من سطحية التفكير إلى تعميق التفكير

كثيرة هي الأزمات التي يعاني منها المجتمع المسلم .. بل الأمة الإسلامية والتي أثرت في بنية المجتمع المسلم وفي شخصية أفراده .. ومن هذه الأزمات .. أزمة في التفكير أو في طريقة التفكير ..

فنجد أخطاء كثيرة قد عمت وانتشرت كالتعميم في الأحكام .. والنظرة الوحدوية إما صح أو خطأ .. ومن أخطائنا في طريقة التفكير ... السطحية وعكسها عمق التفكير وعدم الانخداع بالمظاهر ..

وسأقسم الموضوع إلى مظاهر هذه السطحية أغلب الموضوع سيركز عليها ..
ثم .... أسبابها ..
ثم ... فوائد عمق التفكير ..
وأخيرا ..... كيف أجعل تفكيري عميقاً ..

/ مظاهر هذه السطحية :
و سأتحدث في هذا الجزء عن مظاهر السطحية في التربية و في بعض قوانين بعض بلادنا و طرق حل بعض المشاكل

أ- السطحية في التربية :

وننتقل إلى جانب آخر من السطحية ألا وهو نظرة البعض إلى التربية ومن ثم سلوكه اتجاهها ..

- البعض يركز مثلاً على الأخلاق فقط .. يهمه أن ابنه لا يكذب .. لا يخدع .. لا يـغش... إلخ ..
ويهمل نواحي أخرى مهمة كالصلاة .. اهتمامه بدينه .. بدراسته ومستقبله .. وحتى في الجانب المهتم به تجده قد لا يهتم إذا كان ابنه متكبراً مثلاً ..
فتقد يعنى فقط فيما له علاقة مع الناس ..ز و لايبالي بأخلاق القلب و التي تكون أهم من الممارسات الظاهرية التي قد تتلاشى فيما بعد .

- وآخرون لا شيء عنده مهم لأبنائه إلا دراستهم ومذاكرتهم .. ويظنها هي سبب النجاح في الحياة ..

- وصنف يركز على جانب العبادات .. الصلاة خاصة .. حفظ القران .. ويهمل صفات شخصية ابنه .. كضعفها .. معاملتها للآخرين ..

والمشكلة في هؤلاء .. انه إذا وجد ابنه نجح في المجال الذي يريده في التربية تلقاه يمدح في أبنائه .. وقبل ذلك في تربيته ويخطئ الآخرين أحيانا ..

الخطأ الذي أقصده هنا وفي كثير من الأحيان يعود سببه إلى سطحية في تفكير الآباء ..
الاهتمام في إحدى جهات التربية وإهمال باقي الجهات ..

ولو تعمق المربي في تفكيره .. وفكر في مصلحة ابنه لوجدها بتكامل شخصيته .. فيولي اهتماماً بتربيته إيمانياً .. أخلاقياً .. اجتماعياً .. علمياً .. واعتنى بغرس الثقة .. الطموح .. مهارات القيادة .. بحيث تتكامل شخصية الابن .. وتتكامل في علاقته مع ربه .. علاقته مع نفسه .. علاقته مع الآخرين ..
.... وفي نظرته إلى مجتمعه والى أمته ..

ب- القوانين والتعاميم الإدارية :
سأتكلم هنا بشكل عام .. فكثيراً أو بعض الحلول الإدارية أو التعاميم تجدها لا تمس أصل المشكلة .. أو لا تلمس بشكل واضح ما تريده أن يحدث ..

- فتجد أحياناً حلولاً لأعراض المشكلة أو ترى قوانيناً لا يمكن تطبيقها أو تهمل أناساً لهم علاقة مباشرة بهذا القانون ..

ومن أسباب هذه الإشكالات : انعدام عمق التفكير .. وعدم نظرة المسئول الشاملة التي تأخذ بحسبانها جميع العوامل .. وهذا أعتبره من سطحية التفكير ..

خذ مثالً / محاولة عديد من الدول المواطنة إحلال المواطنين مكان العمالة الوافدة ..
والفشل الذريع الواضح في ذلك ..
فالقوانين الصادرة لتطبيق ذلك : إما تهمل مصلحة أرباب العمل واخذ آراءهم .. أو تهمل وضع المواطن أو العمالة و حاجاتهما و و ضعية الدولة ككل اقتصادها .. إمكانياتها .... إلخ ..

- ومن السطحية التي نجدها في الدوائر الحكومية وكافة المؤسسات ( الكل يلوم الأخر ) ..
المسئول يلوم مرؤوسه .. والمرؤوس يتهم المسئول ..
الوزارة تلوم الإدارات .. الإدارة تلوم الأقسام ..
القسم يلوم الموظفين .. والعكس حادث ..

والمشكلة إذا توقف أحدهم عن القيام بتمام عمله و عذره ذلك اللوم .. وتستمر تلك الدائرة ..

والمشكلة أظنها في الجميع .. فالكل يهمل بعضاً من الجوانب التي تهم غيره .. ويصدر الحلول والأحكام على أساس ذلك ..

والمشكلة الأخرى أننا ما زلنا لإصدار القوانين والحلول .. لابد أن تكون من الأعلى إلى الأسفل .. مع أن الإدارة الحديثة والتي ثبت نجاحها في كثير من القوانين أن تكون من الأسفل إلى الأعلى حيث تُقر .

أظن ما زلنا بعيدين عن هذا ..

ج - صرف المال في غير مكانه :

أو الاهتمام بأمور على حساب أمور أهم .. وسأذكر هنا مثالين :
# ترى مسجداً يحتاج إلى مكيفات أو إلى توسعة ويفتقر إلى مكتبة تنفع الحي .. وتفاجأ ببناء كماليات للمسجد وتركيب قطع خشب مثلاً للديكور وفتح أبواب جديدة لا حاجة لها .. أو الاهتمام بحديقة المسجد ..
ويكون هذا على حساب حاجات حقيقية للمسجد يُغفل عنها ..

# تجد الصرف غير الطبيعي أحياناً على مستوى الدولة أو على مستوى الوزارات ..
مثلاً دولة تحتاج إلى بناء مدارس .. جامعات .. مستشفيات .. إصلاح شوارع .. فتفاجأ بصرف المال في التشجير .. بناء أرصفة جديدة .. تركيب أعمدة إنارة لا حاجة لها ..
فيتحسر الإنسان على تلك الأموال المهدرة وهو يرى ما يحتاج إلى إصلاح فعلاً على حاله ..



و إلى لقاء آخر إن شاء الله

منير الخالدي