تكوين المفكر
أضافة السابعة...

3.التبعية للآخرين

الإبداع سلوك لطرق جديدة، والولوج من مداخل مبتكرة، والتفكير بعقلية حرة، وهذا كله يتطلب درجة من الاستقلال الفكري والنفسي عن المحيط الذي يعيش فيه الإنسان، ومن المعروف أن الثقافة الشعبية لدينا تتمحور حول التلاحم والتضامن الأهلي، ولهذا فإن معظم الناس يستوحشون ممن يبتعد بطروحاته ومرئياته عنهم، وربما سفهوه، وإن شواهد التاريخ تدل على أن كثيرا من العباقرة والمبدعين كانوا في نظر الجماهير أشخاصا غير طبيعيين وهذا تعبير مهذب، ومن هنا قالوا: إن بين العبقرية والجنون شعرة رفيعة.


ليس هناك شيء من غير ثمن، و إن من جملة ثمن الإبداع والتجديد سلوك الطرق الموحشة والإتيان بالأفكار التي قد لا تكون مستساغة أو موضع ترحيب من قبل معظم الناس. إن العاديين من الناس يسألون: من أين نبدأ؟ و أين الطريق؟ أما المبدعون و الرواد، فإنهم يعلمون أنه ليس أمامهم طريق، فخطاهم هي التي ستشق الطريق ! .

4. ضآلة المحصول المعرفي

مهما كانت قدراتنا الذهنية والنفسية عظيمة و ممتازة، فإنها لن تغنينا عن أن نكتسب المزيد من العلم و أن نطلع على الأفكار و الآراء ووجهات النظر التي تتصل بالقضية التي حاولنا، و نحاول أن نصل فيها إلى شيء غير مسبوق، هذا واضح جداً في الأعمال العلمية، و الأدبية العظيمة، فكاتب الرواية الشهيرة جداً يقرأ حول محاورها وأشخاصها وأحداثها عشرات وأحياناً مئات الكتب المختلفة، وذلك من أجل تكوين خلفية ثقافية ثرية لما يريد الكتابة فيه، والذين يريدون اختراع شيء يطلعون على كل المحاولات السابقة التي تتصل به وبأشباهه، وحين سئل المخترع الأمريكي الشهير (أديسون) عن السر الذي يقف خلف مخترعاته التي تجاوزت الألف – قال: العبقرية (1%) موهبة، والباقي عرق جبين. أي علم وبحث وتجريب وتفكير. إن المعرفة كما أشرت سابقاً- هي عتاد العقل، وإن الإنسان الذكي جداً يبدو أشبه بالأبلة حين يفكر في موضوع ليس لديه أي معلومات عنه، من هنا كان التعلم المستمر شيئاً يتطلبه الإبداع، وكان الإعراض عن العلم هو العدو الأول له.

الدكتور عبد الكريم بكار