مشرف
المدربون المعتمدون
- معدل تقييم المستوى
- 35
الخلافات الزوجية
الزواج من أقدم النظم الاجتماعية التي عرفتها البشرية وقد حثت عليها جميع الأديان السماوية والأرضية والأعراف. ووضعت له التشريعات والقوانين لضمان قيامه على أسس قوية تضمن استمرار يته وصموده أمام تحديات ومشاكل الحياة.
الحياة الزوجية ما هي إلا نواة المجتمع الذي نعيش فيه، فمنه تتكون الأسرة، ومن الأسرة يتكون المجتمع، ومن المجتمعات تتكون الأمم، ومن الأمم يتكون الجنس البشري.
الإسلام وضع الأسس السليمة للزواج الذي ينبني على علاقة تسودها الألفة والمودة والرحمة وينعم فيها الزوجان والأطفال بحياة مستقرة مملوءة بالعطف والحنان.
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة........" صدق الله العظيم.
الزواج ينظم العلاقة الثنائية على أساس تبادل الحقوق والواجبات والتعاون المخلص في جو تسوده المحبة والاحترام والتقدير المتبادل. ولكي يستقيم هذا الزواج، حض الإسلام على الاختيار السليم، فقد حض على اختيار الزوجة ذات الدين، وذات الخلق الطيب، والعقل الراجح، والمنبت الحسن. ذلك لأن الزوجة مسئولة عن تربية الأطفال، وعن صيانة بيت الزوجية من حفظ مال الزوج، وعرضه، وسره. وكذلك الحال من اختيار للزوج الذي يتقي الله، ذو الأخلاق الحميدة، القادر على القيام بواجبات الزواج، والذي يستطيع قيادة الأسرة في سلام. وطالب الإسلام الزوجين بحسن المعاشرة وخاصة من الزوج الذي اختصه الله بحق القوامة، أي الرئاسة والقيادة. وعلى الزوجة أن لا تنكر إحسان الزوج إليها، ومعاملته لها بالإحسان، لأن ذلك قد يدخلها النار كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: "يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا، قالت ما رأيت منك شيئا قط."
وبالمقابل يوجد من الرجال من يسيء إلى زوجته ويضربها، ويحرمها من حقوقها لبغضه لها وعدم احتمالها.
فقد قال الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف." ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا." وطالب بالصبر عليهن لأنهن خلقن من ضلع أعوج يسهل كسره إذا حاولت أن تقيمه بالوعيد أو التأديب.
أعطى الله سبحانه وتعالى حق القوامة للرجل لأنه فضّل بتحكيم العقل والصبر وقوة التحمل ولقدرته على ضبط عواطفه والتحكم في انفعاله، وقابليته لمراجعة أحكامه وقراراته، خلافاً للمرأة التي تعرف بعاطفتها المرهفة وسرعة تأثرها وانفعالها، وتحكيم العاطفة، والتسرع في الأحكام واتخاذ القرار.
قال الله تعالى في كتابه العزيز:"الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم." وكذلك قوله: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة.."
لذلك أستحق الرجل حق القوامة بتفضيله على المرأة للأسباب السابقة وكذلك لتكليفه على الإنفاق على الزوجة والأسرة دون المرأة. وأوجب الإسلام على الزوجة إطاعة زوجها إلا في معصية. وعلى الزوج عدم التعدي عليها إن فعلت لقوله تعالى. "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"
الأسباب الرئيسية للخلافات الزوجية
الأسباب كثيرة ومتنوعة وقد تبدأ صغيرة إلا أنها مع مرور الزمن قد تتفاقم وتتعقد. من أهمها:
1) سوء الاختيار.
كأن يركز كل من الطرفين على مصلحة محددة أو صفة معينة كالمال أو الجمال والوضع الاجتماعي، وينسى أشياء مهمة كحسن الخلق والدين والمنبت الحسن. وكذلك عدم التقارب في العمر والمستوى الثقافي والاجتماعي والأفكار والمعايير الأخلاقية والأهداف. لأن تلك من الأسباب التي تصعب عملية التكيف والتأقلم في الزواج وتقود إلى الخلافات.
