تستحق الاهتمام - عبد الرحمن تيشوري
تجربة اصلاحيةعربية تستحق الاهتمام
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليابالاقتصاد
اساسيات برامج الإصلاح في أية دولة
التجربة التونسية في الإصلاح الإداري
لعل النظام الإداري العام الذي كان سائداً في تونس في فترة ما قبل 1987 كان شبيهاً بأنظمة الإدارة العامة في العديد من الدول العربية ومنها سورية ومصر ، حيث اتصف النظام الإداري التونسي بتعدد الأجهزة وتشابهها وازدواجيتها ، التوسع الأفقي في الجهاز الإداري وتضخم عدد العاملين فيه ، تراجع مستويات الخدمات التي تقدمها الإدارات العامة للمواطنين، وغير ذلك . لكن بعد عام 1987 فقد جهدت الدولة من خلال الاهتمام المباشر لرئيس الدولة في تونس بالعمل على تشخيص الوضع الراهن لمستوى أداء الأجهزة العمومية ، التحري عن أسباب تردي العلاقة بين الإدارات الحكومية والمواطنين ، ومن ثم العمل على تحسين كفاءة أجهزة الإدارة العامة بشكل عام . إن هذا الواقع غير المشجع في أجهزة الإدارة العامة التونسية دفع بالسلطات السياسية والتنفيذية لاعتماد برنامجاً طموحاً للإصلاح الإداري في البلد والذي تضمن في محتواه المحاور الرئيسية التالية :
- علاقة الإدارة بالمواطنين : لقد تم الاهتمام بهذا المحور نظراً لتراكم الإجراءات والتشريعات دون تطويرها ، عدم تحديد المدد الزمنية اللازمة لتقديم الخدمات العامة بالشفافية المطلوبة ، تعدد التراخيص الإدارية وغير ذلك . أن هذا الواقع أكد على ضرورة اهتمام برنامج الإصلاح الإداري بالمسائل المرتبطة باستقبال المواطنين وإرشادهم وتقديم العون لهم عند مراجعتهم لأجهزة الإدارة العامة وتسهيل الاتصال معها وتحسين جودة الخدمات المقدمة وتبسيط الإجراءات الإدارية ورفض النزاعات التي تظهر بين المواطنين والمؤسسات الخاصة من جهة وأجهزة الإدارة العامة من جهة ثانية .
- التنظيم الإداري : ومن أهم القضايا التي طرحت للمعالجة في هذا الشأن : وجود دليل لإجراءات ومسالك العمل الإداري لضبط مهام الموظفين العموميين والعمل على توحيد هذه الإجراءات وضبط المسؤوليات ، التحول إلى اللامركزية بعد أن كان مبالغاً في استخدام المركزية الإدارية رغم تفويض السلطات ، إعادة النظر بالهياكل التنظيمية ، تقليص وتوحيد أجهزة الرقابة الإدارية ، توفير المجالس الاستشارية واللجان الإدارية ، الاهتمام بالتوثيق والأرشفة وبالمطبوعات وطرق الاتصال مع المجتمع والإدارات الأخرى ، إيلاء العناية الكافية لأنظمة تقييم وضبط حجم العمل في الإدارات العمومية وتكاليف تقديم الخدمات من خلاله .
- وسائل العمل الإداري : من حيث الاهتمام بالجوانب الإعلامية وتوفير الأدلة الإدارية وتنظيم العقود الإدارية وضبط السياسات الحكومية .
- العنصر البشري : تم التركيز في هذا المحور على الجوانب الخاصة بالتعليم والتدريب والندب ، الترقية والتحفيز ، هيكل الرواتب والأجور ، التغطية الاجتماعية( الضمان الاجتماعي) .
ومن الضروري الإشارة هنا إلى أن جميع محاور الإصلاح الإداري في تونس قد أعد لها برامج تنفيذية خاصة بها .
المتتبع لخطوات تنفيذ برنامج الإصلاح الإداري في تونس يستطيع أن يتحقق من الارتقاء بمستوى كفاءة أجهزة الإدارة الحكومية مما جعل تونس في مقدمة العديد من الدول النامية بشكل عام والعربية بشكل خاص في معدلات النمو الاقتصادي وتحسن مستوى الخدمات العامة المقدمة للمجتمع وظهور المبادرات الفردية والمؤسساتية الهادفة إلى تحسين الأداء والتشغيل الأمثل لقوى الإنتاج ، كما وبدأت تتعزز ثقة المواطنين بأجهزة الإدارة العامة ، وتتعمق وتتسع وتنتشر ثقافة الإصلاح على مستوى المجتمع .
