مشرف
- معدل تقييم المستوى
- 34
نوكيا .. من المناديل الورقية إلى التكنولوجيا الحديثة
نوكيا .. من المناديل الورقية إلى التكنولوجيا الحديثة
(اعمل بمتعة وراحة بال، مدركًا أن الأفكار الصائبة والمجهود ينتج عنه لا محالة كل ما هو صائب وحق) جيمس آلين.
من منا لا يحمل نوكيا؟ هذا ما يقوله الشخص الذي يريد أن يشتري جهاز محمول جديد, فهو يقول هذا الكلام؛ لأنه منطقيُّ إلى حد كبير, فكثير من الناس، وخاصة في الوطن العربي يفضلون شراء منتجات شركة نوكيا من المحمول, ومن ثم يمكن القول أن شركة (نوكيا) تعتبر من أهم شركات الهواتف المحمولة في العالم, وهي ليست متخصصة في صناعة الهواتف المحمولة فقط، بل أيضًا في صناعة الأجهزة الإلكترونية, وتحتل المركز الثالث على مستوى العالم في هذه الصناعة، فماذا تعرف عن هذه الشركة؟ وكيف كانت بدايتها؟ وما هو سر نجاحها؟ هل هو الإصرار أم الحظ؟ دعنا نتعرف سويًّا على خطوات الوصول إلى القمة.
صدق أو لا تصدق!
هل تعلم ماذا كان النشاط الأول لشركة نوكيا؟ لقد ظلت لسنوات طويلة تبيع المناديل الورقية، ولكن ـ وفي نقلة نوعية ـ استطاعت أن تدخل مجال الاتصالات بقوة، بل وتحتل مكانة مرموقة, تمكنت من خلالها من إنشاء مصانع في 12 دولة, وتبيع منتجاتها في 130 دولة في العالم, وذلك بعد اتحاد شركات ثلاث, كانت نواة لشركة نوكيا, وأصبحت تسمى (مجموعة شركات نوكيا).
وأما عن مؤسس هذه الشركة العريقة، فهو شخص فنلندي كان يعمل مهندسًا ويدعى (فريديريك إيدستام)، وكان يعمل في مصنع لإنتاج الورق وتصنيع الخشب, ثم أسس مكانًا متواضعًا له في المجال نفسه على نهر (نوكيا) في فنلندا.
وعلى الرغم من أن الشركة بدأت تحقق تقدمًا بطيئًا، ولكن ما لبثت أعمالها في الازدهار, إلا أنها لم تعرف نجاحًا فعليًّا سوى بعد العام 1960م، عندما بدأت بتنويع نشاطاتها وتوسيع مجال أعمالها.
الشرارة الأولى:
(إذا رفضت قبول أي شئ بخلاف الأفضل، فإنك في الغالب ستحصل عليه)، هكذا يرى الروائي الشهير سومرست موم، وهكذا كان اتجاه مؤسس الشركة (فريديريك إيدستام)، فبينما كان في ألمانيا يدرس الهندسة في المناجم والتنقيب، وبينما كان يزور مصنعًا محليًّا، لاحظ وجود آلة جديدة في تلك الأيام تحول الخشب، إلى لب يساعد في صناعة الورق.
وبمجرد ملاحظته لحجم العمل الكبير في المصنع، توقع أن يكون لهذا المجال شأن كبير في المستقبل، ولم يكد يصل إلى فنلندا حتى أوصى بشراء هذه الآلة وفتح مصنعه الذي تكلمنا عنه، وأصبح مصنع إيدستام أهم مصنع للمناديل الورقية في أوروبا.
1 X 3:
وأما عن الشركات الأخرى المكونة لاتحاد (نوكيا)، فهما بالإضافة إلى شركة (فريديريك ايدستام)، شركتان الأولى بدأت في عام 1898م, حين تم افتتاح مصنع لصناعة المطاط الذي يستخدم في تصنيع نعال الأحذية.
وقد كانت هذه الشركة جارة شركة (إيدستام)، وتم اختيار الموقع بعدما مرَّ مديران من شركة المطاط في المكان الذي تقع فيه شركة نوكيا؛ فأعجبا به وقررا فتح المصنع في هذه المنطقة, خاصة أنها كانت مزودة بالطاقة الكهربائية الهيدروليكية, وكان ذلك نادرًا في ذلك الوقت.
وانتقلت الشركة بعد صناعة النعال المطاطي للأحذية, إلى صناعة الأحذية المطاطية وعجلات السيارات، وكل ما يدخل في صناعة المطاط من لوازم سيارات, والأدوات المكتبية, والمعاطف، والكرات المطاطية ... إلخ.
وأما عن الشركة الثالثة المكونة لاتحاد (نوكيا) فهي شركة مختصة في تصنيع كابلات الكهرباء، وقد بدأت نشاطها في العاصمة الفلندية (هلسنكي) عام 1912م, وقد كان حينها بدأ الطلب على الكابلات بعد اكتشاف الكهرباء، ومن بعدها التلغراف والهاتف؛ مما دفع الشركة للنمو بسرعة بعدما بدأت بعدد ضئيل من الموظفين.
وبدأ الاتحاد بين الشركات الثلاث حين اشترت شركة الأحذية المطاطية غالبية أسهم شركة الكابلات الكهربية، ثم اتحدت الشركتان بجانب شركة (إيدستام)؛ لتأسيس مجموعة شركات نوكيا، وكان ذلك عام 1967م، وقد تم الاتفاق على أن يكون (بيورن ويسترلند) رئيس شركة الكابلات الكهربية رئيسًا للمجموعة.