2) اختلاف كبير في نمط الشخصية.
كل إنسان له سمات شخصيته الخاص به وأسلوبه المتميز في أدراك وفهم بيئته وكذلك استجابته للمؤثرات الخارجية. وكذلك له أفكاره ومفاهيمه وقيمه ومعايير أخلاقه، و سلوكياته وعاداته الخاصة التي أكتسبها أثناء فترة نموه من أبويه ومعلميه وأقرانه ومجتمعه ومن خبراته الحياتية، سلبية كانت أم إيجابية.
فقبل الزواج يكون لدى كل من زوج وزوجة المستقبل أفكارهم ومفاهيمهم وتوقعاتهم الخاصة عن الزواج قد تكون مستقاة عن قراءاتهما ومشاهداتهما الخاصة أو تجارب أصدقائهما. وغالبا ما تكون هذه التوقعات وردية اللون وبها شيء من عدم الواقعية.
في الشهور الأولى من الزواج يكون الزوجان منشغلين بتبادل العواطف والاستمتاع يبعضهما البعض بعيداً عن واقع الحياة ومشاكلها. وكل منهما يحاول أن يبرز الجانب الإيجابي من شخصيته ويترك الانطباع الأحسن لدى شريكه.
ولكن بعد انقضاء شهور العسل، طالت أم قصرت، يتبدى كل على حقيقته للأخر. وكل يوم يظهر شيء جديد من أفكار ومفاهيم وسلوكيات وعادات وطباع الآخر قد لا تتلاءم مع طبيعة الأول. ولكن كلما كانت الفوارق بسيطة أولاً تؤثر على الطرف الأخر، كلما سهلت عملية التكيف والتأقلم مع بعض بطريقة إيجابية، وقلت الخلافات أو سهل إيجاد الحلول لها. ولكن كلما كانت الفوارق كبيرة وخاصة ما إذا كانت ذات تأثير سلبي على أحد الأطراف، كلما صعب التكيف أو نتج تكيف سلبي يؤدي إلى تضخيم المشاكل. فلكل إنسان إمكانية التكيف مع بيئته ومع ما يطرأ لهذه البيئة من تغيير. فالشخص الذي لديه القدرة على التكيف الإيجابي يستطيع أن يستقل آليات تدبير إيجابية وفعالة لكي يتعايش مع الوضع القائم بأقل آثار نفسية سلبية تؤثر على أدائه وعلاقاته.
التكيف السلبي ينعكس في الاستجابات الواعية وغير الواعية للشخص الأخر مثلاً في عملية التواصل بشقيه اللفظي والجسدي، وكذلك في الاستجابات العاطفية، وفي السلوك والمواقف وكلها مبنية على المفاهيم والاعتقادات السلبية المتكونة نتيجة للتكيف السلبي. وكثير من حالات سوء العلاقات الزوجية تكون نتيجة للتكيف السلبي المبني على قناعات مغلوطة أو عدم فهم للشريك.
الشخصية المضطربة أساساً لا تصلح لإقامة علاقة ودية وحميمة تتبادل فيها المشاعر والاحترام. كما أنه يصعب عليها التكيف. ولذلك أي زواج يكون طرف فيه مضطرب في الشخصية محتوم عليه بالفشل.
كما أنه توجد فوارق مهمة في الشخصيات التي تعتبر طبيعية أو غير مضطربة. وقد تكون هنالك بعض الصعوبات في التكيف بينها ويكون ذلك مدخلاً للخلافات.
3) خلل في أسلوب التعامل.
الأسلوب الأمثل في التعامل بين الزوجين هو "أسلوب المودة والرحمة" الذي دعا له الإسلام. هذا الأسلوب يؤمن حياة زوجية سعيدة ومستقرة. وهذه المودة والرحمة لابد وأن تكون متبادلة، لا يطالب بها طرف في الوقت الذي لا يتقيد هو به. ولن يحدث هذا إلا إذا كان هنالك توافق وتكيف كبير بين الزوجين، مع وجود احترام متبادل وثقة تامة، وتفهم لاحتياجات كل جانب ، واستيفاء كل طرف لواجباته وحصوله على حقوقه كاملة. مع الرغبة المتبادلة على تجنب الخلافات، أو العمل سريعاً لحلها بالحوار الهادئ والحلول الوسطية.
