نتبنى حلقة مؤلفة من أربع مراحل لإشراك المتعلمين بعملية التعلُم. تركِز هذه الحلقة غالباً على التعلُم والمتعلِّم و ليس على التعليم والمعلِم، إن أهم ما يميز طريقتنا في التعلُم السريع أنها فعّالة وتحث كلاً من المتعلِم والمعلِم على التفكير سوية في إشراك الطالب في عملية التعلم.



نماذج التعلُم

إن تبنِّي نموذج للتعلُم يعزز فكرة التعلم . هكذا سنحاول أن نثبت في كتابنا هذا أهمية معرفة الذات بالنسبة للمتعلمين كي يستفيدوا ويعبِّروا عن تجاربهم في التعلُم، وأنه على كل من الطالب والمعلِّم أن يجعل من التعلُم ذاته محوراً لتفكيره. لكن في النهاية، هذه التجربة في معرفة الذات ليست هي التعلُم بحد ذاته وتبنِي نموذج واحد لن يكون إقراراً بتعقيد وفوضى التعلُم. بل إن تبنِي نموذجٍ للتعلُم يؤمِّن طريقةً لصياغة لغةٍ للتعلُم ومحوراً للحوار حول هذه العملية.



ما نماذج التعلم إلا نماذج فقط، وليست طرق للتعلُم. إلا أنها تستفيد من ميل البشر الفطري إلى تكوين النماذج فتحيط بمختلف الميول وتجعلها في بوتقة واحدة لذلك توصف بكونها سلسلة, مجموعة من الأطوار، نظريات، خطوط، طرق حلزونية, شبكات متصالبة, مثلثات أو حلقات. ليست تلك إلا استعارات تساعدنا في حفظ الأفكار وفهمها بسرعة ولا يمكن أن تختزل التعلُم بكامله لأنه تجربة معقَدة فوضوية ومستقلِة، لا يمكن أن يختزل في أي استعارة مفروضة. ومع ذلك تُؤمِن حلقة التعلُم السريع مجموعة من النقاط المرجعية لمساعدة المعلِّم والمتعلِّم كي يتعاونوا في وضع شرح ونقد لعملية التعلُم، وتبقى المشكلة في التفاصيل. سنقوم بتأمين مجموعة من المؤشرات أو المذكِرات في كل مرحلة من هذه الحلقة لمساعدتك في تكوين الصورة الصحيحة في ذهنك.

الحلقة أو ما يوصف بسلسلة متكررة من الأحداث هي عبارة عن مفهوم، وبالتالي هي طريقة لفهم الأشياء. نأمل أن تُستخدم لتعزيز النقاشات التي تقود المتعلمين لتعيدهم في النهاية عبر التعلُّم إلى أنفسهم، والمعلِّم هو من يسهل ذلك مستخدماً الحلقة كأداة.





أصول حلقة التعلُم السريع

لا تُفهم الحكمة حتى تفسرها التجربة ... واختيار الحكمة يحتاج إلى حكمة.

برغان ايفانز



يعود الفضل في تطور حلقة التعلم السريع بادئ الأمر إلى الذين عملوا في حقل التعلُم التجريبي، خصوصاً ديفيد كولب وكيرت ليوين (راجع كولب 1984، ليوين وكولب 1999)، حاولنا أن نميِّز أهمية البيئتين المادية والعاطفية، لذلك أقررنا بعمل ريتا وكينيث دان (1978). بعد ذلك ظهرت الثقافة العاطفية الجديدة لتدعم تأييدنا لبيئة تعلُم إيجابية داعمة ومتحدية (راجع غولمان 1996).



كشف تفكيرنا الأولي مفهوم تفسير الدماغ للأشياء بشكل حرفي وبذلك قادنا إلى عمل برنيس ماكارثي ونيد هرمان (راجع هرمان 1997، ماكارثي 1982). قدم كل من ريتشارد باندلر وميشيل غرايندر الباحثان في مجال العلاقة بين اللغة والعمليات العصبية تفسيراً منطقياً لأساس تنظيم الربطٍ الفعَّال عبر ما يسمى فاك vak[1] (العمليات البصرية، السمعية والحسية الحركية، راجع باندلر 1992، غريندر 1991)، أما هوارد غاردنر (1993) صاحب وجهة النظر المختلفة للذكاء وكيفية قياسه، فقد قدم لطلابنا طريقة لعرض وشرح طرقهم المختلقة في الفهم. وكذلك ساعدت النصوص المعروفة عن الذاكرة وأدوات تحسينها في جمع المعلومات المعرفية وتثبيتها.