نقطة التحول:
كان رئيس المجموعة (وسترلند) شخصًا طموحًا جدًا, وكان قبل عملية الدمج قد أسس من خلال شركته قسمًا للإلكترونيات, واتخذ من أجهزة الاتصال مشروعًا لعمله في هذا القسم.
وبهذا يكون قد بدأ في صناعة مهمة، كان المستقبل يخشاها وبدأت الأبحاث المضنية والمعقدة؛ لتطوير هذه الأجهزة, وبدأ حينها استعمال أساليب PCM وهي الحروف الثلاث الأولى لكلمة (Pulse Code Modulation), وكانت نوكيا أول شركة تطرح هذه الأجهزة على مستوى عالٍ؛ وقد فتحت هذه الصناعة آفاقًا مهمة لمجموعة شركات نوكيا، وكان عام 1970م بداية انطلاقها عالميًّا في مجال أجهزة الاتصال, فانطلقت إلى الاتحاد السوفيتي, في ذلك الحين, وبعدها إلى العالم.
وكان أهم زبائنها شركات الغاز والبترول وسكك الحديد, ومن بعدها المؤسسات العسكرية, خاصة من ناحية الراديو النقال في الموجات، حيث انقسمت عمليات الشركة إلى 3 نشاطات مختلفة: أجهزة الاتصالات وأنظمتها, وأجهزة الهواتف النقالة, وأجهزة الحاسب الآلي ومتفرعاته، وتتميز نوكيا بأجهزتها الرقمية عالية الجودة, والتي تطورت بشكل مذهل في فترة قصيرة جدًا, والسبب في ذلك تكاثر المنافسين؛ مما أدى إلى ابتكارات بسرعة تفوق الوصف.
ولا شك في أن نوكيا تتمتع بقدرة كبيرة على التفكير في المستقبل والتنبؤ به، فكان من أفضل استراتيجيات نوكيا إقامة علاقة ممتازة مع الجامعات والمدارس؛ لإيمانها بأن النشء الجديد يملك من الحس والأفكار والمخيلة أكثر من أي شيء آخر, فكانت تشجعهم على العمل معها في أوقات الصيف والعطلات, وتوظف الخريجين الذين لديهم الاستعداد للابتكار والتطور.
نجاح يناطح السحاب:
ولأن نوكيا دائمًا ما تبحث عن التطور، فقد كان يقال إن من كل 4 موظفين واحد منهم يعمل في الأبحاث والدراسات والتطوير, ما يؤكد أهمية هذا الموضوع لشركة نوكيا، وهذا ما أثمر البوادر الأولى في ريادة شركة نوكيا في الصناعات التكنولوجية في أوائل السبعينيات من القرن الماضي, فقد تمكنت من تصميم هواتف رقمية (Digital) وكان أول هاتف يحمل اسم 200Nokia DX ، ويعود الفضل في تطور نوكيا إلى أن فنلندا كانت البلد الوحيد الذي يشجع التنافس في مجال الصناعة ويدعمها بكل السبل المتاحة.
وخلال فترة الثمانينات احتلت نوكيا مكانة مهمة على خارطة الصناعة العالمية, واحتلت المركز الثالث في أوربا العام 1988م في مجال صناعة التلفزيون.
كلمة ليست في قاموس نوكيا:
ولكن هذا الوضع تغير في التسعينات، فقد واجهت نوكيا الكثير من الصعوبات؛ بسبب الركود الاقتصادي, ولكن كما يقول نابيليون: (إن كلمة مستحيل لا توجد إلا في قواميس المجانين)، ولذا بدأت الشركة في الاهتمام بأجهزة الهاتف المحمول، والتي باتت في ذلك الوقت أهم محور يدعم الشركة خلال هذه الصعوبات, لكنها استطاعت الاستمرار في أحلك الظروف، وكان شعار نوكيا الذي اتخذته في ترويج منتجاتها هو (ربط الناس ببعضهم بعضًا) أو (connecting people)، وهو شعارها حتى الآن.
وقد حققت الشركة مبيعات بلغت 6, 52 مليار مارك فنلندي عام 1997م، ونظام نوكيا GSM يباع في 72 شركة اتصالات في 36 دولة, ويعمل لديها أكثر من 38000 موظفًا على مستوى العالم.
وختامًا مثلث النجاح:
إن فكرة بسيطة وطموح عظيم واتحاد قوي بين شركات، ثلاث حولت نوكيا من مصنع صغير للمناديل الورقية إلى شركة عملاقة لها باع طويل وفضل كبير في ربط الناس ببعضهم بعضًا في لحظات.
إن النجاح حقًا له مذاق خاص, ولكن ليس المطالب بالتمني, فكما يقول الأستاذ محمد أحمد الراشد: (التطوير ينطلق من المعاناة), فإذا أردت أن تطور من نفسك، عليك أولًا أن تكافح وتعاني وتتغلب على الصعوبات.
أهم المراجع:
1. حكايات كفاح، كفاح فياض.
2. سحر التحفيز، كاثرين كافيلاس.
3. قرارات تغير حياتك، هال إيربان.
4. اضغط الزر وانطلق، روبين سبكيولاند.
5. المنطلق, محمد أحمد الراشد.
Accept the pain and get ready for success
المفضلات