في هذا الجو يتربى الأطفال في جو صحي تسوده الألفة والمحبة، ويشبون على حبهم لوالديهم ولبعضهم البعض وفي استقرار كامل.
الأساليب الخاطئة في التعامل:
أسلوب التسلط والقسوة:
هذا الأسلوب في التعامل في الحياة الزوجية يؤدي إلى النفور والكراهية. فغالباً ما يكون في شكل إصدار أوامر للزوجة بأن تفعل أو لا تفعل كذا. فإن تقاعست أو حاولت الاحتجاج نالها السباب أو حتى الضرب. ومهما حاولت الزوجة إرضاء زوجها لا تجد منه إلا العبوس والجفاء. هذه المعاملة ليست لتقصير من الزوجة، بل وسيلة لإفهامها بأنه هو المسيطر وعليها الانصياع وإلا نالها ما نالها.
ولأن الزوجة هي الأضعف، فلها هي كذلك أسلوبها في إبداء سيطرتها في الحياة الزوجية، أو أسلوب ردها على زوجها إذا شعرت أنه لا يستجيب لرغباتها. فهنا تعمد إلى السلوك السلبي، مثلاً أن لا تلبي طلبات الزوج، حتى البسيطة منها، أو تتباطأ وتتلكأ في الاستجابة، أو تدعي النسيان. وقد تمنع نفسها عنه، أو لا تتجاوب معه. وأحياناً تجادله وتناكفه وتسخر منه.
وفي حالات ليست بالقليلة توجد الزوجة العنيفة المسيطرة على الزوج التي لا تتوقف عند استعمال سلاح لسانها فقط، بل تلجأ إلى استعمال كل ما تصل إليه يدها من أدوات منزلية.
كل هذه الأساليب التي يقصد بها السيطرة في الحياة الزوجية لها مردود سلبي على مستقبل العلاقة. فهي تزيد من الكراهية وتؤدي في النهاية إلى الانفصال.
أسلوب النبذ/ والإهمال:
بعض الأزواج يلجئون إلى طريقة أخرى سلبية ولكنها جد قاسية لعقاب الزوجة وحملها على الانصياع لهم وعدم مخالفتهم. الزوجة تكره تجاهل ونبذ أو إهمال الزوج لها. مشاعرها المرهفة وكرامتها تضطرانها للانصياع أو المعاملة بالمثل. فهنا تتضخم الأمور إلى ما لا نحمد عقباه.
أسلوب التدليل/ والحماية الزائدة:
أسلوب آخر يفسد الزوجة ويجعلها تنسى واجباتها الزوجية ويشجعها على عدم الاستقامة، لأن الزوج لا يبالي أو يقبل منها أي تبرير لسلوك شائن. والأدهى في الأمر أن سلوك هذا الزوج قد يجعلها تعتقد أن لا شخصية أو كرامة له. وأنه لا ينطبق مع صورة الزوج الذي كانت تحلم به، مثلاً الزوج الغيور، القوى والمهاب. وقد تفكر في أن تتركه لآخر تنطبق فيه تلك الصفات. أو فعلاً تدخل في علاقة عاطفية مع رجل آخر بدون أي اكتراث للزوج. فهنا يصحو الزوج وتدب الخلافات.
أسلوب الاعتماد والخضوع التام:
بعض الأزواج أو الزوجات الذين لديهم سمات" الشخصية الاعتمادية" يتركون عن طواعية مسؤولياتهم للطرف الأخر ليقرر وينفذ ما يريد، أو يوجهه كيفما شاء بدون إبداء أي تذمر، بل برضاء تام. فمن المؤكد أن المعتمد عليه أو المخضوع له قد يبتدئ في التذمر شيئاً فشيئاً من سلبية الشريك فتبدأ المشاكل.
د.الأمين بخارى
وللحديث بقية ...
ودمتم سالمين وفي بيوتكم أمنيين *__________*
التعديل الأخير تم بواسطة Ibtihal Alzaki ; 14-May-2009 الساعة 08:09 AM
كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي
^______________^ ودمتم سالمين
المفضلات