في أثناء عملنا في الحلقة شجعنا فكرة التغلب على التحديات للوصول إلى راحة الطالب الشخصية والشعور بالاطمئنان، ودور المعلِّم في تيسير ذلك. كان لاثنين من المفكرين أثرٌ في ذلك، الأول ليف فيغوتسكي (1978) صاحب فكرة التطور الأقرب، والثاني روبرت سابولسكي (1998) الذي فسر التأثير الحقيقي للضغط النفسي على الأداء. كان وراء ذلك عمل مجموعة من المفكرين الاصطفائيين غير المعروفين من جميع أنحاء العالم، وقد كان العديد منهم عضواً فيما كان يسمى آنذاك بالـ [2]salt (جمعية مدرِبي التعلُم السريع)، مستوحين أفكارهم من جورجي لوزانوف (1981،1978) والذي اقتبس كولن روز عمله في كتبه عن التعلُم السريع للبالغين (راجع روز ونيكول 1997). قمنا بوضع حلقة تعلُم سريع بسيطة جداً من سبع مراحل وعززناها بمجموعة من الكتب وورشات العمل. أيَدنا مشاركة هذه الحلقة وتدعيمها واستخدامها كهيكل للملاحظة والإشراف، واستعمالها كنموذج عند كتابة العمل أو الدرس أوالخطط. وهكذا بدأت مرحلة التنفيذ.



تعديلات على الحلقة الأصلية

لا توجد طرق مختصرة للوصول إلى مكان يستحق السعي إليه

بيفرلي سيلز



كان لدينا ثلاثة أسباب لإجراء تعديلات على الحلقة الأصلية:

أهمية التركيز على التعلُم والمتعلِم لا على التعليم والمعلِّم: بعض المفكرين سيطروا على عقولنا بأفكار خاطئة ترى أن الحلقة ككل تتمحور حول أداء المعلِّم، وعبرَوا عنها بمجموعة من الأدوات الخيالية. من واجبنا التأكيد مجدداً أن المتعلِّم هو المحور الأساس في العملية التعليمية.

سهولة الوصول: إن دمج المراحل السبع الأصلية في أربعة عناوين شاملة يسهل لكل من المعلِّم والمتعلِّم المشاركة في حوار عن العملية التعليمية.

التخطيط: نحن نؤمن بأن كثيراً من الخطوات الأولى في التعليم الحالي وما بنيت عليه من أفكار يمكن وضعها في حلقة من أربع مراحل. فطريقة تسريع الإدراك تتطلب اختلافاً في مستويات الإدراك والوصول إلى المعرفة بناءً على استنتاجات اجتماعية, بالإضافة إلى تمييز المرء لمدى إدراكه ثم نقله المعرفة إلى الآخر, في الحقيقة نشعر أن هذه المكونات القيِّمة متأصلة في حلقتنا.



كانت حلقة التعلُم الأصلية تعتمد على ثلاث خطوات كلها عن توجيه المتعلِم نحو التعلُم:

1. ربط التعلم.

2. الصورة الكبيرة.

3. وصف النتائج.

َنصف تلك الخطوات الثلاث بمرحلة الربط مع الطالب.



بالإضافة إلى خطوتين تعنى بإشغال المتعلِمين وإشراكهم في تكوين المعنى:

4. الإدخال.

5. تفعيل عملية التعلم.

نصف تلك الخطوتين بمرحلة التفعيل.



أما الخطوة السادسة في حلقة التعلُم الأصلية فقد أتاحت للمتعلم فرصة لإظهار ما يعرف:

6. العرض.

بقيت هذه المرحلة بلا تغيير.



الخطوة السابعة في الحلقة الأصلية أتاحت للمتعلمين أن يختبروا تعلُمهم من خلال مراجعة هادفة لمعلوماتهم:

7. المراجعة.

نَصِف هذه الخطوة بمرحلة التثبيت.



وهكذا تبدو حلقة التعلُم كالتالي:

1. الربط (تتضمن ربط التعلم، الصورة الكبيرة ووصف النتائج).

2. التفعيل (تزويد المتعلم بالمعلومات وتفعيلها).

3. العرض.

4. التثبيت (بالمراجعة).



بتصرف من كتاب التعلم السريع: كتيب المستخدم. ديريك وايز.