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن عملية الإصلاح في تونس مستمرة ومتطورة وتدخل في برامجها عناصر جديدة هادفة إلى تحقيق تطلعات الأفراد والمنظمات في الحصول على خدمات إدارية سريعة وجيدة وبسيطة وبتكلفة منخفضة .
وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة والإمكانات البشرية والمادية المصروفة على عمليات الإصلاح الإداري والهياكل المستحدثة في غالبية الدول العربية فإن العديد من المحللين يشيرون إلى المزيد من التعثر في أداء الأجهزة الحكومية وإلى ضعف كبير في مستوى الكفاءة الإدارية ، لقد لاحظ المختصين في الإدارة والمتابعين لحركات الإصلاح الإداري العربي خلو جهود وبرامج الإصلاح الإداري من التوجه الاستراتيجي الشامل المتكامل على مستوى عناصر الأنظمة والممارسات الإدارية ونموذج الإصلاح الإداري المستخدم على مستوى المجتمع الكلي وفسروا ذلك حسب رؤيتهم للأسباب التالية :
- قصور وعدم تكامل عناصر إستراتيجية الإصلاح والتي تعود إلى :
- تركيز جهود الإصلاح الإداري على بناء الهياكل والأنظمة الرسمية وعلى تنمية المعارف من خلال التدريب مما زاد من اللوائح واللجان فدارت عملية الإصلاح في حلقة مفرغة ذات طابع بيروقراطي يتوقف حلها على خلق كيانات تنظيمية جديدة لعلاج القصور في الأداء أو تطوير اللوائح بإضافة المزيد إلى بنودها - الاعتماد على منهج غير ديمقراطي في الإصلاح والتطوير بمعزل عن الإطراف المعنية بالتطوير وأداء الأجهزة الحكومية من داخلها أو من خارجها ، حيث تحولت برامج الإصلاح إلى طقوس دعائية ذات مضامين صورية دون وجود رقابة خارجية مما يحول أهداف الممارسات الإدارية الإصلاحية إلى الحفاظ على مصالح منظمات الإصلاح والعاملين فيها .
- التركيز على تقنيات الإدارة العلمية على حساب الجوانب السلوكية والثقافية والسياسية والبيئية ونقل تجارب عالمية بكاملها بحجة حيادية لإدارة كما هو الحال في الخليج ومصر والمغرب العربي .
- قصور الإستراتيجية المجتمعية للتنمية السياسية وبطء التطور الديمقراطي أمام تراجع أدوار المجالس التشريعية والشعبية والرأي العام والأحزاب السياسية في الرقابة على دور وممارسات الجهاز الحكومي وبرامج الإصلاح الإداري .
- آثار زيادة قوة الجهاز الحكومي في ظل قصور الإصلاح السياسي الديمقراطي وتحصنه ضد المساءلة والرقابة مما قاد إلى ظهور الفساد الإداري المتمثل بسوء الخدمات المقدمة للمواطنين وارتفاع تكاليفها وندرة الموارد التي يوفرها الجهاز الحكومي للمجتمع ، وتراجع دخول المواطنين في الأجهزة العامة وغيرها .
تأسيساً على ما تقدم فإن أساسيات برامج الإصلاح في أية دولة والتي تتمثل بالآتي :
- توفير الرؤية الإستراتيجية وتحديد فلسفة وأهداف الاقتصاد الكلي .
- دور قمة الهرم الإداري( رئاسة الدولة ، مجلس الوزراء ، اللجان الوزارية ، الوزراء ، المستشارون ) وهنا يجب أن يتحدد الإطار الفكري وتحديد الاتجاه العام لخطوط وبرامج الإصلاح مع توفير مستلزمات نجاحها ، شريطة عدم الغرق في الإجراءات والتفصيلات .
- فرق تحليل السياسات ومجمعات الخبراء والتي تنحصر مهامها في تحليل وتشخيص المشكلات وتقديم بدائل الحلول لها .
- المجالس الاستشارية بحيث يتم إشراك القطاع الخاص مع الأجهزة الحكومية في صنع السياسات الإصلاحية .
- توفير وتطوير المعلومات لدعم القرار.
- تحسين آليات تنفيذ السياسات والتركيز على التخطيط وإصدار التشريعات اللازمة وتوزيع الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية وتخصيص وتوزيع الموارد وغير ذلك.
- تحقيق الملائمة السياسية كالآثار الاجتماعية والسياسية لعملية الخصخصة .
- عبد الرحمن تيشوري
ادارة احترافية مهنية شفافة مبادرة تحترم الناس وتعمل لهم
المفضلات